اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

ألمكتبة

• كتاب / مدخل الى الاشتراكية العلمية .. الجزء الاول - الصفحة 2

 

 4- الإنتاج والتراكم

 إن تَكَوُّن الطبقات الاجتماعية وتملك النتاج الاجتماعي الفائض من قبل جزء من المجتمع ينتجان عن صراع اجتماعي ولا يستمران إلاّ بفضل صراع اجتماعي دائم.

بيد أن ظهور الطبقات يشكل في الوقت نفسه مرحلة -حتمية- من التقدم الاقتصادي، لكونه يسمح بفصل وظيفتين اقتصاديتين أساسيتين هما وظيفة الإنتاج ووظيفة المراكمة.

في المجتمع البدائي، كان جميع الرجال والنساء القادرين يعملون في إنتاج القوت بصورة رئيسية. ولم يكن بوسعهم، في تلك الشروط، أن يخصصوا سوى القليل من الوقت لصنع أدوات العمل وتخزينها والتخصص في صنعها والبحث المنهجي عن أدوات عمل أخرى والتمرس في تقنيات عمل معقدة (كعمل التعدين مثلا) والمراقبة المنهجية لظواهر الطبيعة، الخ…

إن إنتاج نتاج اجتماعي فائض يسمح بمنح قسم من البشرية ما يكفي من وقت الفراغ ليتفرغ لمجمل تلك النشاطات التي تيسر ازدياد إنتاجية العمل. فأوقات الفراغ هذه هي أساس الحضارة وتطور أولى التقنيات العلمية (علوم الفلك والهندسة والمياه والمعادن الخ...) والكتابة. ويرافق انفصال المجتمع إلى طبقات انفصال العمل الذهني عن العمل اليدوي، الذي هو نتاج أوقات الفراغ تلك.

يشكل إذن انقسام المجتمع إلى طبقات شرطا للتقدم التاريخي، طالما أن المجتمع أفقر من أن يتيح لجميع أعضائه التفرغ للعمل الذهني (لوظيفة المراكمة). غير أن ثمن هذا التقدم باهظ. فحتى عشية الرأسمالية الحديثة، لا يستفيد من منافع ازدياد إنتاجية العمل إلاّ الطبقات المالكة. وبالرغم من كل تقدم التقنية والعلم خلال السنوات الأربعة الاف التي تفصل بين بدايات الحضارة القديمة والقرن السادس عشر، نجد أن وضع الفلاح الهندي والصيني والمصري، بل حتى اليوناني والسلافي، لم يتبدل بصورة حسية.

 5- سبب فشل كافة ثورات الماضي من أجل المساواة

 عندما لا يكفي الفائض الذي ينتجه المجتمع البشري، أي النتاج الاجتماعي الفائض، لتحرير البشرية بأسرها من الكدح المرهق الدائم، فإن أية ثورة اجتماعية تهدف إلى إعادة المساواة البدائية بين البشر ثورة محكوم عليها بالفشل سلفا. فهي لا تستطيع أن تجد سوى مخرجين من التفاوت الاجتماعي القديم.

   أما تدمير كل نتاج اجتماعي فائض عمدا والعودة إلى الفقر المدقع البدائي. عندها سوف تؤدي إعادة ظهور التقدم التقني بسرعة إلى التفاوتات الاجتماعية ذاتها التي كانت الغاية إلغاءها.

   أو نزع ملكية الطبقة المالكة القديمة لصالح طبقة مالكة جديدة.

هذا بالضبط ما حصل في انتفاضة عبيد روما بقيادة سبارتكوس، وفي أولى الشيع المسيحية والأديرة، وفي مختلف الانتفاضات الفلاحية التي تتالت في الإمبراطورية الصينية، وفي ثورة الهراطقة المسيحيين في بوهيميا في القرن 15، وفي المستعمرات الشيوعية التي أسسها المهاجرون في أمريكا، الخ.

ودون أن ندعي أن الثورة الروسية أدت إلى الوضع ذاته، فإن إعادة ظهور تفاوت اجتماعي حاد في الاتحاد السوفياتي اليوم تجد تفسيرها الأساسي في فقر روسيا غداة الثورة، في عدم كفاية مستوى تطور قواها المنتجة وفي انعزال الثورة في بلد متأخر بنتيجة إخفاق الثورة في أوروبا الوسطى خلال مرحلة 1918-1923.

إن مجتمعا متساويا قائما على الوفرة وليس على الفقر -هو ذا هدف الاشتراكية- لا يستطيع أن يتطور إلاّ على قاعدة اقتصاد متقدم يكون النتاج الاجتماعي الفائض مرتفعا فيه إلى حد أنه يسمح بتحرير جميع المنتجين من كدح مرهق ويمنح المجتمع بأسره ما يكفي من أوقات الفراغ ليتمكن هذا الأخير من القيام جماعيا بالوظائف الإدارية في الحياة الاقتصادية والاجتماعية (وضيفة المراكمة).

لماذا احتاج الاقتصاد البشري إلى 15 ألف سنة من النتاج الاجتماعي الفائض حتى تمكن من الانطلاق الضروري لظهور ملامح حل اشتراكي للتفاوت الاجتماعي؟ سبب ذلك هو أنه طالما تملكت الطبقات المالكة النتاج الاجتماعي الفائض بشكل منتجات (قيم استعمالية)، شكل استهلاكها الخاص (استهلاك غير منتج) سقف ازدياد الإنتاج الذي رغبت بتحقيقه.

إن معابد وملوك الشرق القديم، وأسياد العبيد في العصور القديمة اليونانية والرومانية، والأسياد النبلاء والتجار الصينيين والهنود واليابانيين والبيزنطيين والعرب، والنبلاء الإقطاعيين في العصر الوسيط، جميعهم لم يجدوا مصلحة في زيادة الإنتاج طالما كدسوا في قصورهم وبلاطاتهم ما كفاهم من المؤن والملابس الفخمة والتحف الفنية. فثمة حدود لا يستطيع الاستهلاك والترف تجاوزها (مثل مضحك: في المجتمع الإقطاعي لجزر هاواي، اتخذ النتاج الاجتماعي الفائض شكل الغذاء حصرا وكانت المكانة الاجتماعية مرهونة بالتالي بـ…وزن كل فرد).

وعندما يتخذ الناتج الاجتماعي الفائض شكل النقد -شكل فائض القيمة- ويصبح بالإمكان استعماله ليس لاقتناء سلع استهلاكية وحسب بل أيضا سلع تجهيزية (سلع إنتاجية)، عند ذلك فقط تجد الطبقة المسيطرة الجديدة -البورجوازية- مصلحة في ازدياد غير محدود للإنتاج. هكذا تولد الشروط الاجتماعية الضرورية لتطبيق جميع الاكتشافات العلمية في الانتاج، أي الشروط الضرورية لظهور الرأسمالية الصناعية الحديثة.

 

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.