اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• حلف الناتو لا يمكنه تجاوز الجغرافيا بين روسيا وفنلندا ! -//- يوسف أبو الفوز

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

مقالات اخرى للكاتب

حلف الناتو لا يمكنه تجاوز الجغرافيا بين روسيا وفنلندا !

يوسف أبو الفوز

أجرت القناة التلفزيونية الثالثة في التلفزيون الفنلندي ، مؤخرا ، استطلاعا عارض فيه حوالي سبعين بالمائة من الفنلنديين انضمام بلادهم الى حلف الناتو . وتناول الاستطلاع الاسباب التي تدفع الفنلنديين الى ذلك منها انهم لا يريدون ارسال ابنائهم وقودا للحروب، وانهم يريدون ان يبقوا خارج الصراعات بين القوى الكبرى ، وهناك مخاوف من ارتفاع ميزانية الانفاق العسكري ، الدفاعي خصوصا ، وهذا سيترك تأثيره السلبي على الاوضاع الاقتصادية . واشار الاستطلاع الى ان نسبة غير قليلة من المشتركين فيه يرجعون معارضتهم الى منكلقات انسانية ، ويعود هذا الامر الامر الى كون الفنلنديين شعب مسالم ومحب لعلاقات حسن الجوار ، خصوصا مع جارهم الاكبر ، روسيا ، الذي تمتد الحدود معها لأكثر من ألف وثلاث مئة كم عبر غابات وبحيرات متشابكة .

منذ تأسيس حلف الناتو عام 1949 ، كانت احدى اهدافه الستراتيجية هو تطويق الاتحاد السوفياتي ، ثم انتقل الهدف الى تطويق روسيا التي ورثت الترسانة النووية السوفياتية . نجح حلف الناتو في ان يضم الى صفوفه العديد من الدول التي كانت في سنوات ليست بعيدة حليفة للاتحاد السوفياتي ، ومنها دول جارة لفنلندا ولروسيا مثل استونيا ولاتفيا وليتوانيا حيث انضمت للحلف في عام 2004 . ومرت العلاقة بين روسيا وفنلندا بالعديد من المنعطفات الحادة وكانت هناك اكثر من معاهدة سلام ، الامر الذي دفع جوزيف ستالين بعد نهاية الحرب العالمية الثانية ، حيث كانت فنلندا حليفا لالمانيا النازية التي خسرت الحرب ، ان يقول للفنلنديين خلال مباحثات السلام " لست مسؤولا عن الجغرافيا " ، وكان ستالين يطلب من فنلندا ان تحافظ على خيار الحياد في الصراع بين محاور الشرق والغرب . معروف تماما لكل الاطراف أن ما يدخل في اهداف حلف الناتو هو الثروات الهائلة التي تحويها منطقة القطب الشمالي من الغاز والبترول ، الامر الذي دفع روسيا لاتخاذ اجراءات احترازية عديدة وتعزيز وجودها العسكري في منطقة القطب ، وما ان طرحت للنقاش الصيف الماضي فكرة نشر حلف الناتو لمنظومات صاروخية ضاربة في فنلندا حتى ارتفعت الاصوات الرافضة والناقدة داخل فنلندا اكثر مما في روسيا . ولا تجرؤ الحكومة الفنلندية الحالية ، التي يقودها حزب الائتلاف الوطني الفنلندي (يمين معتدل) منذ عام 2011 انطلاقا من ادراكها لموقف الشعب الفنلندي وقواه السياسية الاساسية ، على الحديث عن انضمام فنلندا الى عضوية حلف الناتو ، لكنها تعتمد في علاقتها مع الحلف سياسة تسميها " الباب المفتوح" التي تتلخص في عدم الدخول في عضوية حلف الناتو مباشرة كعضو اصيل ، ولكنها لا تغلق الباب امام التنسيق والتعاون معه . وعلى هذا الاساس اشتركت فنلندا في قوى السلام ضمن قوات حلف الناتو في افغانستان واجراء العديد من المناورات العسكرية والتدريبية التي اغضبت الجارة روسيا ، خصوصا فكرة نشر المنظومات صاروخية الضاربة . و زار فنلندا مؤخرا الامين العام لحلف الناتو وصرح بأن فنلندا شريك جيد للحلف في المنطقة ، مما اغضب القيادة الروسية وزعماء اليسار في فنلندا ، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اشار في واحد من تعليقاته ، الى "ان مشاركة أية دولة كانت ، في التحالفات العسكرية يفقدها جزءا من استقلالها " في اشارة منه الى فنلندا . من جانبه ، جدد اليسار الفنلندي موقفه الرافض دوما دخول فنلندا في سياسة الاحلاف العسكرية ، وجددت مؤخرا الشخصية القيادية في الحزب الاجتماعي الديمقراطي ، ورئيسة الجمهورية السابقة تاريا هالونين موقفها الرافض للعلاقة مع حلف الناتو خلال حفل توقيع كتابها " من أجل حياة أفضل " الذي يروي سيرتها الذاتية . ويريد الشعب الفنلندي ، وهو يحتفل في السادس من كانون الاول بعيد الاستقلال الخامس والتسعين دخول العام الجديد وهو مفعم بالشعور بأستقلال بلده ، وهو يدرك أنه بأمكانه ان يرمي تاريخ الحروب والصراعات جانبا ، لكنه لا يمكن تجاوز الجغرافيا ، لانها ترسم دائما واقعا لا سبيل للهروب منه في العلاقات بين الدول ، وللحفاظ على الانجازات الديمقراطية التي حققها الشعب الفنلندي ، فان السلام في المنطقة مطلوب وضروري .

* طريق الشعب العدد 96 الأحد 30 كانون الأول‏ 2012

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.