اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

تعَبُ لبنان وكوابيسه// د. سمير محمد ايوب

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د. سمير محمد ايوب

 

عرض صفحة الكاتب 

تعَبُ لبنان وكوابيسه،

إضاءة على المشهد هناك

الدكتور سمير محمد ايوب

 

الفتن في لبنان من كل لون وصوب، إنهيارات تتسع وتتعمق ، وطُّغَمْ مُتحَكِّمة ، أذنُها اليُمنى من طين، وأليُسرى من عَجين.

 

قيدَ التداول اليومي في الجغرافيا اللبنانية، غيتوات إسلامية ومسيحية، مستنيرة طموحة وبعضها ممعن في العدمية العابثة. غيتوات مُحددة المعالم سياسيا، ولكنها غير مُكتملة التشظي مذهبيا. غيتوات بتضاريس ديمغرافية هلامية. على حواف أرصفتها يتسكّع كالنَّوَرِالزُطِّ ، مجاميعٌ وعناقيدٌ من الحالمين، كل سلاحهم طموحاتٌ واهمةٌ، رافضةٌ لفظاً لِعِصيِّ الرِّعيان وكِلابِهم، وتعفُّفٌ شكليٌّ عن دَنَس القطيع، الموبوء بهمومه الفِطرية وآثامه المُكتسبة.

 

بالطبع، ليس جديدا القول أنَّ كلّ القوى الطائفية المتحكمة في مفاصل وزواريب لبنان وحاراته، تتوكأ على حواضن إقليمية ودولية، مقيمة منذ التأسيس قبل مئة عام في كلّ لبنان، عبر مخاوفه المتبادلة. وليس جديدا القول بأن عامّة اللبنانيين مغتَصَبون ومغتَصِبين، فرادى وجماعات، عُراةٌ من بسيط الأحلام، أدمنوا كوابيساً ذات طبيعة يومية، يغتالون بها أنفسهم، بعد أن استكملوا خوزقة واغتيال الوطن الجامع المانع معنى ومبنى.

 

من أيُّ لَعنةٍ يَشكو لبنان؟

أهي لعنةُ المكان وجغرافيا السكان، وطبيعة الحياة والمَمات والشّتات هناك؟! أم هي دسائسُ التأسيس والتوظيف، وتنافُرِ قِوى التنفيذ وتعدُّدِ مرجعياتها، وتاريخها المكتوب بالدسائس والتواطئ والدم، وكل أنواع العُمْلات السائدة منها والبائدة؟! أم هي لعنة تناطح أكلة جبنة الإقطاع  السياسي؟ أم هي خليط من كل تلك اللعنات؟!

 

يشي التاريخ الحديث والمعاصر على مدار قرن من الزمان، بأن الكيان السياسي اللبناني المستَوْلَدْ بعملية قيصرية، حين تم الاتفاق على تخليقه، تم تَعمُّدُ هذا التشويه الخَلْقي، ليبقى يُعيد نفسه كلّ كمشة سنوات، يتدحرج متناحرا حتى يسقط في مستنقع الإقتتال، وبعد كلِّ هدْمٍ وردْمٍ يُعيد الوقوف لبناء ما قد تهدّم، بلا تعَبٍ وبلا كلَلٍ أو ملَل.

 

ما العمل في ظل كلّ هذا الانهيار والفشل، وتمزق الشوارع السياسية بين صناع الامل والكرامة وصناع الموت والفجائع، بين مجاميع تصر على أن تعيش ضعف بلدها بكرامة وعنفوان، ومجاميع اخرى تصر على ان تعيشه بمذلة ومهانة؟ هل مضى زمن الأمل بانفراج؟

 

وقد ولّت أزمانُ المُعجزات السماوية أو استنزفت فُرَصَها، وفي ظلِّ آفاقٍ مُلتبسةٍ حالكةِ السواد، لا أرى انفراجا إلا لاستراحاتِ مُحاربينَ يُلَمْلِمونَ قَتلاهم، ويُضمِّدون جِراحهم، ويُكَفْكِفون دُموعَهم ويُجَدّدون خلالَها أسلحتهم. لمثلِ هذا تمَّ تَخليقُ الكيان السياسي على هذه الشاكلة. هذا هو المنظورُ من لعنة لبنان وكوابيسه، حرثُ الأرض وحرقُ الزّرع وقتلُ الضّرع، وذرفُ الدّموع، وإيداع الأبناء في المقابر، وتوزيعهم على المنافي القريبة والبعيدة.

 

في جحيم هكذا مُعاناة، وقعرُ المستنقع يبدو بعيدا، لا بدّ أن نُفرِّق بين لبنان الوطن الجغرافي، ولبنان الكيان السياسي القُطْري، وأن نتساءلَ وفي البال سايكس بيكو الجديد: ما نفع الرجاء وما نفع الندم، والوضع أكثر هشاشة من كل خيال؟!

 

الاردن – 6/11/2021

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.