اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

• من الجحيم الى الجحيم

حامد كعيد الجبوري

مقالات اخرى للكاتب

 من الجحيم الى الجحيم

 

فلو أسمعت لو ناديت حيا

ولكن لا حياة لمن تنادي

            قبل أيام قلائل نشر لي موضوعا على الصفحات الالكترونية بعنوان ( من الهدم الى الهدم ) ، ومن المؤكد أن القائم على السلطة لا ينظر هكذا توافه من المواضيع الوطنية الجادة ، لأن بحساباته الورقية والعددية والمالية لا يجيد قراءة مثل هكذا مواضيع ، اليوم صباحا خرجت من داري على غير هدى ، ليس لي برنامجا محددا أقضيه ، كباقي أيامي التي ذهبت ، وأيامي القادمة أن كان لنا في العمر بقية ، لا مقهى ولو واحدة تؤوينا ، لا منتدى ثقافي ، لا تجمع معرفي ، لا نادي رياضي ، لا مسرح ، لا بيوت موسيقية ، أذن سأتنقل من محل صديق لآخر .

المحطة الأولى:-

          كانت المحطة الاولى محل صديق شاعر خطاط ، ومحله بسوق غير متخصص ، باعة سكائر الجملة ، باعة أجهزة الموبايل ، محلات بيع المواد الغذائية ، يتوسط هذا السوق فرن ( للصمون ) ، وعلى ذكر السوق فأن هذا السوق أستملك من  بلدية الحلة ومن أصحابه الشرعيين وحولته لساحة واسعة على أمل تجميل مركز مدينة الحلة ، وبالطبع كان هذا عهد الدكتاتورية ، ولأن كل فعل للدكتاتورية وخاصة أن كان به مردودا ماليا فأن أحزابنا العتيدة والعنيدة عليها أن تستفيد غاية الفائدة من مخلفات الدكتاتورية ، لذا فقد أعيد بناء هذا السوق على طريقة ( المساطحة ) ، وأجر من أهل المال التجار الجوف كما يسميهم الشاعر موفق محمد ، ونحن نتجاذب أطراف الحديث مع صديقي الشاعر الخطاط ، بدكان مساحته 2 في 2 م  ، وإذا بصوت انفجار مدوي ولهبة من النار كادت تصل بلهيبها لمحل جلوسنا ، هرع الناس وأنا منهم هربا من تلك النار متناسين من بقي موجودا داخل فرن ( الصمون ) ، ومن حسن الصدف أن سيارة الإطفاء قريبة لأن قسم الدفاع المدني أتخذ من بناية عائدة للبلدية مقرا له ، حمدنا الله أن لا خسائر بشرية سوى خسائر مادية بفرن ( الصمون ) ومحتوياته ، وعرفنا أن مادة النفط التي زود بها هذا الفرن مضاف له كمية من الماء أدى لانسداد عيون ( الحراقية ) الكبيرة التي تستخدم لتسخين أرضية الفرن ، ودعت صاحبي بعد أن حملنا بلدية الحلة ، لمنحها أجازة فرن بمكان تجاري مزدحم ، ومديرية النفط بل وزارة النفط لعدم مراقبتها المنتج المحلي السئ .

المحطة الثانية:-

        مكتبة لصديق أديب ومترجم قريبة لمحل صاحبي الذي غادرت ، سلمت عليه وبدأنا أطراف حديثنا كل يدلي بشكواه ومبتغاه ، قلت أين كنت أمس ؟ ، قال في بغداد لمتابعة معاملة خطف أخي ؟ ، طيب والى أين وصلت وتوصلت ؟ ، قال أحالتني مديرية الأمن الجنائي الى الأدلة الجنائية ، للتعرف على جثث المجنى عليهم ، وهي في مدينة الطب ، ذهبت هناك ، سلمت كتابي لأحد الموظفين ،اصطحبني لقاعة كبيرة فيها أكثر من خمسون جالسا وهو يتطلعون لشاشة كبيرة أمامهم يعرض فيها أجسادا مزقتها السيوف ، أو الرصاص ،أو النار ، رؤوسا بلا أجساد ، وأجسادا بلا رؤوس ، والناس تطلع لهذه الصور اللا إنسانية ، نساء تبكي بصوت مسموع ، ونساء تولول وتعول ، ورجال يخفون دموعهم ، يقول صاحبي لم أستطع أكمال رؤية تلك الصور ، وذهبت للموظف الذي سلمته كتابي وقلت له أعطني جوابا للكتاب ، قال الموظف هل رأيت الصور جميعها ، قلت نعم وأنا أكذب طبعا لأني لم أستطع أكمال متابعة هذه البشاعة ومن جلبها ، قال لي أنت ما عندك ؟ ، أجبته لاشئ يذكر ولكن هناك تساؤل بودي أن أطرحه للنقاش ، أجاب تفضل ، قلت أيام الحرب مع إيران ومقتل أغلب ضباط الجيش العراقي ومراتبه ، واستحداث وحدات عسكرية جديدة لديمومة الحرب ، وجد صدام أن عدد الضباط يتناقص فكيف له أن يستمر بحربه بل حروبه ، وبما أن نواب الضباط هم نواب للضباط ، إذن يمكن منحهم رتبا عسكرية للرفاق الحزبيين ممن أنهى الدراسة المتوسطة ، وفعلا أصدر الطاغية أوامره بذلك ليزيد أعداد الموتى من الضباط والعسكريين ، وكنا نتحدث نحن عن هذه التصرفات اللا قانونية ولا دستورية ، سقط النظام وزمره وجاء القادم مع الدبابات الأمريكية ، وصوّت الناس لدستور لا يعرفون ماهيته وخطورته ، ومن خلال هذا الدستور الذي وضعته أحزاب السلطة مقاسا لها ، بدأ منح الرتب العسكرية لمن هب ودب ، كل الأحزاب بلا استثناء قدمت أسماء لجهلة لا يحملون أي شهادة معينة ليمنحوا رتبا عالية جدا ، ومنهم من دمج مع القوات المسلحة ومنهم من أحيل للتقاعد ، ومنهم من أدرج ضمن دائرة مستحدثة تسمى دائرة شؤون العسكريين .

      مما تقدم ومن غيره نخلص الى ان القادم الجديد لم يكن له مع صدام حسين خلافا فكريا أو عقائديا أو غير÷ ، بل هو خلاف منفعي شخصاني ليس إلا .               

، 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.