اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

المصالحة في السلام// د. حسين الديك

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د. حسين الديك

 

عرض صفحة الكاتب 

المصالحة في السلام

د. حسين الديك

 

تعتبر رسالة الاسلام رسالة عالمية وخالدة فهي خاتمة الرسالات السماوية، واشتملت على جوانب دينية ودنيوية شاملة في القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وعالجت مناحى مختلفة في حياة الشعوب والمجتمعات واتفقت الكتب السماوية الثلاث على عدد من القصص والتي تبين الخلافات والعنف بين الناس وبين الاقوام وما تعرض له الانبياء والمرسلين وهم رسل ومبعوثين من الله تعالى الى هداية البشر والدعوة الى الخير والعدل والتسامح والعفو والسلم والاصلاح ولكن تم محاربتهم والاعتداء عليهم بالعنف والاذى وبينت ان افضل السبل لحل الخلافات والنزاع بين الناس هي المصالحة.

  

وفي العصر الحديث برز علم المصالحة كعلم حديث له اسسه وقواعده المبنية على نظريات سياسية وفلسفية حديثة وعميقة في الاوساط العامة والشعبية وحتى الاكاديمية التي اعطت حيزا كبيرا للمصالحة لما لها من دلالات وتاثيرات في سياقات اجتماعية واقتصادية وسياسية وثقافية دينية مختلفة ، ويخلط الكثير من الناس بين المصالحة والحقول الاخرى ذات العلاقة مثل تسوية النزاعات وحلها استنادا الى مفاهيم تقليدية عامة بانهما وجهان لعملة واحدة ، ولكن هذا الاعتقاد غير صحيح تماما، فكل من المصالحة وحل النزاع يعتبر مفهوم بهد ذاته ومختلف عن الاخر وعلم له اصوله وقواعده ومحدداته التي يتميز بها عن الاخر ويستند كل منها الى تجارب تاريخية واضحه تميزه وتظهره بالحالة الخاصة به .

  

ان التطور العصري الذي حصل على تاكييد المصالحة بشكل علمي منظم جاء من خلال الاديان السماوية وخاصة الدين الاسلامي الحنيف الذي حث على التعاون التسامح والتصالح بين الناس والبشر والمجتمعات والاعراق الاثنية والقومية على اختلافاتها وتبايناتها ، وكان في الدين الاسلامي الحنيف تجلي واضح للتاكيد والحث على المصالحة باعتبارها ركيزة اساسية في حياة الشعوب والمجتمعات وبناء العلاقات بين الاطراف المختلفة وخاصة في حالات النزاع والاختلاف التي تنشا بين الاطراف المختلفة.

  

اذ يتجلى بشكل واضح وعميق رؤية الاسلام للمصالحة في مجالات ومصادر  عديدة ومختلفة سواء كانت بالايات القرانية الواضحة التي تحث على ذلك وفي الاحاديث النبوية الشريفة التي تحض على المصالحة وفي افعال النبي صلى الله عليه وسلم في تنظيم علاقة المسلمين مع غيرهم على اسس التصالح وعلاقة حسن الجوار وسيرة الخلفاء الراشدسن في تنظيم علاقات المسلمين مع غيرهم من الشعوب والاقوام وممارسات الدولة الاسلامية فيما بعد الدولة الاموية والعباسية وغيرها في بناء علاقة حسن الجوار والمصالحة مع الاعداء وتوقيع المعاهدات والاتفاقيات فالدين الاسلامي هو دين هداية واصلاح .

 

في الوقت الراهن تسود المجتمعات العربية والاسلامية في الشرق الاوسط ثقافة دينية سائدة وقوية ، وفي ظل فشل كل محاولات انهاء النزاع والمبادرات الدولية والاقليمية في وقف العنف والانقسام السياسي والديني في المجتمعات الشرقية ، فان المصالحة استنادا الى النموذج الاسلامي قد تكون هي الحل لكل النزاعات والصراعات في الشرق الاوسط ، اذ كانت المصالحة في فتح مكة نموذجا يحتذى به في سماحة الاسلام في تحقيق السلم الاهلي والمجتمعي واستقرار وحماية النسيج الاجتماعي للمجتمع المسلم ، ومن هنا تبرز اهمية استناد المصالحة الى النموذج الاسلامي من اجل نجاحها في كافة الدول العربية والاسلامية التي تعاني من الصراعات الدموية المستمرة.

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.