كـتـاب ألموقع
صكبان والعدل الالهي.. -//- عارف معروف
صكبان والعدل الالهي..
عارف معروف
في منتصف السبعينات ، ثاب ، جارنا ، "صكبان " ، الى رشده . وقرّر ان يقلع عن معاقرة الخمرة ، وان يعمل، من اليوم فصاعدا ، لديّنه ، مثلما انغمس ، قبل اليوم ، في دنياه . وان يختلف الى المسجد ، مثلما يفعل اقرانه ، من عباد الله الصالحين ، بدلا من ان يسعى بقدميه ، كل مساء ، باتجاه خمارات شارع ابي نؤاس.
شاء سوء طالع ، صكبان ، ان يشهد في اول حماسته ، بعد ايام ، محاضرة لشيخ الجامع ، تناولت ، العدل والعدالة ، يوم الحساب ، تحدث فيها الشيخ ، عن الموت والبرزخ والجزاء ، و عمّن سيذهب ، من الناس ، الى جنّات النعيم ، ومن سيسّود وجهه ، فيجر الى الجحيم . من سيمكث في "سقر" ومن سيصلى في " جهنم "، وماهي طبقات العصاة ومواصفات كل فريق وجنس العقاب . من ستتعادل كفّة حسناته مع كفّة سيئاته . و من سيستحق الشفاعة فتترجح ، لصالحه كفة الخير . ومن سيبقى ، منتظرا ، على الاعراف ، لايلوي على شيء . كل هذا وصكبان مصغ، متأمل ، يقلّب النظر في هذا وذاك . حتى حانت منه نظرة الى السقف ، فبهرته الانوار المتلألئة في كرستال الثرّيا المتدلية من السقف .. تذّكر " أديسون " ....اديسون مخترع المصباح الكهربائي ، الذي قرأ عنه ، قبل ايام ، في مجلة عند الحلّاق ، واعجب به كل الاعجاب ، اديسون صاحب الالف اختراع ... ، اديسون الذي نوّر الدنيا . وفكر مالذي ستكون عليه حالنا دون اديسون والمصباح الكهربائي ؟.. مالذي ستكون عليه هذه الثريا التي تومض ، الان ، ببريق يخطف الابصار .... ولم يستطع منع السؤال الذي انبثق، في فكره ، وجرى الى لسانه ، دون تريّث او استئذان :
شيخنا و "أديسون" .. مالذي سيكون عليه مصير " اديسون " ؟
بوغت الشيخ ... تطّلع باستفهام الى " صكبان " الذي كانت ضخامته تلفت الانظار .
" أديسون " ؟ ومن يكون ؟.. سأل الشيخ ،وهو يلفظ الاسم بصعوبة .
- مخترع المصباح الكهربائي ، شيخنا ....
ومن اي قوم هو؟استفهم الشيخ
- امريكي ... اجاب صكبان
- وعلى اية ملّة هو ؟ استفسر الشيخ
- مسيحي .. كما اعتقد ، اجاب صكبان..... والحضور في اصغاء وانتظار الى ما سينتهي اليه سؤال هذا العملاق الذي لم يروه من قبل....
- هممم .. نصراني يعني .. تمتم الشيخ
- نعم .. اجاب صكبان
- نصراني .. ادرك الاسلام ولم يسلم ؟! ......سأل الشيخ وفي ملامحه علامات استنكار ..
- لا لم يسلم .. حسب ما اعرف ..
- في النار طبعا .. اجاب الشيخ بحسم
- في النار ؟؟ ..... صرخ صكبان كالمصعوق ..
- الم تقل انه ادرك الاسلام ولم يسلم .. اذن ، لن يقبل منه شيئا آخر، وهو في جهنم وبئس القرار .
نهض صكبان ، وهو يتمّيز غيضا ، التفتتْ الاعناق الى "صكبان " الذي كان جسيما ، شاهقا ،كهرم ، اومأ ، باصبعه الضخمه ، الى الشيخ ، في اشارة تنطوي على معاني الاتهام والتهديد والغضب ، وشيء آخر عصّي على التمييز والادراك ...
- (يعني انت ابو لحية " المعثكة " بالجنه ... واديسون ،هذا الذي نوّر الدنيا بالنار !! .... لَكْ ما تكلي ياعداله هاذي )؟؟؟
قال ذلك ، وغادر ، مزبدا ، مرعدا .
ومن يومها ، عاد " صكبان " الى شارع ابي نؤاس ، منتميا اليه بحميمية صادقة !!
المتواجون الان
545 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع