اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• أفراح مستوردة!!!

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د. سناء شعلان

مقالات اخرى للكاتبة

أفراح مستوردة!!!

 

قبل أيام كانتْ رأس السّنة الهجرية، كما كان قبلها بأيام رأس السّنة الميلاديّة، وشتّان بين الميلادي والهجري! وهل أتاكم حديث التقويم الهجري؟ الكثير من المسلمين نسوا أو تناسوا أو روّضوا كي ينسوا أنّ هذه الذكرى تتجاوز الميقات والرّصد والتدوين على بعض المفكرات والتقاويم السّنوية وجداول العطل والإجازات لتكون تذكرة لمن يتذكّر؟ ومن تراه يريد أن يتذكّر؟

     رأس السّنة الهجرية ليست يوم أو حدث أو طريقة جديدة لاحتساب السّنوات وإحصائها وتأريخ الإنجازات و إعمار الهياكل السياسية عبر التاريخ؟ بل هي ثمرة نضال، وبدء عدّ السنين بمنطق الإنجاز والعمل وعبادة الله وخلافة الأرض وفق قانون إلهي يحارب الظلم ، ويساند العدل، ويساوي بين البشر، ويهدم الطواغيت، ويحارب الشيطانين أبشراً كانوا أم أنصاف بشر.

عندما بدأ المسلمون باعتماد التاريخ الهجري كانوا قد أرسوا نواة دولتهم الإسلامية، واستنهضوا قوى العمل والإيمان والخير في أنفسهم، وطفقوا يحملون دينهم إلى كلّ الدّنيا، وقد قرّت أنفسهم بالعزّة في جوار ربهم وبالقرب من رسوله الكريم محمد العربي عليه الصلاة والسّلام. وما اعتمادهم لهذه الميقات الجديد للتقويم إلاّ صورة من نصرتهم لربهم الذي نصرهم، وصدى لاعتزازهم بدولتهم الناشئة، ورسول ربهم الكريم، وتجسيد لمعاني البذل والتضحية والثبات على الموقف، فهم قد جعلوا يوم هجرة رسولهم الكريم عليه الصلاة والسّلام من مكة حيث الكفر والإلحاد، إلى المدينة حيث الثلة الكريمة من المؤمنين، المشرئبة أنفسهم لله ولرسوله وللإسلام تاريخاً لحياتهم،يؤرخون به، وينسون  ما كان قبله من عصور الظّلم، وحقب الجور،وسنين الكفر،وجعلوا بذلك موقف رسولهم الكريم الرافض للكفر، والمضحّي بكلّ شيء من أجل دينه، والمهاجر وحيداً إلاّ من إيمانه وصحبة صديقه أبي بكر رضوان الله عليه ميقاتاً لسنينهم، وتقويماً لقراراتهم وأعمارهم.

 

 

 

 وبهذا التقويم الهجري الجديد شرعوا يأرّخون أعمارهم وأفعالهم، فبه أرّخت الفتوحات والإعمارات والمؤلفات العلمية والاكتشافات والآداب والفنون والرحلات وسنين الجدب والعطاء، والتحرير وسير العظماء والصالحين والفاتحين والأبطال، وبه كذلك ربطتْ الخيرات والزكاة والخراج والوقوف والهبات.

     ولعلّ المسلمين لم يعتقوا يوماً أنّ هذا التقويم الهجري سيصبح في ذاكرة النّسيان  في يوم من الأيام ،شأنه شأن كثير من الأشياء التي سقطت في الظّل وانتصر عليها العدم مثل انتصارات الأمة واكتشافاتها وإنجازاتها وأفراحها الحقيقية وسنوات عزها ومجدها وقوتها...

  وها قد أصبحت رأس السّنة الهجريّة مناسبة منسيّة لا تستدعي الاحتفال فضلاً عن التذكّر إلاّ عند القليل من المسلمين،في حين هي بكلّ ظلالها الرّوحيّة ومفاهيمها الفكريّة وإحالاتها الدينيّة لا تستدعي عند الكثير من المسلمين أن يرسلوا للتهنئة بها ولو رسالة إلكترونية وعبر الجهاز الخلوي للأصدقاء والأقارب!!!

 

 قبل أيام كانت رأس السّنة الميلادية فضاق الأثير بالرسائل الإلكترونية، وقامت الدنيا وما قعدت، ورُبطت ببدايتها الأفراح والبدايات والنّهايات أيضاً، وضربت لقدومها الدفوف،وهزّت الخصور،  وملئت الكؤوس،وتحرّكت أسواق الاحتفالات والأفراح الكاسدة، كلّ ذلك لأنّ عاماً جديداً من الغلاء والحروب الدامية في كوكب الأرض قد بدأ.

 

أمّا بداية سنة هجرية جديدة فلا تكون مناسبة تستحق الوقوف عندها والتفكّر بها وبأجوائها، وتنزوي حزينة إلى جانب أفراحنا وأعيادنا المهجورة! ولا عجب في ذلك، فأمة استوردت طعامها وشرابها ولباسها وأفكارها وقراراتها وأولوياتها وحرامها وحلالها من الأمم الأخرى، أليس من المتوقّع أن تستورد أفراحها ومناسباتها العزيزة من الأمم الأخرى كذلك؟  فترقص وتعربد وتسكر في راس السّنة الميلادية تماشياً من الأمم الأخرى !!! ثم تنسى بداية رأس سنتها الهجرية  بكلّ إحالاتها وظلالها،ولا تذكر من هذه البداية المباركة والتقويم إلا إنّه يوم عطلة رسمية براتب مدفوع!!! ونحن أمة تحبّ العطل الرسميّة لاسيما المدفوعة الأجر منها.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

 


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.