اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

مستقبل الدولة في العراق// صبحي ساله يي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

مستقبل الدولة في العراق

صبحي ساله يي

 

الحديث عن الدولة في العراق، معقد وطويل، يبدأ بتشكيلها على أسس مذهبية وقومية متناقضة ومتنافرة ضمن حدود جغرافية إنتهكت الحقوق الأساسية لأصحاب الأرض الحقيقيين ومصالحهم، وراعت مصالح المتسلطين الذين قاموا بتقسيم المنطقة فيما بينهم، ويمر بمشكلات ديموغرافية وتاريخية ومذهبية متعددة، وينتهي بشعارات رنانة مزيفة وأطروحات وأوهام وخرافات لا تساير الواقع ولا تحقق ولو جزءاً قليلا من طموحات وغايات الذين تم دمجهم في هذه الدولة تحت صيغ واهية.

  هذه الدولة أخفت منذ تأسيسها وفي كافة المراحل الزمنية طموحات المتعصبين القوميين تحت غطاء الوطنية، وتعاملت مع القضايا المشروعة المطروحة فيها بطرق ملتوية، ولبست عباءة التضليل والتحريف والخداع، وفشلت في إنجاز أبسط مهماتها، وغرقت في الفضائح في الكثير من مراحلها، لأنها إنتهجت سبل إستغلال  المشكلات من أجل خلق الأزمات والاستمرار في ادارتها، بشكل يتلاءم مع مصالح الحكام ويسهل لهم الهيمنة ونهب الخيرات، وسخرت الدين والوطنية وشعارات حسن النية والاخلاص في العمل والتفاني من أجل الجميع لتمرير أجنداتها التسلطية ومكائدها العدائية.

كل الذين تسلطوا على رقاب الدولة في العراق، منذ تشكيلها وحتى يومنا هذا،  استندوا إما على الايديولوجيا الفاشية القومية أو الطائفية والمذهبية البغيضة، وجميعهم غرقوا في الاستبداد والفساد وكانوا بعيدين عن الصفات والثقافات والمفاهيم الوطنية، وتعاملوا مع الكورد بروح إستعلائية وأنكروا عليهم حقوقهم وأذاقوهم الويلات واستكثروا عليهم كل شيء، ومارسوا الاستفزاز والتحريض والقطيعة والعداء ضدهم وجميعهم إستخدموا السلاح في مواجهتهم في لحظات قوتهم، ولجأوا إلى التفاوض وعقد الاتفاقات معهم بكل الطرق الممكنة وغير الممكنة في لحظات ضعفهم دون ان يغيروا نهجهم وسياساتهم.

في هذا البلد، ورغم شيوع مفاهيم التمدن والتقدم والوطنية والسيادة وجهود الذين ظهروا مع الموجات الفكرية والانسانية بين الأحزاب السياسية ومحاولاتهم من أجل تخطي النزعات القومية والمذهبية والعمل تحت خيمة ترسيخ إسم الدولة وهيبتها وهيمنتها، كالذي حدث بعد ثورة تموز 1958، وبعد إتفاقية آذار في 1970 بين الكورد والبعث، وبعد تحرير العراق من الدكتاتورية في العام 2003، إلا إن المحاولات باءت بالفشل، لأن المنطق في العراق كان يشير على الدوام الى طغيان العنصرية والاستبداد وخلق الاحقاد والتناحرات بأساليب خبيثة بين المكونات، والى فقدان الإنتماء الذي لايسلك سياقه الحقيقي في أوحال المعضلات، والى عدم وجود المساواة والإنصاف والعدالة، وشيوع الرغبة في احتكار السلطة، ونهب الخيرات وإستفحال التناقضات وكثرة اللحظات المشوبة بالقلق والهواجس والمعاناة.

كل تلك الأحداث ومعطياتها أدت الى إن يشعر الفرد في العراق، بأن حقوقه لا تراعی وکرامته لا تصان وأن القوانین السماوية، وحتى التي سنها المتسلطون أنفسهم، تنتهك، وأن هناك تمييزاً في المعاملة معهم، وبعد ما يقارب من مئة عام على محاولة تشكيل الدولة، يعيش هذا البلد في ظروف دقيقة وحساسة، والوضع السياسي فيه غير مستقر أكثر من أي وقت آخر، والفساد مستشر بشكل يفوق فساد أي بقعة بالعالم، ومئات المليارات قد سرقت من الخزينة، وغالبية الخدمات الاساسية غائبة، والبطالة مستشرية ورقعة الفقر في توسع دائم، والسلطات لا تستطيع ضمان حريات المواطنين، ويقف (العراق) على أعتاب احداث واحتمالات كثيرة، ومعطيات الواقع تؤكد إستحالة ضبط الاوضاع أو منع إنزلاقها نحو التردي والاسوأ،  لذلك يمكن القول إن مستقبل الدولة في العراق يتجه نحو حالة اللادولة.

 

   

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.