اخر الاخبار:
محافظ نينوى يزور مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:33
زيارة وفد هنغاري الى دار مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:32
طهران تتراجع عن تصريحات عبداللهيان - الإثنين, 15 نيسان/أبريل 2024 11:24
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• موت الذائقة الجمالية لدى الانسان العراقي

تقييم المستخدم:  / 1
سيئجيد 

عبد الرضا المادح

 مقالات اخرى للكاتب

موت الذائقة الجمالية لدى الانسان العراقي

 

         2011 . 10 . 09         

 

أن الذائقة الجمالية لدى الانسان ليست صفة وراثية ، تنتقل بالولادة من الابوين ، بل هي ميزة تنشأ وتنمو مع الطفل حسب الظرف المحيط بالانسان ، فالتجربة والدراسات والحقيقة تؤكد أن الانسان ابن بيئته ، فمن ينشأ في وسط يسوده العنف والاجرام ينحرف باتجاهه ، أما الانسان الذي يتربى في وسط يسوده الخير والحب والوئام يجنح اليه ، كذلك بالنسبة الى الجوانب الجمالية في الحياة .

في الدول المتحضرة ، تحرص الحكومات على تنشأة الاطفال على حب الطبيعة وتذوق جمالها والحفاظ على البيئة وكذلك حب الادب والفن والرياضة ، فيعمدون الى تنظيم السفرات لهم الى الحدائق الغنـّاء ، وزيارة المتاحف والمكتبات والمعارض الفنية وحضور الحفلات الموسيقية والعروض المسرحية والسينما ، وزجهم في دورات لتعليم الموسيقى والرسم وتقديم العروض المسرحية وتنظيم الحفلات المدرسية وكذلك الدورات الرياضية وغيرها ، وهذا ما يعمق لديهم الصداقة و روح الجماعة وحب المدرسة ، فينشأ الطفل بحس جمالي وذوق رفيع ، حيث تترك هذه النشاطات الانسانية الهادفة اثرها في نفس الطفل وتتطور بمرور الزمن مع الصقل المتواصل لها ، فتتوفر للطفل ارضية خصبة تجعل منه في المستقبل مواطنا ًصالحا ًمنتجا ً بالاضافة الى امكانية أن يصبح اديباً او فناناً يرفع من شأن شعبه ووطنه .

ولنقارن ماورد اعلاه بما يتوفر للانسان والطفل العراقي في الظرف الراهن ، فبعد فترة دمار عصيبة عاشها الشعب العراقي في ضل نظام دكتاتوري لم يوفر سوى الحروب والحصار و ثقافة حب القائد المنصور ؟  نجد أن العملية السياسية بعد التغيير تعاني من تعقيدات وازمة حكم مستفحلة ، تترك اثرها السلبي بوضوح على عملية الاعمار ، بل أن اغلب الساسة والاحزاب الطائفية مشغولة بالصراع على المناصب ، وغالبية المسؤولين منشغلون بتحقيق المنافع الشخصية ، والدلائل تشير الى فقدانهم الى المعرفة والتخصص العلمي في ادارة وبناء بلد حضاري ، ولا اخطيء اذا اشرت الى فقدانهم الى الذوق الجمالي ، وتحريم البعض منهم الفن والادب بشكل مباشر او عبر كاتم الصوت دليل على ذلك !

فالعراق لايزال يعاني من تخلف ودمار مريع في البنية التحتية الثقافية وخاصة في المدن الجنوبية ، حيث لامسارح ولاسينمات ولاحدائق ولانوادي ثقافية ولاقاعات عرض للفنون ولا متاحف ولامكتبات ولاساحات للرياضة ومايتوفر منها قليل ودون المستوى المطلوب !

وعلى مستوى المدارس فهي تعاني من التخلف والدوام المزدوج وقاعاتها مكتظة بالتلاميذ ، ودرس الرسم والرياضة الغي عمليا ً، ولايخطر على بال المدراء والكادر التدريسي أن ينظموا حفلة او سفرة او زيارة معرض ... ؟! وعندما يخرج الطفل من المدرسة ، تتلقفه الاتربة والازبال والمجاري والانهر العفنة ومناظرها البشعة ، وفي البيت يسمع كل يوم ويشاهد اخبار القتل والدمار وافلام الرعب ، فيسارع الى شراء ( لعبة ) بندقية ويشكل مع اقرانه عصابات تقتل بعضها ويعلوا صراخها في الازقة الكالحة !

كانت الحدائق على تخلفها وقلتها ملاذا ً للناس والعوائل واليوم حولت الى ( الاستثمار ) فأحيطت بالاسيجة الحديدية ودخولها يقتصر على من يمتلك المال ؟

مدننا تخلو من المسحة الجمالية ، فابنيتها عشوائية ويغلب عليها صفة المكعبات الكونكريتية الخالية من الفن المعماري ، شوارعها متربة وان بلـّطت تلاحظ انها تفتقر الى الجودة والاداء العلمي والذوقي المطلوب !

الساحات خالية من النصب والنافورات والازهار ضرب من الترف والاحلام !

اغلب الاطفال لم يشاهدوا وردة او فراشة ، او سمكة تسبح في النهر ، لم يسمعوا نقيق الضفادع او دوح الحمام حيث هجرت الكثير من الطيور مدننا او العراق برمته !

كل ذلك يترك اثره السلبي في نفوس الاطفال وعامة الناس ، ولذا تجدهم خشنو الطباع عصبيون يميلون الى حسم خلافاتهم بالصراخ والعراك !

أن العمل على تغيير هذه الصورة القاتمة ، يتطلب جهودا ًجبارة وسنين طويلة واموالا ً طائلة ، من قبل حكومة وطنية صادقة تمتلك برنامجا ًعلميا ًهادفا ًوكادرا ًفي مؤسسات الدولة لتنفيذه ، يمتلك الخبرة والوعي بجسامة المهمة ، لخلق اجيالا ًجديدة تمتلك حسا ًجماليا ًرفيعا ً.

 

 

*  نقلا عن جريدة طريق الشعب العدد 55 السنة 77  /  الملحق الثقافي .

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.