اخر الاخبار:
قاضٍ أمريكي يُغرّم ترامب ويهدده بالسجن - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 20:36
مصدر: صفقة «حماس» وإسرائيل قد تتم «خلال أيام» - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

على من نطلق الرصاص؟// صائب خليل

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

على من نطلق الرصاص؟

صائب خليل

12 مايس 2016

 

من المسؤول عن جريمة تفجير مدينة الصدر الأخيرة؟ كل لديه مجرمه المفضل الذي سارع بتقديمه إلى المسابقة:

دعاة التقسيم سارعوا بإلقاء التهمة على الطائفية – أي على السنة (باعتبار ان الضحايا من الشيعة)، ولم ينسوا تكرار دعوتهم إلى الانفصال بحماس كبير مستفيدين من "طرق الحديد وهو ساخن".

 

وشارك هؤلاء دعوتهم بشكل مبطن أو صريح، أؤلئك المثقفون الذين تعبوا من الدفاع عن وحدة العراق، فيعلق أحدهم برومانسية تفترض من الحقائق المناسبة ما تشاء بغير حساب: "ليش ما نعترف، احنا شراكوه ومعدان وكاعدين بنص بغداد ونوب فوك الطركاعة نحب علي بن ابي طالب ... شلون ما يحركونه حرك؟" ليجيبه صاحبه برومانسية أكبر وافتراضات أوسع: "نحن متهمون قبل ان نولد...لأن اسماءنا بحد ذاتها تهمة تستوجب القتل في عقيدتهم".

 

ورأى أحد هؤلاء المسارعين في الهبوط أن المشكلة في "حزام بغداد"، ودعا صراحة إلى "تغييره ديموغرافياً". ولا يقل جنوناً بالتأكيد من حاول حشر متهمه المفضل "إيران"، فكتب: "ذنبهم انهم هتفوا – إيران بره بره"!

 

لكن دعاة التقسيمات الطائفية، لم يسيطروا تماماً على الموقف كما في الحالات السابقة، فقد برز آخرون لديهم خيارات أخرى للمتهم المفضل.

حاكم الزاملي، النائب الصدري، فكان عملياً تماما واختار من بين المتهمين ما يساعد أكثر من غيره على ترويج مشروع التيار الحالي إلى "شلع وقلع" المسؤولين الفاسدين، وخاصة "غير المرغوب بهم"، فقال إن تلك التفجيرات استهدفت الضحايا “لمطالبهم المشروعة بإزاحة المفسدين والمتحزبين والطارئين على الامن والمتمسكين بالكراسي".

 

 أحد الأصدقاء الشديدي الحماس للتظاهرات لم يتردد في منشور، بتوجيه تهمة التفجير بشكل غير مباشر، إلى الذين أزعجوه بانتقاد المتظاهرين. وفضّل شاعر عراقي جميل، توجيه التهمة ضمناً بسطور قصيدة رشيقة، إلى "رجال المنابر".

ومهد آخر لمتهمه المفضل الطريق بإزاحته بقية المرشحين المنافسين فكتب: " واحد غبي يكول إيران، واحد اغبى يكول المالكي، واحد منافق يكول جماعة الخضراء، واحد اعمى يكول الصدرين، واحد يكول أمريكا، والدواعش يتبى التفجر.... والحقيقة: التفجير وكل التفجيرات منذ ٢٠٠٣ قام به البعث السني والوهابي ضد المكون الشيعي".

 

تخبط حائر، حسن النية من البعض ومقصود من البعض الآخر. اتهامات ينقصها الدليل، وأخرى ينقصها حتى المنطق، مثل أن تقوم إيران بتفجير عشوائي انتقامي في مدينة الصدر، انتقاماً ممن هتف مرة ضدها من سكانها. ولا تقل سخفا عنها فكرة ألا يختار سني طائفي ما يضحي بحياته من اجله، من بين كل الشيعة ذوي "الأسماء التي ولدت متهمة" ومن "يحب علي"، إلا الجهة الشيعية الوحيدة التي تهتف "إيران بره بره"، ليفجر أطفالها!

 

يجب أن أقول أخيراً أن نسبة لا بأس بها من المعلقين والكتاب، لاحظت عدم معقولية توجيه الإتهام بالتفجير لأي من هؤلاء، لكنهم لم يقدموا مرشحاً بديلاً. فاكتفى أحد الكتاب بالإشارة إلى وجود "إنّ" في القضية، ولعن آخر ضمير "العرب والأتراك والإيرانيين والسعوديين والمثقفين والإعلاميين" وقال بأنهم "كلهم مشاركين" في الجريمة. واكتفى العديد بالتساؤل عن المستقبل وإلى متى تستمر مجازر الشعب العراقي. ووصلت الحيرة أن يكتب واحد يلوم الوطن: "لم أر وطنا يكره ابناءه لهذا الحد"، وبلغ الألم بالبعض (المؤمن) أن يتساءل عن عدالة الله في معاملته لهذا الشعب، وإن لم يكن قد اكتفى بكل الدماء التي سالت، وكتب آخر " اين الله في هذه الفاجعة" وكتب آخر: " ﻻاعلم الى اﻻن ...هل نحن مؤمنون الى هذه الدرجة لكي يسلط علينا رب العالمين هذا البلاء (المؤمن مبتلى).. ام نحن سيئون ويسلط علينا انواع البلاء (مثلما تكونوا يولى عليكم).  يارب... ندعوك فأجبنا"! ... الخ.

 

هل حقاً أن "الإرهاب" كان بارعاً إلى هذه الدرجة في إخفاء هويته، حتى أننا بعد أكثر من عقد من السنين، لا نجد من نوجه له أصابع اتهام سوى "الله" و "الوطن" و"منتقدي التظاهرات" وجهات تتناقض مصالحها تماما مع العمليات الإرهابية؟ هل حقاً أن الأدلة انعدمت فلم يبق لدينا سوى أن "نطبش" بين الخيارات النازية الدموية - "التغيير الديموغرافي" أو البايدنية - تمزيق البلاد، “لعل وعسى” أن تكون أحداها هي الحل لوقف نزيف الدم؟ هل نحتاج إلى الكثير من العقل لنرى انها هي بالذات قد تحول نزيف الدم إلى أنهار دم؟ هل حقاً اننا لم نكتشف خلال كل تلك السنين، اية حقائق محددة، تمنحنا القدرة على تحديد هوية الإرهاب بشكل مادي، وليس بشكل شبح يمكن لكل من يشاء أن يضع مكانه المتهم الذي يريد، ليطلق الرصاص عليه؟ ألم تظهر لنا يوماً أية حقائق نمسك منها برأس الخيط الذي يرشدنا إليه، أم أن تلك الحقائق جاءت وتم دفنها تباعاً بحرفية تجعلنا لا نفتقدها؟ وإن حاولنا استعادتها فلا يكون ذلك ممكناً إلا بالحفر بعيداً في ذاكرتنا؟

 

وأنت يا صديق؟ عندما ستخرج من هنا بعد هذا السطر، وتتجول بين الصور والأفلام المؤلمة، هل ستمضي كالآخرين، تلعن "الحظ" و "القدر" وكل "السياسيين" و"الطائفية" و"دول الجوار"، وربما تساءل "الله" و "الوطن"، أو ربما ستنتظر نصاً تقدمه لك جهة مجهولة تدعي ان داعش تتبنى فيه التفجير... أم ان في ذاكرتك، إن عصرتها قليلا، ما يرشدنا إلى اين يجب ان نطلق الرصاص؟

  

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.