اخر الاخبار:
قاضٍ أمريكي يُغرّم ترامب ويهدده بالسجن - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 20:36
مصدر: صفقة «حماس» وإسرائيل قد تتم «خلال أيام» - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

تُراثنا الغنائيّ الفلسطينيّ إلى أين؟! (9)// سيمون عيلوطي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

سيمون عيلوطي

 

عرض صفحة الكاتب 

تُراثنا الغنائيّ الفلسطينيّ إلى أين؟! (9)

سيمون عيلوطي

 

(الحلقة التاسعة)

إنَّ الاهتمام بالتُّراث الشعبّي على اخلاف أنواعه الفنيَّة والحرفيَّة وجميع أدواته الزِّراعيَّة والمنزليَّة، والألبسة والزَّخارف، والنُّقوش والألعاب، وكل ما يُصنَّف ضمن التّراث الشعبيّ، يُعتبر من الأولويَّات الضَّروريَّة للمحافظة على الهويَّة الثقافيَّة والقوميَّة لهذا الشَّعب أو ذاك، إلى درجة أنَّ الفولكلور بات من أبرز السِّمات التي تُميِّز هذا الَّشعب عن غيره، وذلك لما يحمله من خصوصيَّة تعكس شخصيَّته وثقافته التي توارثها عبر الأجيال المتعاقبة، فكان اللُّبنة الأولى في تشكيل نفسيَّته الشُّعوب وذوقها وأسلوب حياتها وتقاليدها وعاداتها في الأفراح والاطراح والعمل والصَّيد والزِّراعة والمأكل والمشرب وكل ما يتعلَّق بشؤونه السياسيَّة، الاجتماعيَّة، الاقتصاديَّة، الدينيَّة، الوجدانيَّة، الأسرية، إلخ... إلخ... وقد تفنَّنت الشُّعوب في التَّعبير عن هذه الأمور المذكورة بالحكايات الشعبيَّة والرَّقصات ومختلف الفنون، بما في ذلك فنّ الغناء الشعبيّ الذي اخترنا أن نقف عنده في سلسلة هذه المقالات، بعنوان: "تراثنا الغنائيّ الفلسطينيّ إلى أين؟!"، وذلك لأنَّ الغناء في رأيي هو من أكثر الفنون تداولًا بين النَّاس، يُعبِّرون من خلاله في مختلف مناسباتهم عن مشاعرهم، وكافَّة شُؤونهم الوجدانيَّة-الروحيَّة، وكل ما له صلة بواقعهم المُعاش.

 

التُّراث الشَّامي... واتِّفاقيَّة "سايكس بيكو"1916

 لا شكَّ أنَّ التُّراث الغنائيّ في فلسطين، وبلاد الشَّام عامَّة، يُعتبر بمثابة المرآة الحقيقة التي تعكس حياة النَّاس في جميع المراحل، ابتداءً من سفر برلك، مرورًا بفترة الاستعمار البريطاني لفلسطين والأردن، والفرنسي لسوريا ولبنان، ثمَّ النَّكبة التي وقعت على الأرض الفلسطينيَّة في العام 1648.

 

من هذا المنطلق، فإننا حين ننظر إلى هذا التُّراث الشعبيّ-الإنسانيّ، (ألا وهو تراث بلاد الشَّام)، لا سيَّما بعد اتِّفاقيَّة "سايكس بيكو" التي وُقِّعت بين فرنسا وبريطانيا في العام 1916، والقاضية بتقسيم بلاد الشَّام إلى دويلات. نجد أنَّ الكثير من الأغاني لم تزل رغم التَّقسيم الجَّائر رائجة في مختلف المناسبات والأحوال باعتبارها نابعة من تراث شعب واحد، والدَّليل على ذلك أغاني الأعراس "عريسنا عنتر عبس"، و "يا شمس غيبي من السَّما/ عَ الأرض في عنَّا عريس"، و "طلع الزِّين من الحمَّام"، و "عدِّدو المهرة وشدُّو عليها/ تا ييجي العريس ويركب عليها"، و "الزَّغرودة"، و "الدَّلعونة"، و "الزُّلف"، و "العتابا، والميجنا"، و "الشُّروقي"، و "القرَّادي"، و "المخمَّس مقلوب"، و "المعنَّى"، و "التّهليلة"، و "النَّدب". بالإضافة إلى أغاني الدَّبكة الشعبيَة الموزَّعة على عدة أنواع، منها: "الشَّعراويَّة"، "الدلعونة/الشماليَّة"، "الهوَّارة"، "الغزيل"، "البداويَّة"، "السويلي"، "الحدو"، "الكراديَّة"، وتختلف طرق تأديتها حسب الأغنية أو اللحن. مع تغيير بسيط من منطقة إلى أخرى في بعض الكلمات، أو النَّبرة الصوتيَّة. هذا الاختلاف ناتج بطبيعة الحال عن اقتراب هذه المنطقة أو تلك من الصَّحراء، أو الجِّبال، أو الوديان، أو السُّهول، أو السَّاحل، ولكن السِّمة البارزة تكمن في التَّشابه الكبير الحاصل في أغنيات هذه المناطق التي تؤلَّف أولًا وأخيرًا، التُّراث الواحد لأهل بلاد الشَّام على مداها الواسع، رغم التَّقسيم الذي حسب اتِّفاقيَّة "سايكس بيكو"، 1916، نجح على المستوى الجُّغرافي، ولكنَّة لم ولن ينجح بأيَّ حالٍ في تجزئة ثقافة، وحضارة، وتاريخ، وتراث أهل بلاد الشَّام الذين ظلُّوا يردِّدوا الدَّلعونا، والزُّلف، والعتابا، والميجنا في دمشق وبيروت والقدس وعمان.  

 

لذا أرى أنَّ هناك إشكالية في تحديد التُّراث الفلسطينيَّ، باعتبار أن فلسطين هي جزء لا يتجزأ من بلاد الشَّام التاريخيَّة، مع الاعتراف بوجود أغنيات اشتُهِرت في هذه المنطقة أكثر من شهرتها في منطقة أخرى، وهناك أيضًا أغنيات ارتبطت بمنطقة ما من بلاد الشَّام، لكونها تعبَّر عن أمور تخصُّها هي دون سواها، غير أنَّ ذلك لم يُلغِ هويَّتها الشاميَّة الشَّاملة، والأصيلة. هذا الالتباس هو ما جعل البعض ينسب هذه الأغنية أو تلك إلى سوريا أو لبنان أو فلسطين أو الأردن، مثلما حدث مع أغنية "عندك بحريَّة" مثلًا، حيث نُسِبَت إلى تُراث السَّاحل الفلسطينيّ، بينما هي في الواقع تعود إلى تُراث بحر بيروت، طوَّرها الفنَّان اللبنانيّ الشعبيّ عمر الزعني، وقد تحدَّثتُ عن هذه الأغنية بإسهاب في حلقة سابقة من هذه السِّلسلة. مع العلم أنَّ هناك أغنيات شامية كثيرة لم تزل تتردَّد في بلاد الشَّام حتى بعد تقسيمها إلى دويلات مثل أغنية "دبَّاكي يا دبَّاكي" التي غنَّاها في سبعينيَّات القرن الماضي، الفنَّان خليل موراني، وغيره من الفنَّانين الفلسطينيَّين، كما غناها أيضا في سوريا المطرب صباح فخري، بنفس اللحن، ولكن بكلمات مختلفة، مطلعها: "يلبق لك شك الألماس" وهي على الرابط التالي. أما المطربة اللبنانيَّة فيروز، فقد غنَّت نفس هذه الأغنية بأسلوبها المميَّز، وعلى سبيل المثال أذكر أيضًا أغنية "عَ الروزانا" التي اشتهرت في بلاد الشَّام، حيث ردَّدها في فلسطين العديد من المطربين والمطربات، من بينهم: دلال أبو آمنة، وفي لبنان فقد غنَّتها فيروز، كما غنَّاها في سوريا صباح فخري، والأمثلة على ذلك كثيرة.

 

عالروزانا فيروز

https://www.youtube.com/watch?v=Fgabx8YPVTg

 

صباح فخري عالروزانا

https://www.youtube.com/watch?v=TgVfmpKx-qc

 

عالروزانا دلال ابو امنة

https://www.youtube.com/watch?v=5Tt_exvg3NY

 

(يتبع)

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.