اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

• إضاءة : ( سيري وعين الله ترعاكِ )

حامد كعيد الجبوري

مساهمات اخرى للكاتب

إضاءة

             ( سيري وعين الله ترعاكِ )

 

       في الفترة التي كنا نؤدي فيها ضريبة الدم المفروضة بروعاونات القائد الضرورة   في الوحدات العسكرية ، ومعلوم جدا أن كل وحدة عسكرية سابقا هي عبارة عن عراق مصغر ، ليس كما هي اليوم ، بمعنى ان شرطة بابل مثلا  يجب ان يكون منتسبوها من بابل حصرا ، في السابق  الكردي مع العربي والتركماني ، والسني مع الشيعي مع المسيحي مع الصابئي مع الأيزيدي وهكذا ، المثقف الخريج مع الأمي ب (حظيرة ) عسكرية واحدة ، من يقرأ الصحف يتحدث بما قرأه لزميله الآخر ، وأجمل ما في تلك الأيام التي ذهبت بتلك الوحدات العسكرية  ، أننا أنشأنا علاقات أخوة وصداقة امتدت ليومنا هذا ، والغريب ما نراه الآن بزمن الخير والديمقراطية المجلوبة التي لا يؤمن بها من وضع لها دستور البلاد اليوم ، في تلك الفترة كان لنا صديق بدوي لا يحسن القراءة والكتابة ، وهو يتدرب معنا على كيفية استخدام مدافع الميدان ، ومع ذلك كان الرجل ينال قسطاً وافرا من التعليم على المدفع بتركيز من معلم الحظيرة ، في يوم من الأيام جاءنا لوحدتنا زائرا كبيرا لمراقبة سير التدريب ، ومن محاسن الصدف أن يكن ذلك البدوي الأمي يؤدي عملية توجيه المدفع صوب هدفه ، ولم يستطع أنجاز مهمته بدقة ، سأله الزائر ما هو تحصيلك الدراسي بني ؟ ، أجاب الجندي أني أمي سيدي ،  هز الضابط الزائر يده وهو يردد المثل الذي يقول ، ( من هل المال حمل جمال ) ، ثم تحدث الضابط الزائر مع أمر الوحدة المزارة قائلا له ، كان يفترض بك أن تعيد هذا الجندي لمركز التدريب ليستبدلوه لك بآخر غير أمي ؟ ، أجاب الضابط أعدته لمركز التدريب ثم رفضوا وأعادوه لنا مرة ثانية ، أعاد الزائر هز يده مستهزئا وهو يقول لآمر وحدتنا ، إن العمل يجري بالوحدات العسكرية هذه الأيام على مبدأ ( سيري وعين الله ترعاك ) .

     كل هذه المقدمة التي لابد منها بسبب سؤال وجهته زوجتي من أيام قليلة قائلة  لي  كم يبلغ ( الترليون ) ؟ ، ضحكتُ بوجهها طويلا فدهشت لذلك الضحك غير المبرر لها ، قلت لها لم اضحك منك ولا من سؤالك هذا ، ولكن ضحكتي أخذتني بعيدا عن سؤالك كثيرا ، أنا أعلم أنك خريجة جامعية ، ولك ممارسة بمهنة التدريس طويلا ، ومع ذلك لا تعرفي مقدار ( الترليون )  ، أذن ( يا أم طيف ) – كنيتها – كيف يعرف ممن لم ينهي الدراسة الابتدائية أو زوّر شهادتها وأصبح عضو مجلس محافظة ، أو عضو برلمان عراقي ، او حتى وزير ،  كيف له أن يعرف مقدار ( الترليون ) ، وكيف يتدارس مع هؤلاء الأعضاء لوضع خطط ستراتيجية لبناء العراق الحديث كما يقولون ، ضحكت زوجتي من إجابتي أكثر من ضحكي لسؤالها ، تسمرت بمكاني وقلت لها  لماذا ضحكت لإجابتي  ؟ ، قالت لم أضحك من إجابتك ولكني متأكدة تماما أن هؤلاء يعرفون مقدار ( الترليون ) ، ولو أنهم لم يصلوه هذه الأيام ، والأيام اللاحقة سيصلونه حتما ، لأن من يجمعه من حلال أو حرام قادر على أن يحصيه ويعرفه  ، ليس كمثلنا نحن النظريون فقط ، أن التجارب العملية أقرب للمعرفة والدرس من التجارب النظرية ، وهم أساتذة ومتخصصون بأساليب جمع المال ،  ( ومن هل المال حمل جمال ) ,   للإضاءة ..... فقط . 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.