اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

مخاطر التطرف الديني على السلم الاجتماعي // مصطفى محمد غريب

تقييم المستخدم:  / 1
سيئجيد 

  

اقرأ ايضا للكاتب

مخاطر التطرف الديني على السلم الاجتماعي

مصطفى محمد غريب

التطرف الديني سابقة معروفة بين الشعوب وقد سجل لنا التاريخ العديد من القوى ذات النهج المتطرف دينياً واستخدام العنف بدون مبررات لتثبيت مواقفها الفكرية معتمدة بشكل وآخر على نصوص منفصلة من بعضها فتبدو وكأنها الأساس بينما الحقيقة أن التكامل في النصوص والتوجيهات التي تستخدم على الكل أي المجموع يبعد النظرة العصبية التي تقود إلى التطرف  الذي يسيء للدين ككل، ويشكل التطرف الديني خطراً حقيقياً على السلم الاجتماعي وتعايش مكونات الشعب ليس في الدول العربية والإسلامية فحسب بل باقي دول العالم التي  تتواجد فيها جاليات إسلامية نزحت إليها عن طريق الهجرة أو لأسباب اقتصادية وسياسية أو اللجوء بسبب الاضطهاد والقهر وحجب الحريات بالقمع البوليسي أو القانوني الذي تصدره السلطات الحاكمة في بلدان هذه الجاليات، وبهذا الصدد فقد كشفت دراسات حديثة متخصصة في مجال الأديان أن عدد المسلمين في العالم  يتجاوز المليار والنصف المليار وهو يقدر بحوالي ربع سكان المعمورة وهذا الكم من البشر يعيش في ظروف مختلفة وتحت ظل أنظمة سياسية متنوعة  أيضاً، وحسب دراسات المنتدى الفكري الأمريكي المسمى ( بيو لدراسة الأديان والحياة العامة ) فإن حوالي 60% من المسلمين يقيمون في آسيا و 20% في الشرق الأوسط وأفريقيا ويشكل المسلمين في البعض من دول أوربا أكثر ممن يسكنون في دول عربية  وقد أشارت الدراسة أن عدد  المسلمين في المانيا  أكثر من عددهم في لبنان ، وأما في روسيا فعددهم أكثر من الأردن  ومن ليبيا وعددهم في إثيوبيا أكثر من أفغانستان وهكذا  تتجلى الرؤيا عن اللوحة الواسعة للمسلمين وأهميتها على النطاق العالمي حيث يعتبر الدين الإسلامي ثاني دين بعد الديانة المسيحية  كما تظهر اللوحة مدى أهمية وضرورة السلم الاجتماعي الذي يدعو للتعايش بين مكونات الشعب دينياً وقومياً وعرقياً لسد الطريق أمام أي تطرف ديني أو عنصري ويمنع من تناميه وانتقاله  إلى تنظيم سياسي يُجيّر المفهوم الديني الضيق لصالحه ويشوه التعاليم الدينية التي تدعو إلى السلم ونبذ العنف، والتطرف أي كان نوعه  يكمن في جوهره ومظهره  نبذ الرأي الآخر ورفضه وصولاً إلى العدمية والتدمير، ولا سيما في الأمور الدينية التي يسئ فيها للدين وهو يعد غلواً يصل لحد التقصير في معرفة الدين أو محاولة لتحريف أحكامه  ولم يقتصر التطرف أو الغلو على الإسلام فحسب بل هو متواجد في الأديان الأخرى وحمل التاريخ الكثير من الوقائع وكشف عن الكثير من أدوات وآليات التطرف الديني حتى داخل الدين الواحد..

لقد بات واضحاً النهج المتطرف المبني على العنف بكل أنواعه والذي يتبناه المتطرفون وما آلت إليه سياستهم في مجال تطبيق الشريعة وصولاً إلى أهداف سياسية أصبحت خطرة على مجمل الأوضاع في عموم المعمورة كما تعاني دولاً عربية وإسلامية من التطرف الديني والطائفي مثل العراق وسوريا ولبنان وباكستان وأفغانستان وإيران ودول أخرى،وهذا التطرف الديني والطائفي  هو نهج تستخدمه المنظمات الإرهابية التكفيرية السلفية والأصولية لتحقيق أهدافها حتى على حساب مئات الآلاف من المسلمين وغير المسلمين فلديهم " الغاية تبرر الوسيلة " والقتل عندهم هوية يتميزون به لكي يرهبوا المواطنين ، ولو راجعنا بياناتهم ورسائلهم  التي تحتوي على التهديد والوعيد للمواطنين وعائلاتهم وللأطباء والأكاديميين والمهندسين من اجل جمع الاتوات ولو أطلعنا على حيثيات القتل بكاتم الصوت وغير الكاتم والتفجيرات بالسيارات المفخخة أو العبوات اللاصقة وعمليات التهجير لتأكد المرء أنهم لا ينتمون للدين الإسلامي ولا  أي دين من الأديان الأخرى، وهم لا ينتمون لأي فكرة إنسانية حضارية تؤمن بالسلم الاجتماعي وتنبذ العنف وتحترم وتبجل القيم الإنسانية بل هم هجين من البربرية والتخلف،  ونتيجة الأعمال الإرهابية والتدمير الواسع  تزداد قناعة المواطنين على أن الإرهاب بشقيه السلفي والأصولي ينتمي لدين واحد هو التطرف والقتل والاضطهاد وإرهاب المواطنين، ولم يقتصر الإرهاب والتبجح بالشريعة على القتل والجرائم النكراء فحسب فقد تواصل مع ما يبث من أفكار وقرارات ومفاهيم تخص التدخل المباشر وغير المباشر في قضايا مدنية وحياتية والتجاوز على حريات ومعتقدات الناس حتى غير المسلمين  حيث يلصق زوراً وبهتاناً بالشريعة الإسلامية، وهو كما قلنا لا يقل إرهاباً عن الممارسات العنفية التي تستخدم لإرهاب المواطنين حتى أن الأمم المتحدة نفسها ونتيجة الأرقام المهولة لضحايا الإرهاب والقتل وصفت العمليات الإرهابية  التي تجري في العراق بأنها عمليات للإبادة الجماعية،  وبمجرد إلقاء نظرة خاطفة على ما  يراد تطبيقه على حياة المواطنين الاعتيادية فسوف يجد المرء الأعاجيب، فمثلاً وبعد الاحتلال ثم منذ بداية أول حكومة عراقية كانت ومازالت هناك ممارسات غير طبيعية ضد المرأة في بعض المناطق  في العاصمة بغداد وفي العديد من مدن الجنوب والوسط وبخاصة في البصرة حول الالتزام بأوامر أو قرارات تتخذها بعض القوى  المتطرفة دينياً من المنظمات التكفيرية الإرهابية والميليشيات الطائفية ومنها ، منع المرأة من الخروج متبرجة وعليها ارتداء العباءة والبرقع، يمنع التدخين وكذلك النركيلة، منع زيارة النساء لأطباء الأمراض النسائية الذكور بقصد المعالجة، يمنع تمشيط الشعر وفق التسريحات الحديثة، ويمنع وضع أي شيء على الشَعر عند الشباب ( المقصود العطور والدهون المختصة بالشَعر...الخ ) تغلق محلات الخياطة النسائية  إذا تواجد رجل فيها حتى لو للعمل ، تغلق محلات الحلاقة الرجالية، يمنع تقصير الشعر عند الرجال، وهناك عشرات من الممنوعات الأخرى التي تخص الأغاني وكاسيتات الأغاني  وحلاقة الكوافير النسائية والاختلاط  في المدارس والجامعات، يمنع وضع الملابس النسائية في واجهات المحلات ويجب أن تكون البائعة امرأة، تمنع دور السينما والمسرح والموسيقى أو أية فعالية فنية...الخ

لقد تولدت قناعة عند فئات واسعة من المواطنين العراقيين بعد مشاهدات ملموسة ووقائع دموية وعن ما يجري على الواقع من أعمال إجرامية شملت الجميع بدون استثناء ولم تفرق بين أي مكون ولا أي دين أو طائفة أو مذهب بل العكس هو الصحيح، فان هذه الجرائم التي ارتكبت ومازالت ترتكب  حصرا باسم الدين الإسلامي أو بالشريعة الإسلامية وكل فريق من أحزاب ومنظمات الإسلام السياسي وبخاصة تلك التي تتبنى العنف المسلح يدعي أحقيته في التطبيق وينفرد التطبيق بعقوبات ملموسة بالضد من المواطنين الفقراء والكادحين والموظفين والعمال والفلاحين  والنساء والشيوخ والأطفال، حيث تكون الأهداف المحلات التجارية والمقاهي والمطاعم والأسواق الشعبية ودور العبادة وأي تجمع بشري بهدف اجتماعي بريء من السياسة أو التحيز إلى أية جهة سياسية، وقد  أدت تلك الجرائم إلى مئات الآلاف من الضحايا الأبرياء بين قتيل ومصاب ومهجر،  وقد تبين في اغلب الاستطلاعات المتتالية بين أواسط أغلبية المسلمين غير المتطرفين من كلا الاتجاهين أنهم بالضد من التطرف الإرهابي الديني الإسلامي والطائفي الذي تقوده  المنظمات التكفيرية والميليشيات والأحزاب المتطرفة، وينتاب أكثرية المسلمين القلق العميق من استمرار التطرف بما فيه تلك التوجهات الفكرية المعادية للسلم الاجتماعي ولأبسط حقوق الإنسان والحريات العامة والحريات الخاصة، وقد تأكد من سير الأحداث خلال السنين بعد الاحتلال والسقوط وقيام الحكومات العراقية أن دور السلطة في عهد إبراهيم الجعفري ثم نوري المالكي سعوا  في تعميق الأزمة واستغلال القوى المتطرفة للسياسة العرجاء التي تعتمد مفهوم المحاصصة، وقد لعبت هذه السياسة دوراً إضافيا ورئيسياً في بعض الأحيان في توسيع التطرف الديني والطائفي واستخدام العنف المزدوج وتفشي ظاهرة المنظمات الإرهابية والميليشيات الطائفية المسلحة المنفلتة، ولهذا يجب أن يعدل مسار السلطة الحاكمة بالتوجه نحو تقويم العملية السياسية اعتماداً على مبادئ الديمقراطية وأحقية الجميع في المواطنة وعدم الاستثناء والاحتكار والتسلط بحجج غير مفهومة وطنياً مما يزيد " الطين بلة "

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.