اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• بصمات أنامل وعدة النقار تاريخياًًًً على الآثار

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

يوسف زرا

القوش

مقالات اخرى للكاتب

بصمات أنامل وعدة النقار تاريخياًًًً على الآثار

 

منذ أن بدأ الإنسان يعي ويتحسس ويتدارك لما حوله من المكونات المادية الطبيعية ضمن جغرافية بيئته الحياتية، كالأحجار والأطيان والأشجار والمياه . وبعد ظهور الزراعية البدائية . كان لابد من استثمار واستخدام تلك المواد الخام في تكوين وبناء مأوى بدائي بسيط حين غادر الكهوف والمغاور في صعدة الوديان وسفوح وقمم الجبال،وأصبح لابد من الشروع بإنشاء نوع من المساكن تجمع العائلة البدائية ويتم خزن فيها مايجنيهُ أفرادها من ثمار الأشجار الجافة والطرية وحبوب النباتات الطبيعية المتوفرة حول بقعة تلك المساكن،وكل حسب موسمهِِِ ويجب أن توفرها العائلة لسد حاجتها الغذائية لبعض الأيام(بدء ظهور مفهوم الاقتصاد العائلي).إلى جانب الصيد البري والمائي كمصدر أساسي ورديف دائم لديمومة الحياة.فكان سهلاًًًً عليه أن يستخدم التراب بعد أن يحوله إلى مادة طينية بواسطة إضافة الماء إليه وإنشاء نوع من الجدران على هيئة شبه دائرة أو مستطيلة أو مربعة الشكل،ثم تسقيفها بجذوع الأشجار وتغطيتها بأغصان طرية وأعشاب يابسة و أكسائها بل أتربة .

وبعد أن توسعت مدارك الإنسان بسبب زيادة احتياجاته لنمو عائلتهِِِ واضطراره لابتكار وسائل جديدة في كيفية بناء مسكنه واستخدام الحجارة فيها وبأحجام وأنواع مختلفة مع الأطيان المتوفرة في بيئته ، لأنها أكثر تحديا ًًًًً ومقاومة لعوامل الطبيعة وتقلبات مناخها شتاءًًً وصيفا ًًًً ، لا بل أكثر أمنا له من الحيوانات المفترسة ، بعد أن جعل لها عدة منافذ صغيرة لابد من غلقها بمخلفات الأشجار والحجارة الملائمة ليلا ًً وفي حالة غياب العائلة عن المسكن عدة أيام . والى هذه المرحلة من بناء المسكن أو المأوى البسيط . أصبحت الحجارة والصخور الكبيرة المادة الأساسية في تطويره وتوسيعه لهم ،إلى جانب استخدام أحجامها وأصنافها في عملية صيد الحيوانات الصغيرة والمتوسطة . ولابد للإنسان في هذه المرحلة أن يبدأ بتكييف هذه المادة وفي كلتا الحالتين بواسطة الاصلب منها في أولى محاولاته تغيير الكتل غير القابلة للاستخدام في عملية البناء،وحتى في عملية الصيد باستخدامه الأحجار الصيوانية ذات الحافات الحادة للتقطيع والثلم ، وكان ذلك ضمن العصر الحجري الوسيط الممتد من 80000الى 10000 ق.م .

وفي هذه الحالة يمكننا القول،ففي بدء اكتساب الإنسان الخبرة والمهارة المناسبة في تلك المرحلة،فلا بد من الانتقال إلى مراحل أخرى وظهورعدته البدائية في كلتا الحالتين ولكن بشكل أفضل وأكثر تنسيقا ًًًً لمسكنه ، وبعد اكتشافه المعادن كالنحاس والقصدير والحديد وتطويعها إلى عدة ذات سهولة الاستخدام وبأقل مجهود وبخبرة مهنية عالية وبأقل خسارة وتضحية بالذات . كان ذلك بمثابة ظهور العمل الفني والتخصص الجزئي في عملية تحويل المادة الصخرية في أنشاء مساكن أفضل وأكثر مقاومة لعوامل الطبيعة كالإعصار والعاصفة،لا بل بدأ يشيد نماذج لمعابده وقصوره ذات هياكل وواجهات يكون الحجر بمختلف أنواعه من الصخور الكلسية والرملية والطباشيرية قد أعطى صورة وشكلا جديدا للعمارة وجمالا يعتد به .

ولم تكن الوصول إلى هذه المرحلة بالسهولة دون تمكن الإنسان من تصنيع العدة المناسبة لهذه المرحلة،وكانت تعتبر طفرة نوعية في مفهوم هندسة العمارة من ناحية التصميم والتوزيع والتغليف من الداخل والخارج .

إن الأجيال السابقة من الفنانين الذين تركوا البصمات العظيمة في تحويل مادة الحجارة الخام بأنواعها المذكورة بعدة بدائية قياسا ًً لما وصلت اليه التقنية الحديثة والطاقة الكهربائية المستخدمة في تحويل تلك المادة الصماء إلى الناطقة بكثير من التعابير الفنية ذات الدلالات الاجتماعية والعقائدية والفلسفية وبشكل رمزي وبارز. إلى جانب تخليد الكثير من الكتل الصخرية إلى مدلولات لرواد الإنسانية كعمالقة الفكر والعلم والفلسفة وكنصب تذكارية لهم.

ولابد أن نأتي إلى مفردات تلك العدة القديمة والتي لازالت قابليتها مستخدمة الى هذا اليوم من قبل الحرفيين (النقارين) في القرى والأرياف والتي لها الفضل المباشر في بقاء الكثير من الآثار كالقصور والمعابد قي شتى بقاع الأرض ذات العمق الحضاري. ومنها وادي الرافدين ووادي النيل وغيرهما.والتي تأكد دور هذه العدة في تراكم وتناغم بصماتها الحية عبر الأنامل البسيطة للإنسان، على المخلفات الحضارية المكتشفة منها والغير المكتشفة والمطمورة تحت أنقاض المدن واسوارها القديمة .

ومنها وعلى ارض وادينا الرافديني بالذات،سور نينوى العظيم والثيران المجنحة والتي لازالت بعضها قائمة في مداخل بعض  عواصم الدولة الاشورية،كنينوى ونمرود(كالح) وخورسباد (دورشروكين) وغيرها.ومسلة حمورابي في بابل والمنحوتة من الحجر الأسود من البازيل ومعبد الشمس في مدينة الحضر التاريخية والتمثال العملاق لأبي الهول بين أهرامات مصر والتمثال فينوس اله الحب والجمال في أثينا في اليونان وسور الصين الجبار. علاوة على اللوحات الجدارية المختلفة والتي لازال قسم منها يزين الجدران الداخلية والخارجية في قصور مدن عديدة ومنها نمرود(كالح) وأشور وغيرها.

إلى جانب ما تركته الحضارة الاوغارتية والرومانية في سورية ولبنان والأردن ومنها، أثار بعلبك وجرش . كلها تحكي وبصوت عال ما تركته بصمات تلك العدة ومهارة الإنسان الخلاقة على الآثار فائقة الجمال.وفي كيفية تمرير الخطوط الانسيابية  لمفاهيم رمزية لشخصيات تاريخية وحضارية وشعوب عدة أعطت معنى لعهود ملوك وقادة وكهنة وضمن انتصارات كبيرة لجيوشهم على أعدائهم ،إلى جانب معاني كبيرة في طقوسهم الدينية وتقاليدهم الاجتماعية وغيرها ،ومنها وحسب أولوية استخدام مادتها وإبعادها وشكلها .

1-الشاكوج(الطخماخ):-وهي مطرقة حديدية كبيرة الحجم يتجاوز وزنها الخمسة كغم

وذات رأسيين مربعي المساحة ولها مقبضة خشبية مدورة وسميكة بطول 70-80 سم.

تستخدم في تكسير الكتل الصخرية والأحجار الكبيرة إلى أحجام وحسب الحاجة وبدون تكيف شكل هندسي لحجومها ، وكما مبين في الشكل ادناه وهي من مادة الحديد الصلب ومقبضها من خشب البلوط او الزان

 

الشكل رقم (1)  

2- الشاكوج (المورجََ):-  وهي المطرقة الثانية بنفس حجم ومواصفات المطرقة الأولى مع اختلاف واحد في احد الرأسين . واستخدامه يكون ايضاً لتكسير الصخور والأحجام الكبيرة وكما مبين في الرسم ادناه ومقبضها من نفس الخشب.

 


                                        الشكل رقم (2)

3- الشاكوج متوسط الحجم (دبورة):- وهي برأسين متقابلين مختلفي الاتجاه والاستخدام ويقدر وزنها بحدود 2 كغم ويستخدم لتكسير الحجارة متوسطة الحجم وتحويلها إلى قطع ذات أبعاد هندسية وبسطوح مربعة او مستطيلة الشكل وخشنة الحواف والتي تدخل غالبا ًًً في بناء جدران الدور مثلومة الأبعاد وتسمى(بالبازي) والشاكوج من مادة الحديد الصلب ومقبضه من نفس الخشب. بطول 50-60 سم.

 

شكل رقم (3)

4- القدومي:- وهي فأس كبيرة الحجم يتجاوز وزنها العشرة كغم ومن حديد الصلب. ذات بوز طويل بحدود قدم واحد وبعرض 10 سم وحاد نسبيا ًًً ومقبضها من نفس الخشب أعلاه وبطول 70-80 سم. وتستخدم لتسوية سطوح الكتل الصخرية الكبيرة والمتوسطة وذات أشكال هندسية متعددة ،اسطوانية،مكعبة،مدورة . ولا يمكن استعمالها إلا بالقبضة الشديدة بالكفين ولضرورة السيطرة على الضربات المطلوبة وبالتعاقب وبشكل بطيء . لأنها تترك اللمسات الأخيرة  على القطعة الصخرية المطلوبة وبوزها منكوس إلى الأسفل باتجاه الداخل وكما في الشكل رقم (4)

 

 

                                            الشكل رقم (4)

 

5- القضيب الحديدي الصلب :- (المخل)-او مجباي- والذي يبلغ طولها مابين 120-150 سم وبقطر  1 -  2.00 سم ذات رأس حديد او على شكل قاطع (اسفين) ويستخدم لقلع الصخور وزعزعتها من الأماكن المحصورة فيها والمتقعرة أما في أعماق الوديان او في طبقات العليا من الجبال وبأسماك مختلفة تصل أحجامها إلى مترين مكعب وأكثر احيانا . والتي يتم تقطيعها بواسطة منشار عريض إلى ألواح ذات أبعاد واسماك مختلفة مابين 10-12 سم وحسب الحاجة وموقعا في الإنشاء.

 

شكل رقم (5)

6- الاسفين(سبين):- قطع من الحديد الصلب بعدة أحجام وأطوال مابين 15-25 سم.شبه حادة لطرف واحد وقاطعة.

يستخدم لقلع وتقطيع الكتل الصخرية الكبيرة بواسطة غرسها في سطوحها بشكل مستقيم بعد أن تثبت على سطح القطعة الصخرية المراد فلقها إلى قطعتين أو أكثر لسهولة نقلها أو احتوائها أثناء العمل وضمن موقعها.

وبعد أن تثبتت هذه القطعة كما ذكرنا يتم متابعة الضربات القوية بواسطة الشاكوج الكبير حتى فلقها كما جاء أعلاه                              

 

الشكل رقم (6)

7- الأقلام المصنوعة من القضبان الفولاذية سواءًً بمقاطع مربعة او مستديرة وتكون بأبعاد لا تزيد على 30 سم طول وبقطر مابين  ًً إلى  ًً كحد أعلى وتكون نهاية كل قطعة .اما قاطعة حادة جدا او ثلاثية الأبعاد وحادة ايضا ًً تستخدم في عملية حفر الزخارف الدقيقة وكتابة التواريخ سواء على شكل سواق في اللوحات الحجرية او بارزة مستطيلة  الشكل.


8- المنشار:- وهو الصفيحة الحديدية الصلبة ذات أسنان كبيرة مختلفة  الاتجاه لرؤسها المدببة والحادة ويكون طولها بحدود 2 م تقريبا وسمك الصفيحة بحدود  1  إلى 2ملم. تنتهي بمقضتين خشبيتين  تتوسطهما حلقة حديدية في كل رأس او نهاية المنشار وبشكل أفقي على عاموديه الصفيحة او (الراسطة). يستخدم هذا المنشار لتشريح القطع الصخرية والأحجار الكبيرة إلى قطع طولية كأعمدة وألواح مختلفة الأبعاد لسمكها وسطوحها وحسب موقعها في المنشاء لكلا النوعين وجميع الألواح المستخدمة في بناء قبور الموتى وتواريخها .وسابقا ًً كانت تجهز بهذه العدة ومن وديان جبلية خاصة . ويقابل رجلان وبينهما القطعة الصخرية وتبداء عملية النشر بالدفع والسحب المستمر .

 

الشكل رقم(7)

وأخيرا لابد أن أقول باني من صغري رافقت والدي وأنا دون سن العاشرة حينما كان ومع طاقمه العمالي المحترف يقوم بقلع وتقطيع الصخور في وهدة(كلية الشوقتة)كما تسمى محليا من جبل القوش شرقاء وحب ذاكرتي من أوائل الاربعنيات لغاية أوائل الخمسينيات من القرن الماضي وكان والدي الوحيد في تلك الفترة المختص بتحضير الألواح الحجرية للمقابر وحفر تواريخها وبالغتين العربية والسريانية (كلدانية كما كانت تسمى) ورغم انه كان لا يقرأ ولا يكتب. ومن منجزاته الفنية الباقية شاخصة ومن مادة المرمر (الفرشي)نصب جداري على قبر القس يوسف نيسان الموجود حاليا ًًعلى جدار الشمالي لفناء كنيسة مار كوركيس في القوش وبثلاث لغات عربية،لاتينية وسريانية ،وكان ذلك في أوائل الخمسينيات من القرن الماضي ولم أكن موجودا ًًمعه حين ذاك. وهكذا بقت مفردات هذه العدة وأنواعها وأبعادها واستخداماتها خزينة في ذهني بسبب مرافقتي لوالدي كما ذكرت أعلاه لمدة  أكثر من عشر سنوات .

أما ما ورد في مدخل البحث من الارتباط التاريخي لعلاقة الإنسان بمادة الحجر وتتابع استخدامه لهذه المدة وما تركت بصماته لأنامله وعدته المذكورة فلا هي بعيدة مصادرها عن كل شخص متابع لمصادر تاريخية معلومة .

وأرجو أن أكون قد وفقت في توثيق ما جاء في متن هذا الموضوع ليكون القاري ومن الأجيال القادمة على بينة واضحة منه

 

   23/11/2011

             

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.