اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

صَرَعُ الاصوات// خديجة جعفر

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

خديجة جعفر

 

عرض صفحة الكاتبة 

صَرَعُ الاصوات

خديجة جعفر

 

لطالما ارتبطت محطات الوصول والانطلاق بأصوات متشابهة، دوي صاعق، يُخرس كل الأصوات المتناثرة هنا وهناك، دَوي يُلزمك موقف الحيطة والحذر والترقب...

تَعزلُك عنك الطائرات مع دوي أصواتها ، في مدارج خاصة، لحين لحظة صمتها ، فيُسمح لك بالحضور،

تعزلُك السفن المسافرة بهدير محركاتها ونفير أبواقها لحين تستوعبها الموانئ فيؤذن لك حركة، تُحذرك القطارات دخول حرمها عوالما من السكك الحديدة،لحين يقنعك امتداد النظر بحجم المخاطر، فتبتعد مع أول بوق آت ولو من بعيد ، صوت يصرخ بك لضرورة الابتعاد، يأمرك بالتنحي...

 

الأصوات أمر بفعل الإلغاء ، بالنفي،بالتنحي  وإعلانٌ بتعليق الحضور منك، لك ....

منذ متى وأنت مؤتمن على محو الحضور منك  لأمنك؟

منذ زمن لا باس به، تخطى الصوت مركزية دوره في ان يحقق أمناً...

لطالما كان النفير من الأصوات هديرا، ازيزا، صفيرا ام ابواقا او حشرجة أقدام متسللة ، او كل آت من ضخامة الآليات وسائل النقل او حركة بشرية ،ليكون صوتا محذرا من وجوب خطر محدق على الرغم من ثبات وجود الأصوات ...

فهل يمكن اعتبار ثمة خسارات لأهمية الصوت؟

 

يبدو اننا نعيش في عمق النفير، وسط غابة الأصوات التي باتت أقل أهمية وانتباها مع ثقل التعود، لم يعد للحذر علاقة بالاصوات بقدر الدقة في التعداد....

فمتى فقدنا هذا الخوف الذي تتركه الأصوات؟

 

لطالما شكلت القطارات بسككها الحديدة امتدادا طوليا يرسم حدودا فاصلة بين عوالم الأمن من عوالم الخطر، وكتل الحديد الضاج تنقلا،محطة رسخت في الذاكرة وقفة تأمل يربط النظر بالسمع مضيفا خيالات لاشتغال الحواس المتبقية، فمن منا لا يشم روائح النفط الاتي من خلف المسارات؟

 

ومن يتمكن الافلات من تذوق ملوحة دمع المودعين عند المحطات او يتجاهل ملمس برودة  الخشونة الآتية من صقيع الحديد بمحاذاة عين ناظرة وأذنٍ تفرغت لدوي آت من بعيد منذرة بخطر الحضور، فضرورة الابتعاد عن هذا الغول الذي يتحدى الزمن والثقل والعوامل الطبيعية كافة ليصل اليك محذرأ بأصوات التي سبقته مسافة و صوت، بالتالي لا يترك لك خيارات، لا يسعك الآن غير إفساح الطريق وإلا انتهيت..

 

هذا الصفير والأزيز والهدير،ليس الا  إنذاراً لحضورك بضرورة التنحي او الغياب. لا يسعك معه اي تفاوض ،نفير لا يسمع لك صوتك، لا يعترف بحضورك او أقله لا يريدك، صوت يردد اني لقاتلك حين مغامرة الحضور ، نفير صارخ بالرحيل...

اي نفير نسمع الان؟ واي حذر نعيش حتى بات نفير القطارات والسفن والمطارات أقل قدرة على الحذر أمناً؟

 

ارتبط الحذر والتنبيه بخاصية الصوت،كما ويرتبط الرعب بالاصوات، وكم من المواقف التي ألزمتنا شكر آذاننا لتحذيرنا وانقاذنا حين وجب الحذر؟ !!....

في حين يسوق الكثير من أفلام الرعب لأهمية الصمت ، السكون، الهدوء في محاولة لقلب الموازين واثبات رعب من نوع آخر، تكمن جدارة الصمت رعبا، في تخطيه التنبيه، الصمت لا ينبه، الصمت موت أخرس، رعبٌ موجبٌ لمحوٍ مؤكد.. في الصمت يغدرك غادر دون تنبيه، فيعفى القاتل من جريمته، ليكون الصمت فاعلا ، في النفير يُلزمك الصوت حذراً، ليكون من الغباء التجاهل، فتكون انت المجرم والضحية، في حين ان الصمت يسحب منك حرية  الموقف من مغامرة الحضور ، في ان تكون المسؤول عن مصيرك لتُترَك  في خانة التلقي، الصمت هلاك خالٍ من الحذر....

 

ان انتقال العالم من نفير الصوت آلة ،نحو صمت عولمة قابع بين الكترونات الأثير، جعل منك الضحية من غير مسؤوليات ،صمت الأزرار سرق من الصوت، ومن بطء الكتلة زحفا، مساحة التحذير، فمع  تراجع الوسيادةعادة الصمت،خسارة للحذر..

 

في الصمت جهل الأتي من حضورك القصدي،قصد من حضور الجاني، موت حذر، مسرح التحول  إلى مساحات انتظار غامضة،ضحية حتمية دون فرص اختيار ان يكون غباء الحضور منك قاتلك فيما الضجيج أصولتا، أمن صارخ بالحذر....

خديجة جعفر

26 /4 /2024

 

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.