اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

مهمة الجيش العراقي هي الحفاظ على السلطة الدكتاتورية وديمومتها// زكي رضا

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

اقرأ ايضا للكاتب

مهمة الجيش العراقي هي الحفاظ

على السلطة الدكتاتورية وديمومتها

زكي رضا

ـ الدنمارك

8/1/2014

 

في السادس من كانون الثاني من كل عام تحتفل الدولة العراقية ب "عيد" تأسيس جيشها الذي تمر هذه الايام ذكرى تأسيسه الثالثة والتسعين، وقد كتبت بهذه المناسبة عشرات المقالات خصوصا وان ذكرى تأسيسه تأتي والعراق يمر بمنعطف خطير، حيث عصابات الارهاب المدعومة من جهات اقليمية باتت معروفة وحواضنها، تعيث بأمن الناس والبلد. في ظل ضعف كبير لحكومة طائفية واقرب الى الدكتاتورية ظلت عاجزة منذ ما يقارب الثمانية اعوام عن تقديم اي شيء "لمواطنيها" وعمقت بممارساتها البعيدة عن كل ما هو وطني الشرخ الموجود اصلا بين ابناء مجتمعنا. ومن هذه الممارسات زج الجيش ليكون طرفا في نزاعات سياسية اصلا كما كان عندما تحركت قوات دجلة نحو المناطق المتنازع عليها، او ليكون دعاية انتخابية "للسلطة" لضرب قوى ارهابية تناستها الحكومة المركزية لسنوات ولغاية في نفس يعقوب كما يقال، او لقمع تظاهرات سلمية كما تظاهرات ساحة التحرير وغيرها. فمن هو الجيش العراقي اليوم وهل يربي جنوده تربية ديموقراطية كي يكونوا على اهبة الاستعداد للدفاع عن وطنهم وكرامة شعبهم، وهل هناك جيش عراقي يتمثل فيه جميع ابناء شعبنا على اختلاف تلاوينهم القومية والدينية والمذهبية والسياسية، ام هناك جيش شيعي وآخر سني وثالث كردي؟

 

لو عدنا الى تاريخ اول قانون للتطوع في الجيش العراقي في العام 1921 وبعد اشهر من تأسيسه الذي اصدره وزير الدفاع حينها "جعفر العسكري" لاكتشفنا ان نية الجيش أو السياسيين القائمين على امره كانت ومنذ بداياته هي تحريكه لضرب تظاهرات وانتفاضات وثورات ابناء شعبنا. فبعد اعلان قانون التطوع اهدت الحكومة البريطانية للجيش العراقي حينها بطاريتي مدفعية جبلية في اعلان واضح باستخدام السلاح ضد الشعب الكوردي اذا ما ثار ضد السلطة المركزية وهذا ما حصل فعلا. وفي العام 1927 حاولت الحكومة ان تشرّع قانونا للتجنيد الاجباري الذي ووجه برفض بريطاني مما اخرّ تشريعه لحين قبول العراق في عصبة الامم العام 1933 ، ومن اهم نقاط التشريع حينها كانت حول مهام الجيش الذي حدده القانون ب " الامن الداخلي والدفاع عن الوطن" وبذلك اعطيت الاولية لان يأخذ الجيش مهام الشرطة اولا ثم مهامه كجيش للدفاع عن حدود الوطن، وبلغة اخرى فان مهام الجيش بدأت كمهام بوليسية قبل ان تكون عسكرية.

 

لقد لعب الجيش العراقي طيلة العهد الملكي دورا كبيرا في الحفاظ على السلطة الحاكمة وكان اداة طيّعة بيدها بقمعه عشرات التظاهرات والاضرابات في المدن العراقية المختلفة ومنها العاصمة بغداد التي قمع بها الجيش وبقسوة بالغة انتفاضتي أعوام 1952 و1956 ، واستخدم الجيش من قبل السلطات الملكية في كسر اضرابات العمال كما كان رأس حربة النظام في ضرب الثورات الكوردية والحركة الايزيدية وانتفاضات الفلاحين كما استخدم لمرات بشكل طائفي بضربه حتى مواكب العزاء الحسينية، ولو دققنا في طبيعة الجيش وتنفيذه للاوامر فاننا لا نرى اي عصيان او تململ من قبله لمعارضة استخدامه ضرب ابناء بلده.

 

واستمر الجيش العراقي حتى في العهد الجمهوري الاول وعلى الرغم من وطنية السلطة الى حدود بعيدة مقارنة بكل السلطات التي حكمت العراق لليوم في تنفيذ نفس مهامه وخصوصا بعد ان سيطر عليه البعثيون والقوميون نتيجة تراجع قيادة ثورة تموز عن اصطفافاتها الطبيعية مع قوى اليسار وعلى رأسها الحزب الشيوعي العراقي والحركة الديموقراطية وقمعهما لاحقا، والذي تجسد بعودة القتال ضد الشعب الكوردي منذ العام 1961 ، مما هيأ الارضية المناسبة لقوى الردة في انقضاضها على السلطة بانقلاب شباط الاسود.

 

واستمر الجيش العراقي معزولا عن الشعب وبعيدا عن همومه ليكون جيشا "عقائديا" قمعيا في خدمة دكتاتورية الحزب الواحد والقائد الواحد الذي ادخله في حروب عبثية ضد ابناء شعبنا الكوردي قبل ان يزجه رأس النظام الدكتاتوري الارعن في حرب طويلة وقاسية ضد الجارة ايران، لتلد تلك الحرب حرب عبثية اخرى بدخول الجيش الى اراضي الجارة الكويت، ليخرج منها بعد اشهر ذليلا مهانا ومحطما ليعلن استسلامه المذل في خيمة صفوان. وبدلا من ان يتحرك هذا الجيش بالثأر لكرامته على الاقل رأيناه يدك المدن العراقية المنتفضة في الجنوب الشيعي وكوردستان العراق بالصواريخ والمدافع والدبابات مرتكبا المجازر الوحشية بحق المنتفضين والسكان العزل بعد الاستسلام الرسمي مباشرة . وبقي هذا الجيش سورا للنظام حتى ساعة تبخره امام القوات الامريكية في آذار عام 2003 ، ومن المفيد الاشارة هنا الى ان الجيش العراقي يعتبر من الجيوش القلائل ان لم يكن الوحيد الذي استخدم اسلحة كيمياوية ضد ابناء شعبه كما في حلبجة وضد مقاتلي المعارضة الوطنية العراقية اثناء قتالها ضده في ذرى وجبال كوردستان.

 

ان الجيش العراقي الذي تبخر امام المحتلين اصبح اثرا بعد عين عندما اعلن الحاكم المدني الامريكي بول بريمر حلّه وليعاد تشكيله ثانية من قبل سلطات ما بعد الاحتلال. وبدلا من اعادة بناءه على اسس المواطنة وتربية منتسبيه تربية ديموقراطية حقيقية وابعادهم عن المفاهيم الطائفية لانهم يمثلون العراق وليس طوائفه وقومياته، وهذا ما اشارت اليه احدى بنود مواد التشريع للتطوع الاجباري او الالزامي في العام 1927 الانف الذكر والذي نص على فتح ابواب الجيش ليضم كل العراقيين. نرى الجيش العراقي اليوم مقسما الى جيشا كورديا يتركز تواجده في اقليم كوردستان وبعض اجزاء المناطق المتنازع عليها وجيشا شيعيا يتركز تواجده في الجنوب حيث الشيعة، وجيشا سنيا طور التكوين يتركز في المحافظات الغربية والشمالية الغربية حيث السنة.

 

ان عدم وجود ضباط ومراتب وجنود من مختلف القوميات والطوائف في الجيش العراقي وفي مختلف المناطق العراقية يشير الى حقيقة قد يقفز عليها البعض لاسباب عديدة، وهذه الحقيقة هي عدم وجود جيش وطني بل جيوش طائفية والتي ان تسلحت من دون غطاء سياسي ودون نظام ديموقراطي حقيقي بعيد عن هيمنة الدين والطائفة، فان الصدام بين هذه الجيوش سيبقى قائما خصوصا وانها تعتمد "لليوم" على خبرة ضباط الجيش العقائدي البعثي والذين يتمايزون عن بعضهم البعض اليوم فقط، هو كونهم ضباط بعثيون شيعة او ضباط بعثيون سنة. ويبقى هذا الجيش وبهذه العقلية والممارسة خير حافظ للنظام الطائفي المدمر، معتبرا ديمومة السلطة والحفاظ عليها بإعتباره اليد الطولى في قمع المناوئين كمهمة ارأس.

 

سلطة وطنية ديموقراطية تنبذ الطائفية هي الوحيدة القادرة على بناء جيش نستطيع ان نفتخر به

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.