اخر الاخبار:
بيان صادر من احزاب شعبنا - الجمعة, 10 أيار 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

من كتاب الجنة// وهيب نديم وهبة

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

وهيب نديم وهبة

 

عرض صفحة الكاتب 

من كتاب الجنة

للشاعر الأديب: وهيب نديم وهبة

 

-6-

الْمدارُ الْخارجيُّ.

مسارُ جسمٍ يتحرّكُ دوريًّا كمدارِ الْإلكتروناتِ حولَ النّواةِ في ذرّةٍ. وهوَ منحنٍ معلّقٌ يدورُ إنْ شاءَ اللهُ، ويتوقّفُ عنِ الدّورانِ باسمِ اللهِ. يحافظُ على مناخِ الْجنّةِ، ويحفظُ درجةَ حرارةِ أوْ رطوبةِ الطّقسِ.

يتحكّمُ في تبدّلِ وتغيّرِ الْفصولِ، في عطاءِ الْمواسمِ، في جمالِ الطّبيعةِ وتنويعِ أنواعِ الْألوانِ، وتوزيعِ الْموسيقى.

 

-7-

لكَ الْآنَ بدايةُ الرّمزِ. أليسَ نصفُ الطّريقِ، يُشارُ إليهِ بالرّمزِ، أوْ بالسّرِّ، أوْ بالْقولِ، أوِ – الْحكمةِ؟ – منَ الْحكمةِ أنْ تكونَ حكيمًا معَ الْحكماءِ.

 

لهذا، كانَ على النّارِ، أنْ تكونَ الشّرارةَ الّتي أشعلَتِ الْحضارةَ. وعليْها "النّارُ" قامَتْ مملكةُ الْجحيمِ.

 

-8-

جاءتِ الرّياحُ، كمثلِ الرّماحِ تدقُّ عنانَ الْفكرِ. جاءتْ تفتحُ للْقادمِ منْ غاباتِ التّصوّفِ، ووجعِ الْأرضِ، عذابَ الْملايينِ أمامَ الْبوّابةِ الْخضراءِ... لهذا، استيقظْتُ على صراخِ الْأرضِ والْإنسانِ. كيْ أُعطيَ الْقادمَ معالمَ الطّريقِ.

 

-9-

عندَها... تركَ النّسرُ عندَ الْبئرِ، ريشةً منْ خواءٍ، ومدادًا منْ هواءٍ، بها يُكتبُ الْفضاءُ – تلكَ كانَتِ الْبوّابةَ الْبيضاءَ. يتوّجُ أعلى الْبوّابةِ، خطٌّ، يخرجُ منْ عينِ النّاظرِ، حتّى يشكّلَ نقطةً مستقيمةً، في الْجهةِ الْأخرى. تلكَ هيَ الْبوّابةُ الزّرقاءُ، الّتي لا يسبقُها أحدٌ في استقبالِ الْمعذّبينَ الْمطرودينَ منْ أوطانِهمْ. الْمبعدينَ عنْ نسائِهمْ، وأولادِهمْ الْغائبينَ عنْ مواسمِ الْفرحِ، وأعيادِ الْبهجةِ وصخبِ الْحياةِ. همُ كالرّيحِ، تمرُّ بكَ، فترفعُ يدَكَ، كيْ لا تصفعَكَ الرّيحُ، أوْ تبعدُ رأسَكَ قليلًا، أوْ كثيرًا، أوْ تنحني، غيرَ أنّكَ تعودُ وتمارسُ الْحياةَ، كأنَّ شيئًا لمْ يكنْ... همْ في الْحياةِ وليسَ فيها. لهذا ارتفعَتِ الْبوّابةُ الزّرقاءُ حتّى لامسَتْ جمالَ زرقةِ السّماءِ... أليسَ بينهمُ هذا الْودادُ؟

 

-10-

الْآنَ تسمو الطّبيعةُ الصّامتةُ، وتزهرُ بالْكلماتِ كيْ تنطقَ، ويتحرّكُ الصّخرُ الصّلبُ، ويسقطُ منْ قمّةِ الْجبلِ إلى الْوادي، كيْ يصرخَ في عمقِ الْفراغِ. إنَّ الْكلمةَ مجدُ تكوينِ الْأرضِ... الْإنسانُ، هذا المْخلوقُ النّاطقُ، لوْ نطقَ بالْحقِّ بالْكلمةِ الطّيّبةِ، وزرعَ الْأرضَ بالثّمرةِ الطّيّبةِ وجعلَ الْآتينَ، لا يُبصرونَ، إلّا الْبوّابةَ الصّفراءَ، الّتي ارتسمَتْ، على شكلِ الطّبيعةِ: زاويةٌ منَ الصّخرِ، ونقطةٌ منَ الْبحرِ، وسرُّ سحرِ الشّجرِ الّذي لا يموتُ: الْكلمةُ الطّيّبةُ.

لهذا، أعودُ إلى الْبوّابةِ الصّفراءِ، كلّما سقطَ خيالُ المْخيّلةِ على النّاطقِ.

 

-11-

ليكنْ خلاصُ النّفسِ بالْأحمرِ. لا شيءَ يطهّرُ الْجسدَ، سوى الدّمِ، ولا شيءَ يفسدُهُ كالدّمِ. لا شيءَ معقّدٌ مثلُ جريانِ الدّماءِ في الْعروقِ. لا شيءَ معي، كيْ أسيرَ إلى الْبوّابةِ الْحمراءِ، وكلُّ شيءٍ معي. أنا الْإنسانُ تمامًا كالدّمِ. هذِهِ الْبوّابةُ الْواقفةُ في أرضِ الْجنانِ، لا تفتحُ أبوابَها، إلّا حينَ يشتدُّ ظلمُ الْإنسانِ. يستبدُّ... يستعمرُ، يسرقُ أرضَ الْغيرِ، وخيراتِ الآخرِ.

تُفتحُ الْجهةُ الْيمنى، تخرجُ النّارُ تحرقُ تحصدُ الظّالمينَ، أوْ تبدّلُ حالَ الصّابرينَ.

 

لهذا، عليْكَ أنْ تصبرَ قليلًا، كيْ أعطيَكَ رسمَ الْمكانِ وشكلَ الْبوّابةِ الْحمراءِ.

 

-12-

... وعندَ النّهرِ، تركَ النّسرُ ريشةَ الْعشبِ. بها يُكتبُ الكلامُ، على شفاهِ الطّيبينَ. فيخرجُ الْكلامُ كأسرابِ الْيمامِ منْ مناهلِ الْبلاغةِ، والكلامُ الْيابسُ كالْعشبِ الْيبابِ، لا يصلحُ إلّا للْحرقِ. وعندما تشكّلَ الْكلامُ – الْحكمةُ – تزيّنَ الْإنسانُ بأعلى مرتبةٍ بينَ المْخلوقاتِ، مرتبةِ الْعقلِ. كأنّكَ الْآنَ تسيرُ في شراييني. أعرفُكَ منْذُ عرفْتُ النّطقَ، وعرفْتُ أنَّ الْعقلَ جوهرٌ، وما دونَ الْعقلِ مصنّعٌ، أوْ مزيّفٌ، أوْ معدّلٌ، أوْ مركّبٌ، أوْ عنصرٌ منْ عناصرِ الْكونِ.

 لهذا، كانَتِ الْبوّابةُ الْخضراءُ شامخةً شاهدةً على وصولِ أهلِ الْخيرِ... كانَتْ في انتظارٍ.

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.