اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

يوميات حسين الاعظمي (76)- القبانجي لاول مرة

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

 يوميات حسين الاعظمي (76)

 

القبانجي لاول مرة

        في عام 1967، واعتقد بمناسبة اربعينية مطرب المقام العراقي جميل حجازي الاعظمي، او ربما غير هذه المناسبة، لا اتذكر جيدا..! اقيمت منقبة نبوية كبيرة جدا، في الفرع العريض الذي يسكنه مطرب المقام العراقي المرحوم جميل حجازي الاعظمي، الواقع في الاعظمية خلف جامع الامام ابا حنيفة النعمان ابن ثابت الكوفي. وقد شارك فيها الكثير من مؤدي المقام العراقي، وعلى الاخص استاذ الجميع محمد القبانجي..!

 

     الى هنا والموضوع طبيعي، ولكن الشيء المثير الذي حدث في هذه الامسية التي تمت فيها المنقبة النبوية الشريفة، يعد شيئا تاريخيا لم يحدث من قبل في هكذا احتفال ديني..! اذن كيف تمت هذه المنقبة، وكيف مضت هذه الليلة، وما هو عدد الجمهور الذي حضر الى موقع هذا الاحتفال الديني..!؟ 

       في هذه الليلة من العام 1967، ليلة المنقبة النبوية. كان عمري خمسة عشر سنة، ورغم انني كنت في سن الحداثة او المراهقة، الا ان سماع مقامات محمد القبانجي والتلذذ بتعابيرها قد ادخل الجنون الى عقلي، وبصورة متطرفة..! وحتى يومنا هذا..! كان اهلنا وغير اهلنا من كبار السن، قد سمعنا منهم مرارا، بان المطرب الفلاني المشهور عندما يقيم حفلة في مكان ما، فان اهل بغداد كلهم يحضرون الى ذلك المكان..! الذي يبقى مزدحما مع استمرار الغناء والموسيقى الى فجر اليوم التالي..! ومن هؤلاء المغنين محمد القبانجي وحضيري ابو عزيز وغيرهما من مشاهير الغناء في العراق. وفي الواقع، كنت اعتقد ان في هذا الكلام شيء كثير من المبالغة ولا يمكن ان يكون واقعا ابدا..! ولكن ما حدث في ليلة اربعينية مطرب المقام العراقي جميل الاعظمي، وشاهدته وعشته بنفسي حتى النهاية. كان شيئا مثيرا ومدهشا وغريبا، لايصدق حتى وانا اعيش ساعاته فعلا..! بحيث اصبحت استرجع افكاري ومعلوماتي حول كل ما سمعته من اهلي وكل كبار السن، حول ازدحام الجماهير الكبير عندما يكون مؤنس الليلة شخصية مشهورة كالقبانجي او حضيري او غيرهما. وفي الحقيقة ان هذه الليلة التي تمت فيها المنقبة النبوية الشريفة لاربعينية المرحوم جميل الاعظمي، جعلتني اصدق كل الاقاويل التي سمعتها عن الاحتفاليات السابقة، سواء الدنيوية منها او الدينية. وعليه شاهدت في هذه الليلة ما لم اشاهده من قبل، وما لم اسمع واستمتع به من قبل..! انه حلم وخيال..! فقد حضر جمهور من كل بغداد، بعد ان اشيع بان محمد القبانجي سيكون حاضرا في هذه المنقبة، بل يشارك فيها..! رغم وجود الكثير من قراء المقام العراقي مشاركين ايضا في هذه المنقبة.

 

      الزقاق العريض موقع المنقبة النبوية قد اكتظ بالحاضرين طبعا، ولكن الشيء المثير حقا، هو ان كل الجهات المحيطة بموقع المنقبة النبوية، هي الاخرى قد اكتظت بالجماهير الزاحفة بكل قوامها، نساءا ورجالا واطفالا، عوائل بغداد كلها، بالرغم من ان الغالبية العظمى من القادمين، بعيدين عن موقع المنقبة ولا يرون وقائعها، فطابور الجمهور الممتد الى الشارع العام قرب جسر الأئمة من جهة..! وطابور الجماهير الممتد الى حي السفينة كله من جهة اخرى، وهكذا كل الجهات المحيطة بموقع اقامة المنقبة النبوية قد ازدحمت بالجماهير وهم لايرون ولا يسمعون من قراءة المنقبة شيئا..! سوى ان املهم جميعا مشاهدة محمد القبانجي والقراء الاخرين، هذا المؤدي الاسطورة الذي اقام الدنيا ولم يقعدها..! صور لجماهير خيالية شاهدتها هذه الليلة، لم اشاهد مثلها حتى اليوم..! فالقبانجي اسطورة ادائية حيّة عاصرنا بعض سنواتها. فقد رفد المقام العراقي بروح جبارة كبيرة، بل هو جعل لهذا الغناء قيمة معنوية جماهيرية عظمى احترمها الملوك والرؤساء والسياسيون وجماهير الشعب جميعا..!

 

      اخيرا لعل سائل يسأل، اين كنتُ انا في هذا الخضم من الجماهير الكثيفة الحاضرة..؟

      لقد كنت في عمر الحداثة او المراهقة كما قلت قبل قليل، صغير الجسم ونحيف ولا اشغل حيزا كبيرا، وعليه كنتُ واقفا عند رأس الفرع العريض لموقع اقامة المنقبة النبوية الشريفة، منتظرا مع الاخرين قدوم الاسطورة محمد القبانجي الى هذا المكان واستقباله الاستقبال الذي يليق به..! ورغم اني كنت حدثا، او شابا مراهقا في عمر خمسة عشر سنة، الا انني بقيت مصرا متواجدا في مقدمة هذه الجماهير المنتظرة قدومه..! وعندما وصلت السيارة البيضاء التي تقله (فولكس واكن الالمانية– العكركة-) ، نهض جمع كبير لتحيته واستقباله بصورة مكثفة ومزدحمة، وانا من بين هذا الجمع كله،  كنتُ في المقدمة..! امر من الصعب تصديقه..! وسط ازدحام الحاضرين الذين وقفوا لاستقبال ملهمهم الكبير، وانا بينهم لا ابارح مكاني بينهم ابدا، بل في مقدمة الجموع..! اشاهد نزول ملهمي الكبير محمد القبانجي لاول مرة في حياتي من السيارة، واشارك كلمات الترحيب التي اسمعها من قريب ومن بعيد واكررها مع الجميع، وبقيت هذه الجموع وبقيتُ معهم، نسير مع القبانجي حتى مكان جلوسه المخصص بين زملائه من قراء المقام العراقي الذين شاركوه في اداء المنقبة النبوية الشريفة في اربعينية المرحوم قارئ المقام العراقي جميل حجازي الاعظمي. والاكثر من هذا، انني كنت مع كل الحاضرين وفي المقدمة ايضا، لصغر حجم جسمي الصغير، في توديع استاذنا الكبير محمد القبانجي الى السيارة التي عادت لتقله، وانا مساهما حتى في فتح بابها له، ومساهما في كلمات التوديع المكثفة..

 

     ليلة ليست كالليالي الاخرى، ليلة عصية على النسيان، ليلة لم ولن تكرر ابدا..! فيها شاهدتُ ملهمي الكبير محمد القبانجي لاول مرة في حياتي وانا بعمر خمسة عشرة سنة، والحديث عن تفاصيل اخرى عن هذه الليلة، ربما نعود اليها باذن الله تعالى. والى موسوعة جديدة ان شاء الله..

 

وللذكرى أثر عميق

اضغط على الروابط تباعا

جميل الاعظمي ، مقام المسجين

https://www.youtube.com/watch?v=WCcpKZ5BMnc

محمد القبانجي ، مقام همايون

https://www.youtube.com/watch?v=6cpWzZ6p89I

حسين الاعظمي ، مقام الطاهر

https://www.youtube.com/watch?v=t1jrzNvPB7A

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.