اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

• عبد الكريم قاسم ، ذاكرة لا تنساه / 1

حامد كعيد الجبوري

 

 

عبد الكريم قاسم ، ذاكرة لا تنساه  / 1

 

            لا أدري لماذا نسيت أن أدون هذه المشاهدة العينية عن الزعيم الخالد الشهيد عبد الكريم قاسم ، عام 1959 م كنت في الصف الثاني ابتدائي وكنت من المتفوقين الأوائل دراسيا بصفي ، أصبت حينذاك بالتهاب رئوي حاد ، خاف والدي كثيرا علي سيما  وان  لعابي تخرج معه قطرات دم ناصعة ، رفضت والدتي حينها الذهاب الى أطباء الحلة مقترحة الذهاب الى العاصمة بغداد ، استجاب والدي رحمه الله لطلبها وصحبنا أنا وأمي الى بغداد الى محلة الشواكة حيث سكن خالتي فيها ، بعد أن علموا حالتي نصحوه بأخذي الى الدكتور فرحان باقر أو باقر فرحان أخصائي الباطنية ، والدكتور

فرحان باقر تقع عيادته بداية  شارع الرشيد من مدخل ساحة التحرير ، وصلنا لعيادة الدكتور الساعة الثالثة بعد الظهر ووجدنا العيادة مكتظة بالمراجعين المرضى ، نصح سكرتير الطبيب أن يأخذ لي أشعة للصدر في عيادة أخرى قريبة لهم ، ونفذ والدي المطلوب ، ونحن خارجان من عيادة الأشعة وجدنا الكثير من الناس واقفون على جانبي شارع الرشيد منتظرون لمقدم الزعيم عبد الكريم قاسم حيث يذهب لدوامه المسائي بوزارة الدفاع ، طلبت من والدي أن ننتظر مقدمه مع الناس ، أجابني بأننا على موعد مع الدكتور وعلينا أن ننهي تلك الزيارة لكي نعود لمدينتنا مبكرا ، استجبت مرغما

لما أراد والدي وما هي إلا لحظات وإذا بي أفلت يدي من يد والدي وأنطلق مسرعا صوب شارع الرشيد لأن سيارة الزعيم قد أصبحت على مرمى خطوات مني ، اخترقت لا إراديا صفوف الناس المتجمهرة على جانبي الطريق ملوحا بيدي لسيارة الزعيم رحمه الله والسيارة تسير بسرعة متأنية جدا ، وقفت سيارة الزعيم – ببريك مسموع - التي وقفت قبالتها وترجل الرمز العراقي الأبي وتحرك نحوي ، وتحركت بلا شعور نحوه ووالدتي تطلق عنان صوتها خائفة علي من شرفة عيادة الدكتور فرحان باقر ، احتضنني الزعيم – ومن ذلك اليوم أصابني الرجل بعدوى حب العراق وأهله -  دون أن يلومني عن فعل

صبيانيي قد يودي بحياتي دون قصد من سائقه ، قلت له أني أحبك ، أجابني وأنا أحبك كذلك ، وأقسم بكل مقدس لدي أن عيناي الآن تغرورقان بالدموع لذلك الأب الذي خسرناه وخسره العراق بمسلميه ومسيحييه وصابئته وبكافة أديانه وأعراقه وقومياته ، قلت له أني مع أبي وأمي جلبانني من الحلة الى الدكتور لأني مريض ، قال لي بعد أن أحاطت بنا الناس من كل الجهات وبدون حماية إلا من انضباط عسكري معه ، كادت سيارتي أن تدهسك ؟ ، لم أعي سؤاله  وقلت له أن والدي مع الناس ، حدق بعينيه صوب المتجمهرين وإذا بوالدي يتقدم ليلومني على فعلتي التي أربكت الشارع برمته ، قاطعه

الزعيم الراحل وقال له أنه صديقي الحلي وأنا أحبه كحبه لي ، فما كان من أبي إلا أن يأخذ الزعيم بأحضانه ويقبله قبلات الحب الحقيقي على كل مسامات وجهه ،  غادرت سيارة الزعيم الشهيد البطل متوجهة لمقر عمله ، وصعدنا صوب العيادة التي وقفت على ساقيها لأجد المرضى يصفقون لي ولفعلتي مع الزعيم الخالد ، دخلنا لعيادة الدكتور الذي عرف بمجريات الأمور وشاهد الأشعة التي أخذوها لصدري ليعلن لوالدي أن صدري نظيف وأن ما شاهده من دماء ما هي إلا إلتهاب بسيط في القصبات الهوائية ، أو التهاب حاد في البلعوم .

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.