اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

إضاءة: الفقير والتعيير والطموح -//- حامد كعيد الجبوري

اقرأ ايضا للكاتب

حامد كعيد الجبوري

إضاءة:

الفقير والتعيير والطموح

بعد 9 / 4 / 2003 م دخلت القوات الأمريكية الى المحافظات العراقية وبدأت تتحرك بشكل طبيعي في الشوارع والساحات والطرق الريفية المعبدة وغير المعبدة ، ولاحظنا حينها كيف كان الجندي الأمريكي يوجه بندقيته صوب المارة أو السيارات التي تتبعه خوفا من حدوث أي عمل إرهابي أو عمل غير مرغوب فيه ، كنا نستقل سيارة ذات عشرة أشخاص  تسمى ( كيه ) ، وكانت امرأة عجوز معنا في السيارة أشاحت بوجهها عن المدرعة الأمريكية  ، قال لها أحدهم ( حجية ذوله الأمريكان اللي حررونه من صدام ، ليش متباوعين عليهم ؟ ) ، قالت له بلهجتها المحلية ( سواد وجهي إذا أباوع عليهم ) ، قال لها الشاب ممازحا لها ( خاله لازم تحبين صدام وتحبين البعثيين ) ؟ ، استهجنت كلامه وهزت يدها قائلة ( البعث وصدام أعدموا ولدي الكبير لأنه هرب من جبهات القتال ، وأرسلوا زوجي بقاطع جيش شعبي ولا أعرف مصيره لهذه اللحظة ) ، أعتذر لها الشاب وقال ( خاله أنشاء الله صدام ولّه وإنشاء الله تاخذين كل حقوقج ، حجيه هسا العراق ديمقراطيه ) ، ابتسمت باستغراب وقالت أنا أمية ولا أعرف ما هي الديمقراطية ؟ ، أجابها محاولا إيصال الفكرة لها بطريقة مبسطة  وقال ( خاله بعد ما كو ريس يحكم طول العمر ) ، قالت وكيف أذن ؟ ، أجابها ( خاله كل أربع سنين يجينه ريس ويجينه برلمان جديد ومحافظ جديد ) ، ضحكت العجوز بقهقهة مسموعة وقالت ( يا بويه ما راح يبقه بالقاصه فلس ، كل أربع سنين يجينه جوعان ويبوك الخزينة ويعمر بيته ، لا الله ألا الله ) ، وهنا تذكرت حديث أحد اليساريين القدامى وهو يتحدث عن الوعي العراقي وقال ( أتعرفون حتى البغال في العراق تعرف السياسة ) ، ولا اعرف لماذا قفزت هذه الذكريات لي وأنا أدخل لسوق شعبي في الحلة الفيحاء ، وجدت الأسعار زهيدة ولكافة الفواكه والخضر  ، وربما أزهد ما رأيت ( التمر ) بأنواعه وبأسعار يستطيع الفقير شرائه ، ناهيك عن بقية المنتجات الزراعية المحلية والمستوردة ، العامل البسيط ربما يزيد أجره اليومي عن ( 25 ) ألف دينار عراقي ،  حوالي 20 دولار ، وعدت بذاكرتي لشريحة المعلمين الذين كانوا يتقاضون راتبا شهريا مقداره ( 3 ألآلاف دينار عراقي ) وكان سعر الصرف للدولار 250 ألف دينار لكل 100 دولار أمريكي ، أي أن المعلم يتقاضى راتبا شهريا بحدود 3 دولار أمريكي ، واليوم المعلم وعامة موظفي الدولة تتجاوز رواتبهم الشهرية عن ال700 دولار أمريكي ،  وهذا المبلغ يحقق لصاحبه معيشة تقترب نحو الجيدة ، وكبار موظفي الدولة يعيشون بحبوحة مالية ويستطيعون السفر سنويا للسياحة لبلدان العالم التي كانوا محرومون من السفر لها ، والشريحة المتضررة فعلا هي شريحة العسكريين المتقاعدين، وأنا والكثير  من هذه الشريحة  ، لأن النظام الحالي الجديد يعتقد أنهم من مخلفات نظام الطاغية صدام حسين ، أخلص من هذا أن تغيير النظام السابق بنظام جديد هو لصالح الطبقات المجتمعية العراقية الكثيرة ، ولكن هل هذا هو الطموح المنشود ؟ ، وحقيقة نقول ليس هذا هو الحلم العراقي المنتظر ، نحن نتطلع لحكومات لابد قادمة توفر للشعب العراقي أسباب العيش الإنساني المنشود ، وليس من خلال هذه الأسماء المجترة والمجترئة على قيم العراقيين وتاريخهم الأبيض ، العراقيون والعراق ينتظرون ويتطلعون ليوم يأتي بأبناء البلد الخلّص لينقذوا البلاد والعباد من سموم الفرقة والطائفية البغيضة ، والمصالح الفئوية الضيقة ، التغيير قادم ، أليس التغيير بقريب ، للإضاءة ..... فقط .

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.