اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

العراق.. إلى أين؟// مصطفى محمد غريب

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

اقرأ ايضا للكاتب

العراق.. إلى أين؟

مصطفى محمد غريب

 

لم تكن النتائج المأساوية التي يمر بها العراق في الوقت الراهن غريبة عن توقعاتنا السابقة التي أثرنا فيها كل تداعيات الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية،  وما توقعناه من حالة مزرية وفواجع متواصلة ترتبط اشد الارتباط بالأوضاع السياسية المتردية بين القوى المهيمنة صاحبة القرار وفي مقدمتها ائتلاف دولة القانون بقيادة رئيس الوزراء نوري المالكي التي تتحمل الجزء الرئيسي في هذا التردي والحالة المزرية كما تتحمل سياسة المراوغة وكيل الاتهامات واستغلال قضية الإرهاب بدون الالتفات الجدي للميليشيات الطائفية المسلحة التي تتحرك بكل حرية وقانونية مخالفة القوانين التي تنص على عدم السماح بوجودها المسلح، ولم تكن القوى السياسية الأخرى بعيدة عن هذا التردي فقد  ساهمت هي الأخرى في تعقيد الأمور بهذا الشكل أو ذاك ولم توحد جهوداً لا في البرلمان ولا خارجه من اجل إيقاف الانحدار والوقوف أمام تعنت وانفراد نوري المالكي بالقرارات المصيرية وردعه من التجاوز على الدستور أو خرق الاتفاقيات التي أبرمت وفي مقدمتها اتفاقية اربيل بعد ولايته الأولى، واستمرت الأزمات تتوالى فمن أزمة إلى أزمة ومن تعقيد إلى تعقيد ومن خلافات وصراعات من مكون إلى آخر وياليت من اجل مصلحة البلاد أو مصلحة الناس بل أنها صراعات غير مبدئية بين الكتل ومن اجل المصالح الذاتية والحزبية والطائفية والمكاسب والاستحواذ على القرار حتى وصل الأمر إلى ما هو عليه من سوء إلى أسوء وأخذت الأيدي الخارجية تلعب في مقدرات البلاد واستحوذت على موارده وبخاصة النفط تحت طائلة من الحجج بما فيها التعاون مع مافيا الفساد والتهريب وامتد هذا التدخل حتى أصبح القرار العراقي مرتهناً لتوجهاتها وأهدافها ومصالحها، وَجَرّتْ أكثرية أقسام البلاد إلى التطاحن والانقسام، وعمت الاحتجاجات والمظاهرات أكثرية المحافظات وقد انحصرت في البداية على الاعتصامات والاحتجاجات السلمية  ليبرز الإرهاب الممول بشكل منظم داخلياً أولاً وثانياً خارجياً بعد استغلاله تباطؤ الحكومة وعدم جديتها في إيجاد حلول منطقية وسريعة للمشاكل التي لم تكن عصية على الحل ، وأطلقت يد الميليشيات الطائفية المسلحة لتساهم يداً بيد مع الإرهاب التكفيري في التدمير والقتل والفساد، وهذا ما نراه في بغداد  والانبار والموصل والفلوجة ومناطق عديدة في صلاح الدين وبابل وكربلاء وكركوك وغيرهم من مناطق البلاد من تداعيات مسلحة وتفجيرات إجرامية وقتل واغتيال وتهجير وصولاً إلى تزايد أفواج الهاربين من مناطقهم وديارهم والعاطلين عن العمل وتفشي الفساد والرشوة في جميع مرافق  الدولة تقريباً، فابسط معاملة لمواطن لا تنجز إذا لم يدفع المعلوم لمافيا من موظفين ومساعدين همهم الوحيد نهب جيوب المواطنين واستحواذهم على اكبر قدر من  قوتهم اليومي  فكيف حماية المال العام وعدم الاستيلاء عليه بطرق ملتوية والذي يقدر بمليارات الدنانير العراقية، وبدلاً من إيجاد الحلول المنطقية السليمة والذهاب إلى بر السلامة نجد التوجه إلى استعمال القوة والسلاح وزج الجيش بكل ثقله للاشتراك في صراع مسلح ليس غايته الحفاظ على امن واستقلال البلاد ومقارعة القوى الخارجية الطامعة التي تريد نهب خيراتها عن طريق التدخل المباشر إنما بالضد من القوى المعارضة التي كانت منذ البداية قوى سلمية معارضة للنهج الحكومي الطائفي، ولم تفرق  ا لحكومة بين هذه القوى وبين القوى الإرهابية وفي مقدمتها ما يسمى بالدولة الإسلامية في العراق والشام ( داعش ) التي لا نعرف من أين تمول بملايين الدولارات ومن يدفعها للقتل والتخريب .

 

أما مسرحية الصراع والخلاف مع قيادة الإقليم التي باتت شماعة تعلق الحكومة وجهات سياسية أخرى مشاكلها عليها فقد أوججت مرات عديدة حتى بات الخلاف وكأنه قضية مستعصية ولا يمكن حلها وعلى الرغم من اللقاءات بين حكومة الإقليم ورئيس وزرائه  وبين الحكومة العراقية برئاسة نوري المالكي المتكررة نجد لا أفق قريب للحل لا بل زاد من تفاقمها عدم دفع الرواتب للإقليم الذي اثر بشكل مباشر على حياة عشرات الآلاف من المواطنين الذين يعيشون على مرتباتهم وانتقل الوضع على الحياة الاقتصادية والمعيشية مما دفع مئات الآلاف من الكرد وغيرهم إلى دخول الأزمة من أوسع أبوابها وراحت الاتهامات المتبادلة بين الفرقاء الذين يدعون بالتحالف الاستراتيجي تخلق الحيرة والاستغراب أمام اتهامات الحكومة بتهريب النفط من الإقليم وبخاصة منطقة " كرميان " إلى إيران وأفغانستان بواسطة صهاريج النفط المعدة لهذا الغرض فضلاً عن خط أنبوب النفط الذي اكتشف على الحدود التركية العراقية، وتبقى كما في السابق إقرار الميزانية وحصة الإقليم من المشاكل التي تُرحل كل عام إلى عام آخر تحت طائلة من الاتهامات والخلافات ولا ينظر إلى مصلحة الشعب بعين الاعتبار ولا إلى المشاريع التي تنتظر إقرار الميزانية، وليس الموازنة والعلاقة مع الإقليم أو العلاقات بين القوى السياسية إلا جزء من مشاكل وقضايا لا تحصى وفي مقدمتها التدخل في شؤون السلطة القضائية وتسييس القضاء وقضية تداعيات الانتخابات ومحاولات التأثير على البرلمان والضغط باتجاه إخضاعه للسلطة التنفيذية فضلاً عن الأعمال العسكرية  في الانبار والفلوجة التي طالبنا منذ بداية الاعتصامات السلمية بضرورة إيجاد الحلول والتفاهم بدلاً من الإهمال والتقاعس وتنبأنا بالنتائج وهاهي أمام أعين الجميع، وعدم أنجاز القوانين الضرورية للعملية السياسية وبناء الدولة المدنية كقانون النفط والغاز وقانون الأحزاب وقوانين أخرى مازالت تنتظر التشريع وقد رحلت من دورة برلمانية إلى دورة وقد ترحل أيضا إلى الدورة الانتخابية القادمة أو ستبقى قيد المجهول وحسب أهواء الكتل الكبيرة النافذة، وبهذا يعيش العراق حالة من الفوضى وتعدد مراكز القرار والخلافات  العميقة ولا ينظر المواطن بالطمأنينة والاستقرار لمستقبله بل بعين القلق والخوف والمصير المجهول ويقترب رويداً رويداً من التقسيم على أساس طائفي وقومي ضيق، حتى الانتخابات أصبحت عبارة عن مسرحية تعد فصولها حسب المخططات غير الشريفة وانقلب الحماس لدى المواطن العراقي والتفاؤل بالديمقراطية والحريات إلى التشاؤم وأصبحت الحياة لا تطاق لا امنياً ولا معيشياً بالنسبة لملايين الكادحين وأصحاب الدخول الضعيفة والمتوسطة بينما يحصد الإرهاب والميليشيات الطائفية أرواح المواطنين الأبرياء الذين يعانون في كل لحظة من الحالة المزرية التي يعيشونها في ظل حكومة يتحكم فيها بالمطلق ائتلاف دولة القانون ورئيس الوزراء نوري المالكي، البعض يتحدث عن التغيير القادم مع الانتخابات القادمة فأي تغيير يعنون؟ وبخاصة أن المهيمنين على سلطة القرار استطاعوا خلال سيطرتهم على السلطة والأموال أن يتلاعبوا بالقوانين والقضاء وحياة المواطنين المعيشية ولديهم القدرات المطلقة تقريباً على إخضاع الإعلام والأموال العامة لشراء الذمم وخداع المواطن الفقير وبقانون انتخابي ما زال أعرجاً، داعيك من التداخلات الخارجية والدعم المادي الهائل لبعض الأحزاب والكتل للتأثير على الانتخابات وحتى حرف وتزوير نتائجها لصالح فئة حزبية أو طائفية ، لابد من الاعتراف بالوضع المأساوي الذي يمر بالعراق والقلق من باب الحرص على مستقبله ووحدة أراضيه ووحدة الشعب بمختلف مكوناته، ولا بدم من القول الصريح إلى أين يسير العراق؟ بعد دخوله العام الثاني عشر بعد الاحتلال وسقوط نظام البعث في ظل هذه القوى التي لا تأبه لمصيره مثلما تأبه لمصالحها ونفاقها والادعاء بالحرص والروح الوطنية، لا بد من الوقوف بكل حزم ضد التهميش والتخلص من الحكم الطائفي والتوجه الطائفي واعتماد دولة المواطنة وحل القضايا والمشاكل بطريقة التفاهم والحوار بدلاً من العنجهية والتشدد، لا بد من الاعتراف بان العراق لن يدار بالطريقة القديمة ولا بالطريقة الطائفية بل عن طريق الديمقراطية والاعتراف بحقوق الجميع متساويين أمام القانون والخضوع التام لمفهوم تبادل السلطة سلمياً على أساس الانتخابات الديمقراطية والمواطنة

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.