اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

بين الحنين للملكية وتسفيه ثورة ١٤ تموز// كمال يلدو

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

كمال يلدو

 

عرض صفحة الكاتب 

بين الحنين للملكية وتسفيه ثورة ١٤ تموز

كمال يلدو

 

  لا يختلف إثنان بأن المزاج الجماهيري الذي اعقب نجاح ثورة ١٤ تموز عام ١٩٥٨ وما تلاها من سنين قلال كان مؤيدا بحماس للثورة، ومتعاطفا مع اسباب إسقاط النظام الملكي  الذي سجلت بحقه اخطاء جسام منها ربط العراق بالاحلاف والارتهان للسياسة الاستعمارية وعدم الجدية في محاربة الفقر والمرض والامية ناهيك عن تردده في تحقيق المسار الديمقراطي وما يتطلبه من حزمة من القوانين التي يجب ان تُحترم مع تغيّر الحكومات، هذه بعض الاسباب ، مضافا لها المزاج العام ( العراقي والعربي والعالمي) الداعي للاستقلال والتحرر وإقامة الحكومات الوطنية والوعود بالانتصار لقضايا الكادحين، كل هذه الامور كانت ترفع المعنويات وتساهم استمرار التحرك الجماهيري والاقدام على سن القوانين الوطنية والتقدمية في حياة حكومة ١٤ تموز الفتية وارتباطها كثيرا بالزعيم عد الكريم قاسم.

 

لكن ثورة ١٤ تموز ونتيجة للتدخلات الخارجية وانتباه الدوائر الاستعمارية للخلل، استغلت تلك الثغرة القاتلة وهيأت الارضية لدخول الثورة في ذلك النفق المظلم الذي ادى في النهاية الى اسقاطها والانتقام من قادتها وجماهيرها، لابل من مجمل حركة اليسار العراقي، ألا وهي "الوحدة الفورية مع مصر" ومن يقف خلفها من البعثيين والقوميين أو "لاتحاد" ومن يقف خلفها من انصار الثورة ، هذه القضية التي شقت الحياة السياسية والمجتمع العراقي طوليا ولم يتعافى منها، مضافا لها ملفات مثل عودة التمرد في شمال العراق وقضية ضم الكويت وانحسار الديمقراطية وزج الوطنيين في السجون مجددا، وعودة تغلغل القوميين والبعثيين في كل مفاصل الدولة مع الاحتضان الرجعي الداخلي للقوى المعادية للثورة وتصاعد التدخلات الخارجية، كانت قد مهدت الارضية لنجاح انقلاب ٨ شباط الدموي وما جره من مآسي على العراق.

من الناحية العملية لم يقف البعثيين بعد الانقلاب موقفا سلبيا من ثورة ١٤ تموز، بل كان موقفهم سلبيا من الزعيم ومن قادتها اليساريين خاصة.

 

سقط البعث في تشرين ثان ١٩٦٣ وعاد ثانية في تموز ١٩٦٨، ولم يتغير موقفهم (اعلاميا) من تمجيد  ثورة ١٤ تموز لكن مع استمرار تسفيه قادتها اللذين جرى قتلهم وتصفية انصار الثورة من قبل ذات الجماعة الحاكمة.

 

هذا الموقف المتناقض بين تأييد الثورة وقتل قادتها وضع حزب البعث في موقف لا يحسد عليه بعد العام ١٩٦٨، فهو لم يعاديها، لأنه كان يدعي بمعاداته للاستعمار والرجعية ويعد الجماهير بالاصلاحات وهي ذات القيم التي نادت بها الثورة وطبقت بعضا منها، إذن كيف الخروج من عنق الزجاجة؟

 

لقد فسح نظام البعث المجال لبعض الكتاب وطلبة الدراسات العليا في تناول ثورة ١٤ تموز (والانحرافات) التي وقعت فيها من جانب، وتأليه وتكبير بعض رموز وشخصبات النظام الملكي والاعلاء من شأن العائلة المالكة والاعتناء بالمقبرة الملكية ايضا، تزامنا مع التقارب مع الاردن والملك حسين (من ذات العائلة الهاشمية) مقابل تجاهل القادة الحقيقين لثورة تموز لابل حتى بعدم الافصاح عن قبورهم الحقيقية التي جرى اخفائها عن الشعب العراقي ولليوم، ناهيك عن آلاف الضحايا التي جرى دفنهم في مقابر جماعية مجهولة من قبل البعثيين لا غير!

يضاف ذلك التعديلات (التشويهات) التي جرت في المناهج الدراسية لثورة ١٤ تموز ورموزها، هذا إن لم اقل بأن تمجيد شخصيات مثل الزعيم او المهداوي     كان يمكن ان يأخذ صاحبها للتحقيق وربما السجن.

 

تلك الدراسات (ان صح تسميتها دراسات) او المناهج الدراسية طرحت وجهة نظر البعث حول ثورة تموز دون اعطاء الحق للرأي الآخر فيها، ولعل المفارقة تكمن في البحث عن الجواب لسبب قتل قادة الثورة بشكل اجرامي والانتقام من اتباع الثورة من دون ادانة القتلة او تقديمهم للعدالة .

 

يا ترى ماذا جرى بعد زوال البعث في العام  ٢٠٠٣ ؟

الحقيقة ان المثل: اكذب اكذب حتى تصدقك الناس، قد وجد تجلياته في الاصوات التي ظهرت والاقلام التي كتبت حول الملكية والنظام الملكي في تسفيه ثورة ١٤ تموز وقادتها ووصفهم بأقذع الاوصاف وهذا كان متوقعا من اتباع سياسة نسف الواقع وطرح البدائل الكاذبة من قبل البعثيين والقوميين وبقايا الاقطاع العربي والكردي ومضافا لها القوى الاسلامية التي ظهرت للسطح والتي ناصبت العداء لثورة تموز منذ ايامها الاولى بدوافع اخطرها كانت بتشجيع الدوائر الاستعمارية وايران.

 

 اما الاصوات التي تدعو لعودة الملكية ، انما تدعو لبقاء النظام الحالي لسبب بسيط لأن النظام الملكي زال ولا رجعة منه اولا، وثانيا إن تأريخ العراق منذ سقوط بابل حتى العام ١٩٢٠ لم يعرف الملكية! اما الذي اتي بالملكية للعراق فهو المستعمر البريطاني ولم يجلبهم إلا لانهم كانوا في خدمة مخطاطاته ومصالحه هذا اولا، اما فكرة ان قاسم قتل العائلة المالكة، فهذه اكذوبة ما بعدها اكذوبة سوّغ لها البعث وأعداء الثورة، علما انهم يعرفون جيدا بأن الذي قتلهم كان (العبوسي) ولم يكن بتوجيه مباشر، انما الحقيقة جاءت في اعترافاته المتأخرة، مضافا لها الفوضى التي خلقتها نداءات عبد السلام عارف (احد قادة الثورة) عبر الاذاعة طالبا من الجماهير التوجه الى قصر الرحاب، وهذه خلقت فوضى عارمة مما حدى بقادة الثورة الى اعلان حالة منع التجول الساعة ٣ عصرا من يوم ١٤ تموز، وإن قتل قادة تموز في الاذاعة هو انتقام الهي من قتل العائلة المالكة! وحتى هذه النظرية فإنها تفضح حقدا دفينا على ثورة تموز وقادتها. اما المحاججة الاخرى فهي فكرة ان ثورة ١٤ تموز قد فتحت الباب امام الانقلابات العسكرية، وهذه لا يطرحها الا جاهل بتأريخ العراق الحديث او حاقد اعمى على ثورة تموز.

إذن يبقى السؤال: لماذا يحتفي البعض بثورة تموز، ولماذا ما تزال شخصية الزعيم ملهمة للكثيرين؟

 

بالحقيقة ان ثورة ١٤ تموز ١٩٥٨ تعتبر ثورة فريدة في العالم الثالث لأنها كانت ثورة وطنية ولم تكن للقوى الخارجية يد فيها ، وحصلت على تأييد منقطع النظير ،وثانيا، ان الثورة حققت الكثبر من وعودها على صعيد السيادة الوطنية والاستقلال ونصرة الفقراء ومحاربة الامية والمرض والقيام بمشاريع كبيرة ، لكن الذي فات قادة الثورة وزعيمها بالاساس هي قضية التأسيس لنظام عراقي دستوري جديد يعتمد على دستور دائم وانتخابات وقوانين حرية الاحزاب والصحافة وأن يجري تسليم السلطة للمدنيين، هذه المطالب كانت واحدة من اسباب سقوط ثورة تموز وهي من اسباب تمسك البعض بها لليوم لأن الوضع القائم الآن ونحن في العام ٢٠٢٣ مازال هو هو أن لم أقل انه تراجع للخلف سنوات ضويئية كثيرة .

 

إذن ، ستبقى الجماهير تبحث عن الخلاص من محنتها وأزمتها الحالية، وحتما ستضع امامها تجربة كانت ناجحة (الى حد ما) لم ترتق لها اي من الحكومات التي تلتها، وحتما ستفتخر بقادتها وزعيمها (رغم اخطائه القاتلة) فقد كانوا عنوان للوطنية والنزاهة، وهذا ما يغيض البعثيين والاسلاميين والرجعيين والمساكين انصار عودة النظام الملكي.

 

مجدا للذكرى ٦٥ لثورة ١٤ تموز المجيدة

مجدا لقادتها الابطال وشهدائها الابرار

كمال يلدو

تموز ٢٠٢٣

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.