مقالات وآراء
الرحلة الرائدة للعراقي الموصلي المسيحي الكلداني القس إلياس حنا-ح3// عبد يونس لافي
- تم إنشاءه بتاريخ الجمعة, 31 تشرين1/أكتوير 2025 10:50
- كتب بواسطة: عبد يونس لافي
- الزيارات: 76
عبد يونس لافي
الرِّحلةِ الرائدةِ للعراقيِّ الموصليِّ المسيحيِّ الكلدانيِّ القس إلياس حنا،
من بغداد الى أمريكا قبل اكثر من 350 سنة)- الحلقة الثالثة
عبد يونس لافي
إلحاقًا بالحلْقة الثانية من هذا المقال*، أبحر الأُسطولُ تحت رفرفةِ الأعلام، وقرعِ الطبول، وإطلاقاتِ المدافع. كان بعضُ الركّابِ سعداءً، والبعضُ لم يستطعْ أن يكتمَ حزنه لمفارقة الأهل، اما إلياس فالْتزم الصمتَ، وأضمر الحزن لابْتعاده عن بغداد حيث الأهلُ، نحو المجهول.
يقول إلياس: إنَّ الأُسطولَ اتَّجه اوَّلًا نحو جزر الكناري، مستغرقًا ثمانيةَ ايامٍ للعبور الى هذه الجزر، ثم واصل الى ساحل فنزويلا ثم قرطاجنة (Cartagena)، المدينة
الحيوية النابضة، على ساحل البحر الكاريبي في كولومبيا الحالية. مكثوا في قرطاجنة 40 يومًا، ثم واصلوا مسيرهم الى پورتوبيلو (Portobelo) في پنما (Panama) الحالية.
يقول إلياس انه واجه في پورتوبيلو لأول مرة، حيوانات امريكا الجنوبية، وقد وصف نوعًا من البراغيث الإختراقية (pulex penetranc)، التي تخترق جلدَ الإنسان وتختبئُ تحته. وفي تقريره راح يصف كيفيةَ إخراج هذه الحشرة كاملةً دون قطع، بعد تحديد موضع الإختراق، باسْتعمال إبرة، توضع عليها جمرةٌ مشتعلة، ثم تنفجر مثل المفرقعات، واذا لم يمكن ازالتها، ماتت في داخل اللحم، وتحلَّلت ثم أدَّت الى موت المصاب.
يقول ولقد واجهتنا خفافيش مصاصةٌ للدماء، كبيرةُ الحجم، تهاجم الرجالَ اثناء النوم وتعضُّهم وتمصًّ دماءَهم، وتعمل مراوحَ بأجتحتها لكي يستغرقَ الضحيةُ في نومه، بينما هي تستمرُّ بمصٍّ دمه حتى يُغشى عليه نصفيًّا.
يمضي التقرير في السَّرد: حُمِّلَ الأُسطولُ بالذهبِ والفضة، فأرسل قائدُ الأُسطولِ الى إلياس لكي يرى الحِمل، وحين رآه أخذه العجبُ مما رأى، فلقد كانت كمِّيّاتُ الذهبِ والفضةِ لا تُحصى.
انطلق الأُسطولُ الى الوطن عِبْرَ قرطاجنة وهافانا (Havana) محمَّلًا بما ذكر من السبائك، بالإضافة الى الصوف الناعم والكاكاو الشبيه بالقهوة طعمًا ورائحةً لكنه أغنى.
اما بالنسبة لإلياس، فإنَّه استأجر ثلاثةَ بغالٍ ب 90 قطعةً من ثمانية وانْطلق عِبْرَ ممرِّ پنما الذي يربط بين امريكا الشمالية وامريكا الجنوبية بمحاذاة مجرى نهر چـاگريس (Chagres River).
في الطريق واجه عُشْبًا كان حاكمُ پورتوبيلو قد حذَّرهُ منه. كان هذا العُشْبُ اذا مرَّ به احدٌ، انْتصبَ فجرحهُ جُروحًا مميتة. لم يصدِّقْ صاحبُنا، وهو الموصليُّ العنيد، بما سمع عن هذا العُشْبِ، وقال لن اصدِّقَ إلّا اذا رأيت ذلك بأمٍّ عيني. يقول إلياس فعلًا عندما مررتُ بذلك العُشْبِ، انتصب فقلت له إنزلْ يا كلب! فعاد نائمًا وكأنه فهم ما قلت! ومرَّ إلياس الى مدينة پنما بسلام.
"انزل يا كلب" عبارةٌ احْسسْتُ حينما قرأتُها اني أُراقبُ إلقسَّ وأسمعه، فأضحك مستغْرقًا، انه العراقيُّ ثم الموصليُّ الأبُ فماذا اتوقَّع!
رحَّب أسقُف پنما الجديدة التي بنيت بدلًا من پنما القديمة، بعد أن أُحرقتْ من قبل احد القراصنة الانكليز، السيد انطونيو دي ليون بيسِرّا (Antonio de León y Becerra) بإلياس، ومكث عنده شهرًا، وأصبح صديقه المفضَّل والمقرًّب.
بينما كان الأسقُف منشغلًا ببناء پنما الجديدة، ركب إلياس سفينةً متجهةً الى پيرو (Peru) ، مبحِرًا في المحيط الهادي... توقفت السفينة عند جزيرة گورگونا (Gorgona) حيث انقطعت بهم السبل، وبعد شهر في البحر، وصل إلياس ورفاقه الى ميناء سانتا ايلينا (Santa Elena). وحين سئم إلياس ورفاقُه ركوبَ البحر، قرَّروا مواصلة الرحلة سيرًا على الاقدام.
يقول إلياس في سانتا ايلينا، اخبرهم أحد الهنود انه على مقربةٍ منهم، يوجد كهفٌ كبير، دفن فيه كثير من العمالقة، وانهم اي الهنود عندما رأوا السفن الاسبانية لأول مرة، ظنوا انها اسماك كبيرة، وان اشرعة السفن هي زعانف لتلك الاسماك، لانهم لم يَرَوْا سابقًا أيًّةَ سفينة، بل حينما رأوْا الخيول، ظنّوا أنَّها وراكبيها كائنٌ واحدٌ، وليسا حيوانًا وانسانا.
يواصل إلياس في تقريره، أنَّه حينما سمع ما اخبر به ذلك الهندي عن العمالقة المدفونين في الكهف، تولَّدت لديه رغبةٌ شديدةٌ لرؤيتهم بنفسه.
اخذتُ اثني عشر هنديًّا مدجَّجين بالسلاح، وبدأنا نبحث عن ذلك الكهف، يقول إلياس. بعد وقت دخلنا الكهف وكان كلٌّ منا يحمل شمعةً تضيءُ له الطريق في الكهف لِئلّا نَضِل.
خطوْنا ببطء، وكنا نترك رجلًا يحمل مصباحًا، كلما تقدمنا عشر خطوات، لكي لا نَضِلَّ طريقَ عودتِنا وخروجنا من ذلك الكهف. يقول تقدمْتُ المجموعةَ بنفسي وانا احمل سيفًا دون غِمْدٍ، فوجدْتُ مكانًا فيه جماجمُ وعظامٌ كثيرةٌ وضخمة. حاولت ان اقلع ضِرسًا من احدها، فكان الضِّرسُ كبيرًا يزن نصف كيلو، واحْتفظتُ به لنفسي. تفحصت عظام الفخذ وقسته فكان خمسة أشبار او حوالي 45 انجا.
والآن الى لقاءٍ قادمٍ في الحلقة الرابعة التي تبتدئ بالخروج من الكهف.
 
                 
						

 
	        	 
	        	 
	        	 
	        	 
	        	 
	        	 
	        	 
	        	 
	        	 
	        	 
	        	 
	        	 
	        	 
	        	 
	        	 
	        	 
	        	 
	        	 
	        	 
	        	 
	        	 
	        	
 
 