اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

يوميات حسين الاعظمي (1151)- حوار احمد عبد المجيد

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حسين الاعظمي

 

 

عرض صفحة الكاتب 

يوميات حسين الاعظمي (1151)

حوار احمد عبد المجيد

 

     عُرف عني في الوسط الفني، بأني نادر العلاقات العائلية رغم قوة ومتانة علاقاتي مع اخوتي واصدقائي الفنانين والاعلاميين التي اتمتع بها، اذ يبدو انني لست متفرغا لمثل هذه العلاقات التي تأخذ مني حيزا كبيرا من الانشغالات والارتباطات الجانبية الواسعة مع كثرة معارفي واصدقائي في الوسط الفني والاعلامي الذي اعيش في خضمه. ولكن هناك قلة قليلة ممن اتيحت لي المناسبة والارتياح من اخوتي واصدقائي الفنانين والاعلاميين في تبادل الزيارات العائلية الجميلة، ومن هؤلاء القلة كان اخي وحبيبي الاستاذ الدكتور احمد عبد المجيد ابي رنا الغالي. فكان اخي د.احمد له الفضل الكبير مع كثير من اخوتي الصحفيين في نشر اخباري الفنية ونمو شهرتي واستمرار وجودي في الساحة الفنية منذ بدايتي في الفن. خاصة ونحن في عمر واحد والحمد لله، وما زال اخي العزيز وصديقي العتيد د.احمد عبد المجيد يغمرني بافضاله التي امست لاتعد ولاتحصى، فكيف لي سارد له هذه الفضائل..؟ على كل حال، اتوقف عن الحديث آملا في الوقت القريب ان اتحدث عن اخي ابي رنا بحلقة خاصة عسى ان تفي لبعض من مواقفه النبيلة ان شاء الله. 

 

     اعزائي القراء الكرام. نعود الى موضوع حلقة اليوم، فقد فاجئني الاستاذ الدكتور الكاتب الصحفي الكبير احمد عبد المجيد رئيس تحرير جريدة الزمان نسخة العراق، بموضوع الحوار التي تم قبل ايام بيني وبينه في عمّان عشية زيارته القصيرة. حيث تم نشر الحوار هذا اليوم التاسع من آب 2018 الصفحة التاسعة من الجريدة. ويذكر ان اخي الدكتور احمد واخي الاستاذ الكاتب الكبير زيد الحلي قد زارا الاردن معا بدعوة من احد المؤتمرات الاعلامية مؤخرا، وقد نشر اخي الحبيب الاستاذ زيد الحلي قبل ايام مضت موضوعا عني من لقائنا الذي تم في عمّان في نفس الفترة، بعد سنين عجاف لم نلتقي فيها جميعا. واود الآن ان اعرض عليكم اخوتي الافاضل نص الحوار المنشور هذا اليوم 9/8/2018 الخميس في جريدة الزمان نسخة العراق ونسخة لندن. ولا يسعني هنا الا ان اقف اكراما واحتراما لاخوية وصديقيَّ د.احمد عبد المجيد والاستاذ زيد الحلي شاكرا لهما رقة كلماتهما ونبل مشاعرهما ولطف تعابيرهما الراقية ودمتم جميعا بكل خير ان شاء الله. واليكم اعزائي الحوار الذي خصني به الدكتور احمد عبد المجيد مشكورا.

***

-    جريدة الزمان 9  آب 2018

-    كتب : الدكتور احمد عبد المجيد الامين

-    المطرب مؤلفاً

-    المطرب مؤلفاً .. حسين الأعظمي لـ (الزمان):

-    حصيلتي 12 كتاباً ومسودات اخرى تنتظر الطبع –

-    أنا مفكّر المقام العراقي وفي أعماق كل مبدع يقبع مجنون

        (((تعرفتُ الى قارئ المقام العراقي الكبير حسين الاعظمي بداية حياته الفنية. كان عضوا في فرقة التراث الموسيقي العراقي التي اسسها الراحل منير بشير، ضمن التشكيلات الفنية لدائرة الفنون الموسيقية، قبل ان يتحول الى مدرس في معهد الدراسات الموسيقية بالوزيرية بعد تخرجه ويحلق في سماء الطرب البغدادي ويقف على كبريات خشبات المسرح في مدن العالم. وكنت شاهدا على ولعه بالتنظير والكتابة، ودأبه على توثيق رحلة المقام العراقي منذ بواكيرها وحتى حطت على مبدأ محمد القبانجي، الذي صار مدرسة مقامية تخطت المدارس المقامية التقليدية، التي يقول الاعظمي ان مسيرتها شابتها اخطاء وملاحظات نتيجة عفويتها الراسخة. ومع تقدم ذلك الولع(التأليفي) او (الكتابي) تحول الاعظمي الى مؤسس مكتبة تأليفية نادرة، تتناول هذا الفن التراثي بجميع ابعاده ورموزه وتحقق من جهوده في هذا المجال، طبع 12  كتابا بدأها في بغداد مطلع العام 2001 ولم ينهها وهو في العاصمة الاردنية بحصوله على الدكتوراه واطلاق كتابه في التنوع الموسيقي المقامي، وبذلك يكون قد تأهل، ليكون مفكرا او منظرا في المقام العراقي يؤسس لاحكام لم يسبقه اليها احد وليكون بحق المطرب المؤلف، كما اسميته خلال هذا الحوار. وفيما يلي نصه:

س1: ما الذي دفعك الى اختيار عنوان كتابك الطريقة القندرجية..؟

ج1: الحقيقة كنت قد اخترت له في البداية عنوان(الطريقة الرشيدية) نسبة الى القارئ رشيد القندرجي، ولكن خطر في بالي وكنت عند الناشر السيد ماهر الكيالي، ان اعزف عن الاسم التقليدي واختار عنوان(الطريقة القندرجية)، وذلك ايضا تجنبا الى طرق ادائية بالاسم الاول. ففي المغرب العربي ثمة طريقة دينية تسمى(الرشيدية) ولهذا استعدتُ مسودة الكتاب من الاستاذ ماهر الكيالي وراجعته بالاسم الجديد او العنوان الذي صدر به ورأيت ان عنوان القندرجية اكثر اثارة.

 

س2: هل هو اول حلقة في سلسلة مؤلفاتك عن الطرق الشائعة في قراءة المقام العراقي..؟

ج2: كتبتُ عن ثلاثة طرق ادائية مقامية شهيرة هي(القندرجية والقبانجية والزيدانية) وكان اولها كتاب عن الطريقة القندرجية نسبة الى مؤسسها المطرب المقامي الشهير رشيد القندرجي(1886-1945) الذي عاش في بغداد واصبح له اتباع يؤدون طريقته. وهذه التفاصيل يمكن للقارئ ان يجدها في صفحات الكتاب. ثم صدر بعدئذ كتاب الطريقة القبانجية نسبة الى مؤسسها محمد القبانجي والطريقة الزيدانية نسبة الى مؤسسها احمد الزيدان وهو اقدمهم، لكن صدوره كان اخرهم.

 

س3: لماذا..؟

ج3: لانني فضلت صدور كتاب الطريقة الزيدانية منتظرا حلول الذكرى المئوية لوفاة مؤسسها احمد الزيدان(1832-1912) ثم صدر الكتاب في كانون ثاني 2013

 

س4: والطريقة القبانجية..؟

ج4: هذا الكتاب نحا المنحى ذاته ايضا، تحدثت فيه عن محمد القبانجي وتاريخه وطريقته في الاداء واتباعه وما هي سمات هذه الطريقة واسلوبها. الكتاب يحلل كل هذه الامور، وثمة كتاب اخر اصدرته يتناول الدراما التي حدثت نتيجة صراع الطريقتين القندرجية والقبانجية في القرن العشرين. وقد أسميته(المقام العراقي بين طريقتين) وتناولت فيه المرحلة الثقافية في ثلاثينات واربعينات القرن العشرين والصراع المحتدم بين طريقتي القندرجي والقبانجي. واستقرار الامر في النهاية للطريقة القبانجية التي فاقت كل الطرق الادائية واستقر بموجبها المقام العراقي يؤدى متاثرا بالطريقة القبانجية حتى اليوم. وهذا لا يعني ان الطريقة القندرجية ليست جيدة، بالعكس فانا حتى اليوم وبهذا العصر مازلت استمع الى تسجيلات رشيد القندرجي واتباعه باستمتاع بالغ. كل شيء لديه سمات وقوة.

 

س5: ما جديدك اليوم..؟

ج5: صدر لي كتاب جديد لكن نسخه مازالت في المطبعة، وتضمن افكارا غنائية موسيقية عنوانه(افكار غناسيقية) وتتناول مجموعة بحوث ودراسات قدمتُها في مؤتمرات الموسيقى العربية بدار الاوبرا المصرية. وقد جمعتها في كتاب صدر حديثا اسميته(افكار غناسيقية).

 

س6: هل يمكن ان نصف طريقتك بانها (طريقة اعظمية) في قراءة المقام العراقي..؟

ج6: لا استطيع قول ذلك عن نفسي الامر متروك للنقاد. ماذا يرون او يحددون..؟

 

س7: اقصد هل يخرج القارئ منه ان ثمة طريقة اعظمية(نسبة لك) في قراءة المقام العراقي..؟

ج7: انا طريقتي تختلف تماما..! حيث اراها طريقة فكرية..! وكنت عندما ادرِّس المقام العراقي في معهد الدراسات الموسيقية، ارفض رفضا باتا عملية التقليد. ولا اقبل من اي طالب يقلدني او يقلد غيري كيوسف عمر او القبانجي او غيرنا، انا اكتفي باعطائه الاسس واعلمه المفهوم الصحيح للمقام العراقي ومساراته اللحنية بشكل جامد..! ثم على الطالب ان يعطيني من تعبيراته العفوية  الخاصة به، لانه يكون قد فهم المسار اللحني وكيف يسير بالتعبير. انذاك يمكن ان يعطي شيئا جديدا. وهنا ستكون القراءة باساليب عديدة وليس الجميع يتبعون مطربا ما، اي ليس الاعتماد على المسارات اللحنية الجاهزة. انا ارفض المسارت الجاهزة ولهذا انا ازرع التفكير والفكر الغنائي والموسيقى في عقلية الطالب وارفض اي تقليد لاداء ونتاج احد سواء اكان يوسف عمر او حسين الاعظمي او غيرهما.

 

المقام العراقي

س8: لماذا تسميها فكرية أليست هي طريقة علمية..؟

ج8: هي كذلك علمية، وقد تحدثت عنها في كتابي الاول(المقام العراقي الى اين..؟) وقد صدر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر وهذه الطريقة تحدثت عنها واستعنت  بمقام البنجكاه كمثال في التوضيح.

 

س9: يعني انك نوطتَّ المقام العراقي..؟

ج9: هناك مفردتان مترادفتان في الموضوع، هما التنويط والتدوين. التنويط هو الكتابة الحرفية للمسارات اللحنية بالنوطة، اما التدوين، فهو كتابة الخط الاساس(الميلودي) للمسارات اللحنية المقامية، فالتنويط يجبرك على تنويط احد المقامات المغناة من قبل مطرب ما، وهذا ليس مقصدنا ولا نستفيد منه، لانه تقليد حرفي لمسارات المطرب الذي نوطنا غناءه، اما التدوين بكتابة الخط الاساس للمسارات اللحنية هو الذي يفيدنا لانه مسار لحني جامد وخالي من التعبير ثم يأتي المتعلم يغني هذا الاساس حيث يعطيه تعبيرا جديدا خاصا به، وبذلك نحصل على تعابير واساليبب متنوعة وعديدة من المغنين الجدد حيث لا احد يتطابق او ربما يتشابه مع الاخر..! فالتنوع والتجديد في التعابير هو مقصدنا في التعليم والتدريس. هكذا تكون للمغني الجديد استقلالية في قراءة المقام العراقي ومنحه شخصية جديدة في الاداء..! وبذلك لن يكون تابعا او عبداً لطريقة غيره من المغنين السابقين له او يعتمد على الاشياء الجاهزة من غيره.

 

س10: انت تختلف ايضا عن سواك من القراء، انك لم تكتف بقراءة المقام العراقي فيما سواك بمن فيهم الكبار او العمالقة الذين لم يكتبوا سطرا واحدا. ما الذي دفعك الى درب التأليف الوعر..؟

ج10: يضحك حسين الاعظمي ثم يجيب: دعني اكون صريحا شقيقي الاكبر مني، اديب كبير ومثقف برغم انه يرفض الشهرة ولا يميل الى النشر، لقد طلبت منه نشر نتاجه لكنه ظل بعيدا عن الاضواء، ولكن في المدة الاخيرة بدأ ينشر على صفحته بالفيسبوك وحظي باهتمام واسع. انه يمتلك لغة متقنة في النحو والصرف وهو مقرئ قرآن معروف يتقن احكام القراءة بدقة ومدرِّس فيها. هو اديب وواع بالفطرة انه اكبر مني اربع سنوات وتعلمتُ كل شيء منه واليه يعود فضل نزوعي الى التأليف والكتابة وزرع في تفكيري التوثيق ايضا. من النادر ان نجد قارئ مقامات عراقية يحرص على توثيق كل شاردة وواردة او يكتب يومياته. انا افعل ذلك منذ اكثر من 50 سنة اكتب كل شيء يوميا، اين اذهب ولمن اواجه وماذا صادفني اكتب كل ذلك، عدا ما بدأت بكتابته وحفظه وانا بعمر 10 سنوات ولهذا لم افقد امورا كثيرة. ضاعت اشياء لكني تمكنت من حفظ اشياء اخرى.

 

س11: اذن الفضل يعود الى شقيقك محمد واثق. ثم (ويقاطعني):

ج11: واليه الفضل ايضا في ولعي بالارشيف والتوثيق وزيادة الوعي، هو ملهمي ومازلتُ اسير على هدي نصائحه وتوجيهاته ونقده، وهو صريح وقد يجرحني احيانا في نقده لكني استفيد من كل نقده وآرائه.

 

س12: اخيرا نريد منك نصيحة الى المقاميين الشباب في مجال الاداء وفي شق طريقة خاصة بكل واحد..؟

–ج12: للمقام العراقي جانبان لا ثالث لهما جانب الاصول، يعني المسار اللحني والتنويع بالسلالم داخل المقام العراقي المغنى الواحد(الشكل، Form)، فلكل مقام عراقي تنوع خاص به، لكن نرجع في النهاية الى السلم الاصلي المغنى. هذه مسائل معروفة وهي جانب يستطيع اي شخص تعلمها حتى لو لم يكن عراقياً..! وعليه لابد من تعلمها من قبل اي مغنٍ للمقام العراقي. لكن الجانب الثاني هو الاساس في الموضوع، وهو التعبير البيئي والهوية المقامية. فلا يمكن لأي انسان ان يؤدي المقامات العراقية بتعابيرها وهويتها الطبيعية الخاصة إلا إبن البيئة، فالانسان ابن بيئته، فلابد ان يتعايش المغني المقامي في البيئة المقامية. وبالتالي فان اتقان الاصول والتعابير تمكن المغني المقامي من النجاح بكل تأكيد.

 

س13: وتداخل زميلي الجالس معنا، بتوجيه سؤال الى الاعظمي عن رأيه بالمجاميع الشبابية التي تنتشر هذه الايام في بغداد لاداء المقام العراقي..؟ فأجاب الاعظمي.

ج13: ارى ان مجرد انتشار الفرق المقامية، فانه ينطوي على معان ايجابية، لكن المشكلة تكمن في الممارسة..! واكثرهم يؤسسون هذه المجاميع من اجل العمل في الليل في النوادي والمنتديات والملاهي، واظن ان عمل الليل يحرمك من غناء مقامات عراقية جيدة وعلى الاصول، بل تضطر الى الغناء كما يرغب او يشتهي الجمهور، وقد تخلُّ بالقواعد والاصول مستغلاً جهل الجمهور بها، اي انك ستُحْرَم من فرص النقد من اجل التطوير. وارى ان اي عمل لا يستقيم دون نقد بناء. اذن شغل الليل لا فائدة فيه سوى امتهان الفن والعيش من خلاله. وكنا مع الكبير الاستاذ منير بشير نختلف يوميا، لكنه اصر وزرع في نفوسنا الوعي بالقوة..! وتصور في منذ عقد السبعينات، اذا كنتُ اظهر في التلفزيون بأي برنامج، يجن جنونه ويواجهني بعنف في اليوم التالي خلال الدوام بدائرة الفنون الموسيقية. كان يرى ان الفنان يجب الا يخضع الى ضغط الاضواء. كان يمتلك ملاحظات فنية دقيقة عن اسلوب العرض التلفزيوني وغيره، ولطالما اختلفنا مع طريقته لجهلنا بابعادها الفنية..! وتحمّل جهلنا على مضض حتى فهمنا بالتدريج الفكر والاسلوب الثقافي في الاداء. انا هنا في عمّان مررتُ بظروف معيشية صعبة جدا عانيت الفاقة في بداية اقامتي فيها، لكني لم استسلم لمغريات العمل الليلي برغم موارده المجزية. انه الايمان بالمبادئ الفنية الصحيحة التي غرسها في عقولنا استاذنا الراحل منير بشير، وعليه لم اتنازل عما تعلمته من والدي الروحي منير بشير الذي حاولتُ غرسه انا ايضاً في عقول طلابي طيلة هذه السنين التي تمر سريعا. فقد كنت اوصي طلبتي بعدم الاذعان للعمل في المنتديات والحفلات الليلية فكيف تريدني اقع في شرك مماثل..!؟ حتى هذا اليوم رفضتُ الغناء في الملاهي والمطاعم الليلية برغم الاغراءات. اذن منير بشير زرع شيئا حقيقيا. لم يكتف بتعليمنا بل نجح في جعلنا نؤمن ايمانا كاملاً بافكاره وتجربته. كان تعامله معنا أبويّاً، لقد صبر علينا وواجه تحدياتنا بقلبٍ وسلوك أبوي، والنتيجة ماضيا في عمله فاتحا العالم امامنا على مصراعيه حيث نتلقى دعوات فنية حتى اليوم من ارقى المهرجانات العالمية ونحظى باضاءات اعلامية واسعة في العالم. في حين انك لو تعاملت مع متعهد حفلات لتجاهلك الناس والاعلام ولم يعرف عن مشاركاتك احد ما. اما  مشكلة اليوم ان الفيسبوك وبعض مواقع التواصل الاجتماعي، تخدع هؤلاء وتوهمهم ان حفلاتهم الليلية وسواها يمكن ان تحقق لهم انجازتاً وانتشارا، فالراحل منير بشير جعل لنا قيمة في العالم، كان قد رسم لنا ضوابط على المسرح واخلاقيات واسلوب عرض عصري مهذب، واكد لنا اهمية ان يكون الفنان مهذبا على خشبة المسرح لا حديث لا التفاتات بلا معنى، منير بشير هندس مسيرتنا.

الغناء النسوي

 

س14: ما رأيك الصريح بالاداء النسوي للمقام العراقي..؟

ج14: انا الوحيد الذي لديَّ مؤلف خاص عن تجربة الغناء النسوي في العراق خلال القرن العشرين بعنوان(المقام العراقي باصوات النساء) وصدر في بيروت عام 2005 وتحدثتُ فيه عبر بابين. الباب الاول تفصيلات عن اوائل القرن التاسع عشر ثم بداية القرن العشرين، وكيف ولجت المرأة عالم الغناء المقامي، عرضته بالتفصيل الاكاديمي. اما الباب الثاني فكرسته لمسيرة سبع مطربات على وفق تسلسل زمني اخترت منه مطربات بدءً من صديقة الملاية ثم سليمة مراد وسلطانة يوسف مرورا بزهور حسين ومائدة نزهت وانتهاء بفريدة وسحر طه. كل واحدة منهن تناولتُ فنّها مستمعا الى التسجيلات الصوتية والكتب واحلل الاغاني والمقامات.

 

س15: لكن سحر طه ليست مطربة مقام عراقي..؟

ج15: لكنها تغني، صحيح انها مطربة بسيطة، لكنها تمتلك طموحا وترى نفسها ام كلثوم..! هذا امر خاص بها. لعله جنون وكل واحد منا لديه نسبة معينة من الجنون..! فالعصبية جنون، والانفعال جنون، والتسرع جنون، والحكمة جنون، والهدوء جنون ....الخ. كل ذلك بنسب متفاتة لدى كل انسان..! فكتابي يمثل ريادة في مجاله وقد حفل بموجة عارمة من الآراء والنقد البناء والمديح في وسائل الاعلام المكتوبة والمرئية والمسموعة من مقالات ناجمة عن آراء وانطباعات. واكثر اشارات النقاد والكتّاب الى اني اكثر من انصف المراة في حقوقها وبالتالي فان كتابي دراسة علمية منهجية ما زالت دراسة وحيدة.

 

س16: كم كتابا ألـّـفتَ حتى الان..؟

ج16: 12  كتابا صدر لي حتى الآن، اولها (المقام العراقي الى اين..؟) حيث كان العالم يودع الالفية الميلادية الثانية ويستقبل الالفية الثالثة، وربما من دون ان افكر بشكل مقصود اني تحدثتُ عن العولمة في الكتاب المذكور. وتساءلت في مقدمته(هل ان التكنولوجيا المخيفة ستصهر البيئات المختلفة وتجعلها بيئة واحدة..؟ ام يبقى هاجس العودة الغريزي لدى الانسان للحنين الى الماضي..؟) هي دراما اذن..! دراما بين الانسان وظروف حياته التي يعيشها. معنى ذلك اني كنت اتحدث عن العولمة..! فانا كنتُ وما زلتُ خائفا من التكنولوجيا برغم انها تنطوي على جوانب اخرى مفيدة، واعتقد ان كتابي الاول(المقام العراقي الى اين..؟) احدث ردود افعال اعلامية كبيرة جدا ومهمة ولاسيما في بغداد.

س17: متى صدر الكتاب تحديدا..؟

– في العام 2000  – 2001  كان اول كتاب دشن القرن الحادي والعشرون لانه صدر في كانون الثاني. انت سألتني كذلك لماذا اتجهت الى التأليف، والحقيقة اني منذ ان توجهت الى الغناء بداية السبعينيات من القرن الماضي على المستوى الاعلامي، اكتشفت بعض المعاناة والظروف الفنية في غناء المقام العراقي، وجدت اخطاء فنية كثيرة لدى القدماء، وهو تراث عفوي يحتمل الاخطاء والملاحظات، كما يمكن معالجتها بالدراسة والعلم، وعن طريق التعلم تتوفر فرص الاصلاح، ولهذا السبب منذ اواخر السبعينيات شرعتُ بكتابة افكاري..! لم انشر في البداية..! ولكن في اواسط الثمانينات ساعدتموني انت يا استاذ احمد وغيرك في الصحافة، فنشرتُ مقالاتي في صحف(الجمهورية) و(الثورة) و (القادسية) و (العراق). تشجعتُ واندفعتُ في هذا الاتجاه..! لكن تأليف الكتب لم يخطر على بالي ابدا..! كذلك بعض اصدقائي النقاد شجعوني من خلال اطلاعهم على ما اكتبه من مسودات. احدهم وهو الشاعر الغنائي المعروف والناقد حامد العبيدي، شجعني وقال لي بعد ان اطلعته على مضمون مسودة كتابي(المقام العراقي الى اين؟).

-    اذا نشرت هذا الكتاب يا اخي حسين، فانك ستحدث ضجة كبيرة في الوسط الفني..!

      وهكذا نضجت عندي فكرة اصدار كتاب للمرة الاولى. وللتاريخ اقول ان الناقد الراحل عادل الهاشمي علق بعد ان اهديته نسخة من الكتاب قائلا لي.

-    اخي حسين انك كتبتَ كتابا بشرف، لانك كتبتُ بحياد وموضوعية وعلمية لامثيل لها..!

        ومرة القيتُ محاضرة توضيحية في مجلس آل الشعرباف بالكرادة الكرام عن الكتاب وســط احتفاء الجميع، وفي فترة النقاشات ابدى الدكتور نجاح هادي كبة امام الجميع اعجابه بحيادية المؤلف ازاء الموضوعات والاسماء وقـال بالحرف الواحد.

-    لو اني لم اقرأ اسم المؤلف على الغلاف لما عرفتُ، هل المؤلف مسلم ام يهودي ام مسيحي ام صابئي..؟ للحيادية والموضوعية النادرة التي تمتع بها الكتاب والكاتب.

      بالنسبة لي، كان هذا الرأي افضل اطراء استقبلته للكتاب. اما الدكتور صالح الشماع فوصفني قائلا لي.

-    اخي حسين انك تتمتع بنفسٍ السليمة. مشيرا الى انعدام الميول الخاصة.

      اني ارى ان الاختلاف لا يحول دون الموضوعية، اي ان الباحث مطالب دائما ان يكتب بصدق وموضوعية مطلقة.

س18: اذن كتابك الاول (المقام العراقي الى اين..؟)هو الذي جعل حسين الاعظمي مؤلفا وليس مطربا فقط..؟

ج18: نعم لا ريب.

     وضحكنا قبل ان ننصرف عائدين الى بغداد في ختام زيارة الى عمّان لم تستغرق سوى اربعة ايام التقينا خلالها باكثر عدد من اصدقائنا المبدعين المقيمين في الاردن ))).

 

والى حلقة اخرى ان شاء الله.

 

مجموعة الصور

صورة واحدة / غلاف كتاب (المقام العراقي الى اين..؟)

 

 

صورة 1 / غلاف الكتاب

 

    

 

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.