اخر الاخبار:
بيان صادر من احزاب شعبنا - الجمعة, 10 أيار 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

نرجسية الولايات المتحدة 2016// محمد عارف

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

نرجسية الولايات المتحدة 2016

محمد عارف

مستشار في العلوم والتكنولوجيا

 

«الثراء يمكن أن يضرّك روحياً، وهذه ليست مجرد حكمة شعبية قديمة، بل هو استنتاج دراسة جدية في علوم الاجتماع، أكدتها تجارب علمية، وتحليلات إحصائية». ذكر ذلك عالم الاقتصاد الأميركي بول كروغمان، واستشهد بدراسة علمية بيّنت أن الأثرياء عموماً، أقل إظهاراً للتعاطف، وأقل احتراماً للمعايير، وحتى للقوانين، بما في ذلك قوانين المرور في القيادة، وأكثر استعداداً للخداع، ويمكن أن ينزل الثراء الفاحش ضرراً روحياً فادحاً، يجعل الأشخاص مرضى بأنفسهم، وغير مهتمين بالآخرين. ويسأل «كروغمان» الحائز على «نوبل» في الاقتصاد عام 2008، عما يحدث لشعب يعطي سلطة سياسية متعاظمة لبالغي الثراء. ويذكر أن «الدخل المتعاظم والثراء في أميركا مُرَكزان حالياً بأيدي قلة من الناس، نفوذهم السياسي هائل، ونصف أموال دعم انتخابات الرئاسة الأميركية هذا العام مصدرها أقل من 200 عائلة ثرية».

 

ويتفق رأي العالم الأميركي مع استنتاج اقتصاديين يساريين راديكاليين بأن الولايات المتحدة تتجه نحو حكم الطغمة المالية، حسب «توم أنغلهارد»، الذي يرصد علائم هذا الانحدار في انتخابات يتحكم بها واحد بالمائة من السكان، وطريق الكونغرس مغلق، وسلطة الشعب تُنتزعُ باطِّراد، و«الديموقراطية في غرفة الإنعاش». و«الأوليغارشية» التي تعني حكم الأقلية تصبح حكم مرضى النرجسية المخيف، حسب «كروغمان». وكأفلام المافيا، تزخر مشاهد التدهور بشخصيات نرجسية مريضة، مثل مرشح الرئاسة «رونالد ترامب»، والملياردير «شيلدون أدلسن» الذي يتجشم مرشحو الرئاسة الأميركية عناء السفر إلى مقره في كازينو القمار في «لاس فيغاس» لتقديم فروض الطاعة. واشترى «أدلسن» أكبر صحيفتين في مدينته، للهجوم على قاضية لم يعجبه أسلوبها في استجوابه خلال استدعائه للشهادة.

 

و«الأثرياء مختلفون حقاً، وهم كما يبدو مستغرقون في ذواتهم»، حسب الدراسة العلمية التي نشرت نتائجها مجلة «تايم» وجاء فيها «أن زيادة ثراء الأشخاص، خلافاً للحكمة السائدة، لا يجعلهم يهبون أموالاً أكثر بل أقل». تقرير المجلة الأميركية «كيف يزيد الثراءُ النرجسيةَ»، يتضمن إحصائيات تشير إلى أن الأثرياء يتبرعون بنحو 1% من دخلهم للأعمال الخيرية، فيما يتبرع الفقراء بضعفي ذلك. و«الأثرياء أقل أخلاقية، ويعتبرون الطمع أمراً جيداً»، وأظهرت التجارب أن «الأثرياء يكثرون من النظر إلى أنفسهم في المرايا، ويُؤمنون بأنهم يستحقون أكثر من الغير، ويضعون أنفسهم في أعلى السُلّم الطبقي».

 

و«النرجسية» هي مرض عشق الذات، مستقاة من أسطورة إغريقية عن شاب بالغ الجمال اسمه «نرسيس»، وقع في غرام نفسه عندما رأى صورته منعكسة في الماء، ومكث أياماً يحدق بصورته حتى هلك جوعاً. وكل شيء في النظام «الأوليغارشي» الأميركي يعزز هذه النرجسية المخيفة، فيوم إعلان الرئيس الأميركي عزمه وضع قيود على مبيعات الأسلحة في بلاده حققت مبيعات وأسعار أسهم صناعات الأسلحة الأميركية قفزات، وسبقتها قفزات مماثلة عقب حادث إطلاق النار في «سان برناردينو» بكاليفورنيا، وعقب الهجمات الإرهابية في باريس. وقال رئيس رئيس شركة الاستثمارات الأميركية «نيفيليير» إن أوباما «أفضل بائع للأسلحة في العالم»، فمنذ توليه الرئاسة عام 2008 تضاعفت أسعار أسهم صناعات الأسلحة 900%، وتجاوزت مبيعات الأسلحة في الشهر الماضي أضعاف ما بيع شهرياً طوال عشرين سنة الماضية.

 

أكثر من 30 ألف أميركي يقضون سنوياً بالأسلحة النارية، انتحاراً أو خطأً أو في شجارات عائلية أو معارك العصابات المسلحة. وإذا كانت دموع أوباما في خطابه عنهم غير صادقة، فتلك مصيبة، وإذا كانت صادقة فأيّ مصيبة أتعس من عجز رئيس القوة العظمى عن حماية مواطنيه من القتل بالأسلحة النارية داخل بلدهم، بأعداد تعادل عشرات أضعاف قتلاهم في حروب خارج بلدهم؟

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.