اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

كركوك قدسهم ونجفهم وكربلائهم وليس القدس الضائعة -//- مصطفى محمد غريب

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

اقرأ ايضا للكاتب

كركوك قدسهم ونجفهم وكربلائهم وليس القدس الضائعة

مصطفى محمد غريب

العراق مُبتلى بالفجيعة والقهر والاضطهاد وكلما تظهر تباشير خلاصه يعود القهقرى مرة أخرى إلى ذات الموقع الذي كان فيه، فخلال حقب من سنين الهيمنة وحكم الاستبداد والتخلف وحكام غير عادلين قدم الشعب التضحيات الجسام من اجل تقدمه وتخلصه من الإرث الإقطاعي والاستعماري ومن الحكام الدكتاتوريين وأحزابهم وحلفائهم الذين كانوا السند الفعلي لاستمرارهم في الحكم، وعندما انبثقت ثورة 14 تموز 1958 استبشر الجميع بالحرية والخلاص وبالفرح والأمل في إعادة بناء العراق وجعله في مصاف الدول المتقدمة لما يملك من خيرات وإمكانيات وتنوع في مكوناته الفسيفسائية ما عدى أولئك المرتبطين بعجلة التخلف والرجعية والاستعمار، لكن بعد مرور شهور قليلة على الثورة أخذت العجلة بالتوقف وراحت تتحرك ببطءٍ شديد  حتى كان انقلاب الردة الرجعي البعثي والقومي المتطرف في 8 شباط 1963 وخلال  تلك الحقبة السوداء ارتكبت أفظع الجرائم والموبقات بحق أكثرية الشعب، وعلى الرغم من إسقاطه في 18 تشرين من العام نفسه من قبل حلفائه فقد استمرت الأوضاع بالتردي والتخلف والانحسار والتراجع حتى الانقلاب الثاني الذي قام به حزب البعث العراقي بعد فشله في المرة الأولى فاستولى على السلطة بانقلابه الرجعي المشبوه في 17 تموز 1968، وخلال حكمه الدموي لمدة (35) عاماً رأى العراق والعراقيون العجب من التسلط الدكتاتوري والحروب الداخلية والخارجية حتى حدوث الاحتلال عام 2003 وإسقاط ذلك النظام الديكتاتوري، وعلى الرغم من مأساة الاحتلال الأمريكي البريطاني فقد عاد الأمل للتخلص منه وبناء عراق ديمقراطي تكون المواطنة أساس العمل والتوجه لبناء الدولة المدنية، لكن على ما يبدو أن العراق مازال مُبتلى والمسرحية الدموية منذ خروج قوات الاحتلال من الباب مازالت مستمرة والجميع يعرف فصولها  لكن أحداً بالضبط لا يعرف كيف ستنتهي وكيف ستحل المشاكل ومتى ينظر حكامه الجدد بعين الوطنية والمسؤولية لوضع البلاد ووضع الشعب.

لقد كتب الكثير من المخلصين عن ابسط القضايا واعقدها لاستصلاح ما خُرب ويَخرب يومياً من قبل أحزاب الإسلام السياسي والقوى الإرهابية والميليشيات المسلحة، ومن هذه القضايا قضية كركوك وإيجاد حلول وفق رؤيا واقعية صحيحة بدلاً من إقامة مجالس العزاء بين الحين والآخر من قبل البعض من القوى السياسية التي تشترك في العملية السياسية أو خارجها، وفي كل مرة تتجدد مقولة " راح تضيع كركوك مثلما ضاعت فلسطين!! " وفي كل طور تنشد الأناشيد وتطلق الأغاني الشوفينية ويتهم الكرد بأنهم يخططون لسرقتها وضمها لهم، وعندما يطالب بالاحتكام للدستور والمادة (140) وضرورة أجراء الاستفتاء السكاني لمعرفة الواقع تتعالى الأصوات بان الدستور باطل ويجب تعديله وان المادة المذكورة سقطت في الحساب لأنها لم تطبق في حدود زمنها المعلن وان الاستفتاء سيكون غلبة للكرد لأنهم جلبوا أكثر من (600 ألف) من سورية وتركيا وحطوهم في كركوك، ولكن أين اسكنوهم وكيف شيدت البيوت لهذا العدد وما هي المدارس والمستشفيات وكيف مدوهم بالكهرباء والكل ينادي أين الكهرباء وغيرها من الخدمات أو اسم المنطقة التي أقيم عليها بناء لإسكان (600 ألف كردي من سورية وتركيا !!) لا يخبرك أحداً بل هم أنفسهم من روجوا الإشاعة ثم تراجعوا عنها لاكتشاف الناس الكذبة المكشوفة..

القائمة العراقية بقيادة إياد علاوي أول رئيس وزراء بعد (2003) هجين من التحالفات والآراء والأفكار والأيديولوجيات، لكن يجْمَعهم هدف واحد وفرقت  البعض منهم أهداف عديدة، ومابرحتْ الخلافات تعصف بين البعض من الكتل السياسية المنضوية للقائمة، وآخرون انشقوا تحت تسميات مختلفة ولهذا كانت المواقف السياسية للبعض تتناقض حتى فيما بينها، وفي مثل هذه الحالة فإن المواقف السياسية التي تأخذ أو يعلنها البعض منهم لا تدقق وان كانت تدغدغ مشاعر المواطنين بشعارات طنانة وبمفاهيم مشوهة ولا واقعية، ولقد دأب البعض من هؤلاء على خلق نوع من عدم الثقة بين المكونات القومية، فتراهم يتقلبون بين الطائفية أكثر من الطائفيين المتشددين والقومية الضيقة أكثر من القوميين المتطرفين الذين ضيعوا ليس فلسطين والفلسطينيين فقط بل مفهوم الوحدة العربية حلم الأمة العربية! وبين الوطنية وهم  أساءوا لها كأن أحداً من العراقيين لا يضاهيهم وطنية!، وسنكف عن مناقشة مشروعهم القومي المتطرف الذي جعل البلدان العربية في هرج ومرج وفتت قواها الأساسية المخلصة للمشروع القومي التقدمي الديمقراطي الهادف إلى قيام وحدة أو اتحاد فيدرالي بعد استكمال الظروف الموضوعية والذاتية، وقد أدى التبعثر إلى قيام دول دكتاتورية في نزعتها المعادية للحريات وللديمقراطية وفقدان الحلول المشروعة لحقوق القوميات الأخرى، لا بل شن حروب الابادة والقتل مثلما حدث في السابق والعراق خير مثال، هذا النهج  يمارسه البعض من القوى السياسية في تحالف العراقية وغير العراقية بطرق مختلفة وأساليب تمويهية تحت طائلة من الشعارات القومية المتطرفة أو الوطنية الرجعية التي تهدف إلى عرقلة قيام الدولة الاتحادية الديمقراطية التعددية، وتحاول هذه القوى أن تظهر بمظهر الحريص على وحدة العراق وعدم تقسيمه، لكنها في الوقت نفسه تشيع أخباراً وإشاعات عن المكونات القومية وفي مقدمتها الكرد العراقيين وتتهمهم بمحاولة الانفصال وقيام دولة كردية، أما قضية كركوك فقد أصبحت وكأنها خارج حدود الجغرافيا وكلما لاحت في الأفق رؤيا واقعية أو التفاهم للتوصل إلى حلول تخدم جميع مكونات كركوك بدون استثناء وتمنع التجاوز على حقوق مشروعة ، فينبري البعض بإخراج ما بحوزته لإثارة الفتنة والشقاق عن طريق النفاق السياسي، ولا يستحي البعض من نفسه حتى لو ناقض نفسه بنفسه فيذهب بعيداً لتشجيع القوى التي تعمل ليل نهار من اجل دفع البلاد إلى طقوس الحرب الطائفية والقومية ويقف مدافعاً عن القتلة والمجرمين أما ضحاياهم فتنقلب الحقيقة فإذا بهم هم الجناة على أنفسهم أما الجناة الحقيقيين فيحتلون مكان الضحية وترتفع الأصوات بأنصافهم، حقاً أن العراق يعيش بهؤلاء شبه تمثيلية إذاعية تخفي وجوه ممثليها لا خجلاً من حقيقة أدائهم الفاشل وخطبهم الرعناء التي تشيع الفرقة والنزاع وتطلي الكذب بالحقيقة ولكن حتى لا تتكرر سيماء وجوههم الكالحة المعروفة.

اليوم وبعد جر الحبل الطويل نسبياً أصبحت كركوك المدينة الشمالية التي تعتبر من مناطق كردستان العراق " قدس ونجف وكربلاء " بالنسبة للبعض من القائمة العراقية دون الالتفات ولو إلى الوراء وتذكر خطبهم العصماء بقدس فلسطين الضائعة، لماذا هذا التحول ونسيان أولى القبلتين وثالث الحرمين وإبدالها بكركوك؟ أليس هذه قضية فيها نظر؟ فها هو المؤتمر الصحافي المشترك مع نواب العراقية حيث  قام النائب ياسين العبيدي باتهام التحالف الكردستاني بالتنصل من الصيغة التوافقية ، إلا أنه لم  يشرح لنا  بنود الاتفاقية فقد ذكر عموميات حول قانون الانتخابات الطلسم إلا انه شدد بقوة وبألم على أن " من مصلحة الجميع أن يكون العراق دوائر متعددة " لماذا لا أيها السيد العبيدي؟ الجواب بدلاً عنه لأن جوابه الداخلي  ـ كي تتوزع الأصوات التي تعد أكثر من مليون صوت بينكم ويبدأ توزيع المقاعد التعويضية عليكم وللنواب الذين لا يحصلون حتى على خمس أصوات، ولم يكتف السيد العبيدي بذلك فأكد بعلو صوته رفض " العراقية التلاعب بهوية كركوك، لأنها قبلتنا وقدسنا ونجفنا وكربلائنا  " للمن يريد النائب العبيدي خداعه! وإلى أين رُحلت القدس في فلسطين بعدما  احتلت كركوك بقدسيتها مكانها لا بل احتلت  مكانة النجف وكربلاء على الرغم من وجود مراقد ألائمة  في هاتين المدينتين؟ وهل سيطلق النائب العبيدي أسماء أخرى على كركوك مثل القادسية أو الاحواز أو الاسكندرونة وقد يشبهها بالكويت الضائعة حسب مفهوم الفكر القومي الدكتاتوري.. ثم أليس كركوك والسيلمانية ودهوك واربيل محافظات عراقية مثلما هو حال المحافظات الأخرى؟ أم العلة في عقلية أولئك الذين يرون في تطور الإقليم عقاباً لتخلفهم وإثارة لشوفينيتهم.

التفجيرات الإجرامية التي أصابت اربيل أو التي تصيب يومياً المحافظات الأخرى ألا يعني للعبيدي وغيره بأن العراق هو المستهدف والمواطنين العراقيين يعاقبون بطرق وأساليب للانتقام منهم كعرب وكرد وتركمان وكلدوآشوريين وغيرهم؟ فلماذا كركوك بالنسبة للنائب العبيدي ومن تحالف معه في العراقية أو في التحالف الوطني أو في تحالف سياسي في القول ظاهرياً أنها قدسهم ونجفهم وكربلائهم وليس اربيل والبصرة وبابل والموصل والسليمانية والانبار  وواسط  والسماوة وذي قار وديالى؟ إلا يعني ان الهدف ليس بالقدسية حسب العقلية الطائفية والقومية المتخلفة وأنها هدف لخلق الفتنة والوقوف حجر عثرة أمام أي حل ينهي أزمة المناطق الكردستانية المختلف عليها لأن الحل سوف يخدم كل العراق بدون استثناء ويجعله في حالة من الاستقرار حتى لو كان نسبياً بدلاً من هذه الفوضى والقتل الجماعي والفردي واستمرار التفجيرات التي تؤدي إلى كوارث إنسانية حقيقية، ثم لماذا يفكر هؤلاء ممن تعز عليهم قضية كركوك مشوهين واقعها ان تعز عليهم جميع المحافظات وليس على أساس " قسمة ضيزى بينها " وقضية العراق وشعبه الذي يدفع الثمن جراء سياساتهم وتحالفاتهم وخلافاتهم وصراعاتهم وان يكونوا منصفين وصادقين مع أنفسهم ويبعدوها عن هذا الصراع والتطاحن من اجل المصالح الضيقة وذلك جزء صغير لاستقرار البلاد.. وإلا.. انهم يسعون لاستمرار الفوضى وعدم الاستقرار لهدف هم يعرفونه! فمن هو عمر الجبوري حتى ينوب عن الشعب العراقي ويتكلم باسمه بالقول "  أن الشعب العراقي لن يسمح بالمساومة على كركوك ووضعها على طاولة الصفقات والمساومات السياسية، حمل المسؤولية التاريخية لكل من "يتواطئ على عراقية كركوك" وكأنه يوظف للتقسيم مقدما عندما يذكر التقسيم والتواطؤ وكأن العراق عدة دول وليس دولة واحدة، ولا نزيد بل نسأله باعتباره نائب عن كركوك ويعمل بإخلاص من اجل مصلحتها  ـ ما هو موقفه حينما جرت مجزرة الحويجة ؟ أم السياسية أصبحت تجارة رابحة بأرواح المواطنين العراقيين! ليكن هو وغيره ممن يغمضون عين ويفتحون الأخرى مسؤولين أمام التاريخ بتواطئهم لما يجري في العراق من جرائم يدنى لها جبين الإنسانية.

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.