اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

أثر الممارسة الديمقراطية في تكريس دور المدرسة العمومية؟ (5)// محمد الحنفي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

أثر الممارسة الديمقراطية في تكريس دور المدرسة العمومية؟ (5)

محمد الحنفي

المغرب

 

أثر الممارسة الديمقراطية قي تطور المجتمع:.....1

وبوقوفنا على مفهوم المدرسة العمومية، الذي يستوعب في مضمونه مفهوم الديمقراطية، ومفهوم الممارسة الديمقراطية، يمكن أن نصل إلى أن المجتمع يكون محكوما بمنطلق الاستبداد، فيصير كل شيء فيه قائما على أساس ما يرغب المستبد في تحقيقه.

والمجتمع المحكوم بمنطق الاستبداد، هو مجتمع لا يستطيع أن يتطور إلا إذا كان نوع التطور في خدمة الطبقة الحاكمة المستبدة، التي ابتدعت لنفسها ما يمكنها من إعطاء الشرعية لاستبدادها، ولعل ديمقراطية الواجهة التي عرفها المغرب، منذ انتخابات 1976، ليست إلا ابتداعا للطبقة الحاكمة التي تهدف، من ورائه، إلى زراعة الوهم في صفوف المواطنين، من أجل أن يعتقدوا بوجود شيء اسمه الديمقراطية، الذي يمكنهم من اختيار من يمثلهم في مختلف المؤسسات التمثيلية كل أربع سنوات كما كان عليه الأمر سابقا، أو كل خمس سنوات بالنسبة للمؤسسة البرلمانية، أو كل ست سنوات بالنسبة للمؤسسات الجماعية، وفي إطار انتخابات لا يمكن وصفها بالحرة، والنزيهة أبدا، ولا يمكن اعتبارها إلا مزورة، انطلاقا من أشكال التزوير السرية، والعلنية، وبطرق مختلفة، تبتدئ بإقامة الولائم، والتلاعب باللوائح، ومرورا بشراء الضمائر، وقيام الإدارة بممارسة الضغط على الناخبين، وانتهاء بتغيير النتائج لصالح هذه الجهة، آو تلك، لتصير نتائج الانتخابات في مراحلها المختلفة، في خدمة مصالح الطبقة الحاكمة، الممارسة للاستبداد المادي، والمعنوي.

 

ولذلك، فالحديث عن الديمقراطية يقترن بالحديث عن الممارسة الديمقراطية، التي تسعى الأحزاب الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، إلى ترسيخها في مسلكيات الأفراد، والجماعات، انطلاقا مما يتصوره كل حزب بشكل منفرد، أو مما تتصوره مجموع الأحزاب التي تنتظم في إطار تنسيقي، أو في إطار تحالف معين، أو تجمع معين، أو في إطار جبهة للنضال من أجل الديمقراطية.

 

والممارسة الديمقراطية التي تسعى الأحزاب الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية إلى ترسيخها في صفوف الأفراد، والجماعات، من أجل أن تصير جزءا من مسلكيتهم الفردية، والجماعية، يجب أن تصير أولا، وأخيرا، مترسخة في المسلكية الحزبية العامة، وفي المسلكية الفردية، والجماعية، للمنتمين للأحزاب المناضلة، من أجل الديمقراطية.

 

ولذلك نجد أن النضال من أجل تحقيق الديمقراطية في المجتمع المغربي، يفرض التحلي بالممارسة الديمقراطية في المسلكية الفردية، والجماعية، للمنتمين إلى الأحزاب الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، ويحرصون على صيرورتها ممارسة حزبية، تحضر من خلال البناء الديمقراطي للتنظيمات الحزبية المناضلة، والتنظيمات الجماهيرية التي يساهم المناضلون الديمقراطيون في بنائها تنظيميا وبرنامجيا ومواقفيا، وفي قيادة نضالاتها، كما تحضر في بناء البرامج الحزبية الآنية، والمرحلية، والإستراتيجية، وفي كيفية أجرأة تلك البرامج، سواء كانت إيديولوجية، أو تنظيمية: اقتصادية، أو اجتماعية، أو ثقافية، أو مدنية، أو سياسية.

 

واعتبار الممارسة الديمقراطية جزءا من المسلكية الفردية، والجماعية للمنتمين إلى الأحزاب المناضلة من أجل الديمقراطية، وجزءا من مسلكية تلك الأحزاب نفسها، حتى تستطيع إحداث أثر نضالي في صفوف المواطنين الذين يتأثرون بتلك المسلكية فيتحلون بها هم بدورهم، وينخرطون إلى جانب الأحزاب المناضلة في النضال من أجلها مما يؤدي إلى تسييد الممارسة الديمقراطية في مسلكيات الأفراد، والجماعات، على حضور الديمقراطية في العلاقات الاقتصادية والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، سعيا إلى صيرورتها حاضرة في مسلكية المنتمين إلى أجهزة الدولة المختلفة، وصولا إلى حضورها في مسلكية الدولة نفسها، وفي مسلكية الحكومة التي تستحضرها في وضع برنامجها السنوي، وفي صياغة القرارات الحكومية، وفي وضع القوانين المتبعة في جميع القطاعات الاجتماعية، وفي مختلف المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، حتى تصير البرامج والقرارات الحكومية، والقوانين، وسيلة لترسيخ الديمقراطية في الواقع، وفي تجلياته المختلفة، وعلى جميع المستويات:

فعلى المستوى الاقتصادي، نجد أن شيوع الممارسة الديمقراطية في المسلكية الفردية، والجماعية، لمجموع أفراد المجتمع، وفي الممارسة الحكومية، وفي ممارسة أجهزة الدولة، لا بد أن يؤدي إلى قيام توزيع عادل للثروة، الذي لا يمكن اعتباره إلا توزيعا ديمقراطيا يقتضي:

 

1) احترام الممارسة الديمقراطية في جعل الناس، جميع الناس، يتمتعون بحقوقهم الاقتصادية، حتى يصير دخل الفرد الفعلي وسيلة لمواجهة متطلبات الحياة الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.

 

2) الحرص على أن تكون الأجور مستجيبة لجميع الحاجيات الضرورية، كالسكن، والتعليم، والصحة، وشؤون الحياة اليومية، والتمتع بجميع الخدمات الاجتماعية، بما فيها خدمة الترفيه لجميع الأفراد المنتمين إلى أسرة الأجير، حتى تصير وسيلة لإحداث تراكم مهول في رؤوس الأموال التي تنتج التفاوت الطبقي، الذي يقف عادة إنتاج الحيف الطبقي، الذي يقف وراء الاستبداد الاقتصادي، الذي لا يعني إلا إلغاء الممارسة الديمقراطية حتى تختفي، وصفة نهائية، في المجال الاقتصادي لتحل محلها ديمقراطية الواجهة.

 

3) العمل على بناء اقتصاد وطني متحرر، يقف وراء شيوع التوزيع العادل للثروة، وحتى يتمكن من التطور الذي يقتضيه التفاعل القائم في الواقع، والذي يقتضي أن يقف الاقتصاد الوطني المتحرر وراء تحقيق التوزيع العادل للثروة الوطنية.

 

4) توظيف جزء من الدخل الاقتصادي الوطني، من أجل جعل الخدمات العمومية وفي متناول جميع المواطنين، سواء تعلق الأمر بخدمة التعليم، أو الصحة، أو السكن، أو الشغل، أو غير ذلك، مما يعتبر المجتمع في حاجة إليه.

 

ولذلك فأثر الممارسة الديمقراطية على الاقتصاد الوطني يتمثل في جعل هذا الاقتصاد متحررا من التبعية، وموزعا توزيعا عادلا بين جميع المواطنين، وواقفا وراء شيوع تقديم الخدمات العمومية إلى الجميع، على أساس أن تلك الخدمات حق للجميع.

 

وعلى المستوى الاجتماعي، فالممارسة الديمقراطية تهدف إلى جعل التعليم، والصحة، والسكن، والشغل، والترفيه، في متناول الجميع، وعلى أساس أنها خدمات عمومية، وحق اجتماعي لكل من ينتمي إلى المجتمع المغربي، انطلاقا من المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان العامة، والخاصة، ومن القوانين المحلية المتلائمة معها. والخدمات الاجتماعية لا تصير كذلك إلا ب:

 

1) الحرص على تعميم التعليم على أبناء الشعب المغربي على مستوى التعليم الإلزامي، والثانوي، وفسح المجال أمام إمكانية الاستمرار في تلقي التعليم العالي، وفي مختلف المستويات المتقدمة منه، من منطلق أن التعليم، في تطوره المستمر، يعتبر عاملا من عوامل تطور الإنتاج، والخدمات الاجتماعية، والثقافية، وفي تطور النظم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، والحرص على التكوين المستمر للهيئة التربوية / التعليمية، حتى تواكب التحول الذي يجري في الواقع التربوي / التعليمي، وفي الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، حتى يتسنى لها تطوير أدائها التربوي / التعليمي، لصالح الأجيال الصاعدة.

 

2) الحرص على أن تكون المدرسة العمومية في مستوى مواجهة التحديات التي تواجه الأجيال الصاعدة، عن طريق الاهتمام بإنضاج شروط جودة الأداء، وارتفاع المردودية، مما يجعل المدرسة العمومية مستجيبة لحاجيات المجتمع المختلفة.

 

3) ضبط مراقبة نساء، ورجال التعليم، حتى يتفرغوا جميعا للأداء التربوي / التعليمي في المؤسسات العمومية، من أجل رفع مستوى أدائهم في إعداد الأجيال الصاعدة.

 

4) العمل على أن تكون الخدمات الصحية في متناول جميع أفراد الشعب، ودون تمييز فيما بينهم، حتى تصير المراقبة الصحية شاملة لمجموع أفراد الشعب، مهما كانت لغتهم، أو عرقهم، أو دينهم، أو جنسهم، وعلى أساس المساواة فيما بينهم، حتى يصيروا قادرين على مواجهة تحديات تحولات الواقع بأجسام سليمة، تعتبر ضرورية للعقول السليمة.

 

5) الحرص على ان يكون السكن في متناول الجميع، بقطع النظر عن الطبقة التي ينتمون إليها، ومهما كان دخلهم محدودا، أو بدون دخل، لأنه لا كرامة للإنسان بدون سكن.

 

6) العمل على توفير مناصب الشغل لجميع الذين يصلون إلى سن العمل وبأجور مناسبة، ومتناسبة مع المؤهلات التي يتوفر عليها كل شخص، حتى يساهم الجميع في قيام حركة اجتماعية مطورة، ومتطورة، وفي جميع المجالات، وعلى جميع المستويات، حتى يشعر الجميع بأنه يتحمل مسئولية كاملة تجاه المجتمع، وتجاه الوطن.

 

7) العمل على أن يكون الترفيه، في مستوياته المختلفة، حقا للجميع، وعلى المستوى الوطني، نظرا لدور الترفيه في إعداد الأفراد، والجماعات للاندماج في الواقع، وفي العمل على تفعيله بما يتناسب مع متطلبات الواقع نفسه.

 

ولذلك، فأثر الممارسة الديمقراطية في تجليات الواقع الاجتماعي، يظهر من خلال حركة الواقع نفسه:

 

هل هي حركة ديمقراطية تستجيب للحاجيات الاجتماعية للأفراد، والجماعات، وعلى مستوى المجتمع ككل؟

 

 

أم أنها حركة لا ديمقراطية، تقف وراء حرمان الأفراد، والجماعات، ولا تستجيب أبدا لما هو مطلوب منها اجتماعيا؟

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.