اخر الاخبار:
محافظ نينوى يزور مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:33
زيارة وفد هنغاري الى دار مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:32
طهران تتراجع عن تصريحات عبداللهيان - الإثنين, 15 نيسان/أبريل 2024 11:24
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• دور المثقف في بناء المجتمع

تقييم المستخدم:  / 9
سيئجيد 

لطيف  ـولا

مقالات اخرى للكاتب

دور المثقف في بناء المجتمع

 

المثقفون ، وليس دعاة الثقافة ! ، هم مصابيح نور، على ضوء ثقافتهم يتلمس المجتمع طريقه نحو االتحرر والعدالة والتطور . والثقافة ليست ثوبا يرتديه كل من هبً ودبً  ، او مساحيق يُراد أن يتزوق بها ، وليست بالقصور الفخمة والعربات الفارهة ، بل بالفكر المثقف والسلوك القويم الذي يرشده عقل مُشبع بالعلوم والآداب والفنون .

 والمصدر( ثقافة) في اللغة مُشتق من الفعل ( ثـَقفَ ثقفا ) اي صار حاذقا . واذا قلنا( ثَـَقًفَ الرمحَ ) اي قَوًمَهُ وسوًاهُ  . و(ثقًفَ الطالبَ )هَذبَهُ علًمهُ ، فهو مُثقف . والثقافة كما قلنا هي التمكن من العلوم والفنون والآداب . عليه فالمثقف مُهيأ نفسيا وعقليا لبناء مجتمع صالح عادل راقٍ متطور، لانه مُـتنورٌ ومُـتحررٌ من قيود الجهل، ومُـتعافيٌ من أمراضه كالتعصب والانانية والعدوانية ،  ولو لم يكن هكذا لما بحث وسهر وتعب شهورا واياما يصقل بعقله وفكره ،  يبحث عن الحقيقة هنا وهناك ، يواجه الباطل في معسكر الجهلاء،  ليحترق كالشمعة،  يضيء بعلمه وثقافته طريق المجتمع . لقد عانى المثقفون عبر التاريخ من شرور الجهلاء والحكام الطغاة الرجعيين المُتعشعشين في دهاليز الجهل والتخلف . واول اولائك المثقفين هم الانبياء والاولياء والثوار الاحرار ، الذين قاوموا الظلم والظلام بعلمهم ومعرفتهم بقوانين الطبيعة والمجتمع والتطور . وقد اثبتت الايام أن من يفهم التاريخ هو المنتصر . ومن يقف ضد منطق الحياة ينتهي الى مزبلة التاريخ . ولا يمكن للإنسان ان يقف ضد الأشرار والسلاطين الطغاة،  ويناصر الشعب ويتبنى قضاياه العادلة ، ويطالب بحقوق الانسان حيثما كان،  إلا اذا بلغ به الوعي الى مستوى يجعله لا يتحمل الظلم والظلام ، ليس على نفسه فحسب بل حتى على  الاخرين ايضا  ، فيطلق صرخته بوجه الظلم ويقرع نواقيس اليقظه لينتبه اليه المغفلون ويلقي بافكاره النيرة ليهدي من ضلله الظلام فيتبعه المجتمع ويحاربه الطاغوت

واعوانه ، وقد يدفع ثمن هذا الواجب الانساني حياته . وعلى هذا الطريق سار الانبياء والمصلحون والفلاسفة والعلماء والثوار الاحرار وحملوا على عاتقهم مسؤولية التطور وانقاذ الانسان من شرور التخلف . ورغم التضحيات الجسام استطاعوا تحرير المجتمع الانساني  من عهود العبودية واسقطوا العروش وشيدوا صروح العدالة وسنوا القوانين . وانتزعوا الحقوق واوصلوا البشرية الى ما هي عليه اليوم من تقدم ورقي . ولولا تلك الجهود وتلك التضحيات الجسام  لظل حال البشر كما كان عليه في عهد الرق والعبودية . لكن لازال ثمة ظلم وحقوق مهضومة وهنالك الكثير على المثقف ان يعمله وخاصة في مجتمعاتنا التي تعاني من بقايا عهود الظلم والتخلف والتفرقة والتعصب  والعنصرية .

إن جنود الظلم والظلام واعداء الثقافة والعلوم والفنون  لايستسلمون بسهولة ، بل يسيرون بعناد على عكس التطور،  ويحاولون ايقاف عجلته بل تحطيمها،  ولازالوا في هجوم هستيري ، إذ يرون قلاعهم الورقية تتهاوى أمام شمس العلوم والثقافة والفنون . الا أن تراخي المثقفين واهمالهم لواجبهم الوطني والانساني وانشغالهم بمظاهر الحياة والاغراءات المادية يؤدي كل ذلك  الى تاخير بناء المجتمع، ذلك البناء  الذي  يتمناه المثقف ، مجتمعا متاخيا  يسوده الامن والسلام والمحبة ومشاريع العمران والصناعة والزراعة ، لكي نقطع دابر الفقر الذي هو سبب لكل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية  والسياسية . نريد ان يكون للمثقف الدور الريادي في عملية البناء والتنوير . ويتطلب الامر شجاعة للصمود امام المخربين والمفسدين واهل الرشوة والتعصب والجهلاء عموما . يجب ان يقف المثقف ،العالم والفنان والاديب ،  وقفة غاليلو وكوبرنيكوس ، وقفة سبارتاكوس وقفة جان جاك روسو وفولتير ، وقفة محمد والمسيح . نصرخ بوجه الظلم والظلام والمخربين والمفسدين واللصوص الدجالين بصوت واحد وامام الملاْء: كفى تخريبا ايها الملوثون دعوا قافلة التطور تسير الى الامام قبل ان تسحقكم  عجلاتها . فلا يمكن انتشال مجتمعنا من الضياع بالسكوت والتقاعس والمساومة والانتهازية  والخوف من

الارهابين المتغلغلين في كل مكان . فالارهاب بكل اشكاله المستترة والظاهرة ،هو الذي يشوش على الأمن وينشر التفرقة ويرتشي ويفسد ويقف بوجه البناء الاجتماعي ويحارب التقدم والتطور ثم يفجر نفسه ويقتل من حوله إذا لم يتمكن من تلويثه ! . ومهما تفنن المشعوذون والمتخلفون والدجالون باساليبهم المقيتة وتحت ستار الظلام  ، بإمكان المثقف ان يعريهم أمام المجتمع ليرى الشعب زيفهم وعوراتهم النتنة . الم تنتصر افكار غاليلو وفولتير وروسو والانبياء والمصلحون على أعداء التقدم ؟ اليست المجتمعات معظمها تهتدي بافكارهم العلمية والانسانية الى هذا اليوم .؟.لكن البعض ابى إلا ان يلعب ورقة التخلف الخاسرة . ومن تجربتي الخاصة في هذا المجال وحول دور المثقف في بناء المجتمع ورغم كل الظروف الصعبة ، في اوائل السبعينيات من القرن المنصرم كنتُ مدرسا للغة الانكليزية في ناحية واسط التي تقع   (60كم ) جنوب محافظة  واسط  .وكانت  وقتها ناحية صغيرة جدا والمتوسطة التي درستُ فيها تقع في الضاحية الجنوبية معزولة عن باقي البيوت ، استطعت وبالتعاون مع زملائي الافاضل من المدرسين والمعلمين ، مِـن جعل تلك المتوسطة الصغيرة منبرا ليس للعلم فحسب بل للفنون والاداب  ولافكار وطنية واجتماعية  بناءة . فقد أسسنا مسرحا وفرقة فنية . واكتشفت من بين الطلبة قدرات فنية وادبية وعلمية ساهمت في انجاح نشاطاتنا ونشر افكارنا . واستصحبت معي من بغداد آلاتي الموسيقية كالعود والكمان والناي،وكان فرح الطلاب شديدا إذ سئموا من طريقة التعليم التقليدية واساليب بعض المدرسين الدكتاتورية والتي كانت اقرب الى الاساليب العسكرية من الاساليب التربوية، ولم يكن للطلبة ان شاهدوا من قبل  آلة العود او الكمان . فكانوا يسمون العود (رَﮕـة) تشبيها  بالسلحفاة التي تسمى في الجنوب ( رقة )  بسبب ظهر العود المحدب  !! . والفتُ  للطلبة اناشيد ومسرحيات وطنية واجتماعية كان لها وقعا عظيما في تلك الناحية وفي نفوس طلبتنا وذويهم  بالذات .إذ كان الناس يتزاحمون ويقدمون العون لانجاح عملنا .. لان ما طرحناه على المسرح كان يخدم المجتمع

ربما اكثر من المدرسة  ويمس حياتهم ومشاكلهم، ويحثهم على الوحدة والتاخي والتحرر من التقاليد الضارة والبالية . أما طلبتنا الاعزاء فقد برز من بين صفوفهم الممثل والعازف والمنشد والمؤلف ..  ورغم كوني  مسيحيا من  القوش في نينوى ،الا أن المجتمع هنالك والطلبةخاصة  كانوا يحترمونني ويقدرونني اكثر من غيري ،لانني قدمتُ لهم ما لم يقدمه غيري من حب واخلاص وفنون واداب وموسيقى أنارت عقولهم . وهذا برهان على ان ما يزرعه المرء يحصده ، وقد زرعنا حبا فحصدنا حبا . وفي آتون الحب تذوب كل المصاعب والمخاوف .. فما اعظم الحب !  . وقد حضر يوما  أحد المسؤولين ليشاهد نشاطاتنا على المسرح فتعجب لما شاهده ..فقال لرفاقه : هذا الرجل المسيحي قدم من بغداد واشعل ثورة فنية وادبية  هنا في هذه الناحية النائية  ، ماذا فعلتم انتم لمجتمعكم وفيكم مائتا حزبي ؟!!

اجل للمثقف دروه الخطير .. عليه ان يؤديه . فمن كان مثقفا ويريد ان ينال شرف مصطلح الثقافة يجب ان يبني مجتمعه في كل الظروف وفي كل مكان ، ينشر السلام والمحبة والأخوة والروح الوطنية والانسانية ..لان المثقف والعالم والفنان هو ملك المجتمع والانسانية ، وهكذا كان غاليلو وانشتاين واديسون والفلاسفة والانبياء والكتاب التقدميين والانسانيين الذين كان همًهم الوحيد همً كل مثقف وهو نشر الأمن والسلام والمحبة وبناء مجتمع تسوده العدالة والاخوة والسعادة ..

فما احوجنا اليوم الى الثقافة وجهود المثقفين لبناء مجتمعنا العريق الذي مزقته قوى الشر في زرعها التعصب الاعمى والعنصرية والفرقة لاضعافه من اجل نهب خيراته وثرواته ، ولتحقيق مآربها الشريرة تحارب الثقافة في كل مكان وتبعد المثقفين وتزرع محلهم الزؤان لتفسد حقلنا الاخضر بالرشاوي والسلب والنهب ،  فهي ليست تؤخر تقدمنا فحسب بل تحطم مجتمعنا لنهش عظامنا وتمزق لحومنا .. فحذاري ! حذاري ! ايها المثقفون ..اذا كان الاشرار لايخشون من هدمهم لمجتمعنا فكيف يتوانى

المثقف في درء شرهم ومن ايداء دوره في البناء ..فلنشمر عن سواعدنا لبناء مجتمعنا إذا كنا مثقفين وليس دعاة الثقافة !! ولا يفت في عضدنا الاساليب الارهابية التي ذكرناها  اعلاه  ولا نخشى في  قول الحق وبناء الوطن لومة لائم ..

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.