اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

أميركا تَتَفَكَكْ// محمد عارف

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

أميركا تَتَفَكَكْ

محمد عارف

مستشار في العلوم والتكنولوجيا

 

أبلغُ عبارة صدرت عن هيلاري كلينتون في سجال الرئاسة الأميركية هزُّ كتفيها بلامبالاة، ونفخ خديها باستهانة، أعقبتها بابتسامة مشرقة، هكذا كسبت الجولة ضد منافسها دونالد ترامب، الذي لم يتوقف عن التململ بعصبية، وهزِّ رأسه، وزمِّ شفتيه، والنظر شزراً. ذكر ذلك محرر في «نيويورك تايمز» عهدت إليه الصحيفة بكَتم صوت التليفزيون، ومتابعة السجال الصامت من خلال الحركة الجسدية للمتنافِسَين وإيماءاتهم. «هو كان يهتز قلقاً، وهي تشع ثقة باردة، وهو يبدو غاضباً، وهي متمتعة بالسجال، وربما تدّربت على إعطاء هذا الانطباع» حسب المحرر المراقب، الذي استنتج أنها الرابحة.

ربحت السجال، لكن صعود منافسها الخارق من 14% من أصوات الناخبين بداية ترشيح نفسه إلى 47% قبيل السجال محمّل بالمفاجآت. وقد شاهدتُ التسجيل الكامل للمناظرة، وأتفق مع أميركيين كثر يعتبرون أحدهما أسوأ من الآخر، لكن «الصدق المخربط أفضل من الكذب المصفّط» حسب المثل العراقي، و«ترامب» صادق عندما يقول إن بلده يَتَفَكَكْ. وبعد أيام من تصريحه وقع حادث قطار «نيوجيرسي» الذي ترك قتيلاً واحداً على الأقل ومئة مصاب، والسبب التلكؤ في تجهيز القطارات بتقنية السيطرة، التي تقرر استخدامها، إثر حادث قطار في كاليفورنيا عام 2008 الذي قضى على حياة 25 شخصاً، وجرح 145. وسبب التلكؤ انخفاض الاستثمارات في الهياكل الارتكازية للنقل بنسبة 19% للفترة ما بين عام 2002 و2016.

ويزعق «ترامب» بحقائق ترددها تقارير «الجمعية الأميركية للمهندسين المدنيين» التي تذكر أن هيكلَ واحدٍ من كل 9 جسور متداعٍ في الولايات المتحدة، التي تحتوي على أكثر من نصف مليون جسر. وانهيار جسر على نهر المسيسيبي عام 2007 أدى إلى قتل 13 شخصاً وجرح 145. وفيما أهدرت واشنطن 6 تريليونات دولار على تدمير العراق وأفغانستان، عجزت عن تدبير أقل من نصف ذلك لبناء هياكلها الارتكازية المتداعية. ولو لم يكن «ترامب» ارتجالياً لذكر في المساجلة مبلغ 22 مليار دولار سنوياً يسببها زحام مطارات أميركا، و100 مليار دولار سنوياً بسبب زحام المرور في الشوارع الرئيسية، و90 مليار دولار سنوياً خسارة الاقتصاد الأميركي بسبب عدم توفر النقل العام لنحو نصف السكان.

والولايات المتحدة، التي تُعتبر أغنى البلدان تأتي في المرتبة 30 بين دول العالم في الإنفاق على الهياكل الارتكازية. أنابيب المياه تحت «البيت الأبيض» ومدن عدة مصنوعة من الخشب. ولا توجد مستودعات للمجاري في نصف مليون منزل أميركي، يحمل سكانها القاذورات في دلاء لإلقائها في حفر وقنوات في العراء. و«قطارات الطلقة» التي يحلم بها الأميركيون تملكها اليوم ليس اليابان وفرنسا فقط بل بلدان عدة أخرى أيضاً، بينها روسيا، وتركيا، وأوزبكستان. واليابان حققت الرقم القياسي في سرعة «القطارات العوامة» وتبلغ 375 ميلاً في الساعة، وتجاوزت بذلك رقم 288 الذي سجلته شانغهاي في الصين، بينما أخفقت الولايات المتحدة في تحقيق أي نظام ملائم لهذه القطارات، ولائحة مشروع «أوباما» حوله ضاعت في دهاليز الكونجرس.

 

ويثير الهزء اقتراح هيلاري كلينتون تخصيص مبلغ 275 مليار دولار لبناء الهياكل الارتكازية في الولايات المتحدة بالمقارنة مع برنامج التريليون دولار الذي تقدّم به منافسها في الحزب الديمقراطي «بيريني ساندرز». و«ترامب» أو «المخربط» طلب من «هيلاري كلينتون» تقديم دليل يبرهن على ادعائها تورط روسيا في التسلل إلى ملفات «الحزب الديمقراطي» وفضح أسراره الانتخابية. ولو كنتُ مستشاره لهمست في أذنه بسطر واحد من كتاب «الهجوم السيبراني: البلد غير مهيأ للحفاظ على البقاء»، للباحث الأميركي «تيد كوبيل» وفيه يذكر «لأول مرة في تاريخ الحروب يمكن لمجموعة صغيرة، وحتى أفراد تدمير الهياكل الارتكازية لدولة».

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.