اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

ارشيف مقالات وآراء

• الراقدون في العسل

علي المهداوي*

 الراقدون في العسل

 

يروى أن فارسا سمع يوما صوت نحيب امرأة يصدر من خيمة وهو يسير في طريقه, فترجل من على فرسه ودخل على امرأة عجوز في خيمتها وكانت هي مصدر النحيب, فوجد أمامها شاةً مقتولةً وجرو َ ذئب وهي تبكي وتنوح .

سألها : مابك يا امرأة

قالت: أتدري ماهذا ؟

قال: لا

قالت: هذا جرو ذئب أخذناه صغيراً وأدخلناه بيتنا أرضعناه من حليب هذه الشاة فلما كبر أول مافعله أنه قتل الشاة كما ترى ...

 

لا أغالي ان قلت ان مجلس محافظة ديالى تعامل مع جمهور المحافظة بطريقة اقسى من تلك التي تعامل بها ذلك الجرو مع الشاة التي ارضعته حليبها حتى كبر, فلم يلمس المواطن طيلة سنتين ونيف شيئا من تلك الوعود والعهود التي اطلقت ابان الحملة الانتخابية التي رافقت انتخابات كانون الثاني 2009 والتي اضحت هواءً في شبك بعد ان اثر غالبية اعضاء المجلس الرقود في العسل بعيدا عن الهموم والمشاكل .

 

فالمجلس لم يعقد خلال سنتين من عمره سوى 45 جلسة وبعدد حضور نادرا ما كان يتجاوز ثلثي عدد اعضائه وهو ما يعني أن عضو مجلس محافظة ديالى يتقاضى راتبا يصل الى ثلاثة ملايين ونصف المليون دينار شهريا اضافة الى مصروفات الوقود التي تتكفل بها الدولة وكذلك الايفادات والسفرات التي لم تنقطع طيلة ايام السنة لقاء حضوره المجلس لمرة او مرتين في الشهر او حتى عدم حضوره وهو ما يراه كثيرون ترفا مبالغا فيه جدا بالمقارنة مع اعضاء المجلس السابق والظروف التي واجهتهم في ظل الوضع الامني الذي كانت تشهده محافظة ديالى .

 

ولعل احد أهم اسباب الخلل في اداء المجلس اضافة الى نقص الخبرة عند اغلب اعضائه هو افتقارهم الى العمل المنظم وضعف والتخطيط وانعدام تواصلهم مع الجمهور وهو ما اثر بشكل كبير على علاقة المجلس بالشارع الى الدرجة التي باتت فيها أغلب اسماء اعضاء مجلس المحافظة غير معروفة لابناء المحافظة, كما أن ادارة المجلس رئيسا ونائبا تتحمل قسطا كبيرا من مسؤولية ما اصاب المجلس عبر تهاونها الكبير في موضوع تفعيل لجان المجلس ومتابعة عملها اضافة الى ما يخص موضوع الحضور للمجلس والذي تمر عليه ايام دون تواجد رئيسه أو نائبه لينوب عنهما من يخولانه بالتوقيع وهو ما يسبب فراغا كبيرا وتقاطعات ادارية قد يستغلها البعض لمصالح شخصية او فئوية .

 

لقد انعكس الترهل والضعف الذي رافق عمل مجلس محافظة ديالى سلبا على واقع المحافظة في جميع النواحي وخاصة الخدمية بالاضافة الى تفشي الفساد في اغلب دوائر المحافظة وما صاحب ذلك من منح المشاريع للأقارب والمحسوبين على هذا العضو أو ذاك الطرف وهو ما انتج مشاريع هزيلة لم ترتقِ الى مستوى الطموح فضاع المال وضاعت اغلب مشاريع الاعمار بل ان ما يثير الاستغراب انه وفي ظل وضع الخدمات المتردي الذي تشهده عموم المحافظة فان المجلس استغنى عن استضافة المدراء العامين في المحافظة ومحاسبة المقصرين منهم بأن شمل اغلبهم بكتب الشكر والتقدير التي كانت تتطاير من هنا وهناك بداع او بغير داع.

 

واذا كان من الانصاف القول ان مجلس المحافظة لا يتحمل لوحده كامل المسؤولية عما جرى ويجري خصوصا مع ما قيل ويقال عن تداخل وتقاطع الصلاحيات بين المركز والمحافظة من جهة وبين مجالس المحافظات والوزارات من جهة اخرى اضافة الى عدم منح تلك المجلس الوقت الكافي لانجاز المشاريع مع تأخر اطلاق الموازنات المالية وكذلك عدم الموافقة على تدوير المبالغ المتبقية من السنوات الماضية فان ذلك كله لا يعفي ابدا مجلس المحافظة رئيسا واعضاءً من مسؤولية الضعف الذي رافق عمل المجلس طيلة السنتين الماضيتين والذي قد يستمر حتى نهاية دورته الحالية خاصة اذا ما علمنا ان اكثر من اربعين قرارا اصدرها المجلس على مدار سنتين لم ير نور التنفيذ منها سوى بضعة قرارات حتى اللحظة.

 

ولاشك ان الاحتجاجات التي عمت عددا من مدن العراق وخلت منها محافظة ديالى لا تعني باي حال من الاحوال ان مجلس المحافظة سيكون في مأمن من غضب الجماهير والذي قد يتفجر في اية لحظة وهو ما يتوقع حدوثه ان استمر الوضع على ماهو عليه, كما أن مهلة المائة يوم التي حددها رئيس الوزراء من اجل تقييم عمل الحكومة والوزارات العراقية لن تكون حاسمة للحكومة ولتلك الوزارات فقط بل ستتعداها ربما الى مجالس المحافظات خاصة مع تعالي الاصوات الداعية الى حلها واجراء انتخابات مبكرة باعتبارها المسؤولة عن تردي الخدمات, وهو ما يوجب على الجميع افرادا وكتل الاسراع باعادة تفعيل دور المجلس وترميم العلاقة مع الجمهور عن طريق معاودة اللقاءات والاتصالات بهم والاطلاع على همومهم ومشاكلتهم وايجاد الحلول السريعة والمناسبة لها, كما ان على رئاسة المجلس ان تقوم بدورها في تفعيل عمل اللجان المشكلة ومراقبة ادائها لضمان عودة القطار الى السكة قبل فوات الاوان 

 

*صحفي عراقي  عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.