اخر الاخبار:
قاضٍ أمريكي يُغرّم ترامب ويهدده بالسجن - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 20:36
مصدر: صفقة «حماس» وإسرائيل قد تتم «خلال أيام» - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

داعشي ثمرة الجينات الثقافية وأوهام الإستراتیجیات الأصولیة// د. سامان سوراني

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

داعشي ثمرة الجينات الثقافية وأوهام الإستراتیجیات الأصولیة

د. سامان سوراني

 

ما أکتشفناه من التاریخ هو أن الهويات الثقافية تتغير وتتحول بفعل صروف الزمن وبحكم التفاعل مع الحضارات السابقة وديمومتها، منها الحضارة الفارسية، الهندية، الصينية واليونانية.

أما التفاعل مع الديانات التوحيدية كاليهودية والمسيحية، التي إنشق عنها الإسلام وحاول نسخها أو تطويرها، فله تأثير كبير علی تلك الهوية.

 لقد أصبح من المسلّمات بأن الذي يدّعي التطابق مع الهوية الثابتة لا يمارس إلا زيف وجودي وتهويم عقائدي، لأنه‌ بات في سلعه وأدواته أو في لغته ومفردات وجوده، بمعنی من المعاني أوروبي، أمريكي أو الماني أو ياباني أو شرق أوسطي.

فمن لا يحسن أن يتغير بالرغم من الفرص المتاحة له، فسوف تهمشه التحولات، فيغدو هو آلة لها أو يزداد تبعيته للغير، وهكذا يهدر موارده وينخرط في دعوات مستحيلة مآلها الهلاك والدمار.

داعش، أو ما يسمی بالوحش الإرهابي، الذي يجد مسوغاته في ثنائية الإيمان والإلحاد أو في عقلية التكفير، التي تقسّم الناس بين مؤمن يراعی حقوقه ويحترم وغير مؤمن يرفض ويقصی لكي يدان ويتهم، يفاجئنا من حيث لا نحتسب. من هو الداعشي؟ إنه نتاج العقول وثمرات الأفكار.

تربية هذا التنين ورعايته كانت ولا تزال في العقول والنفوس، سوّقت من قبل الصحافة والشاشة والديسكتوب بعقائد ومقدسات وشرائع وفتاوی وهويات عنصرية وإستراتيجيات أصولية مبنية علی الإستبعاد والإستئصال.

إبراهيم السامرائي "أبو بكر البغدادي"، إلە وخلیفة عصابة الأشرار، يشدّ بعد کل الهزائم التي تلحق به وبعصاباته المجرمين "عزيمة" مقاتليه، یستنهض قطیع الانتحاريين ویدعو من یسمّیهم "قوافل الاستشهاديين" إلى تحويل الدماء أنهاراً، وكأن العراق قد عاش طيلة السنوات السابقة بعيداً عن الإرهاب الحروب والدمار وأنهار من الدماء.

أبو بكر البغدادي وغيره، الذين أعلنوا حربهم ضد الإنسانية والحضارة والتعايش السلمي، هم من صنع الدعاة الجدد الذين إحتلوا المنابر والشاشات منذ أكثر من ربع قرن، تحت لافتات الحكومات الشرعية والصفات اللاهوتية والمهمات الإلهية، وهم ثمار المفسّرين المشّعوذين، الذين يزعمون دوماً، بأن التجارب والأبحاث العلمية في ميادين العلم من المبادیء والنظريات، لا تعطي بالجديد، لأن كتاب الله المقدّس ينطوي علی العلم بكل شيء.

إنهم ثمار الأبله الثقافي، الذي سلّم أوراقه وشهاداته الی مرجعه أو شيخه أو أميره، الذي بدوره يختم علی عقله ويعمل علی قولبته، لكي يخلق ويمارس بعملياته الإرهابية سيناريوهارت الأكثر همجية ووحشية. وهم ثمرة الأوامر الدينية والحكومات الدينية والمرجعيات الغيبية والشعارات الأحادية والثوابت الأبدية، وسوی ذلك من المشاريع الشمولية، التي يدعي أصحابها إمتلاك مفاتيح الحقيقية المطلقة، لممارسة الوكالة الحصرية علی الهويات والقضايا المصيرية، خرجوا من جين ثقافة الأصولي الإرهابي، الذي يدعي إنقاذ أمة الإسلام بالعودة الی أنماط ونماذج بائدة يستحيل تطبيقها إلا بزرع الرعب وزعزعة الأمن وسفك الدماء وتدمير معالم الحضارة والعمران.

لاینفع دحر هؤلاء الإرهابیین والإنتصار علیهم عسکریاً فقط، علینا تعبئة كافة القوى الحية في البلاد من اجل محاربة هذا الفكر ونقصد بالقوة الحية العلماء والكتاب والصحافة ووسائل الاعلام وقادة الراي. فبتضافر جهود الجميع یمکن إرجاع هذا الفكر الى الوراء ليحل محله الفكر الواعي المتزن.

على حكام المنطقة تغيیر اسالیب تعاملهم مع شعوبهم، ففي العراق وسوریا مثلاً شاهدنا کیفیة إقصاء کیانات مهمة، لم يسمح لهم بالمشاركة السياسية، حیث صار التمييز بين الافراد والطوائف علی أساس المذهب والعرق بعیداً عن تطبیق الشفافية والحكم الرشيد أو العدالة.

إن إحترام إرادة الشعوب في اختيار من يتولى أمورهم وفي اختيار التشريعات لتدبیر أمورهم قضایا أساسية لمن یرید معالجة حقيقية لظاهرة الإرهاب.

من الضروري بعد دحر الدواعش معالجة الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية وتوفير فرص العمل للشباب العاطلين عن العمل، لأن البطالة مدعاة للجريمة ولا سيما إذا كان صاحبها عرضة للدعاية والحث على ذلك وليس له من الوازع الديني والعلمي ما يحصنه. علینا ترسيخ مفهوم الوسطية واشاعة ثقافة الاختلاف والحوار، إنه سلوك حضاري. ونعني بالوسطية والاعتدال التوسط في التعامل مع النصوص وفي التعامل مع الناس. إن مكافحة الإرهاب لا تجدي بأن نردد أقوالاً حول العقول المغلقة، أو تقديس التراث، فيما نحن نتمسك بجذر المشكلة ونمانع من كشف الغطاء عن الداء، كما يتجسم في النصوص والأوامر والأحكام والفرائض التي نعتبرها منزلة أو مقدسة أو نهائية. التمسك بنصوص وأحكام من غير معرفة مدی تداعياتها ومفاعيلها السلبية أو المدمرة هو أساس المشكلة ولايمكن وصفها بالحل.

 

إن بناء العلاقة بالحقيقة علی أساس الحجب والتعتيم تجعل علاقاتنا بالعدالة تبنی علی الفحشاء والمنكر والفساد، وتجعل علاقاتنا بالحرية مبنية علی المفاضلة والإستبعاد والطعن والإنتهاك.

وسوف تظل محاولات التقريب والحوار غير ناجحة طالما هناك مفردات كالشرك والكفر أو البدعة والضلالة، التي هي أخطر من أسلحة الدمار الشامل، تشكل صلب العقيدة والعدسة التي من خلالها يری الواحد الی غيره، لكي يدينه و ينزّه نفسه ويؤول العمل بموجب ثنائية الضال والمهتدي أو المحق والمخطیء والتشبث والإحتماء بالهويات المسيجة والسيادات المصطنعة الی خلق الخداع والضلال وتقلص الأمور الجامعة والمساحات المشتركة من القيم والمعايير والقواعد أو من اللغات والتوسطات والأدوات.

الأنظمة المبنية أساساً علی الخطأ والخلل أو إعتقادات وتصورات وقناعات وسياسات قد إستنفدت نفسها، لا تولد سوی المساویء والمخاطر والكوارث.

فلنبدأ بنقد ذواتنا ونتحدث عن أخطاءنا بشفافية لكي نستطيع أن نولّد تغييرات إيجابية، ولو محدودة وخجولة، علی صعيد الحقوق والحريات الديمقراطية. 

وختاماً: "النسبية والإختلاف، هو الذي يفتح الإمكان أمام محاولات التقريب والإتفاق، بعقلية الشراكة الفعالة والبناءة، بما هي محاورة ومحاججة أو مداولة ومواكلة أو مبادلة ومعاونة."

الدكتور سامان سوراني

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.