اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• زهرة يانعة قطفها الموت من جنينة القوش

تقييم المستخدم:  / 1
سيئجيد 

باسل شامايا

 

مقالات اخرى للكاتب

زهرة يانعة قطفها الموت من جنينة القوش

لقد كان للفاجعة الأليمة التي حلّت بالقوش عنوانا بارزا على صفحات يوم الاثنين

9/ 4/ 2012 حيث باغت الموت وبلمحة بصر فتىً من فتيانها المحبين وخطفه من بين أسرته وأهله وأصدقاءه قبل أوانه الى عالم اللاعودة دون أن يستأذن من أبيه المفجوع ويرحم دموع أمه الثكلى ويداري جراحات شقيقيه الذي كان لهما أخا وصديقا وحبيباً ودون اعتذار من براءة الأطفال التي كانت تؤطر فقيدنا العزيز( آيسن ) ولا من محبيه وزملائه الكثر .. فلا فعلَ أشد وطأةً على هؤلاء المفجوعين من فعل الموت ولا خبر أكثر قساوة ومرارة منه .. فيا أيها الموت الزؤام أما كان عليك أن تتأنى بعض الشيء على هذا الملاك الصغير الذي بدأ تواً يتذوق طعم الحياة .. يا لتلك القساوة التي أوقفت قلبه الصغير عن الخفقان .. فكم أنت بارع ايها القدر اللعين في اختيار ضحاياك وكم أوجعت قلوبنا حينما أتيت بآيسن الرقيق الشفاف وهو يتنزه مع أصحابه تغمره الفرحة والمسرة بالعيد السعيد .. أتيت به وهو يشارك اصدقائه انطلاقتهم في ذلك اليوم البهي حيث سحر الطبيعة الخلاب و تلك المروج الخضراء التي كانت الأرض قد ارتدت ثوبها الزاهي الجميل والربيع الضاحك يحمل على اكفه حب الحياة .. فاعتذر آيسن منهم لتلبية الواجب فذهب مسرعا كعادته وكأنه كان يبحث عن موته .. مغادرا زهوة الحياة الى ظلمة الليل الحالك .. لماذا جئت به ايها القدر الغادر من صحبة محبيه الى حيث نهايته المروعة .. تلك النهاية التي خيّم بها الأسى والحزن على بلدة كانت تعيش افراح ثاني أيام العيد السعيد فأحيل ذلك العيد الى مأساة حقيقية تجسدت برحيل العزيز آيسن صاحب الوجه الفائض بالبسمة والأمل والحياة والذي فارقنا فراقاً ابدياً .. لقد سقط من علو الدار مضرجا بدمائه الزكية وهو يقوم بواجب اسرته في كسب لقمة العيش .. فحملوه الى المشفى لعلهم يسعفونه ويحيلون دون جبروت الموت ولكن الأخير كان أقوى فأغمض آيسن اغماضته الاخيرة قبل وصوله الى المشفى .. ورحل من كان صافيا كالبلور .. غادرنا هذا الطالب المواظب الذي بكوه اساتذته وزملاؤه .. رحل عنا هذا المحب للدعابة المهذبة والرقيق بعلاقاته مع اكبر منه سناً وأصغره .. وهكذا دخل الحزن أعماقنا حينما قرع ناقوس الموت قبل انتصاف نهار 10/4 معلنا قدوم فقيد القوش الصغير آيسن .. وهو ملفوف بكفنه الصغير .. فراح الناس من جميع أحياء البلدة يتهافتون مهرعين الى حيث يقف الموكب الذي حمل جثمان الراحل .. فأدخل نعشه الى منزله الذي خضبه بدمه الطاهر وراحت أمه المفجوعة تزغرد وكأنها تستقبل عريسا في ليلة حنّته ... دموع ترجمت الحزن الذي راح يتغلغل الى صدور جميع من عرفه .. بكته تلك الجموع بحرقة قلب وما عادت حدقات عيونهم تقوى على إخفاء تلك الدموع .. وخطفه الموت ليدمي جراح والديه ولم يكن لهما وسيلة لإطفاء لوعتهما ومرارتهما إلا ذرف الدموع والصراخ والعويل ولَعنُ القدر الذي حرمهما من فلذة كبدهما .. لقد خيّم السكون على القوش وراح الناس يرتشفون من دموع الفراق الهم والغم .. فأية أوجاع فجرتها في أعماقنا أيها الراحل الحبيب .. لا ادري كيف أرثيك وبأية كلمات أودعك يا غصناً غضاً بديعاً .. وأواسي القلب الذي لا احد يستوعب اسىً عليك سواه .. آه أيها الزمن الغادر كم كنت قاسيا على هذه الأسرة المنكوبة التي أطفأت شمعة سعادتها برحيل ابنها البار التي حاولت اقناع نفسها بأن الموت حق على جميع البشر لكنهم ابوا ان يقتنعوا بأن آيسن رحل ولم يعد ثانية .. واستمر الناقوس يقرع ويقرع .. وبعد أداء المراسيم الطقسية في منزله خرجت تلك الجموع الغفيرة فحُملَ على أكتاف أصدقائه ومحبيه الى حيث داره الأبدي .. سار الجمع الجنائزي الذي شيّع فقيدنا العزيز و البلدة بأسرها قد غصت شوارعها بالمشاركين في وداع آيسن الى مثواه الأخير ليرقد الى جانب آبائه وأجداده بين أحضان أمه الحنون القوش .. وكان ضمن المشاركين في التشييع محبيك الذين راحوا يحومون حول مثواك لعلهم يسمعون همسك وحوارك الذي لم يكتمل .. وداعا أيها الطائر الصغير وأنت تغادر اهلك وأصدقاؤك الى دار البقاء .. أولئك الذين ذرفوا دموع الوفاء والحب .... نم أيها المغادر الى عالم الذكرى راسما تلك الابتسامة الخجلة التي كنت بها تحيي الصغار والكبار من الناس .. تلك البسمة التي لم تفارق وجهك قط .. إننا نشكو اليوم قدرك المشؤوم الذي قادك الى حتفك .. آه ثم آه يا أم الشهداء والأبرار والصالحين لقد اعتدت على وداع ثمارك الطيبة التي قطفها الموت من شجرتك الباسقة .. ستظل يا آيسن في ذاكرتنا وذاكرة محبيك على امتداد السنين .

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.