اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

• ( الحجي بالتفاطين ) صرخة وفاء للشهيد الكبير عبد الكريم قاسم رحمه الله

حامد كعيد الجبوري

مساهمات اخرى للكاتب

   ( الحجي بالتفاطين )

                  صرخة وفاء للشهيد الكبير عبد الكريم قاسم رحمه الله

 

       لا أدري لماذا نحن المهتمون بالتاريخ والأدب والفن نأخذ الأمور على عواهنها ، بمعنى أننا لا نؤرشف لحياتنا على أقل تقدير ، لي صديقان عزيزان نالا شهادة الدكتوراه في الأدب العربي ، الدكتور صباح نوري المرزوك ، والدكتور سعد محمد الحداد ، وهذان الصديقان ما وجدتهما يوما إلا وبأكمامهما ( جيوبهم ) قصاصات ورقية لا تعني عند غيرهما الكثير ، وعندهما تعني كل شي ، وتذكرت هذه القصاصات وأنا أحاول أن أجمع شتات فكري عن حادثة جد جميلة حدثت في الحلة الفيحاء زمن الشهيد الخالد عبد الكريم قاسم رحمه الله ، وعوّض صبر العراقيين بمثله قائدا وطنيا لا غبار على مجمل حياته الوطنية وسلوكه الاجتماعي والوظيفي ، وهذا مما دعاني أن أتأسف كثيرا لأني لم أنهج سيرة صديقي العزيزان بأرشفة وتدوين أسماء الحوادث ومجرياتها ، لأن الدقة تغنيني وتغني القارئ عن الدفاع عما ندلي به من حديث حول الشهيد عبد الكريم قاسم ، ولو أن الحادثة معروفة للجميع ، وبخاصة من محبي الزعيم تحديدا في محافظة بابل .

    عام 1960 أو 61 م زار الشهيد عبد الكريم قاسم محافظة بابل / قضاء الحلة ، ووصلت أخبار هذه الزيارة لجمع غير قليل من أهالي مركز الحلة الفيحاء ، ويقال ان الزعيم رحمه الله تنقل من هذا السوق لذاك المحل  ولذلك المتجر مشيا على أقدامه وبرفقته مرافقه الشخصي ( قاسم الجنابي ) ، وصل لفرن صمون ودخله وسط تهليل وتصفيق  صاحب الفرن وعماله ، لفتت انتباهه – الزعيم – الصورة الشخصية العسكرية له مؤطرة  وملصقة على أحد جدران الفرن ، أخذ بيده ما يسميه الفرانون ( شنكة عجين ) ووضعها على الميزان المخصص فوجدها أقل من الوزن المقرر ، ألتفت صوب صاحب الفرن قائلا له ، ( عمي زغر الصورة وكبر الشنكة ) ، وغير هذا لم يقل لصاحب الفرن الذي ألجمه الزعيم بهذه المقولة ، في أثناء هذه الزيارة الميمونة للحلة كانت بلدية المحافظة تعبد طرق وأزقة حي ( الجديدة ) - بفتح الدالين - ، ولم تكن حينها المحافظة تمتلك السيارات التي تعد كمعمل تعبيد الطرق كما هو اليوم ، وكانت عملية التعبيد – بالقار -  تعتمد على أيادي العمال المهرة بذلك ، وبآلة خشبية تسمى ( الشيبك ) ، وهي أشبه ما تكون ب( الشيبك ) الذي يستخدم من قبل النسوة لعمل ( الكليجة ) ، و ( شيبك ) التعبيد بالطبع أكبر من ذلك الذي تستعمله النسوة ، ولحرص البلدية على عدم سير المارة عليه إلا بعد أن يجف ويبرد ليتماسك القار جيدا ، يتركون أشخاصا معينين لقاء أجر زهيد لمنع الناس من السير على الطريق المعبد الجديد ، كلف مختار محلة ( الجديدة ) أحد الشبان - وهو الذي يفترض بي أن أسجل أسمه لدي – أن يرقُب الطريق الجديد بدراجته الهوائية ، ويمنع الأطفال وغيرهم ممن يحاول السير على الطريق المعبد الجديد ، وهذا الشاب لديه أخ موقوف بتهمة شتم الزعيم عبد الكريم قاسم ورفع صورته – الزعيم – من محل وضعها بأحد مقاهي الحلة ، وما أن سمع هذا الشاب بوجود سيادة الزعيم وسط مدينة الحلة قرب مديرية شرطتها ، ركب دراجته الهوائية وأطلق لعجلاتها العنان ليصل حيث يتواجد الزعيم ، الحمد لله هذا هو الزعيم بدمه ولحمه يحاط بشباب الحلة ورجالاتها ، رمى دراجته الهوائية قرب أحد المحلات وهرع راكضا مناديا بأعلى صوته ، سيادة الزعيم ، سيادة الزعيم ، سمع أبن الشعب هذا المستصرخ به وأشار له بيده ، أنفرج الناس لهذا القادم الصبي ، بل قل الشاب ،  ورمى بنفسه مقبلا كل ما تقع عليه شفتاه من الزعيم ، انفتحت أسارير الزعيم له وقال له ، مابك يا بني ، أجابه ( عمي أخويه موقوف هنا على مودك ) ، أجابه الزعيم وها أنا ذاهب معك لأخيك ، بالطبع كان محافظ الحلة سائرا مع موكب الزعيم ، ومدير الشرطة أيضا ، دخل الزعيم الى مديرية شرطة الحلة ، ومعلوم لأهالي الحلة تحديدا آنذاك ، أن الموقوفين يودعون في هذه المديرية بداية الدخول لبناء المديرية ، وهنا يتواجد في هذا المكان أصحاب الشكاوى اليومية ، وفي الطابق الثاني للموقوفين السياسيين ، قال الزعيم للصبي الذي لا يزال الزعيم يمسك بيده وكأنه أبن له ، وهذه حقيقة فالزعيم أب لكل العراقيين ، هكذا أرى ، قال الزعيم للصبي ( هل أخوك هنا ) ؟ ، أجاب ( لا عمي ،  أخويه فوك كبل ساعتين وديتله غده ) ، قال الزعيم  لمدير الشرطة لنذهب أليه أذن ، أجاب مدير الشرطة أمرك سيدي ، صعد الزعيم والمحافظ – أظنه خيري الحافظ – ومدير الشرطة والصبي ومرافق الزعيم الى الطابق العلوي ، وفتحت له قاعة كبيرة تحوي أكثر من خمسين معتقل سياسي ، سلم الزعيم على الجميع وقال  رجاءا ليقف كل سياسي من الحزب الفلاني مع رفاقه ، أنقسم الفريق لنصفين تقريبا ، الشيوعيون ، وآخرون ( قومجيون ) – لا أحب غير هذه التسمية لهم – وبقي شخص واحد يقف لوحده دون الجمع ، قال له الزعيم أنك من شتمني صحيح ؟ ،  بكل شرف ورجولة أجاب الموقوف زعيمه الخالد ، نعم أنا شتمتك يا سيادة الزعيم ، ضحك الزعيم بوجه الشاتم وقال له سنتحدث سوية بعد أن أنهي حديثي مع هؤلاء الأخوة ، قال لهم أن الوطن بحاجة ماسة لكم ، أن كنتَ معلما أو عاملا أو طبيبا فقد عطلت شريحة كبيرة من المجتمع لأجلك ، أتمنى عليكم إعادة دراسة الموضوع بشكل جدي خدمة لأحزابكم ولعراقكم الكبير ، وبما أنني لا أملك صلاحية أطلاق سراحكم فأتمنى على السيد المحافظ ومدير الشرطة أكمال أوراقكم الآن وإرسالها للقاضي لإطلاق سرح من يستحق ذلك ، هذا الحديث لكم ولكم الخيار ، أما أنت يا صاحبي الذي شتمني فمن الذي أقام الدعوى ضدك ، ألا يفترض أن أقدم الدعوة أنا ، وأنا أملك حق الشكوى والتنازل وأنا متنازل عنك ، وعلى مدير الشرطة أطلاق سراحك مالم تكن موقوفا على ذمة دعوى أخرى ، صرخ الشاب بوجه الزعيم قائلا أنا شتمتك يا سيادة الزعيم  ألا تستمع لي ولماذا شتمتك ؟  ، أجابه لا ليس بودي معرفة سبب ذلك ؟ ، قال الشاب  وأنا بودي أن أسمعك لماذا شتمتك سيدي ؟  ، أذن لأستمع ما تقوله تفضل بني ، قال الشاب ، يا سيادة الزعيم نحن أصدقاء نحب لعبة كرة القدم ، ولدينا فريق لذلك ، ومقر فريقنا مقهى المنطقة – مقابل مستشفى الأطفال سابقا ، قريبة لسجن الحلة المركزي الذي هرب منه الأبطال الوطنيون الشيوعيون  بقيادة البطل الرمز مظفر النواب – وأسم فريقنا هو فريق ( الأنوار ) ومدرب فريقنا اللاعب ( عبد ملعب ) ، وأنا يا سيادة الزعيم هوايتي مع كرة القدم الرسم ، رسمت لك صورة وأطرتها ووضعتها في المقهى بأذن من صاحب المقهى ، بعد أن حاول البعث الفاشيست اغتيالك بعملية جبانة ظهرت أنت يا سيادة الزعيم على جهاز التلفزيون وسمعت خطبتك  ومقولتك عفا الله عما سلف ، تقدم الشاب نحو الزعيم رحمه الله ووضع سبابة يده اليمنى قريبا لوجه الزعيم صارخا به ، ( شنو عفا الله عما سلف ) ، قال له الزعيم أكمل بني ، قال الشاب أنا حين سماعي لهذه الكلمات ذهبت الى المقهى وصعدت على أحد الكراسي وأنزلت صورتك من مكانها كرها لموقفك مع القتلة ، أخذ مني صاحب المقهى الصورة وهمس بأذني أعدها لمكانها  لأن ( مسلم السري ) رأى ما أقدمت عليه ، وفعلا يا سيدي رفع رقيب الامن ( مسلم ) تقريره الى دائرته وها أنا موقوف من يومها ولحد الآن ، أطرق الزعيم الى الأرض وجهه بهدوء تام ، ورفع رأسه مخاطبا ذلك الحلي الشهم ، ( أين هي الصورة الآن ) ؟ ، أجاب الشاب أنها في البيت سيدي ، صاح الزعيم بأعلى صوته مخاطبا ذلك الشاب قائلا ، (لا ،  لا أسحقها تحت قدمك أنها لا تستحق أن تعلق ) مع حركة بقدمه اليمنى دلالة أنه يسحق شيئا ما .

    نعم سيدي أيها الخالد ، ونحن نقول لك الآن وبعد أن جرعنا الأمرين من فعلتك تلك يا سيدي ،  لماذا لم تسحق الأقزام تحت رجلك المقدسة الطاهرة ، لماذا لم تتعامل مع العقارب بما تستحقه من سحق بقدمك ،  ولماذا لم تستمع للجواهري الكبير حين قوله لك مخاطبا ، ( فضيق الحبل وأشدد في خناقهم / فلربما كان في إرخاءه ضرر) ، وأي ضرر سيدي الراحل وأقسم لو عدت ثانية يا سيادة الزعيم  لعدت لنفس تلك الرحمة التي جبلت عليها ، وأن عادوا لا قدر الله ، ولا قدر الوطنيون ذلك ، لرأينا أسوأ مما رأيناه منهم سابقا ، لك المجد أيها اللا يكرر ،  لك  المجد يابن الشعب العراقي  ، لك المجد يابن الفقراء النجباء  

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.