اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

• " أربيل فى أدوارها التأريخية " نقطة أنعطاف فى دراسة التأريخ الكردى -//- د. زينب جلبى

تقييم المستخدم:  / 1
سيئجيد 

د. زينب جلبى

" أربيل فى أدوارها التأريخية " نقطة أنعطاف فى دراسة التأريخ الكردى

مصائر الكتب مثل مصائر البشر . حيث لا تقاس أهمية أى مفكر أو مؤرخ أو أى عالم بكثرة مؤلفاته ، بل بمدى تأثيره فى جيله و الأثر الذى يتركه بعد رحيله . و مؤرخ الكرد وكردستان الكبير زبير بلال أسماعيل ( 1938- 1998 )م أحد أبرز رواد كتابة التأريخ الكردى فى النصف الثانى من القرن العشرين ، كان له أبلغ الأثر فى تحديد مسار كتابة تأريخ الكرد و كردستان الحافل بالأحداث الجسام . . و فتحت مؤلفاته آفاقا جديدة للمؤرخين من جيله و الأجيال اللاحقة .

كان الراحل العظيم يخوض فى بحر من المجهول ، حيث ان تأريخ الكرد و كردستان كان يكتنفه الغموض الى حد كبير . و ما دونه ( المؤرخون )العرب عن الشعب الكردى -عن بعد - كان مجرد أوهام وخرافات لا يصدقها أى عاقل . و لم يكتبوا شيئاً ذا قيمة ، أضافة الى ان تلك الكتابات كانت عابرة و مشتتة فى ثنايا مؤلفاتهم المكرسة أصلا لتأريخ شعوب أخرى .

اليوم نتحدث عن أثر عظيم من آثار المؤرخ الجليل شكل نقطة أنعطاف و أنطلاق فى دراسة تأريخ الكرد و كردستان و هو كتابه الشهير " أربيل فى أدوارها التأريخية " على أمل ان نتحدث عن مؤلفاته الأخرى تباعاً .

صدر الكتاب فى النجف الأشرف فى العام 1971 و طبع على نفقة المؤلف الخاصة . و قد أثار الكتاب عند صدوره ضجة كبيرة فى الأوساط العلمية والثقافية الكردية ، حيث كرست جريدة " التآخى الغراء صفحات عديدة للسجالات التى دارت حول الكتاب بين المثقفين الكرد . و قد وصفت الجريدة هذا الكتاب بأنه " موسوعة تأريخية " لا بستغنى عنها أى مثقف .

تكمن أهمية الكتاب فى أعطاء صورة عامة و شاملة عن تأريخ المنطقة المحصورة بين الزابين و بخاصة مدينة أربيل العريقة خلال أربعة آلاف عام أى منذ ان وجدت الكتابة و حتى العام 1917. و هذه الصورة كانت غائبة تماما قبل صدور الكتاب . كانت هنالك نتف و أشارات متفرقة فى بطون الكتب و المخطوطات القديمة عن أقليم الجبال و بضمنها منطقة أربيل ، و لكن مؤرخنا الجليل هو أول من لفت الأنظار الى هذه الشذرات . و جاء الآخرون ، من طلبة الدراسات العليا و تحت أيديهم المصادر و المراجع ، التى أشار اليها الراحل الكبير .

حقاً كانت هنالك بعض الكتب و المخطوطات تحمل عنوان " تأريخ أربل " منها مخطوطة " تأريخ أربل ( نباهة البلد الخامل بمن ورده من الأماثل ) " للأديب والشاعر و الوزير فى أمارة أربيل فى عهد السلطان مظفر " ابن المستوفى " و كانت هذه المخطوطة ضائعة الى أن تم العثور على أحد أجزائها الأربعة ضمن مخطوطات مكتبة جامعة " كمبرج " فى أواخر السبعينات من القرن الماضى و حققه و علق عليه الأستاذ سامى بن السيد خماس الصقار و صدر فى كتاب من جزءين عن وزارة الثقافة و الأعلام فى العام 1980 ، حيث تبين ان مخطوطة " ابن المستوفى " هى سير و تراجم لعدد كبير من الأدباء و الشعراء والمفكرين و رجال الدين ، الذين زاروا امارة اربيل فى أوج أزدهارها ، حيث كانت اربيل قبلة لكل رجال الفكر و العلم و الأدب و الفقه الأسلامى من أنحاء العالم الأسلامى . و كتاب " ابن المستوفى " رغم أهميته البالغة ليس مؤلفاً فى الكتابة التأريخية ، بل موسوعة كبيرة تعكس الأزدهار العلمى و الفكرى و الأدبى فى مدينة عريقة و عظيمة لعبت دوراً كبيرأ فى الحياة الفكرية للعالم الأسلامى .

و كان يتردد على ألسنة المثقفين فى أربيل بين الحين و الآخر ان ثمة مخطوطة أخرى كتبها أحد القساوسة المسيحيين قبل عدة قرون ، تحمل أيضاً عنوان " تأريخ أربل " و قد تم العثور على هذه المخطوطة مؤخراً و نشرها ورقياً و ألكترونياً ، و تبين أنها تتحدث عن أمور المعابد و الكنائس و لا علاقة لها بتأريخ المدينة أو أنحائها .

وتبقى مخطوطة المحامى المرحوم عباس العزاوى ، و هو استاذ جليل له مؤلفات عديدة قيمة . وكانت هذه المخطوطة ضمن الأرشيف الثرى الذى تركه بعد وفاته، و قد صدر فى كتاب فى العام 2001.

راجع الكتاب و علق عليه و قدم له الأستاذ محمد على القره داغى – عضو المجمع العلمى العراقى .أى ان كتاب المرحوم العزاوى صدر بعد عشرين عاما من صدور كتاب المؤرخ زبير بلال اسماعيل. و كتاب العزاوى يحمل عنوان " أربل فى مختلف العصور – اللواء و المدينة " و هو كتاب قيم و لكن لم يتناول تأريخ أربيل القديم بشكل موسع و لم يشر الى مصادره و هذا ما لا حظه العالم الجليل محمد على القره داغى حين كتب يقول " لم يشر المرحوم العزاوى هنا –كنهجه غالبا ً فى هذا الكتاب – الى المصدر ، الذى أستقى منه معلوماته تلك . و يبدو أنه لم يطلع على المكتشفات الأثرية التى تتكشف يوما ُ بعد يوم و تلقى الأضواء على مراحل( تأريخ اربل ) قبل الأسلام فى عهودها السحيقة ، و قد كرس الأستاذ المرحوم زبير بلال أسماعيل فصلاُ لهذا الموضوع أغناه بكثير من المدونات القديمة و المكتشفات الأثرية . راجع تأريخ أربيل ، ص: 36 "

و نرى على هذا النحو ان المؤرخ الجليل زبير بلال أسماعيل كان و سيبقى رائداً كبيرأ من رواد المدرسة التأريخية الكردية و أبناً باراً لكردستان ، التى عشقها و أفنى عمره باحثاُ عن ماضيها المجيد الحافل بالأحداث العاصفة و ألقاء الأضواء عليها ، فاتحاً بذلك الأبواب الواسعة التى مر منها المؤرخون الكرد الجدد جيلاُ بعد جيل و نهلوا من علمه الغزير الشىء الكثير .

ستحل علينا الذكرى الرابعة عشرة لرحيل مؤرخ الكرد و كردستان الجليل زبير بلال أسماعيل فى الخامس عشر من شهر كانون الأول الجارى . و من حق مؤرخنا الرائد ان تحيى وزارة الثقافة و المؤسسات العلمية الكردستانية ذكراه العطرة ، التى سوف تبقى حية فى ضمائر الأجيال الكردية المتعاقبة .

تحية الى روحك الطاهرة يا ابن كردستان البار و ستبقى مؤلفاتك و جهادك نبراساً لكل المؤرخين من بعدك و لكل من يقدر العلم و العلماء ..

زينب الجلبى

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.