اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• صلاح عمر العلي والذاكرة المعطلة

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

محمد علي محيي الدين

             صلاح عمر العلي والذاكرة المعطلة

 

  في لقاء مع فضائية السومرية ،برنامج علنا الذي تقدمه الرائعة داليا شكري العقيدي ،تناول البرنامج موضوعة التعذيب الذي تمارسه السلطة العراقية للمعتقلين،وكان من المشاركين السياسي العراقي صلاح عمر العلي وفي إجابة على سوآل مقدمة البرنامج عن التعذيب والاغتصاب  الذي مورس مع المعتقلين في السجون العراقية قال"انه لم يجري في عهود العراق المختلفة اعتداء على شرف المعتقلين،وان ما يجري الآن ممارسة غريبة على العراقيين،وانه لم يسمع طيلة حياته بوجود مثل هذه الممارسات وإنها نتاج الحكم الحالي ومن مبتكراته.

 

  ولأني ضد أي نوع من أنواع التعذيب وضد الممارسات القمعية للحكومة العراقية وما يجري في السجون العراقية من أمور يندى لها الجبين ولا تتماشى مع حقوق الحيوان ناهيك عن الإنسان ،إلا أن السيد العلي لم يكن على صواب في الكثير من أطروحاته فالقمع الجاري الآن في العراق موروث من عهود سابقة ،ولا يختلف عنها بأي شكل من الأشكال والفرق في ذلك أن من يجري تعذيبهم لهم من يطالب بحقوقهم أو يستنكر معاناتهم لا لأنه ضد التعذيب والاغتصاب ،بل انه سبق أن مارسه وأيده وصفق له إلا أن الدافع السياسي وراء هذا الشجب والاستنكار،وان المنددين به لا يختلفون من حيث الجوهر عن هؤلاء في كبت الحريات والتجاوز على حقوق الآخرين.

 

 لقد مورس التعذيب بحق الوطنيين في العهد الملكي ،وجرت تصفيات كثيرة في السجون العراقية  بأمر من أقطاب السلطة آنذاك،وعندما جاء النظام الجمهوري تطور التعذيب بتطور العصر ومارست حكومة الجمهورية أنواع مختلفة من التعذيب والقهر ،ولكن كان قاصمة الظهر ما جاء به أبناء العهر والرذيلة من غلاة البعثيين بعد انقلاب شباط الأسود عام 1963 فقد مارس هؤلاء ما لا يخطر ببال بشر من  أعمال بربرية فاقت العهود السابق وزادت على ما مارسه المغول والتتار وكان السيد صلاح عمر العلي من حواري وأذناب الانقلاب ومارس الى جانب  رفاقه البعثيين مختلف أنواع التعذيب بما فيها اغتصاب النساء في معتقلات الحرس القومي سيء الصيت وبين رجالات العملية السياسية الحالية من كان في قيادات الحرس القومي والممارسين لمثل هذه الأعمال الجبانة ،ومهما حاولوا الظهور بمظهر آخر فأن التاريخ والوثائق الدامغة تدينهم ولا تبري أحد منهم ولكن من مورس معهم التعذيب ليس لهم رب يحميهم أو يطالب بحقوقهم فظلوا طيلة تاريخهم بين المطرقة والسندان،ولعل السيد العلي لا ينكر ممارسات رفاقه المشينة تلك الأيام ولا يستطيع التبرؤ منها ليظهر إمام المشاهدين اليوم بمظهر الحمل الوديع وهو من هو في قيادة البعث التي أختلف معها لا لموقف مبدئي وإنما لأسباب نفعية لا ترقى به لمنزلة المناضلين المعارضين لأن سلطات البعث البائدة لم تعاقب أقربائه من الدرجة الأولى كما هو الحال مع المعارضين الآخرين مما يعني أن معارضته تسير في الإطار ألبعثي وتخدم مخططاته على المدى البعيد.

 

وبعد انقلاب عارف على البعثيين وحل الحرس القومي واستلامه للسلطة سار على نهجهم وأيد ممارساتهم ولم يدفع بهؤلاء المجرمين الى القضاء رغم معرفته بجرائمهم ونشره كتاب المنحرفون عن أعمالهم المنافية للأخلاق بل أنه سرعان ما أطلق سراحهم وأعادهم لممارسة حياتهم العادية ،واصدر عفو عن الزناة واللاطة منهم ،وبعضهم لا زالوا أحياء يشاركون بالعملية السياسية اليوم ابتداء بدكتور قصر النهاية وانتهاء بمغتصب العذاري ...العواوي،ولتطرفه ودكتاتوريته وأحقاده الموروثة أبقى ضحايا شباط ألأسود في السجون وزاد من التنكيل بهم والتعذيب لهم،وبعد احتراقه في المؤامرة المعروفة جيء بشقيقه الهادئ البارد ليكون (حديده عن الطنطل) في الوقت الذي يمارس رعاة القومية العربية مختلف أنواع القمع والتنكيل بالمعارضين ،ليكون عام 1968 بداية جديدة لحكم بعثي حاول أن يجمل وجهه على أمل تناسي ماضيه القميء ،بعفو عن السجناء ليخرج الآلاف من حصون الظلام ويتمتعوا بنعيم الحرية،ولكن (العلة البل بدن ما يغيره غير الكفن) سرعان ما عادت أجهزة النظام الجديد لممارسة مختلف أنواع القمع والتعذيب والاغتيال بحق المعارضين ،وجرى ما يعرفه الجميع من اتفاقات واختلافات عصفت بالبقية الباقية من المناضلين العراقيين ليعم الخراب العراق الكبير بتسلم صدام للسلطة ،الذي  التف حوله جمع من الرعاة والمنبوذين ليعبروا  عن شعورهم بالنقص والهوان بالنيل من جميع الشرفاء والمخلصين ليصبح العراق سجنا من شماله الى جنوبه ويحضا العراقيون بحكم لم يكن له شبيه في العالم عبر تاريخ البشرية ،وكانت المسالخ البشرية لا تخلوا منها مدينة ولم يسلم بيت عراقي من مصيبة أو ضرر.

 

 وبعد احتلال العراق وهروب جرذان البعث خال للبعض أنها ستكون بداية لعهد جديد خال من العنف والجبر والإكراه وأن الشعب العراقي سينعم بحرية كاملة ولكن حساب الحقل ليس كحساب البيدر فما أسرع ما تناهبت الأيدي القذرة مكتسبات العراقيين لتحول العراق الكبيرة الى بؤره للقتل والنهب والسرقة وجرت نهران الدم في العراق الجديد بفعل القوى  التي وجدت في الفراغ الحكومي مجالا للتعبير عن أحقادها ونزعاتها الشريرة ،فكان القتل بالجملة والعنف يلف البلاد من أقصاها الى أقصاها في ظاهرة غريبة لم يشهد لها العراق مثيلا عبر تاريخه فلم نكن نعرف المفخخات والعبوات اللاصقة أو الناسفة أو الاختطاف والتهجير أو أي ثقافة مستحدثة من ثقافات القتل والإبادة وما يجري يزيد على ممارسات صدام وجلاوزته لاقترانه بنزعات سلفية ودينية وافدة لم يشهد لها العراق مثيل وأصبح العراق ميدانا للصراع الدولي بين الغرب والقاعدة وفلول البعثيين والتكفيريين والسلفيين والأصوليين ،والضحية هو الشعب العراقي.

 

أن ما جرى من عمليات تعذيب واغتصاب لا تختلف من حيث الأدوات والدوافع والأهداف عن ممارسات النظام السابق بل أنها نتيجة  ممارسات البعث البائد وثقافته المبنية على القهر والاستبداد وأن من يمارسها حاليا في السجون هم من مخابرات البعث ورجاله الذين استعانت بهم الحكومات الجديدة في بسط سيطرتها وهيمنتها على البلاد وبالتالي فأن على السيد صلاح عمر العلي أن يلعن بعثه القميء على ما زرع من

 

 ثقافة عنفيه وأصول استبدادية ،فهؤلاء نتاج مدرسة البعث وفلسفته في الحكم،وما البعث إلا مدرسة للأجرام والاستبداد والانتهاكات.

 

   وقد يبرر البعض ممارسة التعذيب والاغتصاب للمعتقلين بأنه أرضاء لنزعات ثأرية أو انتقامية  أو نوازع نفسية وأنه نتيجة لممارسات النظام السابق وهذا التبرير مرفوض قطعا ولا يمكن أن يحدث في دولة القانون أو المؤسسات التي تتبنى حقوق الإنسان ،وتلتزم بالدستور والقوانين،لأن القوانين الوضعية كما هي السماوية ترفض هذا النوع من الممارسات العفنة ،مما يعني أنها تمثل عقليات انتقامية  صداميه بعثية فاشية،وإذا كنا ننعى على النظام ألصدامي ممارساته تلك فعلينا  نحن الساعون الى التغيير أيجاد البديل الأفضل وأن لا نركن الى هذه الممارسات  القمعية التي تتعارض وأبسط الحقوق والقوانين.وأن على وزارة العدل ومجلس القضاء الأعلى والادعاء العام العراقي العمل لمحاكمة القائمين بهذه الأعمال وتقديمهم للقضاء لينالوا جزائهم العادل جراء ما اقترفت أيديهم من جرائم ،وعلى الأحزاب الوطنية ممارسة الضغط على الحكومة لمراعاة حقوق الإنسان وتطبيق القانون والدستور لأنها الوحيدة التي ستتضرر من هذه الممارسات في المستقبل أذا تسنى لبعض القوى الحالمة بالانفراد بالسلطة ممارسة الحكم لأن ما يجري على ألآخرين سيجري عليهم،وعلى منظمات المجتمع المدني  القيام بواجبها في هذا المجال من خلال الاستنكار والفعاليات الهادفة لبناء الدولة الوطنية الديمقراطية.

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.