اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مبدعون وابطال الحرية

الشهيد الشيوعي الباسل النصير الطبيب غسّان عاكف حمودي// أمير أمين

 

 

الموقع الفرعي للكاتب

الشهيد الشيوعي الباسل النصير الطبيب غسّان عاكف حمودي

أمير أمين

 

لا أدعي أنه صديقي لأنه وببساطة شديدة كان صديق الجميع , فكل الأنصار في قاعدة بهدينان التي هو طبيبها الأول , تحبه وتحترمه ويبادلهم نفس المشاعر ويعيش بين رفاقه الأنصار بألفة وحميمية يحس بآلامهم وأوجاعهم ويسهر على وضعهم الصحي من خلال خبرته ونبل مشاعره الى أن يتم شفائهم مما يعانون ..إنه الدكتور عادل ذلك الانسان النبيل الطيب المهذب الصادق في عمله ومشاعره والذي حالما يلمس يدي حينما أمرض , فأشعر بالشفاء ..إنه طاقة من الحيوية والشباب . كانت له إبتسامة خجولة ينشرها بعفوية فتنعكس إيجابياً على صحة المريض فيتماثل للشفاء ..!.كان نقياً كالثلج , صافي كالبلور ..محاور مقنع لا يلف ولا يدور في حديثه تجد الصدق والوضوح..يبتسم بهدوء وخجل فتلتمع عيناه ببريق آخّاذ ..كان أحب شيئين الى قلبه ما عدا طبعاً حبه لعائلته الكريمة , هما حبه لمهنته كطبيب وولعه بها ومحبته لرفاقه ولحزبه , والشيئان متلازمان ومتلاحمان في شغاف قلبه الكبير بحيث لا يمكنه التفريط بأي منهما , فعمله اليومي كطبيب للقاعدة يترافق ويتفاعل وينصهر بعمله الحزبي اليومي وهو يعيش بفرح غامر وحماس بين رفاقه الأنصار والذين هم من مختلف الأديان والقوميات والمذاهب ..يحبه سكان القرى الكردية ويفتحون أذرعهم لإستقباله ..كان يحمل معه كيس الأدوية الموضوعة في عليجته الانصارية ويقوم بمعالجة المرضى ومنحهم الادوية المجانية مما يتيسر لديه منها بعد أن يسهر على علاجهم وتخليصهم من معاناتهم التي غالباً ما تكون مزمنة فعرفوه عن قرب وعرفوا إسمه وشخصيته المحببة لديهم كما لدى رفاقه الأنصار, الشهيد الدكتور عادل كان لا يضمر كراهية لأحد أبداً.. مشغولاً .. مهموماً بجمع الأدوية وتصنيفها لتحديد نسبة تأثيرها ومدى فاعليتها على صحة المريض وكان تشخيصه للأمراض ومعالجتها دقيق جداً فهو ناجح في عمله الطبي بالإضافة الى عمله السياسي والعسكري أيضاً ..حينما وصلت الى قاعدة بهدينان مع مجموعة من الرفاق ليلة الثاني من كانون الأول عام 1979 ..كان الشهيد الدكتور عادل من ضمن الأنصار الذين رحبوا بنّا وسلّم علينا هامساً ..رفاق جايبين وياكم أدوية ..! فعرفنا أنه طبيب القاعدة فسلمناه بعضاً مما كان معنا وهو قليل ولكنه أفاده في الأيام اللاحقة والتي كان يجمع منها المزيد من القادمين الجدد في كل مرة , فكان يستخدمها لمعالجة رفاقه وأذكر هنا أن له الفضل في شفاء الشهيد أبو مكسيم وهو أحد الكوادر الحزبية والعسكرية ومن الأكراد الايزيدية , في إحدى المرات حينما هاج عليه فتق الريح الذي كان يعاني منه فتم إستدعاء الشهيد الدكتور عادل من مقر الفصيل الى السرية الثانية وقام بالسهر على صحته حتى أنه إضطر لأن ينام قربه حتى الصباح وكان ساهراً وممسكاً بيده على موضع الألم وأعاد الفتق الى مكانه عند الصباح ونجى الرفيق من موت محقق تلك اللية , لكنه ما لبث أن إستشهد للأسف على يد قوات الاتحاد الوطني الكردستاني في بشتاشان الأولى في أيار عام 1983 وكان بمفرزة الانسحاب مع القيادي كريم أحمد وآخرين ..! وحول عمله السياسي فقد لاحظته منهمكاً بسماع الاخبار من بعض الإذاعات التي كان يستمع اليها ويضع رؤوس الأقلام لما يسمعه او بعض الملاحظات ثم يقوم بترتيب ذلك ضمن نشرة إخبارية يقوم بقراءتها عند الصباح على مسامع الأنصار الذين يقومون بتناول الاحداث المهمة بالنقاش والتحليل. كان هذا في الليلة الأولى التي وصلت فيها الى القاعدة وبتنا معهم في فصيل المقر وصارت تقليد متواصل بإستمرار ..ومن الأشياء التي صار رفاقه يعرفونها عنه هو دخوله لماء نهر الخابور والسباحة في عز الشتاء ففي إحدى المرات أراد أن يتنشط فخلع ملابسه وغطس في الماء أمام دهشة وإستغراب الأنصار حيث كانت البرودة لا تصدق ونحن في فصل الشتاء ..ثم قام بتجفيف نفسه وعاد لإرتداء ملابسه وهو يبتسم ..وعرفنا أنه يعتبر ذلك شيء حسن وجيد للصحة بشكل عام ..كان الشهيد الدكتور عادل يصف بعض المأكولات للمرضى ويوصي بها للإداري مثلاً الكمبوت أي الفواكه المحفوضة بعلب زجاجية مثل المشمش والأجاص مع عصيرها الحلو وبعض المقويات وحينما لا تتواجد لديه الادوية فأنه يلتجأ لبعض المواد الغذائية لمعالجة المرض .أتذكر أنه عالجنا مرة من الاسهال بالعسل التركي الحلو المذاق والذي كان يأتينا للقاعدة فلم أقتنع حينها وقلت له بالعكس هذا حلو ونحن مصابون بالاسهال فكيف سنشفى.. ّنظر اليّ وإبتسم كعادته قائلاً ..خذ منه قليلاً مع الخبز وستتحسن صحتك وفعلاً كان توصيفه للدواء قد جاء بمحله , وكان يطلب أحياناً من الذين يعرفون صيد الأسماك أن يعطوه بعضاً منها للمرضى كفيتامين مقوي لهم وفي بعض الأحيان يذهب هو بنفسه لكي يصطاد منها لمرضاه ..! في إحدى المرات طلب مني أن أصطحبه الى مكان قريب من مقر القاعدة لإصطياد السمك وكانت بيده قنبلة صوتية سلمني إياها ..ذهبت معه ولما وصلنا للمكان قام بخلع ملابسه قائلاً لي ..إرميها هنا أي داخل الماء وحدد المكان لكني ترددت وبخجل قلت له .. أرميها أنت ..! فلم يقل شيء وتناولها من يدي وبلحظة فك منها زر الأمان وألقى بها في منتصف النهر قائلاً لي ..إبتعد شوية للخلف .. وما هي إلاّ بضع دقائق حتى نزل للماء لالتقاط الأسماك مشيراً لي بالبقاء وهو سوف يرمي لي كل سمكة يعثر عليها وكان يضع واحدة تحت إبطه والأخرى في لباسه الداخلي والأخريات يرميهن بعيداً خلفي فأقوم بالبحث عنهن وقد جمعنا أكثر من عشرة سمكات عدنا بهن الى القاعدة وفي الطريق كان يضحك ويشرح لي كيفية رفع صمّام الأمان من القنبلة وكيفية رميها والابتعاد قليلاً للوراء فأخبرته ..للأسف أنا دخلت دورات عسكرية بالإضافة الى خدمتي في الجيش لسنة ونصف لكني لم أتعلم رمي القنابل فكان يوضح لي الأمر على أنه أسهل من سحب أقسام البندقية .! كان آخر لقاء لي بالشهيد عادل هو في تموز عام 1983 في سوران حينما جاء مع رفاقه من بهدينان لتعزيز القوات الانصارية المتواجدة هناك والاشتراك إن تطلب الامر في المعارك المفروضة على الشيوعيين فيما سميت ببشتاشان الثانية والتي إستشهد فيها الدكتورعادل في أيلول من نفس العام وكان حينها عضو مكتب الفوج الثالث فإختلطت دماءه بدماء رفيقيه الآخرين أعضاء مكتب الفوج الشهيد جبار شهد ملازم حسان والشهيد أبو ليلى نزار ناجي... كنت التقي به وبجميع الرفاق الذين معه وقد زرت حينها إيران لبضة أيام ومتابعة الكسور في كف يدي اليمنى فعرضت عليه صورها وكان يتفحصها بدقة وعناية وشخّص الكسور فيها وأراني ان كسراً قد التحم بالخطأ والآخر بقي لم يلتحم وحينما شاهدها الدكتور الشهيد أبو ظفر في اليوم الثاني أكد صحة تشخيص الدكتور عادل وقال نفس الشيء .. الدكتور الشهيد عادل هو إبن المربي السيد عاكف حمودي حبيب العاني وهو من عائلة شيوعية معروفة قدمت للشعب العراقي شهيداً آخر هو أخيه الأصغر جمال أبو فيروز ذلك الشاب الرومانسي الجميل الذي تعرفت عليه في لبنان صيف عام 1979 والذي دخل دورة عسكرية في خلدة قرب أحد أديرة بيروت وتدرب على المدفعية والهاون ومنها 1200 وغيرها وكان من أوائل الذين التحقوا بقوات الأنصار في أواخر عام 1979 وفي كردستان كان يشغل معاون آمر سرية راوندوز وإستشهد أثناء قيادته عملية كانت من أقوى العمليات البطولية التي لم يسبقها اليهم أحد في محاولة إحتلال وتدمير ربيئة السن الصخري الواقعة في قمة جبل كورك ..! ضمن قضاء راوندوز , حيث إستشهد هو ورفيقه شه مال إسطة واللذان كانا في مهمة الاقتحام في ليلة 12 /13 كانون الأول عام 1982. وفي كردستان أيضاً التقيت به وسلمنا على بعض وأشير أخيراً الى أن الشهيد الدكتور غسّان عاكف هو من مواليد محافظة الرمادي عام 1954 ودرس الطب في جامعة بغداد وتخرج منها عام 1978 وكان من أوائل الأنصار الذين لبّوا نداء حزبهم الشيوعي والتحقوا بفصائل الأنصار حيث انه التحق بقاعدة بهدينان أواخر الشهر العاشر عام 1979 بالوقت الذي كانت فيه القاعدة قيد الانشاء .. وظل يمارس عمله العسكري والسياسي والصحي طيلة الفترة لحين إستشهاده على يد زمرة جاهلة تخوض الكفاح المسلح بالإسم وتتعامل مع النظام الديكتاتوري بشكل واضح وصريح ضد الشيوعيين وبقية الفصائل المسلحة وكانت تضع العراقيل لعملنا الانصاري وهؤلاء يطلقون على أنفسهم إسم الاتحاد الوطني الكردستاني ..!.وأود الاشارة الى أن للشهيد الطبيب عادل أخوين هما الدكتور أبو يسار حسان عاكف والنصير أبو خيام مروان عاكف كانا أيضاً يعملان في فصائل الأنصار , المجد للشهيد الطبيب الرائع غسّان عاكف والمجد لأخيه الشهيد الشاب جمال أبو فيروز والمجد لذكرى جميع الشهداء الميامين...

ملاحظة ..قبل حوالي ثلاثة شهور التقيت بإحدى النصيرات في القشلة ببغداد وحينما جئنا على ذكر الشهداء ومنهم الشهيد الدكتور عادل ذكرت لي النصيرة ..انه قبل التحاق الشهيد عادل مع رفاقه في بهدينان لتعزيز قواتنا في سوران بيومين طلبت منه النصيرة ليلى أن تقرأ له الكف وحينما شاهدت كفّه إندهشت قائلة ..هاي شنو أنت شگد عمرك قصير ..!! ضحك وقال لها ..شنو يعني ما أروح للقتال..! فقالت له ..بكيفك ..لكنه ذهب لمداوات رفاقه المرضى والجرحى فإستشهد مع عدد من رفاقه ..ولا أعلم هل كان مؤمناً بما قرأ له في كفه..! لكن النصيرة التي روت لي القصة أكدت على أن النصيرة ليلى حينما علمت بخبر إستشهاده قررت عدم قراءة الكف مرة أخرى لأي أحد ..

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.