اخر الاخبار:
قاضٍ أمريكي يُغرّم ترامب ويهدده بالسجن - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 20:36
مصدر: صفقة «حماس» وإسرائيل قد تتم «خلال أيام» - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

تّراثُنا الغِنائيّ الفلسطينيّ إلى أين؟! (8)// سيمون عيلوطي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

سيمون عيلوطي

 

عرض صفحة الكاتب 

تّراثُنا الغِنائيّ الفلسطينيّ إلى أين؟! (8)

سيمون عيلوطي

 

إطلالة على أغنية "عندك بحريَّة يا ريِّس:"

وصاحبها، "موليير الشَّرق:"

جاء في الحلقة السَّابقة من سلسلة مقالاتي بعنوان: "تّراثُنا الغِنائيّ الفلسطينيّ إلى أين؟!، "أن أغنية عندك بحريَّة يا ريّس" تعود إلى أغاني السَّاحل الفلسطينيّ، وذلك وفقًا لما ذكرته الباحثة والمطربة سناء موسى في حفلها بالمتحف الفلسطينيّ-بير زيت، عام 2022. ولعلَّ سبب إلحاقها بهذا التُّراث، هو ترديد أهل السَّاحل لهذه الأغنية، ما جعل الكثير من محبي الفن أيضًا يعتقدون أنها من الفولكلور الشعبيَّ، "مجهول المؤلِّف والملحِّن"، مع أنَّ هويَّة صاحبها معروفة، خاصَّة للمهتمِّين.

السُّؤال الذي يفرض نفسه في هذا المَقام هو: لماذا الموسيقار محمَّد عبد الوهَّاب، حين طوَّر لحن "عندك بحريَّة" لوديع الصَّافي؛ لم يذكر مصدرها الشعبيّ؟!، والمستهجن أنَّ الفنَّان إلياس الرَّحباني الذي قام بتوزيع (لحن عبد الوهَّاب) للأغنية، والذي لا أظنُّه يجهل "أصلها وفصلها"، لم يُشِر هو أيضًا، لا من قريب ولا من بعيد، إلى صاحب "عندك بحريَّة" الحقيقي!!. 

 

أصل وفصل عندك بحريَّة:

 بعد بحث قمتُ به مُؤخَّرًا، تبيَّن أنَّ صاحب "عندك بحريًّة" هو: الشَّاعر والمطرب اللبنانيّ الشعبيّ، عمر الزعني (1895-1961). عرف في مطلع القرن العشرين، كما أجمعت المصادر، كشاعر انتقادي ساخر، لَقَّبه البعض "موليير الشَّرق"، ولَقَّبه البعض الآخر، "فولتير العرب"، اشتُهِر بـ ابن الشَّعب، وبـ ابن البلد، وقد خصَّ البحر والبحَّارة بمجموعة من أغانيه، أبرزها، أغنيته السَّاخرة: "بدنا بحرية يا ريِّس".

 أرى أنَّ هذه الأغنية لما تضمَّنته من كلمات بسيطة، ولحن سهل، انتشرت في مختلف الأقطار العربيَّة، وأصبحت شعوبها تردِّدها، لا سيَّما الذين يقطنون في مدن السَّاحل، لمضمونها الذي يُحاكي البحر والبحَّارة. لكنَّ "الوهَّاب" و "الصَّافي" أعادا تلك الأغنية إلى الذاكرة العربيَّة، فأنشدها العديد من المطربين العرب، منهم: ملحم زين، معين شريف، محمد عسَّاف، سناء موسى، وغيرهم، أمَّا المطرب الوحيد من بين هؤلاء الذي أعاد الأمانة إلى صاحبها، هو: أحمد قعبور ذاكرًا أنَّ هذه الأغنية هي للشاعر الشعبيّ والمطرب عمر الزعني، ينتقد فيها رئيس الجمهورية اللبنانية آنذاك، شارل دبَّاس، استلهمها الزعني في العام 1928، من التُّراث البحريّ لمدينة بيروت بعنوان: "بدنا بحريَّة يا ريِّس" جاء فيها ما يلي:

 "بدنا بحريَّة يا ريِّس/ البحر كبير يا ريِّس/ بحرية حمير يا ريّس/ فرحان كتير يا ريِّس/ لأنك ريس يا ريِّس/ ما في صابورة يا ريَّس/ ولا شابورة يا ريِّس/ بس قاعد صورة يا ريِّس/ وبالاسم ريِّس يا ريَّس".

من يستمع إلى هذه الأغنية وغيرها من أغنيات عمر الزعني، يُلاحظ تأثره بفنَّان الشَّعب المصريّ سيِّد دويش.

 

الأغنية التي تسبَّبت في نفي صاحبها:

(1) يذكر سمير الزعني، وهو ابن شقيق عمر الزعني والحارس الأمين لتراث عمَّه الشَّاعر والمطرب الشعبيّ "أن أغنية (عندك بحريَّة يا ريِّس) التي غنَّاها وديع الصَّافي، هي في الأصل لعمر الزعني وكان مطلعها (بدنا بحريَّة يا ريِّس) وارتأى عبد الوهَّاب أن يخلِّصها من كلماتها السياسيَّة التي توجع الرَّأس وتجلب المتاعب ووزَّعها إلياس الرحباني، لتصبح على ما هي عليه اليوم. ولكن ها هي تظهر الآن على الأسطوانة الصَّادرة مؤخرًا بصوت عمر الزعني ونسختها القديمة الأصليَة كما غنَّاها في ذاك الوقت".

ويُضيف: "بسبب أغنيتــــه التي أنكرت عليه لاحقًا (بدنا بحريَّة يا ريِّس) التي هاجم بها رئيس الجمهوريَّة آنذاك شارل دبَّاس، نفي إلى البترون (شمال لبنان)، ليترك الوظيفة بعدها وينطلق للشَّأن العـــــام.

(2) أمَّا الكاتب سليمان بختي فقد قال حول ذلك ما معناه: "الزعني استلهم أغنيته (بدنا بحريَّة يا ريِّس) عام 1928 منتقدًا رئيس الجمهوريَّة آنذاك شارل دبَّاس، "لأنك ريِّس يا ريِّس/ ما في صابورة يا ريِّس/ ولا شابورة يا ريِّس/ بس قاعد صورة يا ريِّس/ وبالاسم ريِّس يا ريِّس."

ويتابع الكاتب: "كان رئيس البلاد يومذاك شارل دبَّاس فأثار غضبه ونقله من وظيفته تأديبًا من بيروت إلى البترون. لم يخف الزعني وقال كلمته الشهيرة “في بيروت باقون ولن نذهب إلى البترون”. ولم يهادن بل استقال من وظيفته وتفرع نهائيًا لشعره وفنِّه وللشَّأن العام ولم ينل ذلك من موقفه الوطنيّ وعزيمته الاصلاحيَّة المستنيرة. وعلى اثر تلك القصيدة لُقِّب بـ”شاعر الشَّعب” و”الثَّائر الحر” و”الأسطورة."

 

تعتيم الجمهوريّة على الزعني وفنِّه:

لهذه المواقف النَّاقدة والسَّاخرة التي نجح الزعني في ترجمتها إلى أغنيات، تجاهله الإعلام اللبنانيّ والعربيّ، وعمل على تهميش دوره الطلائعيَّ في إرساء أغنية سياسيَّة – اجتماعيَّة تُحِث الشَّعب على رفض واقعه المرير على مختلف الأصعدة، وحرمانه من ممارسة حقَّه الطبيعيّ في العمل والمأكل والمشرب وتحصيل العلم وحريَّة الرَّأي والعيش الكريم. وهو بالإضافة إلى ذلك كان من أوائل من حرَّك النَّشاط الفنَّي في بيروت، محاولُا سحب ثقافة الجَّبل السَّائدة في زمنه، بين عام (1895-1961) إلى بيروت التي أرادها أن تكون عاصمة للثقافة والفنون، شأنها في ذلك شأن القاهرة وحلب. فشكَّل فرقة موسيقيَّة، وفي هذا السِّياق قال الفنان أحمد قعبور لـ"الرأي نيوز": حين سألته: "لماذا اخترت الشَّاعر اللبنانيّ عمر الزعني لإحياء بتراثه؟"

قال:" أشعر بتشابه بيني وبين الزعني الذي بدأ يطلق أعماله منذ عام 1917 مستشرفًا وطامحًا لنشوء الجمهوريَّة الأولى، وقد انتظرها طويلًا دون جدوى، فهذه الجمهوريَّة هي أكثر من ظلم الزعني، إذ دخل سجن الرمل (مبنى جامعة بيروت العربيَّة) حاليًا أكثر من مرة لأنه بلغ الخطوط الحمر في أشعاره السَّاخرة وانتقاداته اللاذعة، أشهرها قصيدة "جدِّدلو" التي أنتقد فيها الرَّئيس بشارة الخوري وكانت سببًا لاعتقاله شهر ونصف الشَّهر."

 

"بدنا بحريِّة:" من أغنية نقديَّة إلى أغنية فلكلوريَّة:

عن "بدنا بحريِّة يا ريِّس" يقول أحمد دحبور: "اللافت أن الكثير من الفنَّانين اللبنانيين سرقوا تراث الزعني، لعلَّ أبرز السَّرقات أغنية "بدنا بحريِّة يا ريِّس"، وهي الأغنية التي كتبها ولحنَّها الرَّاحل في ثلاثينيَّات القرن الماضي. هذه الأغنية سُلبت ونُهبت واغتصبت وتحوَّلت من أغنية نقديَّة إلى أغنية فلكلوريَّة لوديع الصَّافي، ولا أعرف ما الذي دفع بموسيقار الأجيال محمد عبد الوهَّاب إلى تلحينها، وما الذي دفع ميشال طعمة إلى توقيعها باسمه وهي في الأساس لعمر الزعني. وهناك أغنية:" قُلتيلي تاركتك ماشي الحال/ ودَّعني يا حبيبي ماشي الحال/ أيا حال بدك يمشي/ ليش انتي تركتيلي حال" لزياد الرَّحباني مستوحاة من أغنية للزعني يقول فيها: "ماشي ماشي ماشي الحال، ما في شي ماشي الحال"، ولا أريد الدخول في تفاصيل "الاقتباسات" عن تراث الزعني حتى لا أحدث ضجَّة".

 

الجَّدير بالذِّكر أنَّ صاحب أغنية "أناديكم"، شعر توفيق زيَّاد، وهو الفنَّان أحمد قعبور، قام بإعادة تسجيل العديد من أغنيات عمر الزعني على أسطوانة بصوته، وذلك بعد مرور خمسين سنة على رحيل" موليير الشَّرق" الذي زلزل الأرض تحت عرش الجمهوريَّة الأولى في لبنان.

----------

1) لبنان يعيد اكتشاف عمر الزعني «موليير الشرق» بعد 50 سنة على رحيله.

أحمد قعبور يغني أشعاره.. وتراثه يعود للناس في 15 أسطوانة مدمجة.

جريدة الشرق الأوسط: سوسن الأبطح 2010.

2) "سوبرستار" مجلة شاملة، بامتياز.  سليمان بختيMay 21, 2020

125 عامًا على ولادة عمر الزعني (1895-1961) … شاعر الشعب المتألم.

https://www.youtube.com/watch?v=YLMmjev4O7I

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.