اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

الحقيقة الغائبة: نظراتٌ في أسرارِ أسمهان، وسحرِ فنِّها (ح3)// سيمون عيلوطي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

سيمون عيلوطي

 

عرض صفحة الكاتب 

إطلالة جديدة على عجائب عالم أسمهان:

الحقيقة الغائبة: نظراتٌ في أسرارِ أسمهان، وسحرِ فنِّها (ح3)

 (الحلقة الثالثة)

سيمون عيلوطي

 

بعد التَّقديم الذي جاء في الحلقتين السابقتين لتوضيح الملامح العامَّة في سيرة أسمهان ومسيرتها الفنيَّة، خاصَّة ما يتعلَّق حول اتِّهامها بالتَّجسُّس لصالح المخابرات البريطانيَّة، وما رُوِّجَ عن علاقتها برئيس الدِّيوان الملكي، أحمد حسنين باشا، وبعد أن ثبت أنَّ تلك الإشاعات كانت مجرَّد افتراءات الهدف منها الإساءة للمطربة الأميرة، لا سيَّما أن عدم وجود أدلَّه قاطعة حول ذلك، يجعلني أأكِّد شرعيَّة استنتاجاتي ببراءتها.   

 

بعيدًا عن الإشاعات الكثيرة التي تعرَّضت لها أسمهان عبر حياتها القصيرة، أشير إلى دراسته قيّمة أجراها المُحلّل الموسيقي الدُّكتور سعد الدّين آغا القلعة، ووضعها في "كتاب مسموع" تمحور حول حياة وفنِّ أسمهان، وذلك من خلال أغنياتها التي عكست جوانب متعدّدة من سيرتها الذاتيّة، يقول: "صوت أسمهان فيه (غَنَّة)، (بالعاميَّة رنَّة: س) والغَنَّة كما يُعرّفها هي أن "الصوت البشريّ الكامل، يخرج من الحنجرة، ولكن هناك صوت إضافي يخرج من الأنف...وعندما يتم اللقاء بين الصوتين تحدُث هذه الغَنَّة التي نجدها في القفلة عند بعض المطربين، غير أنها عند أسمهان تتردَّد في معظم مخارج حروفها"، لذا، وجندنا على الساحة الفنيَّة من يقول: إنّ أسمهان لو كُتب لها أن تعيش أكثر لتربّعت على عرش الغناء العربيّ بلا منازع، ويكون لها الحظ الوافر في منافسة أم كلثوم. هذا الادعاء يبدو في ظاهره منطقيًا لو أن الصوت وحده يرجح في المنافسة، غير أن هناك العديد من الأمور الخاصَّة بهذا الشّأن، يجب أن يلتزم بها من يريد المنافسة، وهي تكريس الفنّان كل حياته لفنّه، وجعله همَّه الوحيد، بل هاجسه الذي لا يفارقه لحظة، يلازمه في نومه، وفي صحوه، وأن يُكوِّن لنفسه شخصيَّة فنيَّة ذات هيبة وتأثير على الفنّانين خاصَّة، والمجتمع من حوله عامّة. وقد رأينا بوضوح أن هذه الأمور مجتمعة حقّقتها أم كلثوم لنفسها بكل وقار واعتزاز، في حين أنَّ أسمهان بعثرت مواهبها على أمور لا تمت بصلة للفنّ والغناء، مثلا: زواجها ثلاث مرَّات، انشغالها في السّياسة، الإكثار من المجاملات الاجتماعية واللهو، إلى جانب أنّ طابع شخصيّتها يتَّصِف بالمزاجيَّة، والارتجاليَّة، وكم حالف الكاتب مصطفى أمين الصَّواب حين قال: "أسمهان شخصيَّة غريبة، متناقضة لا تفهمها، تراها تُصلِّي في المسجد، ثمَّ تذهب لتضيء شمعة في الكنيسة، ثم تبحث عن سهرة تتعاطى فيها شرب الكؤوس والسجائر. كل ذلك يعزّز يقيني أنها ما دامت على هذا المزاج، وعلى هذه الشخصيّة، فإنها لن تصمد في المنافسة مع أم كلثوم، رغم أنها تجاريها في فنِّ الغناء، مع اعتذاري لعشاق أم كلثوم، إذا قلت: إنّ صوت أسمهان أجمل. يقول الفنان فيكتور سحاب، نقلًا عن موقع: "منتديات الموسيقار فريد الأطرش وشقيقته أسمهان"، يقول: "إن صوت أسمهان من حيث مساحته الصوتيَّة يضم من التصنيفات الأوروبية للصوت النسائي فئتي السوبرانو ...ﻭﺍﻟﻤﺘﺴﺍﻧ، وهو يمتد على أكثر من ديوانين، إذا احتسبنا صوت الرأس الذي تُجيده بإبداع، ولذا فهو صوت كبير."  ويضيف: "إن أسمهان كانت تستخدم صوت الرأس الأوبرالي المرتفع في منتهى الحنان والدفء الإنساني والدِّقة والذَّوق السَّليم، والتَّعبير الفنّي وبلا أي نبرة صراح." ويُصرِّح في نفس المصدر: "إن خامة صوت أسمهان إي نبرته هي لا شك من أجمل الأصوات المعروفة شرقًا وعربًا، وفيه من الأنوثة والدفء الإنساني ما يجعله متفوقًا بالمعايير العالميَّة." ثم يقول: " غنَّت أسمهان غناء سمته أنه عصري، لكنه مُؤسَّس على أصول الغناء التَّقليدي الأصيل."    

 

كان صوت أسمهان في بداية مشوارها واثقًا، معتزًا، تمامًا مثل صوت أم كلثوم الواثق، المعتز الذي رافقها منذ بدايتها وحتى آخر أغنية صدحت بها، قبل رحليها في العام 1975 وهي أغنية: "حكم علينا الهوى"، كلمات: عبد الوهاب محمد، ألحان: بليغ حمدي. 

  

غير أنَّ روعة الوثوق والاعتزاز بصوت أسمهان تلاشت ليحل مكانها ذلك الحزن والشَّجن الذي أخذ يتردد في شدوها بشكل بارز خاصة في أغانيها الأخيرة، مثلًا، أغنية: "إمتى حتعرف" وهي من البوم أغاني فيلم "غرام وانتقام" سنة 1944.

رابط الاغنية هو:

 https://www.youtube.com/watch?v=P_7kycoYh1M

 

تَتابَع تَردُّد الحزن والشَّجن في شدوها، ولكي نقف على أسباب حزنها وشجنها، علينا أن نعود أوَّلًا إلى حكاية ولادتها: حول ذلك كتبت الصَّحافية منال الجيوشي في "مصراوي" مقالة بعنوان: "ولدت في البحر وماتت بسبب حادث غامض .. محطات في مشوار أسمهان"، جاء فيها: "في 25 نوفمبر 1912، ولدت آمال فهد إسماعيل الأطرش-اسمها الحقيقي-على متن باخرة، متجهة من تركيا لبيروت"، (هناك التباس في تاريخ ميلادها، حيث جاء في مصدر آخر أنها ولدت في 1917)، "س"، وفي 1924 رحل الأب، وبعد اندلاع الحرب في جبل الدُّروز، قررت الأم "علياء المنذر"، الهروب بأبنائها الثلاثة (تقصد: فؤاد وفريد وآمال) "س"، لمكان آمن، فقرَّرت أن تأتي لمصر." وتتابع: " أسمهان ولدت أميرة، فهي ابنة أمير الدُّروز قبل نشوب الحرب، فعاشت طيلة حياتها تتصرَّف كأميرة، رغم الظُّروف القاسية التي مرَّت بها الأم، حتى أن الأخيرة قرَّرت العمل للإنفاق على أسرتها، فعملت في الأديرة وعملت كمطربة في الأفراح الشعبيَّة. 

  

أما كيف أصبح اسمها أسمهان تقول الكاتبة: "سمعها الموسيقار الكبير داوود حسني، فأعجب بصوتها، وقال الموسيقار حلمي بكر، إن داوود قرَّر تغيير اسمها، فأطلق عليها اسم مطربة لم تشتهر كانت قد ماتت في ريعان شبابها، وكانت تُدعى "أسمهان"، فوافقت "آمال" أن يتغيَّر اسمها بعدما أعجبها الاسم". (انتهى الاقتباس).

 وفقًا لبعض المصار: فقد ألحقتها والدتها في مصر لتتعلّم في مدرسة الراهبات في القاهرة، وكانت هذه المدرسة آنذاك تُشدَّد على تعليم الموسيقى على أصولها، من حيث قراءة النوتة الموسيقيّة، وكل ما يتعلّق في هذا الشّأن، وكذلك تدريب صوتها بما يُعرف ب (سول فيج) Sol Fig، وقد صرَّح معلم الموسيقى، الأستاذ جورج لوالدتها أن ابتنها آمال، (أسمهان فيما بعد) موهوبة، تستوعب في علم الموسيقى خلال أسبوع، ما لا يستوعبه غيرها في سنة. لذلك عندما غنَّت في حفل أقيم في مدرستها، أجادت، وتألّقت، وسحرت الحضور. كما كانت متألقة وموهوبة أيضًا في حفظ اللغات التي تتعلّمها، حيث خرجت من المدرسة وهي تُتقن الفرنسيَّة والإنجليزيَّة إتقانًا كاملًا.

 

في تلك الفترة وبالتَّحديد في العام 1932، لحَّن لها صديق العائلة الموسيقار فريد غصن، لبناني الأصل، يُقيم في القاهرة أغنية، عنوانها: "إزاي فؤادي يسلاك"، كما لحّن لها أيضًا أغنية: "اسمع يا بلبل"، وهو ملحّن الأغنية الشهيرة "آمنت بالله/ نور جمالك آية من الله" التي تغنّيها المطربة لوردكاش. ثم غنَّت مجموعة من الأغنيات حقَّقت فيها نجاحًا لامس قلوب الجمهور، ووضعها على قمّة الغناء.

 

في ذروة مجدها وتألقها انقطعت تمامًا عن الغناء، وذلك بسبب زواجها من ابن عمها الأمير حسن الأطرش، وانتقالها للعيش معه أميرة في جبل العرب في سوريا.

عن ذلك تحدّثنا الصحافيّة منال الجيوشي في نفس المصدر المذكر سابقًا، تقول تحت عنوان: "زواج واعتزال مؤقت" ما يلي:     

"في 1938، تزوجت أسمهان من ابن عمها الأمير حسن الأطرش، بعدما قدَّمت وقتها عددًا من الأغاني، واستقرَّت للعيش معه في جبل الدُّروز، وأنجبت منه ابنتها "كاميليا"، وبعد نشوب الخلافات بينهما، انفصلت عنه وعادت لمصر وقرَّرت المضي في مشوارها الفني".

من اغنياتها في تلك الفترة اخترنا أغنية "أهوى" وهي على الرابط التالي:

https://www.youtube.com/watch?v=oqh60M05Vmo

 

(يتبع)

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.