اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

في السابع من كل تموز، نافذة على ما قد مضى من العمر// د. سمير محمد ايوب

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د. سمير محمد ايوب

 

عرض صفحة الكاتب 

في السابع من كل تموز، نافذة على ما قد مضى من العمر

الدكتور سمير محمد ايوب

 

تحديداً صباح السابع من كل تموز، أصحو بعيدا عن مسقط رأسي في وادي النسناس - حيفا المحتلة، وبعيدا عن مدارج صباي في الرائعة قريتي شويكة، وبعيدا عن روابي طولكرم حيث استفاق اول الشباب، فشذبت بواكير لِحيتي وهذبت طلائع شاربَيّ، وتَفَتَّحَتْ تباشيرُ الوعي القومي لَديَّ.

 

تحديداً، صباح  السابع من كل تموز أصحو لأجد ان الكَريمَ مجددا قد أعذَر في الأجل، ووهبني قنطرةً جديدة تَصل ما قد مضى من العمر بما قد تبقى فيه مِنْ عدِّ السنين، فأحمده سبحانه على أنني ما زلت أدرج على حوافِّ الحياة وفي تضاريسها، وأشرب قهوتي مع المُقيمين والعابرين في مدارات دُنيايَ، تماما كما اعتدت أن أحتسيها مع الراحلين منها والعائدين إليها. واحمده على ان احفادا لي ما زالوا يلدون أحفادا، وغيطاني ما زالت ولاّدةٌ تَهَبَني بسخاء أمهاتا وآباءً وأخوات وإخوة وبنينا وبناتا واصدقاءً.

 

وأحمد الله واشكره كثيرا، فما زال لي في الوطن العربي الأكبر، قريةٌ بحجم الدنيا كان إسمها فلسطين، رغم حُزنها ووجعها وغضبها ستبقى تسمى فلسطين.

 

وانا اعاقر الكثير من مرايا السنين، أدرك على الفور أن خُصَلَ الياسمين تزداد كَمّاً وجمالاً في رأسي، وأحافير التجاعيد كذلك تضفي على تضاريس جسدي تشكيلات رائعة، وأن لضبابِ الحزن على رحيل رفيقة عمري، في عينيَّ بهاءٌ يتسامى في معارج النور، ومدارج الإشراق.

 

سنين وسنين تتالت كالثواني، اقلب ايامها ولياليها برضا، فلا أدري إن كنتُ قد هرمتُ معها أو أنَّ صهيلَ الشباب ما زال ضجيجُه مُتَمرِّدا؟!

 

كل ما أستذكره وأنا أجوسُ غيطانَ تلك السنين، مُفَلْفِشاً مُبَعْبِشاً مُنَبِّشاً، أنني لم أكن فيها وحيدا. كنتُ وما زِلتُ أطارد الأحلامَ، وأتقنُ تَذوقَ الفَرح الطازج، وأحتوي الألم والخيبات. أعطاني صخبُ الحياة أحباباً وأخد مِني أحبابا وغَيَّرَ أصحاباً، وعَرَّفَني على حقيقةِ آخرين. في كل عام مضى، نبتَ في كفيَّ عنفوانٌ وخبزٌ وفَرَح. مدينٌ بها لكل من ربّوني وعلّموني ودعموني ، مُستَمْتِعا بِهمُ اقتديت واهتديت.

 

أعلمُ أن الشكر وحده غير كاف، لكل من حمل لي في قلبه الحب او التقدير او الاحترام، ولم تؤثر فيه رياح التغيير. ولكل من أهداني لحظة جميلة، أو دعي لي من أجلها في باطن الغيب، ولقلوب سليمة احتوت بصبر كلَّ شوائبي ونقائصي. وعن قربٍ وبُعدٍ نبَّهَتني لأخطائي وعاتَبَتني لسوءِ مزاجي.

 

أعتذر ممن إحتاجني وقَصَّرْت، ولِمن إشتكى ولم أُواسيه. إلتمِسوا الأعذار لي، فلعلي كنت في وادٍ غيرَ واديكم، ولكني حاولتُ أن أبقى على النقاء.

 

اللهم والضعفُ يزداد، لك شكر الحامدين المستغفرين، أحسن عمَلَنا وثَبِّتْ خُطانا على صراطك المستقيم.

 

ليتني أملكُ الكثيرَ مِن قادمِ ألأيام، لأكْمِلَ إستمتاعي برفقتكم. أعدكم أن أبقى  كما عهدتموني في عنفوان الشباب، على العهد باقٍ ومُنتصبَ القامة مرفوع الهامة، صلباً أمشي مُوَلِّياً وجهي شطرَ فلسطين المحتلة، ترنو عينايَ إليها صُبحَ مَساء، إلى أن تَتحرر بالقوة، أو أن يتوقف عَدُّ العمر وأعود إليه راضياً مَرْضيا.

 

الاردن -

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.