اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

ثرثرةٌ في الحُب- 22- حصارُ النَّقِّ ...// د. سمير محمد ايوب

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د. سمير محمد ايوب

 

عرض صفحة الكاتب

ثرثرةٌ في الحُب- 22- حصارُ النَّقِّ ...

د. سمير محمد ايوب

 

مُبَكِّرا عَرَفتُه، إلتقيتُه أوَّلَ مرَّةٍ في رحاب الجامعة، كنتُ عُضوا زائرا في لجنةٍ ثُلاثية، لمناقشةِ رسالته المقدمة لنيل درجة الدكتوراة ، حول معايير اليقين. تَمَكُّنُهُ مِما قدَّمَ، وبراعتُه الأنيقةُ في الردود، على ملاحظات المناقشين، أهَّلَتْه بإمتيازٍ لمرتبة الشرف الأولى.

 

مِنْ حينِها، منذ أكثر من ربع قرن، تزامَلنا في العمل. ترافقنا في كثيرٍ من معارج الحياة. سعِدْتُ بالإقتراب منه. فهو مِمَّن رُزِقَ بأشكالٍ مختلفةٍ من المشاعر الدافئة والنبيلة، المُبَشِّرَةِ بسعادةٍ مُتجددة. لأسباب أسريةٍ  سَوِيَّةٍ، آثرَ مُقتَنِعا راضِيا، تأخيرَ زواجه.

 

 قبلَ بضع سنين جذبته إليها، متقاعدةٌ عسكريةٌ برتبةِ عقيدٍ مهندسٍ، مُطلقة بلا أولاد. كانت منذ سنين، قد غادرت الأربعين من عمرها. دار الأمر بينهما في زمن ضيق. تأرجحت خلاله مشاعرُهما، بين التحدي والإستجابة بالتداعي، دون البحث عن مخارج للنهوض.

 

إلتقيته بالأمس في استراحة مسرح عمون في عَمان. سألتُه بعد أن أفرغ كِنانتَه من حزنٍ موجوع: ما بِكَ علَيْها، لَمْ تَعُدْ تُطيقُها وأنتَ الحليم؟

 

 قال وهو يعبثُ بفنجالِ قهوته محملقا فيه: يُحاصرُ علاقتَنا اليومَ، إستعصاءٌ يضغطُ على كلِّ عصبٍ حيويٍّ فيها. يُقلِّصُ هوامشَ المناورة. ينتابُني في ظلِّهِ، إحساسٌ بالعجز، أرفضُ الإستسلام له.

 

إنها متذمرةٌ لا يُعجبها عجبٌ، ولا صيامُ رجَب. لديها  لكلِّ حَلٍّ مُشكلة. يخترقُ نقُّها تخومَ قلبي كلَّ يوم. فَكفكَ سحرَ الحب. وفتتَ أتباعَه، وباتت رُكاما مُنحصِرا في واجباتٍ روتينيةٍ مُمِلَّةٍ.

 

أومأتُ له صامتا أن يكملَ، فقال: ألغَتِ المُشترك. وإعتبرتني ملكية ًخاصة. وعيّنَت نفسَها قيِّمةً على مضامين علاقتنا، وناطقة وحيدة باسم شكلياتها. إسْتَبدلَتْ  حقيَ في الحوار بمساءلاتٍ مُستحيلة. تتسبب في تراكم أزماتٍ غيرَ مسبوقة. تحسمُ الأمور، بتجريفِ الرضا،  وإستبداله بفوراتٍ من النَّقِّ الثاقب لكل الأسقف.

 

 أشعلتُ له لفافتَه، وسألتُه وأنا أحدِّقُ في عينيه وإرتجافة شفتيه  ثم ماذا يا دكتور؟

 

قال وأصابع يدية تتصارع متشابكة: إسترْسلَتْ فيما تظنه من حقها. حتى إعتبرَتْ وصولَها إلى إنتباهي، بوابةَ تاريخٍ مُقدَّسٍ يَجُبُّ ما قبلَها من حياتي، ناسيَ، مشاعري، أحلامي وأوهامي. وتسعى فوق هذا كله، لإعادة تشكيل ما قبلَها وفق معاييرها، مستلهمة وصايا صديقة دهقونة لها، نصحَتْها بالنَّق والدَّقِّ على حديد الزوج وهو ساخن، ليغدو وَرَقا أبيضا، تُخربشُ عليه ما تشاء من هوان وطوع بنان. يشكِّلُه وفقَ إرتدادات شُبِّيك لُبيك.

 

كنتُ أنصتُ مبتسما بغيظٍ وحيرة، دون أن أضيف لما كانت تشي به عيناي، حين أكمل وعلى مبسمه شبح إبتسامة: تخيل أنّها باتت تؤمن أنَّ الزوج كما تربيه زوجته  وتعوده، طفل إبِنْ ليلْتُه بِيِعرِفْ شِيلتُه.

 

قهقهنا سوية، إستزدنا من القهوة. قررنا التوجه الى مطعم هاشم في قعر المدينة للعشاء، وهناك مع الكثير من الفول والفلافل، نكمل حديث النق والنقاقين.

 

الاردن – 25/12/2018

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.