اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

يا خشوف العله المجريه وأبنكم فزّز الدوريه -//- حامد كعيد الجبوري

اقرأ ايضا للكاتب

يا خشوف العله المجريه وأبنكم فزّز الدوريه

الشاعر الشيخ ( حسن العذاري )

حامد كعيد الجبوري

لم أستفد كثيرا من التجارب التي سبقتني لأني لم أأرشف كما يفعل غيري مع ما يحيط بهم من تدوين كل شاردة وواردة ، ومرة دعاني الصديق  أ د ( صباح نوري المرزوك ) أن لا أترك شيئا دون أن أسجل له ملاحظاتي الشخصية كما يفعل هو ، أو كما يسجل الشاعر صلاح اللبان والباحث كاظم السيد علي ، وحين أردت الكتابة  عن الشاعر الكبير الشيخ ( حسن العذاري ) اضطررت الرجوع لديوانه الذي أصدره قريب الشاعر الأستاذ ( محمد حمزه العذاري ) ومما سمعته وأحفظه بذاكرتي مما تحدث به الراحل الشاعر  سليم العزاوي  عن المترجم له .

غنى الراحل الكبير ( ناظم الغزالي ) أغنيته المعروفة ( يا خشوف ) ولم يذكر حينها  مؤلف هذا النص ، ومن أجل الأمانة الثقافية نقول أن هذا النص هو للشاعر المرحوم الشيخ حسن العذاري وكما أثبت ذلك في ديوانه الذي أصدره قريبه الباحث ( محمد حمزه العذاري )  ، وحسن العذاري من ناحية ( محاويل الإمام ) وهي ناحية زراعية يخترقها من الجنوب  نهر يسمونه ( المجرية ) والنهر متفرع من شط الحلة ، لذا كتب قصيدته الشيخ حسن العذاري قائلا ( يا خشوف العله المجرية / أبنكم فزز الدورية / وأبنكم صابني ورماني / وسهام لحظه بالحشه مرميه )  ، غيّر فيها الراحل ناظم الغزالي مفردة ( المجرية ) الى ( الفختية ) وهي طائر الفاختة المعروف ، وللشيخ حسن العذاري قصيدة جميلة لا تزل الذائقة الشعبية ترددها في مناسبات الأفراح وهي ( يهواي دمشي بهونك / خافن تغث الكامه / ليما تصد بعيونك / خليت نعلة نامه / وينه اليدور وينه ويجسب ألي الراحه / ولفي تره نياشينه وجنات إله وضاحه ) والقصيدة كما أصطلح عليها العروضيون الشعبيون  من وزن ( المثمن الهجيني ) .

ولد شاعرنا في مدينة الحلة عام 1889 م ، ،وتلقى الشيخ ( حسن العذاري ) من والده بعض المفاهيم التربوية والدينية ، ثم لازم الشيخ ( علي العذاري ) الصغير وأخذ عنه الكتابة والقراءة وحفظ القرآن الكريم ، ثم تتلمذ على يد مشايخ آل العذاري وأخذ عنهم الحديث وعلوم تفسير  القرآن واللغة في النجف الأشرف ، وقد بلورت النجف الأشرف المواقف الوطنية لشاعرنا الشيخ حسن العذاري فقد تصدى مع أقرانه للحكم العثماني أبان ثورة النجف الكبرى عام 1914 م ، ولأنه من الحلة الفيحاء فقد ألتحق بصفوف الثوار عام 1915 م وقاتل مع أبناء مدينته في ما يسمى ب ( دكة عاكف ) ، وللشاعر الشيخ ( حسن العذاري ) وهو بعنفوان شبابه  مواقف وأشعار لا تنسى أثناء ثورة العشرين ، ( كلنه نموت دون الوطن ودنه / ولو جدم علينه الحتم ودنه / كلمن وصل حدنه وكرب ودنه / (للمظلم خله يودونه ) ) ، والمظلم إشارة للقبر ، وله لثورة العشرين أيضا ( أحنه أوي التفك والدان ولمات / ولا نركن الحكم الجور والدان / عدنه يحتي المظيوم والمات / ( يتشرب من حد ماضينه )) ، ونلاحظ أيضا أن بناء هذا المقطع والذي قبله مبني على وزن الأبوذية ( الهزج ) ، ولكنه يختمه ببحر الخبب وهي ( الهوسة ) ، وكان مثل هذا البناء الشعري مستساغا يوم ذاك ، وسبب انتقال الشيخ العذاري الى النجف الأشرف هو وفاة والده وهو بعمر سبع سنين فأخذته أمه الى أخواله من ( آل المطيري   ) في النجف الأشرف ، وتتحدث أخت الشاعر حسن العذاري وهي الشاعرة  (الملاية صفية ) موصفة حياة أسرتها بتلك المرحلة فتقول ( وين أهل الرحم وين أهل المروه / متدرون الدهر بمرارتي أشسوه / بعدني أرضع حليب أمي وجار وياي / يتيمه أمحيره والهظم فت أحشاي / بالحلة عشت ما بين هاي وهاي / وتدرون اليتيم أشلون يتلوه ) .

تزوج الشيخ ( حسن العذاري ) وهو في سن الأربعين أو بعد الأربعين قليلا من امرأة تسكن قرية الإمام ومن عائلة ( الكوام ) لمرقد الإمام ( أبو محمد الحسن الأسمر ) ويذكر أنه غادر الى بغداد لمدة ثلاثة سنين ولم نعرف سببا لذلك ، ومن الطرف التي تناقلها أقاربه أن زوجته طلبت منه أن يجلب لها من السوق ( بامية وطماطم ) ولم تكن تعرف بذهابه الى بغداد ، وبعد ثلاثة سنين عاد لداره جالبا معه ما طلبته زوجته منه ، وفي العام 1935 م تزوج شاعرنا ثانية بزوجة أرملة من أهالي الحلة ومن عشائر ( الجبور ) وأنجب منها بنتين ، ورغم قلة ما في اليد فقد كان شاعرنا رحمه الله قنوعا صابرا أبيا ولم يتكسب بشعره طارقا أبواب الميسورين والتجار وأهل المناصب الحكومية وهو شاعر الفصحى والشعبي ويقول بهذا الباب ( ينكل بي دهري ولم يدر أنني / صبور وأهوال الزمان تهون ) ، ويقول أيضا ( وأكل كسيرة من خبز أهلي أحب ألي من أكل الرغيف ) ، لقد أطلع الشيخ ( حسن العذاري ) على الحضارات الشرقية وتعلم اللغة الفارسية من أخيه وأخته وضمن قصائده بمفردات أو بيتا كاملا من اللغة الفارسية ( هندونه سي أبيا نجر / وكت شام وكت ظهر / دكعد يبو خدود الحمر / من الغزال عيونه ) ، ولأن شاعرنا كتب الفصحى والعامية فقد أبدع بشعر ( الملمع ) ، ( يا رشئا عذب قلبي فهل / فد يوم قز القرط تنطيني / وسهمك الفتاك في مهجتي / جنك تريد أتحش مصاريني )  ، وشاعرنا طرق كل أغراض الشعر من مدح ورثاء ووجدان وهجاء واجتماعيات وأخوا نيات ومساجلات مع مجايليه من الشعراء ، وفي حفل زواج صديقه الشاعر ( صاحب عبيد الحلي ) يقول بأحد مقاطعها ( عادت ليالي الونسه / ورد الفرح عالعاده / كلبي أنطلق من حبسه / وصدرت بعفو الراده / والجنس عاد الجنسه / كلمن عرف معتاده ) ،   وله هذا الأبوذية التي يقفلها ب( هوسة ) مفتخرا ومعتزا بقوميته وبعروبته ( الدخيل أنجان بينه أنضام وأنساب / صحيحين الحسب بالكتب وأنساب / كلمن عال بينه أنشتم وأنساب / ( مكسور أنرده الديوانه ) )  ، وكتب شاعرنا ( حسن العذاري ) الكثير من مراثي ومدائح آل البيت الأطهار عليهم السلام رددتها حناجر المنشدون لآل البيت ( ع ) ، ومن جميل ( أبوذياته ) وهو يذكر خصال النساء و يقول ( أشو طارش موده مايه منجن / واليعرف مكرجن مايه منجن / أنتن ريع كلبي مايه منجن / لو ساعه تجن ما هيه سويه ) ، وله من بديع ( موالاته ) قائلا ( سهمك رماني ومضه وبحشاش جبدي مرك / وحنت لحالي الكفر لاجن دليلك مرك / كل اللمحني بجه وأشتمر عني ومرك / ياليت كل المركني لاوجه أبيته / وأعمه يظل لايمي بيدي وجبيته / أني لوني أيحصل عندي وجبيته / آنه أعله زيجي ولك لو زاد عندي مرك ) ، وأخيرا توقف قلب هذا الشاعر الكبير الشيخ حسن العذاري عام 1952 م في مدينة الحلة ودفن في النجف الأشرف .

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.