اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

• كي لاننسى /3

حامد كعيد الجبوري

                   كي لاننسى /3

 

       في العدد الأول والثاني من موضوعة ( كي لا ننسى) تحدثت بهما عن الحرب العراقية الإيرانية وما خلفته من دمار شامل بكل الحياة العراقية ، واهم من ذلك كله هو تمزيق النسيج العراقي – إن وجد - ، ناهيك عن ما خلفته من قيم لا يزال الشعب العراقي يئن من تلك الكوارث ، كنت أوصل أولادي لمدرستهم الابتدائية النموذجية فترة الحرب العراقية الإيرانية وما بعدها ، وكنت أستمع لأصوات الرصاص تطلق من أفواه بنادق المعلمون الرفاق ومن منا كان يستطيع أن يعترض على ذلك إلا بالخفاء وبالهمس حتى بين الزوجين ، أحد الليالي وعبد الله المؤمن يتحدث من خلال نشرة الأخبار ،وبالمناسبة أقول كان تلفزيون العراق يبدأ بنشرة أخباره وهي مكرسة للقائد الضرورة ، وكنا نتمنى أن ينهي حديثه الذي ابتدأه الساعة التاسعة ، بعد الساعة الحادية عشر موعد  الأخبار الجزء الثاني ، لكي نتمتع بشئ نشاهده ، بل يحدث العكس فالقائد الهمام ينهي حديثه قبيل الحادية عشر بدقائق قليلة ، ليعود لنا مرة ثانية ونستمع لحديثه القومي المهم ، في أحد تلك الخطابات السمجة تحدث قائلا ، ( هناك من يعترض ويقول لماذا نطلق الرصاص في المدارس وحتى الابتدائية يوم الخميس ، يوم الاصطفاف المدرسي المهيب ورفعة العلم ، أقول لهم ولكم ، علينا أن نربي أطفالنا على الرجولة مبكرا لكي ( يكاونوا زين) ، و أضيف وأقول لا يكفي يوم الخميس فقط بل في كل يوم حتى (إنجبشهم – كبش -) ولكي لا يخافوا إن سمعوا أصوات الرصاص ) ، تصوروا حالة الطفل وهو بالصف الأول إبتدائي ويسمع ويرى هكذا فعل وأقسم أن أحد المعلمون نقل خبرا لي مفاده أن طفلاً أحدث –البول والغائط – بملابسه يوم رفعة العلم و إطلاق الرصاص ، في حين أتذكر أن معلمنا في الابتدائية في الحلة الفيحاء المرحوم ( هادي الجباوي) يعلمنا كيفية زراعة الورد ومواسمه المفضلة وكيفية العناية بالنبتة ، وفي الصف الرابع ابتدائي وبدرس القراءة أذكر أن موضوعا يخص تربية الطيور ولا أذكر بالضبط أسم الموضوعة وفحواها يقول ، أن مربي تلك الطيور يمرض ويموت فكانت طيوره تزور قبره وتقف عليه ، ولا أدري لماذا كنت أبكي كلما قرأت ذلك النص ، ومن ذلك الحين والى يومنا هذا أمتلك في بيتي طيورا جميلة لست بسجانها ، ولكنها طليقة تسمع صوت سيارتي وتنزل من أعشاشها لأرمي لها حبوبها المفضلة ، شتان ما تربينا عليه وشتان ما تربى عليه أولادنا .

 

         عندما نشر لي ( كي لاننسى) بجزئيه أتاني أكثر من رد ومن أكثر من صديق يقول فيه ، أن إيران تستحق هذه الفعلة من صدام ، وأنا أرد له وللجميع وأقول ، لا أن الشعب الإيراني المغلوب على أمره منذ التغيير وليومنا هذا لا يستحق أن يصار به ، كما صار بنا نحن الشعب العراقي المغلوب على أمره سابقا ولا حقاً ، ومن المجحف أن نحمل الشعوب أخطاء حكامها وبخاصة الشعب الإيراني الذي يقف اليوم مقدما الدماء السخية من أجل حرياته المباحة ، وكم كنت أتمنى أن يصل الوعي العراقي لما وصل له الإيرانيون ، وكم تمنيت أن نرى قيادة عراقية يلتف حولها شعبها ، تصور أن الأحزاب العلمانية العراقية تخلت عن شعبها وجمهورها والتفتت لمصالح فئوية ضيقة .

 

         أثناء الحرب العراقية الإيرانية جزع حتى الدفانيين من دفن الضحايا ، كنا حينها نذهب للمقبرة في اليوم الواحد أكثر من مرة كواجب للعزاء لأقاربنا أو أصدقائنا أو أبناء مدينتنا ، ولكثرة القتلى لم تكن الجنائز تغطى بعلم العراق كما في أيام الحرب الأولى ، وللعلم أيضا أقول كانت المخابرات العراقية والأمن والأمن الوطني والمستبعثون يرافقون تلك الجنائز خوفا من القيل والقال ولإيصال المعلومات لدوائرهم ، مرة ونحن نشيع أبن صديق سألت امرأة مستطرقة لإحدنا ، ( يمه موت الله هذا) ، سمعها صاحبنا ولم يجبها ، أعادت عليه سؤالها ولم يجبها كذلك ، وسمعها والد المقتول للمرة الثالثة فصرخ عاليا بأعلى صوته ( لا عمي هذا موت صدام مو موت الله) ، أوخذ الرجل والد المقتول الى حيث لا نعلم وليومنا هذا .

 

 

 

يتبع رجاءاً             

 

 

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.