اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• الفنان التشكيلي أياد الزبيدي بين الحكاية الشعبية والنمنمات الإسلامية

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

نبيل عبد الأمير الربيعي

مقالات اخرى للكاتب

الفنان التشكيلي أياد الزبيدي بين

الحكاية الشعبية والنمنمات الإسلامية

 

     (( إن الجمال ينقسم إلى جمال الصورة  الظاهرة المدركة بعين الرأس وإلى جمال الصورة بعين القلب ونور البصر)) الغزالي في كتابه إحياء علوم الدين

        أقام الفنان التشكيلي البابلي معرضه الشخصي الثامن على قاعة الود البابلية للفنون التشكيلية في مدينة الحلة بعنوان(( رؤيا جمالية للموروث الشعبي)) من خلال الرصيد البصري لدى الفنان التشكيلي,

وقد عقب الفنان التشكيلي الدكتور باسم العسماوي عن لوحات الفنان أياد الزبيدي:( (أياد الزبيدي قد وظف  وتناول  الحكايات والخرافة والإسطوره من وجهة نظر  معاصرة إذ حضر معرفياً في عمق التأريخ , وذلك بإستخدام  الموروث البصري والحكائي لدى الأساطير البابلية والسومرية والآشورية والأكدية. وترحيلها برؤية محدّثه باتجاه المستقبل )).

 

الفنان التشكيلي أياد الزبيدي

من أهم  أسباب بقاء  الفنون وديمومتها  الاختلاف في وجهات النظر , وتحديد الجميل من عدمه , وقد أكد الفنان أياد الزبيدي من خلال لوحاته بأن الجمال نسبي يختلف من عين لأخرى ومن وقت لآخر لنفس العين , فان البحث عنه هدف مستمر للمشتغلين فيه على اختلاف اختصاصاتهم .

        ويؤكد الباحث عبد الواحد لؤلؤه في ترجمته لموسوعة المصطلح النقدي إن هذا البحث يولد دوام الإبداع لطرائق تحقيقه عبر الجمالية التي تمثل بعينها أفكار عن الحيات والفن, وقد اعتمد الفنان على مبدأ ثنائية الأشياء بين الخير والشر والأسود والأبيض والماء والنار والسماء والأرض وما بينهما  من حكايات وأساطير تكاد تشبه بتلوينها وإخراجها  السجاد اليدوي  بالحرفة العالية , إنها فعلاً مجموعة  سجاد ولكن حيكّت  من خلال البصر والذهن , إذ اعتمد على رصيده  وإرثهُ البصري مما استفز المتلقي بكثير من الأسئلة , لأن تكن الأسئلة هي ترميز لهذه الحكايات  , واعتمد على حلها من قبل المتلقي دون السلوك بقدراته الرؤيوية , صحيح إن هذه الأعمال  ترتقي بعالميتها مع الفنون الهند أوروبية  التي تضرب على نفس الوتر من حيث العبادات والطقوس والتقاليد الشعبية الموروثة  سبيلاً على ذلك مثل الفنون الهندية والفنون الماليزية والفنون المغاربية والأفريقية  إن صح التعبير .

      بقيت هذه الأعمال مثيره لشك المتلقي  حول فك هكذا رموز ورسائل , قد تكون للوهلة الأولى  مبهمة ولكنها بعد رحلات متتابعة  أصبح السهل الممتع للصعب البسيط.  غير متناسين التعاويذ السحرية  المتأصلة بالمرجعيات القديمة لدى  فئات المجتمع والخزعبلات.

     يؤكد الفنان التشكيلي د. باسم العسماوي , إن أياد الزبيدي ((كان مرسل بحق الرسالة الفولكلوجتماعيه

وكان منتخباً بحق هذه الخريطة البصرية  ذات المعرفة العالية لدى العارفين بهذا الميدان , شكراً لعطاءات الزبيدي  وتجربته لهكذا مفاهيم  بها  خط الرجوع  للماضي الجميل بنكهتهُ الشعبية)).

     والجمالية في ما مقدم هنا هي مجموعة العلاقات التكوينية  والمفاهيمية المترابطة  في العمل الفني التي تجعله جميلاً ومحققاً  لاستجابة المتلقي, وانطلاقاً من هذا الطرح يبقى البحث عن إجابات لإستفهامات مستمرة عن ماهية الفن , إلى من يقدم إذا كان مخصوصاً بشريحة معينة نخبوياً أم شعبياً , وما علاقة الأنا الفنية با لنحن الجمعية؟ كلها تطرح عند مواجهة سطح اللوحة ولا جدوى لاعادة الطروحات الخاصة بهذا الموضوع الذي أشبع وما زال فلسفة التنظير , حتى أصبح أكثر  انطواء لمرتاديه.

    ويؤكد الدكتور محمد عودة سبتي ((إن الرؤيا  الجمالية الحاضرة في لوحات الفنان الزبيدي من الفولكلور والتراث والأساطير والعادات والتقاليد , كل ما يهم الهوية العراقية  عبر التأريخ وحضاراته المتزاحمة من حضارة  بابلية  وسومرية وأكدية و إسلامية عباسية , وغير هذه الأعمال حاضرة فيها المرأة وأخيها الرجل وهي التي تدل على إهتمام  الفنان بالمرأة  وشؤونها)).

    لوحات الفنان الزبيدي التشكيلية تجمع بين التجربة العالية الرمزية البسيطة المعبرة, لا توجد أي تناقضات مابين لغة الأعمال التجريدية وأعمالها الرمزية, ويعبر د. محمد عودة سبتي((إن الفنان يجمع  الفن في تقديمهُ بشكل متناغم ومتناسق ومتوحد خلال الرموز  ولولا  تعدده لهذه الدلالات من شناشيل التراث والثور البابلي الذي يرمز للقوة, وشهريار وشهرزاد , وعندما تقرأ العمل الفني  لأياد  الزبيدي يقّرب بين أعمال البسط التراثية, أي التزاوج بين العمل الفني والتراث من خلال الخطوط بتوظيف فن الزخرف والخط العربي توظيفاً جمالياً معبراً وواضحاً خلال التكرار من بعض الزخرف وتواصلها واستمرارها)).

     لقد استخدم الفنان الزبيدي اللون ذات الصبغة الاسلامية وزجهً في الصوفية التي توحي بذلك إنطلاقاً للكون اللامتناهي  المحدود الروح البشري مع الرحاب السماوي. هنالك بعض الألوان الهادئة الحميمة الرائعة تعبر عن العلاقة ما بين الرجل والمرأة عبر التأريخ , هذه الثنائية التي لا يمكن إيجاد حل للغزها , كما نجح الفنان بتشييد العلاقة من خلال اللون الهاديء الذي يعبر عن هذه العلاقة المستمرة  ما بين الرجل والمرأة التي تؤكد استمرارية الحياة.

    هذا حس الفنان من خلال التعبير عن شخصية  هادئة الطباع متأملة منزوية منفصلة عن الواقع تبحث عن سر الوجود واللغز المحير للكون. أما الخطوط تعبر عن شخصية مليئة بالإرهاصات  النفسية  منها ما يبدو للواقع  فيرونها ما يبدوا للماضي الإسلامي وأمجاده  ومتمسكة بأمجاد الحضارات عبر التأريخ.

     وقد علق الفنان أياد طارق عن لوحات الفنان الزبيدي(( بأن اللوحات تمثل الرمزية ما بين  الحكايات الشعبية والجانب المستوفي من الآثار البابلية والسومرية والحضارة الإسلامية , حيث يرمز الثور في الحضارة البابلية  للقوه والقيادة وترمز المرأة البدينة الجسد  للخصب , ونجاح الفنان  يكمن في اختيار المناسب للرمزية للدلالة عن موضوعية اللوحة)) .

     لقد وضع الفنان الزبيدي بصمتهُ في جميع لوحاته التشكيلية وتحقيق الهوية للعمل يمكن من خلالها حمله والتجوال  به في كل العالم ليرى الترابط بين علاقات المنظومة التشكيلية وما تحمله من رؤى وأفكار لا تهمل الأساسات بالوقت الذي  يحاول الحفاظ على الذات , والبحث يبقى مستمر للوصول إلى هدف تحقيق لوحة فنية يمكن من خلالها الحكم على إنها لوحة إن لم تكن عراقية فإنها شرقية أو عربية على الأقل .

   إن أجمل ما  في  إبداع السياب محليته وتغنيّه بوطنه جيكور وحبيباته , وأجمل ما عند جواد سليم بغدادياته التي كانت سلم رفع’ , وأجمل ما في نجيب محفوظ هوية المكان التي كانت مثاراً لإثبات  الوجود, هذه الأعلام على سبيل المثال لا الحصر استخدمت كل طاقاتها وأستفادت من كل ما طرح وسخرتها لعالمها الخاص وانتمائها لمحليتها , فكانت طريق العالمية ودوام الإبداع.

    لقد حملت لوحات الزبيدي الأعمال التي تنطلق ببساطة بفطرة الأمهات التي تعلق خرز الحمص على واجهات البيوت خوفاً من الحسد مع عدم وجود ما يُحسد علية , لكنها القناعة والاعتزاز بالنفس , وبساطة البيوت وتشابكها وتداخلها ومشاركتها الوجدانية التي تضفي جواً من المحبة والأخاء وسعة المكان بزحمته , ليعطي رسالة إلى أن الحق في العيش للجميع, هذا التداخل والتشابك الذي يشكل الأزقة التي أنجبت أعلام تقف لها الإنسانية بكل تقدير واحترتم كالبصير والطاهر ومير بصري وسليم البصون والشيخ الماشطة وغيرهم , هذه الأعمال بث فيها كل ما مخزون في الذاكرة من نقوش ما انفكت العين  تراها على الجدران والأبواب , في الاضرح والسجاد بتقنيات  مختلفة لا تغفل أساسيات العلاقات التي تحكم اللوحة لتنتج عمل يطمح أن يحقق الصور الجمالية بشقيها. الفن يعتبر عنصر مشاركة لا استعلاء ما  دام يدخل في كل حياة الإنسان منذ ولادته وحتى مماته وكل ما بينهما طقوس فنية معقدة وبسيطة ,فإن كانت زخرفيه فإن الزخرفة وامتداداتها اللانهائية هي التي جذبت المستشرقين, والواقعية إن  يشكل المحيط بهدف إبداع ما يثير في النفس إحساساً بالجمال.

    

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.