اخر الاخبار:
قاضٍ أمريكي يُغرّم ترامب ويهدده بالسجن - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 20:36
مصدر: صفقة «حماس» وإسرائيل قد تتم «خلال أيام» - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

قراءة للربيع العربي!// د. ادم عربي

تقييم المستخدم:  / 3
سيئجيد 

د. ادم عربي

 

عرض صفحة الكاتب 

قراءة للربيع العربي!

د. ادم عربي

 

هناك حكم نزيه وعادل، بخلاف كل المحاكم في دولها، والتي تختلف عدالتها من دولة لأخرى لأنها تُطبق قوانين الطبقات الحاكمة، وهو حكم التاريخ، حيث أنَّ حُكم التاريخ يصدر احكاما قاطعة دون أدنى اعتبار لأهواء ورغبات البشر.

 

كانت الشعوب في كافة أصقاع الأرض تُقاوم الإمبريالية منذ منتصف القرن التاسع عشر، فكان حركات تحررية في الصين والهند ومصر وبلاد الشام، بيدَ أنَّ هذه الشعوب لم تنجحْ في مسعاها التحرري، ولعلَ من الواجب استحضار نداء "لينين" إلى قادة الشعوب الإسلامية في إجتماعهم في باكو/أذربيجان في العام ١٩٢٢م بأنَّ تحررهم من الإمبريالية لن يُكتب له النجاح إلَّا بتعوانهم مع البلاشفة، وكان هذا النداء تأسيس للوحدة العضوية بين الثورة الإشتراكية وثورات التحرر الوطني، على أننا لا ننسى إنتهاك هذا المبدأ من قبل "خروشتشوف" عندما طالب خروشتشوف في المؤتمر الحادي والعشرين للحزب في العام ١٩٥٩م بعملية فصل المسارين، أي فصل الثورتين عن بعضهما البعض، ووقف اتحاد الجمهوريات السوفيتية متفرجاً على هزيمة مصر عام ٦٧م ، وظهر كأنَّه مُشارك في العدوان.

 

المجتمعون من الشرق الإسلاميون لم يكونوا إشتراكيين ولربما كانوا من ألد أعداء الإشتراكية، الرئيس الصيني آنذاك "سن يان سن" أخذ بنصيحة "لنين" وانضم كعضو شرف إلى الأممية الشيوعية في عام ١٩٢١م .

 

مع إنتصار الإتحاد السوفيتي في الحرب العالمية الثانية وخروجه من تلك الحرب كأقوى قوة في العالم كتب التاريخ أنْ وحكم لصالح الوحدة العضوية بين حركات التحرر العالمي وبين الثورة الإشتراكية، حيث تفجرت حركات التحرر الوطني في كلِّ العالم، في آسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية أو اللاتينية ١٩٤٦ حتى ١٩٧٢م، وفي العام ١٩٧٢ أصدرت الأمم المتحدة بيانها المشهور بأنه لم يعد هناك دول غير مستقلة ولا أثر للامبريالية مما حلَّ لجنة الإستعمار التابعة للأمم المتحدة.

 

كانت مقاربة "لنين" للوحدة العضوية بين الثورة الإشتراكية وبين حركات التحرر الوطني دقيقة وصائبة، فالتناقض يكون كما يلي: يناضل العمال في المراكز الرأسمالية ضد الرأسمالية، وتناضل الشعوب في المستعمرات ضد الإمبريالية، وعلى هذا الأساس، العمال في المراكز الرأسمالية والشعوب في المستعمرات يناضلون ضد نفس العدو، هذا النضال منقوصا إلّا باضافة "لينين" أن الشعوب في المستعمرات لن يُكتب لها النجاح في التحرر دون مركز وكان الاتحاد السوفيتي هو المركز بغياب أي ثورة إشتراكية في المراكز الرأسمالية، كانت نظرة "لينين" للوحدة العضوية بين الثورة الإشتراكية وحركات التحرر تتمثل في تمكين البرجوازية الدياميكية في المستعمرات من أنْ تقود الثورة ضد الامبريالية ولهذا اشترط على الاحزاب الشيوعية مساندة حركة التحرر الوطني بقيادة البرجوازية الديناميكية الوطنية والوقوف خلفها، وإلا فلن تقبل عضواً في الأممية الشيوعية. لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة وهو لماذا تقوم البرجوازية الديناميكية بثورة ضد الإمبريالية والإستعمار وهي نفسها منْ أوجدها الإستعمار؟ الموضوع بسيط فهذه الطبقة التي تشكلت في المستعمرات أصبح لديها طموح بإستغلال عمالها بدل من الأجنبي، فهي تسعى للحلول محل المركز الرأسمالي (المتروبول) لتقيم وتبني نظامها الرأسمالي الوطني الذي يعود عليها هي نفسها بالفائدة وهي الأحق قطعاً باستغلال العمال مواطنيها من الرأسمالي الأجنبي. نجحت حركات التحرر الوطني في جميع أصقاع الأرض وعليه كانت بحاجة ماسة لمن يزودها بأدوات الإنتاج من أجل بناء اقتصادها، المراكز الرأسمالية لن تزودها بأدوات إنتاج لأنها لا تُريد شريك لها في الأسواق العالمية، او في السوق الوطني لهذه الدول، نتذكر عبد الناصر سعى جاهدا من أجل أنْ تساهم الولايات المتحدة في بناء الصناعات الوطنية في مصر ولم تعره الولايات المتحدة أي إهتمام، قد يسأل سائل، وماذا عن الإتحاد السوفيتي؟ لماذا لا يقوم بهذه المهمة؟ هناك حقيقة لا يتقبلها معظم الماركسيين وهي أنَّ الإتحاد السوفيتي إنقلب على ثورة أوكتوبر في العام ١٩٥٣ واتجه نحو التصنيع العسكري، وإنْ كان ساعد الهند والصين ومصر في بداية الستينات، لكن الاسلحة وصناعتها لا تُنتج اقتصاد في الدول المستقلة حديثاً بقيادة البورجوازية الدينامية التي كانت تتوجه إلى موسكو طلباً لمساعدتها في بناء إقتصادها الوطني فلا تجد فيها سوى الأسلحة التي هي ليس من الإقتصاد بشيء. بعض الماركسيين يرون أنَّ البرجوازية الديناميكية العربية لم ترغب في قطع علاقاتها مع الإمبريالية، وهذا محض إفتراء وهو تحميل البرجوازيات العربية أزمة التطور وتبرئة الإتحاد السوفيتي من إنقلابه على الإشتراكية، ولنشاركهم الرأي، لكن الصين الإشتراكية لم تعد تلقى المساعدة المستوجبة من الاتحاد السوفياتي، مما يؤكد ما ذهبنا إليه وهو إنقلاب على ثورة أوكتوبر الإشتراكية، البرجوازية العربية الديناميكية إنهارت لأن مشروعها فشل في تخلي الإتحاد السوفيتي عنها، في تلك المرحلة والتي انهارت فيها البرجوازية العربية ومشروعها التحرري وكان لم يتبلور بعد طبقة قادرة على الحكم غيرها، استولى العسكر على زمام الامور بإنقلابات هنا وهناك، قفز للسلطة عبر هذه الإنقلابات عسكر لا يفهمون سوى إمتيازاتهم الشخصية، كان هناك انقلاب في العراق والجزائر وليبيا واليمن وسوريا والسودان وتونس وفي مصر جاء السادات والذي سلَّمَ مصر للامريكان دون مقابل، التفسيير الوحيد لهذه الانقلابات العسكرية هو أنّه لم يكن هناك طبقة قادرة على الحكم بعد انهيار البرجوازية العربية الدينامية، وهؤلاء العسكر وظفوا كل طاقات دولهم من أجل إخماد قوى الحراك الإجتماعي، والقمع ومحاربة أي قوى تقدمية، فعمَّ الجهل والتخلف ولعلَّ من المفارقة أنَّ أحوال المجتمع ثقافيا واقتصاديا في فترة الستينات أفضل من الآن، استمرت في تجهيل وإفقار الشعب هذه العصابات مدة سبعين عاماً، وقد حاربت ونكلت بالقوى الوطنية وعززت من وجود القوى الظلامية عن طريق التحالف معها لتغييب وعي الناس فإزدهرت حركات الإسلام السياسي ودخلت في اسلوب حياة المجتمع ومن الجدير بالذكر أنَّ حركات الإسلام السياسي وعلى رأسهم الإخوان المسلمين أكبر داعم للديكتاتوريات.

 

ونتيجة إفقار الشعب وهدر كرامته لمدة سبعين عام سادها الجهل والجوع، خرجت الشعوب العربية بكافة أشكالها، البورجوازية قبل العمال والفلاحين، إلى الشوارع لإسقاط حكم العسكر الفردي الدكتاتوري الذي لم ينل الشعب منه سوى القمع والفقر والإرهاب، ولعلَّ خروج كل فئات الشعب ضد العسكر يمنع تسميتها ثورات بل انتفاضات، لأنَّ الثورة تقوم بها طبقة اجتماعية ضد طبقة اجتماعية أخرى بقصد تغيير علاقات الإنتاج، لم يكن هناك طيلة السبعين عام من وجود طبقة قادرة على الحكم نتيجة القمع والإرهاب، زال الديكتاتور ولكن لم نجد طبقة قادرة على الحكم لعدم وجودها، لم نجد سوى شعار الإسلام هو الحل وهكذا تصدرت قوى الإسلام السياسي المشهد عبر صناديق الإقتراع، فكيف لمن مشروعه من السماء أنْ يحكم في الأرض، لكن المهم أنَّ هذه الشعوب تحركت حتى لو عادت إنتاج نفسها فالرحلة نحو الكرامة الإنسانية والاقتصادية بحاجة إلى مسار طويل وتضحيات وإخفاقات هنا وهناك.

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.