اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

• تزامن نشوء البروليتاريا العراقية وحزبها الشيوعي -//- فراس الحمداني

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

تزامن نشوء البروليتاريا العراقية وحزبها الشيوعي

فراس الحمداني

الحديث عن تاريخ الحزب الشيوعي العراقي، وعمره تجاوز ال 78 عاماً، يتطلب الكثير والكثير من الجلسات والنقاش والجدل، انه تاريخ غزير بالأحداث وغني بالعبر والتجارب المشرقة والمريرة، المعمدة بدماء الشهداء الخالدين، التي يحتاجها الشيوعيون وجماهير شعبنا لمواصلة كفاحهم الشاق، بأقل ما يمكن من الأخطاء والخسائر، في سبيل تحقيق شعارنا المركزي "وطن حر وشعب سعيد"، إن إدراك حقيقة الظواهر الاجتماعية طويلة الأمد بموضوعية مطلقة، كظاهرة نشوء الحزب الشيوعي في العراق وتواصل كفاحه الشاق، يتطلب تفسيراً علمياًَ يكشف عن العوامل الموضوعية، التي تقف وراءها، او ما نسميه بالأساس المادي المحتم لنشوء وديمومة الظاهرة.

وتتضاعف أهمية مثل هذا التفسير عندما نجد ان أعداء الشيوعية في العراق قد بذلوا جهوداً وطاقات هائلة للقضاء على الحزب الشيوعي دون جدوى، رغم كل أساليبهم الوحشية والقمعية واستخدام مختلف الأساليب القذرة، المكشوفة والمتسترة، لتشويه أفكاره وسياساته ومبادئه.

فما الظروف الموضوعية التي حتمت نشوء وتواصل ونمو حزبنا الشيوعي المجيد؟

نحن نتحدث الآن عن ظاهرة نشوء حزب سياسي، ولغرض فهم هذه الظاهرة نتساءل؟ لماذا تنشئ الناس أحزابا لها؟

الجواب – ان التنظيم يقوي نشاط الناس ويضاعف من طاقاتها، وهي تبني وتطور مجتمعنا الإنساني لكي يلبي لها حياةً أفضل ويحقق طموحاتها.

ولكن لماذا أحزاب سياسية متنوعة ومتصارعة ومتناحرة؟

الجواب – ان مصالح الناس في المجتمع الطبقي، كما هو حال مجتمعنا في الظرف الراهن، هي مصالح متباينة ومنها ما هو متناقض وما هو متعارض تماماً، ولهذا تنشئ الطبقات او الفئات الاجتماعية تنظيماتها الخاصة بها لتحقيق أقصى تعبئة جماهيرية، كل حول برنامجها السياسي الذي يلبي مصالحها وطموحاتها ورغباتها، والحزب السياسي هو أرقى وأمضى أشكال التنظيم كونه يستهدف السلطة السياسية، الاحتفاظ بها او الاستيلاء عليها، والسلطة، كما هو واضح، هي الأداة الأشد تأثيراً في حياة المجتمع الإنساني في الوقت الراهن.

من كل ذلك نستنتج ان الفهم الصائب لأهداف الحزب السياسي، أي حزب، مهما كانت شعاراته التعبوية، وبالتالي سياساته وتكتيكاته اليومية، يتطلب بالدرجة الأساسية البحث عن الجذر الطبقي لهذا الحزب، ويشمل ذلك أيضا الحركات والقوى السياسية مهما كانت درجات وأشكال تنظيماتها.

ولهذا فإن الحديث بصورة علمية عن نشوء الحزب الشيوعي يتطلب البحث قبل كل شيء عن نشوء الطبقة العاملة العراقية التي يدافع عن مصالحها ويكتسب منها خصائصه بالدرجة الرئيسية، فقبل ولادة الحزب، أداة الطبقة، ولدت الطبقة كما هو حال جميع الأحزاب والحركات السياسية الأخرى، وهذا ما نطلق عليه بالأساس المادي للأحزاب والحركات الاجتماعية، وبالمناسبة نشير الى ان اغلب الأحزاب السياسية تتجنب الاعتراف بهويتها الطبقية، في حين ان حزبنا يجاهر ويفتخر بهويته الطبقية ويتمسك بها بإصرار في جميع نشاطاته وفي رسم سياساته.

الظروف الموضوعية لنشوء الحزب الشيوعي العراقي

وجدت الطبقة العاملة العراقية مع ظهور الإنتاج السلعي البسيط، الذي يمتد تاريخه الى قرون عدة ولسنا الآن بصدد معالجة هذا الموضوع، وما يهمنا هو النقلة النوعية في تركيبة الطبقة العاملة التي حصلت منذ بدء الاحتلال البريطاني للعراق الذي ادخل نمطا جديدا في الإنتاج وهو الإنتاج الواسع الكبير نسبيا والذي يتطلب أيادي عاملة تستوعب أساليب العمل والإنتاج الجديدة.

بعد الاحتلال البريطاني للعراق أخذت تظهر الى الوجود مشاريع ومؤسسات إنتاجية وخدمية كبيرة نسبياً تشغل أعدادا كبيرة من العمال العراقيين يحتاجها المحتل لاستغلال ثروات العراق الطبيعية وفي مقدمتها النفط.

تكونت ونمت الطبقة العاملة مع دخول وتزايد الاستثمارات الرأسمالية الأجنبية المؤقتة والثابتة، فجذبت الأعمال الإنشائية التي رافقت الاحتلال البريطاني، كمد سكك الحديد وأعمال البناء وشق الطريق وبناء الجسور وأرصفة الميناء وأعمال الحفر وإنشاء معامل الطابوق واحتياجات النقل والشحن والتفريغ وما يماثلها، كثيراً من أبناء الريف الى ميدان العمل الأجير، كما استقطبت العمال الماهرين العاملين في الحرف والورش والمنشآت الصغيرة، وقد قدر عدد من استخدموا لمختلف الأغراض أثناء الحرب ب 156 ألف عامل كان منهم 35 ألف عامل هندي الجنسية، أما الباقون فهم عراقيون من مختلف القوميات، وكان يعمل في مشاريع السكك وحدها أكثر من 24 ألف عامل.

وعند انتهاء الانتداب البريطاني بلغ عدد عمال السكك الثابتين أكثر من خمسة آلاف عامل وفي الميناء عمل منهم أكثر من ألفي عامل. وعملت في ذلك الوقت أكثر من سبعة آلاف شاحنة كبيرة.

احدث دخول الاستثمارات الرأسمالية الأجنبية توسعاً في السوق الداخلية مما حفز الرأسمال المحلي على توسيع نشاطه والتوجه لبناء المشاريع والمعامل والمؤسسات الإنتاجية والخدمية، مثلاً في تعبئة وكبس التمر وفي مختلف المهن والحرف الخدمية والتكميلية (الحدادة، الأحذية، الخياطة) وغيرها، ويعكس جانباً من هذه الحقيقة الجدول التالي عن أهم المشاريع وعدد العمال فيها لعام 1929.

وبالإضافة الى ما ذكرناه فقد عمد الاستعمار البريطاني الى انتهاج سياسة تفكيك الملكية الصغيرة للأرض بسن قوانين ترسخ العلاقات الإقطاعية في الريف وقوانين تشدد من استغلالهم والتي تدفع الفلاحين للنزوح من الريف والبحث عن العمل في المدن، كوسيلة لخلق احتياطي دائم لقوة العمل الأجير ورافداً مستمراً لتوسيع البروليتاريا وضاغطاً عليها لتشديد استغلالها.

وبتكون البروليتاريا العراقية ونموها في المجتمع العراقي وما يلازم هذه العملية من استغلال بشع لقوة عملها، نشأ الأساس المادي لظهور وتصاعد دور الحركة الشيوعية وحزبها الشيوعي في العراق، هكذا كان حال ظاهرة الحركة الشيوعية وأحزابها في أوربا وتزامن نشؤوها بعد سيادة علاقات الإنتاج الرأسمالية في دولها الرئيسة، التي صاحبها نشوء ونمو الطبقة العاملة في مراكز صناعية وإنتاجية كبيرة، أي البروليتاريا، التي تسهم بصورة رئيسة في إنتاج الخيرات المادية للمجتمع.

تزايد دور الطبقة العاملة في المجتمع العراقي.

وبطبيعة الحال نمت وتطورت البروليتاريا العراقية كما ونوعا مع التوسع الكبير لاحقا في استخراج النفط وتصديره وتكريره، ومع تزايد إنشاء المشاريع الكبيرة الحكومية والأهلية.

ليس النمو العددي للبروليتاريا العراقية هو العامل الوحيد في تزايد دورها "وزنها" في المجتمع العراقي، بل والاهم من ذلك تصاعد مساهمتها الفاعلة ونمو حصتها في رفد الاقتصاد العراقي بمقومات نموه وتطوره، وتنعكس هذه الحقيقة بوضوح إذا علمنا، مثلا، ان عائدات النفط في سنة 1934، عام تأسيس الحزب الشيوعي، شكلت 6،19 بالمائة من مجموع الدخل الحكومي، حتى وصلت الى ما يقارب ال 95 بالمائة في الوقت الراهن، وهذه العائدات تتحقق بفضل المساهمة الرئيسية لقوة عمل البروليتاريا العراقية، ان تعطل هذه القوة لأي سب كان، كالإضطراب الشامل مثلا، يعكس الأثر الكبير للبروليتاريا العراقية في حياة المجتمع ومدى خطورة تنظيمها على المصالح الأجنبية، وكذلك ما تختزنه من طاقات وإمكانيات موضوعية في التأثير على مسيرة تطور المجتمع العراقي متى ما فعل ونظم عملها رغم قلة عددها، وهذه الخاصية هي ظاهرة عالمية أيضا، ان إدراك قوى الاحتلال وأنصاره لهذه الحقيقة يفسر أسباب تركيزها الاستثنائي على محاربة التنظيمات والنقابات العمالية والحركة الشيوعية وحزبها منذ وقت مبكر، وكذا الحال الأحزاب البرجوازية الحاكمة.

أهم خصائص الطبقة العاملة جديدة التكوين:

* انها تعاني وتتحسس يوميا بشاعة الاستغلال الأجنبي لثروات بلادها البشرية والمادية، وسنجد انعكاس هذا الواقع على نضالها بشقيه المتلازمين، الوطني والطبقي تلازما تاما.

* انها تتعامل مع تكنولوجيا متطورة (آلات، ومعدات، وأساليب عمل) في عمليات الإنتاج والذي يدفعها للتعلم والمعرفة واكتساب المهارة في العمل، كل ذلك يؤهلها أكثر من غيرها لاستيعاب المعرفة النظرية والعملية وتوظيفها في نضالها ضد الاستغلال.

* انها منظمة في منشآت كبيرة تشعرها بأهمية التنظيم وقوته ويرهف حسها الطبقي (إحساسها بكونها طبقة متماسكة)، وتسهل لها ظروف عملها الجديدة بناء منظماتها الطبقية المحنية والسياسية للدفاع عن حقوقها وتحقيق أهدافها. * تزايد دورها في رفد المجتمع بالخبرات المادية (إنتاجية عالية) مما يرفع من إحساسها بقدراتها الملموسة وبمصدر قوتها على ارض الواقع، وبالتالي قدرتها على انتزاع حقوقها.

* اتساع الهوة بين العمال ورب العمل وتقلص العلاقات اليومية المباشرة بينهما وزوال المصالح المشتركة بينهما تماماً.

العوامل الذاتية لنشوء الحركة الشيوعية وحزبها في العراق:

ان نشوء العوامل الموضوعية لوحدها غير كاف لنشوء تنظيم او حزب، يتطلب الأمر تحرك الناس المعنيين والواعين لمصالح طبقتهم لتحقيق ذلك على ارض الواقع، وهو ما نطلق عليه بالعوامل الذاتية (نشاط الناس)، اتخذ نضوج العوامل الذاتية مسارات متعددة متوازية ومتداخلة ومن الأبسط نحو الأرقى، نتطرق اليها من خلال محاور ثلاثة أساسية:

المحور الأول

على صعيد تكون الوعي الاشتراكي والشيوعي، لعبت انجازات الحركة الشيوعية العالمية النظرية والتنظيمية دورا رئيسا في انتشار أفكارها وخبرتها وتجاربها بين العراقيين، وكان لانتصار ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى في روسيا عام 1917 وانجازاتها التاريخية الكبرى، منذ أول أيامها، دوره الكبير في هذا الشأن، لقد ساهم المثقفون العراقيون وروادهم حسين الرحال، واحمد السيد والعديد غيرهم في نشر الفكر الاشتراكي العلمي في العراق، ولغرض توسيع نشاطهم أسسوا نوادي وأصدروا مجلات ومارسوا نشاطات فكرية عملت بحدود إمكانياتها وبفترات متقطعة.

المحور الثاني

النشاط الفكري والتنظيمي الذي بذله رواد الحركة الشيوعية في العراق وفي مقدمتهم يوسف سلمان يوسف فهد مؤسس الحزب الشيوعي، ويمكن تلمس هذا النشاط من خلال ما نعرفه من التاريخ:

* حصل أول إضراب شمل مئات العمال في مسفن ميناء البصرة في صيف عام 1918 قاده أخ الرفيق فهد داود سلمان يوسف قدمت خلاله عريضة بمطالب العمال لتحسين ظروف العمل، كان قد كتبها فهد لهم، وحينها كان يعمل في شركة الكهرباء، وقد نجح الإضراب بمقاييس ذلك الزمان، (بواكير النضال العمالي المنظم والواعي). * في عام 1924 قدم عمال السكك طلبا لتأسيس ناد للعمال في السكك (باكورة التنظيم).

* في عام 1927 بادر عمال السكك الى شن أول إضراب لزيادة الأجور واستطاعوا من خلاله انتزاع بعض الحقوق.

* في حزيران 1928 قدم 45 عاملا مذكرة احتجاج ضد المعاملة القاسية في شركة النفط وباقي الشركات الأجنبية.

* في العام نفسه تأسست جمعية أصحاب الصنائع ضمت صغار الحرفيين والعمال وانتشرت في جميع أنحاء العراق بين عمال السكك في الديوانية، وسدة الهندية، وأور، وقرغان وغيرها.

وحصلت لاحقا على اعتراف أممي بها عندما وجهت لها الدعوة للمشاركة في مؤتمر عالمي عام 1933، كما تأسست جمعية عمال المطابع.

* اضرب عمال السكك في آذار عام 1931 للمطالبة بتحسين ظروف عملهم وكان عاملا رئيسا في تحقيق إضراب عام بعد أشهر عدة في تموز ضد شركات الكهرباء والذي ساهمت فيه جماهير شعبية واسعة من مختلف الطبقات والفئات الاجتماعية.

المحور الثالث

الشكل الأرقى في التنظيم:

تزامنا مع نشاط الطبقة العاملة وأنصارها في مجال الفكر والتنظيم النقابي والجماهيري، عمل الأكثر وعيا منهم على إنشاء خلايا ماركسية، وقد أنشئت مثل هذه الخلايا في البصرة، والناصرية بمبادرة وقيادة فهد، والذي بادر أيضا لتنظيم صلات وعلاقات مع خلايا مماثلة لها أنشئت في بغداد، وكانت تلك الخلايا الجنين الذي ولد في المجتمع العراقي والذي سيكتمل نموه وصولا الى ولادة الحزب الشيوعي العراقي في 31 آذار عام 1934، وساهمت الحركة الشيوعية العالمية (الكومنترن) في دعم التنظيمات الماركسية في العراق ونشر أفكارها كونها جزءا لا يتجزأ من حركة الطبقة العاملة العالمية.

ـــــــ

فراس الحمداني

جريدة "طريق الشعب"

الخميس 27/ 9/ 2012

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.