كـتـاب ألموقع

زهاء حديد.. الرحيل المستحيل// محمد عارف

• 

تقييم المستخدم:  / 0

سيئجيد 

المجموعة: محمد عارف

تم إنشاءه بتاريخ الخميس, 13 تشرين1/أكتوير 2016 11:08

كتب بواسطة: محمد عارف

الزيارات: 1886

الموقع الفرعي للكاتب

زهاء حديد.. الرحيل المستحيل

محمد عارف

مستشار في العلوم والتكنولوجيا

كرحيلها المفاجئ مكوثها بعد الرحيل مفاجئ. في الأسبوع الماضي أُعلن في أبوظبي فوزها بجائزة «الآغا خان» عن مبناها «معهد عصام فارس» بالجامعة الأميركية في بيروت. مراسيم الاحتفال بالجائزة تَتم في وقت لاحق في «قلعة الجاهلي» التي أنشأها الشيخ زايد الأول عام 1891 كمقر لأسرة آل نهيان، وأُدرجت ضمن «قائمة التراث العالمي». ومبنى «معهد عصام فارس» بمثابة «توقيعٍ تصميمي خاص وشخصي» حسب الأكاديمي المعماري العراقي خالد السلطاني، الذي يرى أن «الكتلة الخرسانية للمبنى أقرب إلى العمل النحتي، وهي وإن بدت راسخة في الأرض التي تنبت منها، تظل على جانب كثير من التوتر والشد وعدم الاستقرار، مانحة المبنى هيئة مميزة، تجعل عمارته حدثاً لافتاً بامتياز ضمن مباني الجامعة الأميركية».

و«إذا لم يكن الشخص رساماً أو نحاتاً عظيماً فلن يكون معمارياً، بل مجرد بَنّاء»، قال ذلك أشهر نقاد العمارة البريطانيين «جون رسكين». وموهبة «زهاء» التشكيلية فاجأتْ جمهورَ معرض رسومها، الذي أقيم بعد وفاتها في «غاليري سربتن» بلندن. وبنايتها التي افتتحت الشهر الماضي منحوتة بلورية عملاقة تعتلي مبنى ميناء «أنتويرب» في بلجيكا، الذي يبلغ طول رصيفه 12 كيلومتراً، ويستقبل أكثر من ربع بواخر الشحن في أوروبا، وعدد العاملين فيه 60 ألفاً. وكانت إدارة ميناء «انتويرب» قد اشترطت على المشاركين في المسابقة العالمية للتصميم الحفاظ على المبنى التقليدي القديم، وحفظته منحوتة زهاء العملاقة في أحضانها.

وبعد رحيلها بشهرين، اكتمل الطابق 44 من «برج جنرالي» الذي أشادته في مدينة «ميلانو» بإيطاليا، وبلغ ارتفاعه 170 متراً. وتمنح «الفتلة» المتدرجة في منحنى المبنى كل طابق علاقة مختلفة مع الطوابق فوقه وتحته، وتتيح مشاهد وارتباطات بانورامية بالمدينة. ولا يمكن إلا لمكتب يحمل اسم «زهاء حديد» الفوز في عام رحيلها بجائزة «أسرع المكاتب المعمارية نمواً في بريطانيا». وكانت «زهاء» قد اكتفت منذ خمس سنوات بالإشراف العام على المكتب، الذي قفز عدد العاملين فيه من أفراد إلى 40 فريقاً، بينهم طلاب «جامعة الفنون التطبيقية في فيينا»، دَرَّسَتهم زهاء ودَرَست معهم ست سنوات متصلة. ورحيل زهاء مستحيل عن العاملين في مكتبها، الذين أوصت لهم بنسبة 80% من موارده، مقابل 20% لعائلتها.

زهاء حديد الرحيل المستحيل. تابعتُ بمقالاتي أعمالها عبر العالم ثلاثة عقود، ومنذ رحيلها نهاية شهر مارس تتابعني أعمالها عبر العالم. خمسون مبنى قيد الإنشاء، وضعفها تنتظر الشروع بالبناء، بينها «محطة مترو مركز الملك عبدالله المالي» في الرياض بالسعودية، و«دارة الملك عبدالله للثقافة والفنون» في عمان بالأردن، و«المصرف المركزي» في بغداد، و«المسرح الكبير» في الرباط بالمغرب، و«ملعب كرة القدم» في قطر، ومقر «شركة البيئة» في الشارقة بالإمارات، و«العمارة الراقصة» في القاهرة.

ويوم الإثنين دُعيتُ إلى التأبين المستحيل لزهاء في «كاتدرائية سان بول» بلندن، حيث تقام مناسبات العائلة المالكة البريطانية. عنوان التأبين «احتفال بحياة»، وافتتحته موسيقا «باخ»، وتلته ترانيم كنسية حين دخلت «الأميرة مايكل» ابنة عم ملكة بريطانيا، وشارك بعض الحضور في أناشيد فرقة «الكاتدرائية»، وأرقَصَت «جوقةُ تراتيل السود الكنسية» سيدات مجتمع بريطانيات على كراسيهن. وضحكت الدموع في ذكريات صديق زهاء «اللورد واربروك»، وذكريات «ريم كولهاس» أستاذها، وأول من اكتشف موهبتها المعمارية الخارقة. والفرح ضيفٌ في أغنية «إلهام المدفعي» بالعراقية الدارجة «خُطّار عندنا الفرح، اعلِق صواني شموعْ. بالَكْ تصيح بحزن، صوت الحزن مسموعْ».

• < السابق
• التالي >