اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

في جدل هيجل!// د. ادم عربي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د. ادم عربي

 

عرض صفحة الكاتب 

في جدل هيجل!

د. ادم عربي

 

هِيجِل عَالِمٌ فَذٌّ وعظيمٌ فِي أَفْكَارِهِ وَمُؤَلَّفَاتِهِ الْفَلْسَفِيَّةِ؛ وَمِنْ بَيْنِ أَقْوَالِهِ الَّتِي أَثَارَتْ انْتِبَاهِي مَا قَالَهُ عَنِ الوُجُودِ أَوِ الكَيْنُونَةِ النَّقِيَّةِ (Pure Being). أَوْضَحَ فِيهِ أَنَّ الوُجُودَ النَّقِيَّ لَا يخْتَلِفُ عَنِ العَدَمِ، وَأَنَّهُ مجرَدُ مَفْهُومٍ فَلْسَفِيٍّ خَالٍ مِنَ المحْتَوَى. وَالوُجُودُ النَّقِيُّ هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي لَا يَحْتَوِي عَلَى أَيِّ تَناقُضٍ، أَوِ الشَّيْءُ الَّذِي يَخْلُو مِنْ نَقِيضِهِ . هَذَا القَوْلُ قَصِيرٌ فِي العِبَارَةِ؛ وَلَكِنَّهُ عَمِيقٌ فِي المَعْنَى، وَلَهُ أَهَمِيَّةٌ كَبِيرَةٌ فِي كُلِّ مَجَالَاتِ العِلْمِ وَالمَعْرِفَةِ وَالفِكْرِ. الشَّيْءُ النَّقِيُّ الخَالِصُ وَمِنَ الكَائِنَاتِ هُوَ شَيْءٌ لَا وُجُودَ لَهُ ؛ لَمْ يَكُنْ قَطُّ، وَلَنْ يَكُونَ أَبَدًا؛ إِنَّما هُوَ الشَّيْءُ الخَالِيُّ تَمَامًا مِنْ نَقِيضِهِ؛ وَإِنَّ خَلَا الشَّيْءِ مِنْ نَقِيضِهِ أَصْبَحَ مُسْتَحِيلَ الوُجُودِ، وَمُرَادِفًا لِلْعَدَمِ .

 

المَاهِيَّةُ هِيَ مَا يُعَرّفُ هَذَا الشَّيءَ عِنْدَمَا نَسْأَلُ : مَا هُوَ هَذَا الشَّيْءُ، وَهِيَ العِلْمُ بِأَحَدِ مَعَانِيهِ الرَّئِيسِيَّةِ؛ وَالعِلْمُ، عِنْدَمَا يَسْعَى لِتَحْدِيدِ مَاهِيَّةِ شَيْءٍ مَا، يَسْتَعِينُ بِالْمَنْطِقِ الشَّكَلِيِّ (الصُّورِيِّ) ، وَبِأَسَاسِهِ الميْتَافِيزِيقِيِّ الأَوَّلِ، وَهُوَ الهُوِيَّةُ ؛ فَتَقُولُ أَنْتَ، مِثَلًا، هَذَا الإِنْسَانُ ذَكَرٌ، وَلَا شَيءَ غَيْرَ ذَكَرٍ ؛ فَلَا يُمْكِنُ (مِنْ مَنْظُورٍ ميْتَافِيزِيقِيٍّ) أَنْ يَكُونَ أُنْثَى ، أَوْ أَنْ يَحْمِلَ شَيْئًا مِنَ الأُنُوثَةِ، فِي آنٍ وَاحِدٍ؛ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ (فِي الحِينِ نَفسِهِ) ذَكَرًا وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ أُنْثَى.

 

لَا يُمْكِنُ لِلْعِلْمِ أَنْ يَتَطَوَّرَ إِلَّا إِذَا اتَّسَعَ وَازْدَادَ عُمْقًا فِي الإِدْرَاكِ وَالْمُشَاهَدَةِ، أَيْ إِذَا تَجَاوَزَ هَذَا الْمَنْطِقِ الميْتَافِيزِيقِيِّ، الَّذِي أَنْهَى دَوْرَهُ بَعْدَ أَنْ حَدَّدَ المَاهِيَّةَ، إِلَى المَنْطِقِ الجدَلِيِّ (الدِيَالِيكْتِيِّ)، وَفَهِمَ المَاهِيَّةَ، بَعْدَ ذَلِكَ، أَنَّهَا مُتَضَادَّةٌ ذَاتِياً.

 

لَا تَكُونُ مُخْطِئًا إِذَا مَا قُلْتَ إِنَّ هَذَا الإِنْسَانَ ذَكَرٌ، وَإِنَّ هَذَا الإِنْسَانَ أُنْثَى ؛ وَلَكِنَّ هَذَا المَنطِق يَصْبِحُ خَطَأً إِذَا مَا بالَغتَ فِيهِ، وَقُلْتَ إِنَّ هَذَا الإِنْسَانَ هُوَ الذَّكَرُ المُطْلَقُ أَوِ الأُنْثَى المُطْلَقَةُ ؛ فَهَلْ يَوْجَدُ الذَّكَرُ الْمُطْلَقُ فِي الإِنْسَانِ، أَوِ الحَيَوَانِ؟! ، وَهَلْ توجَدُ الأُنْثَى المُطْلَقَةُ؟! ، أَلَا يَحْوِي الإِنْسَانُ الذَّكَرُ، وَلَوْ اشْتَدَّتْ فِيهِ الذُّكُورَةُ ، عَلَى شَيءٍ (نِسْبَةٍ) مِنَ الأُنُوثَةِ ؟! ، أَلَا يَحْوِي الإِنْسَانُ الأُنْثَى، وَلَوْ اشْتَدَّتْ فِيهِ الأُنُوثَةُ ، عَلَى شَيءٍ (نِسْبَةٍ) مِنَ الذُّكُورَةِ ؟! .

 

لاَ يُمْكِنُ لِأَيِّ شَخْصٍ أَنْ ينْكِرَ أَوْ يَتَجاهَلَ الاخْتِلافَ في الخَصائِصِ البِيولوجِيَّةِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالمَرْأَةِ؛ وَلَكِنْ هَلْ الذُكورَةُ وَالأُنوثَةُ لَيْسَتا مَسْأَلَةَ نِسْبِيَّةٍ؟! هَذِهِ امْرَأَةٌ، وَتِلْكَ امْرَأَةٌ؛ وَكُلَّتاهُما تَحويَان عَلَى عَنْصَرٍ (أَوْ نِسْبَةٍ) مِنَ الذُكورَةِ، عَلَى شَكْلِ هَرْمونِ الذُكورَةِ، أَوْ ما يُطْلَقُ عَلَيْهِ تِسْتوسْتِيرون. إذا كانَ هَذَا الهَرْمونُ أَعْلَى في لَيْلَى مِنْهُ في هِنْدَ، فَلَنْ نخطِئَ إذا قُلْنا إِنَّ لَيْلَى أَكْثَرُ ذُكورَةً (أَوْ أَقَلُّ أُنوثَةً) مِنْ هِنْدَ، أَوْ إذا قُلْنا إِنَّ لَيْلَى أَكْثَرُ رُجولَةً، بِالمُقارَنَةِ مَعَ هِنْدَ.

 

وَفِي عَالَمِ الذَّرَاتِ نَجِدُ وَحْدَةَ النَّقِيضَيْنِ أَيْضًا. إِذَا كَانَتِ الذَّرَةُ تَحْمِلُ شَحْنَةً كَهْرَبَائِيَّةً مُوجَبَةً ، فَهَذَا يَعْنِي أَنَّهَا تَفْقِدُ بَعْضَ إِلِكْتْرُونَاتِهَا وَلَكِن ، هَلْ يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ الذَّرَةُ مُوجَبَةً تَمَامًا دُونَ أَيِّ إِلِكْتْرُونَاتٍ؟ لَا ، هَذَا مُسْتَحِيلٌ ؛ لِأَنَّكَ يُمْكِنُكَ فَقَطَ إِزَالَةَ كُلِّ إِلِكْتْرُونَاتِ الذَّرَةِ مَا عَدَا وَاحِدًا. فِي هَذِهِ الحَالَةِ ، تَصْبِحُ الذَّرَةُ فِي أَقْصَى حَدٍّ لِشَحْنَتِهَا المُوجَبَةِ ؛ وَلَكِنَّهَا لَنْ تَصِلُ إِلَى الحَالَةِ المُوجَبَةِ النَّقِيَّةِ. قَدْ يَعْتَقِدُ البَعْضُ أَنَّهُ يُمْكِنُهُمْ تَحْقِيقُ ذَلِكَ بِإِزَالَةِ الإِلِكْتْرُونِ الأَخِيرِ ؛ وَلَكِن ، هَلْ سَتَظَلُّ الذَّرَةُ مَوجُودَةً بَعْدَ ذَلِكَ؟ لَا ، لَنْ تَظَلُّ ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَمَا تَخْسَرُ الذَّرَةُ إِلِكْتْرُونَهَا الأَخِيرَ ، تَتَلَاشَى الذَّرَةُ نَفْسُهَا مِنَ الوُجُودِ، وَيَتَبَقَّى لَدَيْنَا فَقَطَ نَوَاةُ الذَّرَةِ ، وَشَتَانَ مَا بَيْنَ الذَّرَةِ وَنَوَاتِهَا. لَا تَفْصِلُ بَيْنَ السَّالِبِ وَالمُوجَبِ فِي الذَّرَةِ نَفْسِهَا بِحُجَّةِ فِلْسَفِيَّةِ مِيتَافِيزِيقِيَّةٍ؛ فَالذَّرَةُ المُوجَبَةُ تَحْتَوِي بِالضَّرُورَةِ عَلَى جُزْءٍ مِنَ السَّالِبِ ؛ فَالذَّرَةُ التِي وَصَلَتْ إِلَى أَقْصَى حَدٍّ لِشَحْنَتِهَا المُوجَبَةِ هِيَ نَفْسُهَا الذَّرَةُ التِي وَصَلَتْ إِلَى أَدْنَى حَدٍّ لِشَحْنَتِهَا السَّالِبَةِ. وَكُلَّمَا أَزَلْنَا مِنَ الذَّرَةِ نَفْسِهَا المَزِيدَ مِنَ الإِلِكْتْرُونَاتِ ، ازْدَادَتْ شَحْنَتُهَا المُوجَبَةِ ، وَنَقَصَتْ ، فِي نَفْسِ الوَقْتِ وَبِنَفْسِ القَدَرِ ، شَحْنَتُهَا السَّالِبَةِ. السَّالِبُ النَّقِيُّ ، أَوْ المُوجَبُ النَّقِيُّ ، مِنَ الذَّرَاتِ ، هُوَ شَيءٌ غَيْرُ مَوجُودٍ ؛ لَمْ يَكُنْ مَوجُودًا أَبَدًا ، وَلَنْ يَكُونَ مَوجُودًا أَبَدًا. السَّالِبُ النِّسْبِيُّ أَوْ المُوجَبُ النِّسْبِيُّ مِنَ الذَّرَاتِ هُوَ الشَّيْءُ الوَحِيدُ الذِي يُوجَدُ ؛ وَكِلَا الذَّرَتَيْنِ (أَيِ الذَّرَةُ السَّالِبَةُ وَالذَّرَةُ المُوجَبَةُ) تُوجَدُ فِي الأُخْرَى تَنْدَمِجَانِ فِي بَعْضِهِمَا البَعْضِ ، وَتَتَحِدَانِ بِشَكْلٍ لَا يَنْفَصِمُ ؛ فَهُمَا المُتَنَاقِضَانِ فِي وَحْدَتِهِمَا وَصِرَاعِهِمَا. إِذَا حَاوَلْنَا جَعْلَ الذَّرَةِ ، مُوجَبَةً أَوْ سَالِبَةً بِشَكْلٍ مُطْلَقٍ ، فَإِنَّهَا تَفْقِدُ وُجُودَهَا كَذَرَةٍ ؛ وَيَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَدْرِكَ أَنَّ خَصَائِصَ وَصِفَاتَ وَسَمَاتَ الشَّيءِ تَفْقِدُ مَعْنَاهَا إِذَا كَانَتْ خَالِصَةً ؛ لِأَنَّ السَّعْيَ إِلَى هَذَا الخَلَوِ هُوَ نَفْسُهُ السَّعْيُ إِلَى إِزَالَةِ الشَّيءِ (الذِي يَحْمِلُ الخَاصِيَّةَ أَوْ الصِّفَةَ أَوْ السَّمَةَ) مِنَ الوُجُودِ. إِنَّ كُلَّ شَيءٍ هُوَ نِسْبَةٌ مَعَيِّنَةٌ مِنْ نَقِيضِهِ ، فَإِنَّ تَنَاقُضَ مَا هُوَ وَاحِدٌ لَيْسَ إِلَّا جَوْهَرَ المَنْطَقِ العِلْمِيِّ ، فِي فَهْمِ وَتَعْلِيلِ الظَّوَاهِرِ كَافَّةٍ . إِنَّ الخَالِصَ مِنَ الأَشْيَاءِ لَا وُجُودَ لَهُ ، وَيَجِبُ أَنْ لَا يَشُذَّ عَنْ قَانُونِ التَّحَوُّلِ إِلَى النَّقِيضِ ، فَكَيْفَ لِلشَّيءِ أَنْ يَتَحَوَّلَ إِلَى نَقِيضِهِ إِنْ كَانَ خَالِصًا ، بِمَعْنَى آخَرِ إِذَا كَانَ غَيْرَ مَنْطُوٍّ عَلَى نَقِيضِهِ؟!. ابْحَثُوا عَنِ الظُّلْمِ فِي العَدْلِ ، وَعَنِ العَدْلِ فِي الظُّلْمِ وَعَنِ الدِّيمُوقْرَاطِيَّةِ فِي الدِّكْتَاتُورِيَّةِ ، وَعَنِ الدِّكْتَاتُورِيَّةِ فِي الدِّيمُوقْرَاطِيَّةِ ، عَنِ الفَضِيلَةِ فِي الرَّذِيلَةِ وَعَنِ الرَّذِيلَةِ فِي الفَضِيلَةِ ، عَنِ العِلْمِ فِي الجَهْلِ وَعَنِ الجَهْلِ فِي العِلْمِ ، فَإِنَّ فِي هَذَا البَحْثِ تَكْمُنُ عِلْمِيَّتُهُ.

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.