اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

ماتت ثم عادت الى الحياة لتتوج ملكة!// حسن الخفاجي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

ماتت ثم عادت الى الحياة لتتوج ملكة!

حسن الخفاجي

18/7/2016

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

 

أطبق يديه على شرايين رقبتها، لكنه لم يتمكن من الإحاطة بجيدها، ضغط وضغط وكاد ان يستنفد قواه وهو يسمع انفاسها ودقات قلبها، الزُرقة غطت وجهها والابتسامة لم تفارقها. ابتسامتها تضغط عليه أكثر وينفعل .

 

من أين لها كل هذه القوة والمقاومة ؟. هذا السر لم يُدركه ولم يعرف له تفسير.

قبل أقدامه على خنقها قال: انها ليست أصيلة وليست ابنة بلد ويجب خنقها، ساومها على ان ترحل بعيداً ويتركها تعيش، لكنها  رفضت، وهي تصارع الموت التصقت أكفها بالأرض رافضة ان تغادر جذورها .

 

هو جلادها ، لكنه كان خائفا منها ومن اصولها ،وهذا مبعث قلقه الدائم، لانه يعرف انها ستتمكن منه يوما، لانه لص سطى عليها بغفلة من عمر الزمن .

ذنبها من وجهة نظره ، انها احتضنت في بيتها كل اعدائه واعداء اَهلها .

 

تركها تحتضر وظن انه قضى عليها، وانتشى. في انفاسها الاخيرة احتضنها اَهلها واسعفوها ولم يغادروها، الا بعد ان عادت اليها الحياة ، وتوجوها ملكة عليهم.

وبعدهم توجها العالم كله ملكة للجمال والأصالة .

 

هذه باختصار قصة الأهوار وصدام .

هي قصة كل من له عمق تاريخي وحضاري، حين يصبح هدفاً للغزاة والطغاة والمتخلفين والطامعين .

 

يكفي الأهوار فخراً انها موطن السومريين بناة أعرق حضارة، هي درة الدنيا وتاج رأس الكون. تاريخها مليء بالحكايا والمنجزات، آخر وليس اخير ما قدمته الأهوار للعراقيين انها كانت منطلقا لمجموعة الثائر سلمان شريف دفارالزرگاني التي نفذت حكم الشعب بالمجرم عدي صدام.

 

اسماك الأهوار وطيورها وخيراتها كانت تعم موائد العراقيين من دهوك الى ألفاو، لكنها حين جاعت وكادت تموت لم تمتد لها يد العون إلا من ساكنيها وجيرانهم وبعض الخيرين في العالم المتحضر .

 

الأهوار التي غنى لها وتغزل واحتمى بها  شاعرنا الكبير مظفر النواب  واغلب المناضلين والمجاهدين. الأهوار التي أعطت كل العراقيين خيرها ولم تأخذ من اغلبهم ومن الحكام والموتورين غير جزاء سنمار .

 

الاهوار قاعدة انطلاق الثورات والانتفاضات العشائرية والشعبية الكبرى ضد الطغاة، منها انطلقت انتفاضة عشيرة الزيرج ضد الظلم والإقطاع في العام ٥٢، وكانت اول اهزوجة قيلت بتلك الانتفاضة: (برة الشيخة السلطانية، تحيا الشيخة السبطانية) وتلك الأهزوجة ذكرت الفلاحين بماضي آبائهم وأجدادهم الذين كانوا يطلقون تلك الأهزوجة بمعاركهم  الدائمة الرافضة لوجود العثمانيين .

 

استقبل اَهلها الكرماء ضيوفهم تحيطهم رنات فناجين القهوة وأصوات المشاحيف وهي تشق الأهوار وكلمات الترحيب والابتسامات تغطي وجوههم المتعبة .لم يسأل أهل الأهوار ضيوفهم عن مدة البقاء، ولاتوجد فيها فنادق منذ ان وجدت الى الان، بيوت القصب هي سكن مشترك لساكنيها وضيوفهم الذين قدموا من كل أنحاء العراق وأقاموا فيها لمدد طويلة .

أهل الأهوار حرّموا قتال الثوار الأكراد حتى قبل ان تصدر المرجعية تحريمها لقتالهم، واستقبلوا البعض من الفارين من قبضة سلطات تعاقبت على ظلم العراقيين والأكراد منهم، وعادت واستقبلت البعض من العوائل الكردية التي هجرها صدام من كوردستان .

 

 الغصة الكبيرة التي يشعر بها كل سكان الأهوار معاملة البعض ممن سكنوا العراق وأصبحوا عراقيين بالتجنس من الانكشاريين والعثمانيين وبقايا الجيوش الغازية. هؤلاء يعيبون على أهل الاهوار اصولهم ويطلقون عليهم ألقاب معدان وشروگية للاحتقار والتمييز والعزل.

 

الأهوار نراها ونسمعها عندما نسمع حضيري ابو عزيز ويأسرنا شجن داخل حسن  وتكسيرات صوت مسعود العمارتلي وبحة نسيم عودة وفرج وهاب وحزن المنكوب .

 

الأهوار عادت لتتوج ملكة بقرار له دلالات ومعاني كثيرة أهمها: ان القرار أعاد الاعتبار للأهوار وأخذ بثأرها وكان بمثابة بصقة من العالم المتحضرة الذي يحب الطبيعة والجمال بوجه الطغاة والقتلة من صدام وزبانيته الى الوهابية وما أنتجته زرائبها من قاذورات، آخرهم وليس اخيرهم ابو بكر البغدادي وداعش، وهو صفعة على وجه كل من حاول وعمل على عرقلة انضمامها الى لائحة التراث العالمي .

 

سيعلو قصب الأهوار وهامات أهلها  فوق هامات كل الطغاة واعداء الحرية والحب والجمال واعداء الانسانية وعشاق الخراب والدمار والقتل  .

لسان حال الاهوار اليوم ردده مهوالهم  منذ قديم الزمان: "تنهار الدنيا وهذا انه"

"اذا نسيت انك أسد فلن ينسوا انهم كلاب "

  

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.