اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

لماذا غيرت حكومة السوداني موقفها من التصويت لصالح إسرائيل؟// صائب خليل

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

صائب خليل

 

عرض صفحة الكاتب 

لماذا غيرت حكومة السوداني موقفها من التصويت لصالح إسرائيل؟

صائب خليل

 

رغم ان كل تصرفات السوداني وحكومته (من علاقات دولية وتصويتات سابقة في الامم المتحدة ومؤتمرات حضرها واسلوبه الرخيص في عرض نفسه للكامرات) لا تترك شكا بأنه احد اشد عملاء الامريكان (وربما الاسرائيليين) طاعة، إلا أن هناك شيئا اثار استغرابي في تصويته مع العميل الآخر في تونس قيس سعيّد، بحياد يرفض الدعوة لوقف الذبح على غزة، رغم ان مخضرمي العملاء العرب قد صوت مع القرار.

 

الشيء الذي أثار انتباهي هو أن صوت حكومة السوداني لم يكن له أي تأثير في القرار، فزخم المصوتين لوقف المذبحة اكبر بكثير. وفي العادة، تحرص اميركا على عدم تعريض عملائها للفضائح حين لا تكون تلك الفضائح ضرورية لتحقيق نتيجة معينة. فلماذا عرضت عميليها لهذا الاحراج امام شعبيهما، رغم أن كل منهما يجهد نفسه بإصدار خطابات ضوضاء عالية ليوهم شعبه بأنه يقف بموقف معاكس بشدة لإسرائيل؟

 

الشيء الغريب الآخر هو طلب ممثل حكومة العراق تغيير التصويت بحجة خطأ تقني، وهي حالة نادرة، وتناقض ذلك مع تبريرات الحكومة لخيارها.

لكني اقول دائما، أنه عندما يكون هناك أمران غريبان، فعلى الأكثر سيساعدك أحدهما على تفسير الثاني وبالعكس، وتنتفي الغرابة فيهما. وهنا يبدو الامر كذلك.

 

التفسير الذي قدمته الجهات الرسمية العراقية لتفسير التصويت الغريب ينقسم الى قسمين: القسم الأول ادعى أنه "خطأ تقني" حدث اثناء التصويت، وطلب تصحيحه، وهو موقف ممثل العراق في الامم المتحدة وآخرين.

والقسم الثاني ادعى أن الرفض متعمد ولم يكن خطأ، وقدم سبب الرفض بحجتين: الأولى هي وجود نص يؤكد على حل الدولتين، وان حكومة العراق لشدة وطنيتها، تطلب "سقفا أعلى" وترفض هذا الحل، ولذلك تم الرفض.

الحجة الاخرى اعتمدها عدد من مجندي السوداني ومنهم مستشار له نقلت عبارته في منشور، يقول بأن القانون العراقي لا يعترف بكلمة "إسرائيل" وبالتالي فممنوع قانونا ان نقبل بقرار يأتي في نصه تلك الكلمة!

 

غني عن القول ان الحجتين سخيفتان، فيمكنك ان تؤيد وقف اطلاق النار وتسجل تحفظا على حل الدولتين. أما رفض اي قرار فيه كلمة "إسرائيل" فسوف يضعك في الحالة المضحكة ان ترفض اي قرار يدين "إسرائيل" او يدعوها للانسحاب من اراض احتلتها الخ!

كذلك فإن الادعاء بوجود خطأ تقني لا يصدق، لأن التصويت لا يغلق إلا بعد ان يتأكد رئيس الجلسة من الاعضاء بأن اصواتهم قد سجلت بشكل صحيح.

بعض عث الاعلام حاول تبرير هذا التناقض في التبريرات بين روايتي ادعاء "الخطأ" ومحاولة تعديله من جهة، و "ضرورة الرفض لنص القرار لتناقضه مع القانون العراقي" من الجهة الاخرى، فجاء بـ "الترهيم" التالي: أن الرفض لم يكن خطأ، بل عن قصد، ولأسباب (الدولتين واسم إسرائيل)، لكن التراجع عنه تم "بعد دراسة معمقة" للوضع وضرورة اخراج غزة من القصف.

وهذه كذبة اخرى تكشفها حقيقة ان التعديل قد طلب بعد التصويت واثناء اجتماع الوفود، ولم يكن هناك فرصة لـ "دراسة معمقة". وان الدراسة كان يجب ان تكون قبل التصويت، حيث يحصل الجميع على فرصة لدراسة القرار من قبل حكوماتهم ومستشاريها.

.

ما هو التفسير المعقول إذاً؟

السيناريو الأقرب للتصديق في تصوري هو كالتالي:

أن اميركا وإسرائيل كانتا تأملان بإمكانية منع اصدار القرار ضد إسرائيل، فامرتا عملائهما من العرب بالتصويت بالامتناع، لكن عندما بدأت الاصوات تظهر، واكتشفوا أن اصوات عملاءهم لن تغير شيئا، سارعوا بالاتصال بهم لتغيير التصويت الى الموافقة تجنبا لإحراجات مجانية امام شعوبهم، لكن لسبب ما تأخر وصول التعليمات الجديدة لممثلي تونس والعراق، فابقيا التصويت كما أمرتهم السفارة، وتورطا بالفضيحة وحدهما. (محتمل أيضا ان بعض العملاء تهرب من هذا التصويت حين وجده غير مفيد، ولم يبق سوى الاشد طاعة). وحين وصلتهم التعليمات حاول مندوب العراق متأخرا ان يعدل التصويت..

 

كيف نفسر ادعاء طبالي السوداني ان السبب هو نصوص حل الدولتين واسم إسرائيل ولم يلجأوا إلى تفسير الخطأ التقني لكي يتجنبوا مناقضة مندوب العراق؟

التفسير ان هؤلاء قد استلموا التعليمات بتبرير التصويت بالامتناع وجهزوها للنشر قبل بدء التصويت، واطلقوها حسب الاتفاق بعد اعلان التصويت قبل ان يعرفوا ما جرى في قاعة الجمعية العمومية وطلب العراق التغيير.

 

ماذا عن تونس؟

مثلما تبنى طبالو السوداني حجة ان الحكومة كانت تريد بيانا أشد ضد إسرائيل (رفض الدولتين ورفض اسم إسرائيل)، فإن المندوب التونسي لدى الامم المتحدة أشار الى نفس الحجة، مؤكدا أن "الوضع الخطير وغير المسبوق في قطاع غزة نتيجة استمرار العدوان الإسرائيلي المتواصل على الشعب الفلسطيني وإجراءات الإغلاق ومنع كل وسائل الحياة عن ملايين الفلسطينيين يستوجب سقفا أعلى وموقفا أكثر وضوحا".

ونلاحظ أن الموقف للحكومتين واحد، مع تغيير في كلمات التعبير فقط، وأن مندوب تونس لم يدّع وجود خطأ تقني ولم يطلب تصحيحا، ومضى بالخطة الاصلية.

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.