اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

البعد الوطني والقومي في الخطاب السياسي الآشوري المعاصر// وليم أشعيا عوديشو

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

البعد الوطني والقومي في الخطاب السياسي الآشوري المعاصر

وليم أشعيا عوديشو

 

 

مع انهيار الدولة الآشورية في العراق القديم(612)ق.م توقف حضور الأمة الفاعل في بناء الحياة وأصبحت على هامش الحركة التاريخية بعد أن كانت في طليعة قيادته والصانعة للتاريخ لأكثر من ألف سنة في بلاد ما بين النهرين. ومع بداية القرن العشرين بدأت علامات الحياة تدب في الأمة الآشورية مجدداً ولكن وبسبب عمليات الإرهاب المنظم وإرهاب الأفراد والجماعات التي تعرض لها الآشوريون والتي لا زالت مستمرة في بعض صورها حتى يومنا هذا ليعيش المجتمع الآشوري حالة من الأزمة الدائمة ولتنعكس بشكل أوضح في وعي الطبقة المثقفة والمسيسة معبرة عن نفسها على صعيد الخطاب التحليلي النقدي وعلى صعيد الحركات الاجتماعية الجديدة(الأحزاب وقوى المجتمع الأخرى). ولتجاوز الأزمة لا بد من التقاء الصعيدين عبر تجسيد الخطاب التحليلي النقدي بنشاطات الحركات  الاجتماعية من أجل إعادة صياغة الأهداف والممارسات ولتصبح عملية تجاوز الأزمة وبناء الخطاب السياسي المعاصر مشروعاً سياسياً فاعلاً ليتعامل مع الواقع بشكل متوازن على أن يتوجه بالنقد نحو الخطاب الأبوي الذي تروجه بعض الفعاليات السياسية التي حاولت ابتلاع القضية الآشورية باعتبار أن الأمة تساوي الحزب. عندما نكتب عن خطاب آشوري معاصر يعني هذا أن هناك خطاب قديم وتقليدي والذي أثبتت تطورات الأحداث المتسارعة أنه كان أسيراً للطروحات التي كان يشير إليها منذ زمن طويل والمتمثلة في الوحدة السياسية والكنسية والتي بقيت في طور التمنيات تدور في حلقة مفرغة ولم يتحقق منها سوى القليل وبشكل بطيء جداً وحتى عملية طرح مفهوم توحيد التسميات (السرياني-الكلداني-الآرامي والآشوري) التي أطلقت على شعبنا عبر تأريخه الطويل والدامي أصبحت مفاهيم غير محددة وغير واضحة في ذلك الخطاب وعندما حاول توظيفها لم يوفق في تحويلها إلى معطيات في الواقع الآشوري وعلى صعيد العمل السياسي تحولت إلى طرح خطابي فقط متمثلة في إطلاق أسماء مركبة لشعب واحد والذي يؤكد أن الجزء الأكبر من حقيقة الصراع ليس ذو طابع آيديولوجي بل هو صراع نخب وأفراد فقط في ظل غياب المرجعية القومية ومن هنا كان الخطاب التقليدي يطرح وباسم الواقع الآشوري قضايا تتعلق بعملية الاجترار للماضي الممجد في حين أن الخطاب الآشوري المعاصر يحاول جاهداً في التحرر من أسر الماضي والتعامل مع الواقع القومي القائم والبدء بعملية الاستقلال التاريخي للذات الآشورية وإطلاق الفكر المعاصر ليتحرر من هيمنة الأحزاب التقليدية باعتبارها تشكل نماذج شبه سلطوية تطرح آليات تفكير تتناسب مع برامجها السياسية ولمراحل محددة فقط والانطلاق نحو إعادة صياغة شاملة للفكر القومي الآشوري. ليتناسب مع حقيقة أن شعبنا يتواجد اليوم في منافي متناثرة بسبب ظروف معقدة فرضت عليه عبر التأريخ تجسدت في عدداً من مظاهر الاضطهاد القومي والديني وتزييف الحقائق التاريخية للوجود الآشوري في الوطن ومحاولة طمس الهوية القومية وصهرها في بوتقة الأغلبية المحيطة بهم والأخطر هو قيام الأنظمة العراقية المتعاقبة في دعم الانتماءات المذهبية للآشوريين وطرحها كبديل قومي باعتبارها أقليات لغوية ثقافية وذلك عبر استغلال بعض معطيات الواقع الآشوري والخلفية التاريخية لظاهرة الانقسام في كنيسة المشرق. وليس من شك أن دورة العنف الذي شهده شعبنا العراقي عموماً منذ العقد الثالث من القرن الماضي كان ناتجاً من عدة أسباب أهمها تطورات الخطاب القومي العربي الذي تعود جذوره الى الفكر القومي العربي الذي أنتشر في العراق منذ تأسيسه وفي معظم الدول العربية وخاصة في الستينات والسبعينات عندما بدأ يروج المفكرين العرب أن هناك أمة عربية تسكن في المنطقة العربية بدون الأخذ في نظر الاعتبار بأن هناك شعوباً سكنت المنطقة قبل العرب كالآشوريين والكورد وغيرهم وتلك الأمة تقوم على عاملي اللغة والتأريخ فقط باعتبار التأريخ هو ذاكرة الأمة وشعورها واللغة العربية هي روحها وكما هو معلوم أن هذا التحديد كان متأثراً بالمدرسة الألمانية والعثمانية ولكون الذين روجوا للفكر القومي العربي كان معظمهم من المسيحين غير العرب أمثال بطرس البستاني وسليمان اليازجي وأنطون سعادة وميشيل عفلق. فعندما أعتبر الفكر القومي العربي أن الأمة تقوم على العاملين السابقين فقط مع تغييب القوميات الأخرى وعامل الدين(العامل الإسلامي) وليزداد نفي العامل الأخير منذ ستينات القرن الماضي عندما بدأ الفكر القومي العربي يبشر بالاشتراكية وسيادة المقولات الماركسية لتستمر الحالة لحوالي سبعة عقود والذي كان السبب الرئيسي في توليد دورة العنف عندما بدأت التيارات الدينية تتنامى بعد فشل الأحزاب القومية العربية في إسعاد شعوبها وتطبيق العدالة والديمقراطية بشكلها الصحيح وباستعراض وقائع العنف نجد أنها جاءت أيضاً كردود أفعال على مواقف الخطاب القومي العربي في تهميش ومحاولة صهر القوميات الأخرى في الأغلبية العربية. وهنا لا بد من الإشارة إلى الدور الذي لعبته أمريكا والغرب عموماً في تأهيل بعض التيارات الدينية في المنطقة العربية وآسيا الوسطى وإيران من أجل وقف المد السوفييتي ولاعتبارات آيديولوجية ضمن أجواء الحرب الباردة بين العالمين الرأسمالي والشيوعي التي انتهت مع تفكك الاتحاد السوفييتي عام(1991). يتميز الخطاب السياسي الآشوري في تشخيصه المسألة القومية في العراق من عدة زوايا ومستويات ويشير إلى مسؤولية الحكومات العراقية المتعاقبة في عدم صياغة الآليات اللازمة لتجنب وتيرة العنف والتوتر بين أبناء الوطن الواحد واللجوء الى القوة وإرهاب الدولة مما هدد السلم الاجتماعي في العراق لعقود طويلة في الوقت الذي ظل الخطاب الرسمي الحكومي يحاول التعتيم على مسؤوليته المباشرة وإلقاء اللوم على عوامل متوارثة سياسياً واجتماعياً وثقافياً. كما يؤكد الخطاب الآشوري أن الوعي بالمسألة القومية كان محكوماً بالحالة السياسية السائدة في المشهد العراقي العام التي أفرزت وعياً مشوهاً مرادفاً لتوجهات الحالة السياسية وتأثير تياراتها الأبرز وبمتابعة الخط البياني للوعي الذي ساد العراق خلال الثمانية عقود الماضية نراه بتجرد موضوعي خط تراجع وتدهور لا سيما في مجال الحريات العامة وحقوق الانسان والديمقراطية المغيبة . رغم أن هناك قبولاً واهتماماً متزايداً في مسألة الديمقراطية من قبل المواطن العراقي إلا أن ممارستها على أرض الواقع لا تأتي بمحض تعبئة أو التبشير بها فقط بل من خلال تحولات سياسية نوعية وعميقة تفرض نفسها على المجتمع العراقي ككل ومراكز القوى فيه وفي هذا الصدد يتناول الخطاب الآشوري تفسير الطريقة التي تعاملت فيه الأنظمة السياسية العراقية مع موضوع الديمقراطية والحريات العامة والعدالة الاجتماعية باعتبار أن الحديث والتعامل مع تلك المواضيع قد تم تغييبها ثم ابتلاعها من قبل الدولة الشمولية عبر تسويقها بالطرق الشعاراتية المزيفة المتطابقة مع نسق تلك الدولة التي كان ولا يزال هاجسها الأول تطويع المجتمع العراقي ليتناسب مع طروحاتها الشمولية واعتماد الكذب والظلم ومصادرة الحريات العامة وقتل الثقافة العراقية والتظليل الرسمي المتضمن تحويل الهزائم إلى انتصارات. يتناول الخطاب الآشوري آراء وتحليلات مختلفة تتعلق بهموم العمل السياسي في العراق ومواقفه المتداخلة والمتضاربة التي كانت وما تزال أحد الأسباب الموجبة المؤدية إلى تفاقم المشاكل السياسية مع محاولة دراسة وتحليل العوامل الحقيقية لتلك المشاكل نتيجة المأزق السياسي الذي تكرس بالتقادم منذ تشكيل الدولة العراقية(1921). باعتبار أن كل ما حصل من انتكاس وتراجع في الخطاب العراقي المروج لم يكن سببه بالضرورة العامل الخارجي الذي كان ولفترة طويلة هو التبرير الوحيد لكافة المعوقات في العراق وهو عامل تم تسويقه لعقود طويلة أي بمعنى آخر إسقاط نظرية العمالة والمؤامرة التي طغت على المشهد السياسي العراقي. ولا زال الخطاب الرسمي للنظام المتسلط في بغداد يتعامل مع مسألة الحقوق القومية وحقوق الانسان العراقي على أنها فكر مستورد لا تتناسب مع المجتمع العراقي واعتبارها من أبواق النظام العالمي الجديد التي تتعمد إثارة الاضطرابات والنعرات القومية(الأقلياتية) في العراق وهي مبررات يطلقها النظام في محاولة منه لوأد الحقيقة ومحاولة يائسة للدفاع عن وجوده المهدد بالمتغيرات التي تجتاح العالم الجديد.  أكدت كافة المؤشرات عبر التأريخ أن الظلم والإرهاب المنظم كان له تأثيراً واضحاً في طريقة صياغة الخطاب الذي تبنته القوميات العراقية وانسياقاً وراء حقيقة أن الصياغة المعقلنة للخطاب الآشوري هو عامل نجاحه مع الأخذ بنظر الاعتبار الطرح الموضوعي لواقع الشعب الآشوري بكافة تعقيداته وتناقضاته خصوصاً أن الآشوريين هم شعباً مقطع الأوصال ومتناثر بشكل كبير ولا يزال يتعرض لمحاولات طمس الهوية والتهجير وهو ما يبرر أهمية ترويج الخطاب الآشوري إلى العالم الجديد المنبعث بعد أحداث الحادي عشر من أيلول عام(2001) وضرورة توجيهه بشكل متوازن وواضح لتأكيد أصالة الشعب الآشوري الذي كان من أوائل ضحايا الإرهاب المنظم وإرهاب الجماعات والأفراد منذ أربعينات القرن الثامن عشر لكسب الشعوب المحبة للحرية والسلام إلى جانب القضية الآشورية والعراقية عموماً. وفي الجانب الوطني من الخطاب نلاحظ أنه يؤمن بالمصير والعيش المشترك مع الأشقاء في الوطن من العرب والكورد والتركمان ويدعوا إلى تفعيل الجهد الوطني المعارض وتوحيده من أجل إسقاط النظام الدكتاتوري الحاكم وإقامة عراق ديمقراطي تعددي وموحد. وحول كارثة الحادي عشر من أيلول(2001) يرى الخطاب الآشوري بأنها أصبحت من أحداث التأريخ الكبرى والتي ستمثل محطة كبرى في مجراه المتدفق وسيكون لها من قوة التأثير وإمكانية التحكم في المستقبل البشري لعدة عقود قادمة ليس بسبب حجم الضحايا بل بسبب ما مثلته من تحدي واستفزاز لأقوى دولة عسكرياً واقتصادياً تربعت على عرش السيادة العالمية ولا تزال تعيش غمرة النشوة بانتصارها الساحق على العدو التقليدي(الاتحاد السوفييتي سابقاً) . ومع ظهور بوادر التمرد على سياسة أمريكا الدولية بما في ذلك مظاهر الاحتجاج على العولمة أصبحت كارثة الحادي عشر من أيلول تمثل فرصة نادرة لعملية تصفية الحسابات المؤجلة وظهور ملامح خريطة جديدة لعالم ما بعد الارهاب . فبعد أن مثلت نهاية الحرب الكونية الأولى هزيمة الدولة العثمانية وتقطيع أراضي بعض الشعوب ومنهم الآشوريين التي كانت تقع ضمن الولايات العثمانية إلى أجزاء وتوزيعها على الدول المنتصرة ومع نهاية الحرب الكونية الثانية بدأت تتنامى حركات التحرر الوطنية واستطاعت القضاء على الاستعمار الأوروبي لتظهر على إثرها الدولة الوطنية التي سرعان ما تحولت إلى دول دكتاتورية ذات أنظمة شمولية وسلطات عملت على إلغاء مفهوم دولة القوميات المتعددة لتصبح دولاً رخوة يسهل ابتلاعها مجدداً مع نهاية عصر الاستقطاب وبداية عصر العولمة والحرب على الارهاب. وبسبب تطورات الحرب على الارهاب وما سيتبعه من تشكيل منظومة عالمية جديدة يدعوا الخطاب الآشوري المعاصر الآشوريين والشعب العراقي عموماً إلى التعامل بادراك كامل مع كافة المتغيرات للمساهمة في تشكيل العالم الجديد وفق رؤى جديدة تحقق مصالحهم وترد عنهم المظالم التي لحقت بهم بعد أن ثبت وبما لا يقبل الشك أن العالم الجديد في طريقه إلى التشكيل. في مجال العولمة يرى الخطاب الآشوري أن التطور الهائل في وسائل الاتصالات وتدفق المعلومات مع سيادة ثقافة حقوق الإنسان أثر إيجاباً في مطالبة القوميات المغيبة والملغية بحقوقها وإعادة الاعتراف بها بما في ذلك حقها في تقرير المصير وهذه الاتجاهات تلاقي دعماً متزايداً من قبل منظمات دولية وإنسانية وحكومات عديدة وكان للشعب الآشوري نصيبه في هذه المتغيرات. وعلى صعيد الثقافة العراقية في الوطن خلال العقود الثلاثة الأخيرة يتعامل الخطاب الآشوري معها باعتبارها إنتاج منعكس ومتطابق مع السلطة ونظامها  بعد مصادرة السلطة لمقومات الدولة وتحويل مؤسساتها إلى مؤسسات للسلطة الحزبية وإلى أركان النظام الحاكم وحولت المثقف العراقي في الداخل إلى رقماً محكوماً بمدى ولائه لها ووضعته تحت الرعاية الأبوية للسلطة لتنتج ثقافة ترعى باستمرار استبدادها وتتغنى بترنيمة الأب القائد وتتطابق مع آيديولوجيا السلطة لينتج منها ثقافة فوق القانون لتلعب دور الإعلام السلطوي وإشاعة ثقافة عبادة الفرد والحزب القائد فقط. وكان نتيجة التطابق الشديد بين الثقافة ونظرية السلطة انتعاش الانتهازية الثقافية لتحتضر الثقافة العراقية تحت ركام هائل من التراكم الآيديولوجي المروج من قبل النظام الحاكم. حول آلية التغيير في العراق يرى الخطاب أن القضية العراقية التهبت من جديد بعد أحداث الحادي عشر من أيلول باعتبارها مشكلة دولية مؤجلة الحل وتمثل الإدارة الأمريكية فيها الطرف الخارجي والأساسي المعني بكافة تفاصيلها منذ نشوئها. وخلال سنوات الحصار عانى الشعب العراقي من مآسي وويلات لا حد لها نتيجة الحروب المدمرة التي تسبب بها النظام والعقوبات الدولية المفروضة على الوطن التي لم تطال النظام الذي ساوم على تجويع الشعب وبسبب الحروب والحصار الدولي أصيب الاقتصاد العراقي وهياكله الارتكازية وموارده الطبيعية والبشرية بكارثة حقيقية ذات أبعاد خطيرة فيما يتعلق بمسيرة حياة شعبنا ومستقبل الوطن ككل ولا شك أن استمرار الحصار الدولي ضد شعبنا العراقي هو إجحاف بحقه. على الرغم من توافق الآراء بوجه عام في الدعوة إلى تغيير النظام الحاكم في بغداد يدعوا الخطاب السياسي الآشوري إلى ضرورة التوقف جدياً عند معالم التغيير المنشود وبرمجة رؤية إستراتيجية للمهمات والتحولات المقبلة أهمها تنمية وعي ديمقراطي حقيقي فكراً وسلوكاً والالتزام المطلق بالثوابت الوطنية باعتبار الهوية الوطنية العراقية هي فوق كافة الاعتبارات أي أن المطلوب بعد تغيير النظام هو العمل الدؤوب على إرساء تقاليد ومثل وضوابط ديمقراطية للسلوك السياسي والاجتماعي والتأهيل لحكم المؤسسات وصولاً إلى تحقيق التعددية السياسية والفكرية والمجتمع المدني وحقوق الانسان وإطلاق الحريات العامة في إطارها الوطني وحرية العبادة والمعتقد والعمل على ضمان التداول السلمي للسلطة بموجب نتائج الانتخابات العامة والحرة باعتبار السيادة الشعبية والقانون هما المرجع النهائي في تقرير شؤون البلاد ومستقبلها مع صياغة دستور دائم يوافق عليه الشعب. ففي ظل احتمال تغيير النظام أصبح من الضروري قيام المعارضة العراقية في إيجاد إطار سياسي شامل وتشكيل قيادة عراقية بديلة تمثل كل أطياف المعارضة لتعمل في المرحلة الراهنة كواجهة سياسية وطرف محاور مع الأطراف الدولية والإقليمية والعربية بما يضمن المصالح المشتركة على أن تلتزم تلك القيادة بجملة تعهدات على رأسها المحافظة على وحدة العراق أرضاً وشعباً وإجراء انتخابات في غضون فترة محددة بعد قيام التغيير المنشود وتحت إشراف دولي والالتزام بالقرارات والمواثيق الدولية التي يعتبر العراق طرفاً فيها والذي سيعزز مصداقية القيادة العراقية الجديدة. يشير الخطاب السياسي الآشوري إلى ما تعرضت إليه المواطنة العراقية من جراء تصدع النسيج الاجتماعي وضعف الرابطة الوطنية بين أبناء العراق التي أخذت أشكالاً عديدة أخطرها ظهور النزعة الطائفية والنعرات الدينية والمناطقية بسبب النهج السياسي والقمعي الذي مارسه النظام في العمل على إنعاش الروحية القبلية والعشائرية التي ساهمت في إضعاف الوحدة المجتمعية  العراقية. في مجال الدولة والدستور يؤمن الخطاب بأن تأسيس الدولة يأتي عن طريق الشعب وفق تطور حضاري يضمن استقرارها ورفاهيتها كرد فعل موضوعي لرغبات الشعب غير أن الدولة في العراق منذ التأسيس تشوهت بسبب طبيعة الدساتير التي تمت صياغتها بطريقة انتهت إلى نشوء الدكتاتورية كأسلوب للحكم والذي تجسد بشكل أقوى بعد السابع عشر من تموز(1968) ويؤكد الخطاب على ضرورة وضع دستور دائم يأخذ في نظر الاعتبار تنوع العراق القومي وظروفه الخاصة على أن يذكر فيه بوضوح أن الشعب العراقي يتكون من العرب والكورد والآشوريين والتركمان وعدم تصنيف الشعب العراقي إلى قوميات رئيسية وأخرى غير رئيسية ليصبح العراق وطن الجميع يتساوون في الحقوق والواجبات. أما حول الفدرالية والمشاريع والمقترحات المقدمة من قبل بعض الأحزاب والشخصيات العراقية يرى الخطاب أن نظام الحكم الفدرالي هو الأمثل للدول المتعددة الأعراق والأجناس والثقافات كالعراق على أن يكون في إطار عراق موحد وديمقراطي تعددي ولا شك أن الاستنساخ الحرفي لتجارب الدول الأخرى في هذا المجال يجب أن يخضع إلى دراسة متكاملة ليشكل مدخلاً لضمان نجاح تجربة الفدرالية بعد طرحها على الشعب العراقي للتصويت عليها وحول الفدرالية التي اقرها برلمان اقليم كردستان العراق في الرابع من تشرين أول(1992) كأسلوب حكم وتنظيم العلاقة مع الحكومة المركزية وكافة مشاريع الفدرالية المقترحة في الأقاليم العراقية الأخرى لا بد وأن تأخذ في نظر الاعتبار ضمان تمتع الآشوريين والتركمان المتواجدين في تلك الأقاليم بوحدات إدارية ذات إدارة ذاتية تتولى شؤونها سلطات تنفيذية محلية منتخبة ويتم تخطيط الحدود الإدارية لتلك الوحدات بواسطة لجان مشتركة وبما يضمن الحقوق التاريخية لكافة القوميات مع إعادة التوزيع الديموغرافي كما كان عليه الحال منذ تشكيل الدولة العراقية(1921) الذي أصابه الخلل بعد عمليات النزوح الجماعية التي أعقبت الحملات العسكرية للأنظمة العراقية المتعاقبة على شمال العراق. من خلال قراءة في البعد الوطني للخطاب الآشوري الذي يؤكد على التزام الآشوريين في الثوابت الوطنية وتمسكهم بالوحدة الوطنية يتوجب على الآخر(الأحزاب والقوى السياسية والوطنية العراقية الأخرى) تفعيل التوجهات الوطنية الآشورية وذلك بالاعتراف الدستوري بالوجود الآشوري كشعب عراقي أصيل وخلق كل ما من شأنه ليساهموا في إدارة العراق الجديد وصنع القرار بموجب تمثيلهم في أجهزة الدولة المختلفة باعتبارها مسؤولية تضامنية للتوصل إلى إرساء معالم الحركة الوطنية الموحدة التي يؤدي فيها كافة أبناء العراق دورهم المطلوب. وأخيراً يرى الخطاب أن عراق المستقبل بحاجة إلى حوار وطني ديمقراطي شامل بين كافة العراقيين لخلق عقد وطني متماسك يسوده التفاهم والاعتراف المتبادل والقبول بالآخر كضمان لبناء نظام سياسي جديد بعد زوال الدكتاتورية المتمثلة في النظام الحاكم في العراق. 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.